Topic outline

  • المحاضرة الأولى

    السنة الثانية ليسانس – تاريخ-

    مقياس: فلسفة التاريخ

     

    المحاضرة الأولى

     

    تعد "فلسفة التاريخ" من الحقول المهمة التي تكمل دراسة التاريخ، وتفتح أفاقا أمام البحث التاريخي، وتوظيف معطياته ونتائجه.

    تعريف فلسفة التاريخ:

    إذا كان علم التاريخ يختص بتتبع الأحداث التاريخية، ووضعها في سياقات معينة، ودراسة الوقائع والعلاقات التي تربطها، ورصد كل الفواعل والعوامل التي تصنع هذه الوقائع والأحداث، فإن فلسفة التاريخ توظف كل ذلك لمحاولة فهم حركة التاريخ والقواعد التي تحكم سيره انطلاقا من أن التاريخ لا يسير بشكل عفوي ولا عشوائي.

    بصيغة أخرى تعمل فلسفة التاريخ على تفسير التاريخ ليس باعتباره أجزاء منفصلة أو أحداث متفرقة، لكن باعتباره خط سير للبشرية في تفاعلها مع محيطها ومع التحديات التي يفرضها هذا المحيط، والاستجابات التي تقدمها إزاء ذلك.

    وعليه فإن فلسفة التاريخ تحاول أن تجيب على أسئلة من قبيل: هل سير التاريخ وتعاقب أحداثه متحرر من كل قواعد وقوانين؟ وهل يمكن من خلال فلسفة التاريخ أن نستنبط القواعد والسنن التي تحكم حركة التاريخ؟ وما مدى قابلية هذه القواعد للتعميم حتى تكتسب الصبغة العلمية؟

    بالمجمل يمكن أن نقتبس التعريف التالي لفلسفة التاريخ بأنها"...عبارة عن النظر إلى الوقائع التاريخية بنظرة فلسفية، ومحاولة معرفة العوامل الأساسية التي تتحكم في سير الوقائع التاريخية، والعمل على استنباط القوانين العامة الثابتة التي تتطور بموجبها الأمم والدول على مر القرون والأجيال، كما ان هناك من يقول إن التاريخ يسير وفق مخطط معين وليس بطريقة عشوائية، وإن فلسفة التاريخ هي رؤية المفكر للتاريخ أو حكمه عليه"[1]

    تاريخ "فلسفة التاريخ":

    قبل عبد الرحمان ابن خلدون(1406-1332م) كان التعامل مع التاريخ لا يزيد عن كونه "إخبارا بما وقع" والعمل على ترتيب بما وقع زمنيا (عبر السنوات مثلا).

    لكن ابن خلدون يؤكد واصفا التاريخ بأنه: "...في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، والسوابق من القرون الأَول...وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بإن يَعد في علومها وخليق"[2]

    وبعد أن يعدد ابن خلدون مجهودات "فحول المؤرخين في الإسلام" في أنهم "...قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها، وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها وابتدعوها...واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها، وأدوها إلينا كما سمعوها"[3] فإنه يعيب على هؤلاء المؤرخين أنهم " لم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها"[4]

    والدعوة واضحة في هذه الفقرة إلى تجاوز النظرة السردية للتاريخ، والتعامل معه بما يستحقه من عمق وتدقيق ودلالات، و"مقدمة ابن خلدون " حافلة بالفقرات التي تدفع في هذا الاتجاه، ولذلك يعد ابن خلدون اول من وضع مفاهيم فلسفة التاريخ قيد البحث ولو لم يستعمل هذا المصطلح.

    يذكر كولنجوود في كتابه فكر التاريخ أن أول من استخدم عبارة "فلسفة التاريخ" هو ف. م فولتير(1778-1694) في القرن الثامن عشر"...دون أن يقصد بها أكثر من عرض تحليلي للتاريخ، وبتعبير أدق كان يقصد نوعا من التفكير التاريخي يتقيد به المؤرخ بمقاييسه الخاصة، بدلا من الاعتماد على ما جاء في الكتب القديمة"[5]

    ومن بعده استخدم المصطلح من طرف الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل (1831-1770م) وغيره من الفلاسفة الأوروبيين الوضعيين في القرن التاسع عشر، لكن بمعنى غير المعنى الذي قصده فولتير وهو أن فلسفة التاريخ تستهدف الكشف عن قوانين عامة تنتظم سياق الحوادث التي يتتبعها التاريخ [6]

    ومن أبرز من استخدم ووظف مفاهيم فلسفة التاريخ لاحقا يمكن ان نذكر الفيلسوف الألماني شبنجلر(1936-1880م)، والمفكر كارل ماركس (1818-1883)، والمؤرخ الإنجليزي أرلوند توينبي(1970-1889م)، والمفكر الجزائري مالك بن نبي(1973-1905م) ...

    من أهم المراجع التي يمكن التوسع من خلالها في الموضوع:

    -       عبد الرحمان ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون

    -       آرلوند توينبي، دراسة للتاريخ

    -       غوستاف لو بون، فلسفة التاريخ

    -       مالك بن نبي، شروط النهضة

    -       الشيخ، رأفت غنيمي، فلسفة التاريخ

     

     

     
    إحالات :

    [1] الشيخ، رأفت غنيمي، فلسفة التاريخ، القاهرة، مصر، دار الثقافة والنشر والتوزيع، 1987

    [2] عبد الرحمان بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بيروت، لبنان، دار القلم، ط 7، 1989، ص 4

    [3]  نفس المرجع، ص 4

    [4] نفس المرجع، ص 4

    [5]  ر.ج. كولنجوود، فكر التاريخ، تر: محمد بكير خليل، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، مصر، 1968، ص30

    [6]  نفس المرجع، ص30

  • التعريف بالمقياس

    مقياس فلسفة التاريخ مقياس استكشافي موجه لطلبة السنة الثانية ليسانس تاريخ على شكل محاضرة بدون حصص تطبيقية بقدمه الأستاذ : بن يغزر أحمد 

  • بطاقة تواصل

    كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية 

    قسم التاريخ

    الفئة المستهدفة : طلبة السنة الثانية ليسانس تاريخ

    إسم المقياس: فلسفة التاريخ

    الرصيد 03

    المعامل 2

    مدة التدريس :22 ساعة ونصف 

    الحجم الساعي : 1ساعة ونصف

    السداسي: الثالث 

    إسم الأستاذ : بن يغزر أحمد 

  • فضاء التواصل

  • الأهداف العامة للمقياس

    :الأهداف العامة

     مساعدة الطالب على تفسیر الحقائق المتصلة بتطور الفكر التاریخي ومساعدة الطالب على امتلاك القدرة على توظيف نظريات فلسفة التاريخ في تفسير حركة التاريخ.

  • المكتسبات القبلية

    يملك نظرة عن تعاريف التاريخ لغة واصطلاحا ، وعن مفهوم الفلسفة .

    • Assignment icon
      Opened: Wednesday, 8 November 2023, 9:15 AM
      Due: Wednesday, 15 November 2023, 12:00 AM

      من خلال العودة للمنجد والموسوعة عرف المصطلحات التالية : التاريخ - الفلسفة 

  • قائمة المحتويات

    1. تعريف فلسفة التاريخ
    2. التعريف بأهميتها.
    3. تقديم أمثلة على تطبيقاتها 
    4. نظرية ابن خلدون ودورها(العصبية وبناء وانهيار الدول)
    5. نظرية العناية الإلهية عند الفيلسوف والمؤرخ الإيطالي باتيستا فيكو 
    6. هيجل ونظرية نهاية التاريخ
    7. الفلسفة الماركسية في قراءة وتفسير التاريخ(كارل ماركس)
    8. نظرية التحدي والاستجابة لأرلوند توينبي
    9. نظرية مالك بن نبي 
    10. نهاية التاريخ وصدام الحضارات ( فوكوياما ، هنتغتون)
  • المقدمة العامة للمقياس

  • المحاضرة الأولى

    السنة الثانية ليسانس – تاريخ-

    مقياس: فلسفة التاريخ

     

    المحاضرة الأولى

     

    تعد "فلسفة التاريخ" من الحقول المهمة التي تكمل دراسة التاريخ، وتفتح أفاقا أمام البحث التاريخي، وتوظيف معطياته ونتائجه.

    تعريف فلسفة التاريخ:

    إذا كان علم التاريخ يختص بتتبع الأحداث التاريخية، ووضعها في سياقات معينة، ودراسة الوقائع والعلاقات التي تربطها، ورصد كل الفواعل والعوامل التي تصنع هذه الوقائع والأحداث، فإن فلسفة التاريخ توظف كل ذلك لمحاولة فهم حركة التاريخ والقواعد التي تحكم سيره انطلاقا من أن التاريخ لا يسير بشكل عفوي ولا عشوائي.

    بصيغة أخرى تعمل فلسفة التاريخ على تفسير التاريخ ليس باعتباره أجزاء منفصلة أو أحداث متفرقة، لكن باعتباره خط سير للبشرية في تفاعلها مع محيطها ومع التحديات التي يفرضها هذا المحيط، والاستجابات التي تقدمها إزاء ذلك.

    وعليه فإن فلسفة التاريخ تحاول أن تجيب على أسئلة من قبيل: هل سير التاريخ وتعاقب أحداثه متحرر من كل قواعد وقوانين؟ وهل يمكن من خلال فلسفة التاريخ أن نستنبط القواعد والسنن التي تحكم حركة التاريخ؟ وما مدى قابلية هذه القواعد للتعميم حتى تكتسب الصبغة العلمية؟

    بالمجمل يمكن أن نقتبس التعريف التالي لفلسفة التاريخ بأنها"...عبارة عن النظر إلى الوقائع التاريخية بنظرة فلسفية، ومحاولة معرفة العوامل الأساسية التي تتحكم في سير الوقائع التاريخية، والعمل على استنباط القوانين العامة الثابتة التي تتطور بموجبها الأمم والدول على مر القرون والأجيال، كما ان هناك من يقول إن التاريخ يسير وفق مخطط معين وليس بطريقة عشوائية، وإن فلسفة التاريخ هي رؤية المفكر للتاريخ أو حكمه عليه"[1]

    تاريخ "فلسفة التاريخ":

    قبل عبد الرحمان ابن خلدون(1406-1332م) كان التعامل مع التاريخ لا يزيد عن كونه "إخبارا بما وقع" والعمل على ترتيب بما وقع زمنيا (عبر السنوات مثلا).

    لكن ابن خلدون يؤكد واصفا التاريخ بأنه: "...في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، والسوابق من القرون الأَول...وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بإن يَعد في علومها وخليق"[2]

    وبعد أن يعدد ابن خلدون مجهودات "فحول المؤرخين في الإسلام" في أنهم "...قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها، وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها وابتدعوها...واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها، وأدوها إلينا كما سمعوها"[3] فإنه يعيب على هؤلاء المؤرخين أنهم " لم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها"[4]

    والدعوة واضحة في هذه الفقرة إلى تجاوز النظرة السردية للتاريخ، والتعامل معه بما يستحقه من عمق وتدقيق ودلالات، و"مقدمة ابن خلدون " حافلة بالفقرات التي تدفع في هذا الاتجاه، ولذلك يعد ابن خلدون اول من وضع مفاهيم فلسفة التاريخ قيد البحث ولو لم يستعمل هذا المصطلح.

    يذكر كولنجوود في كتابه فكر التاريخ أن أول من استخدم عبارة "فلسفة التاريخ" هو ف. م فولتير(1778-1694) في القرن الثامن عشر"...دون أن يقصد بها أكثر من عرض تحليلي للتاريخ، وبتعبير أدق كان يقصد نوعا من التفكير التاريخي يتقيد به المؤرخ بمقاييسه الخاصة، بدلا من الاعتماد على ما جاء في الكتب القديمة"[5]

    ومن بعده استخدم المصطلح من طرف الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل (1831-1770م) وغيره من الفلاسفة الأوروبيين الوضعيين في القرن التاسع عشر، لكن بمعنى غير المعنى الذي قصده فولتير وهو أن فلسفة التاريخ تستهدف الكشف عن قوانين عامة تنتظم سياق الحوادث التي يتتبعها التاريخ [6]

    ومن أبرز من استخدم ووظف مفاهيم فلسفة التاريخ لاحقا يمكن ان نذكر الفيلسوف الألماني شبنجلر(1936-1880م)، والمفكر كارل ماركس (1818-1883)، والمؤرخ الإنجليزي أرلوند توينبي(1970-1889م)، والمفكر الجزائري مالك بن نبي(1973-1905م) ...

    من أهم المراجع التي يمكن التوسع من خلالها في الموضوع:

    -       عبد الرحمان ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون

    -       آرلوند توينبي، دراسة للتاريخ

    -       غوستاف لو بون، فلسفة التاريخ

    -       مالك بن نبي، شروط النهضة

    -       الشيخ، رأفت غنيمي، فلسفة التاريخ

     

     

     
    إحالات : 

    [1] الشيخ، رأفت غنيمي، فلسفة التاريخ، القاهرة، مصر، دار الثقافة والنشر والتوزيع، 1987

    [2] عبد الرحمان بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بيروت، لبنان، دار القلم، ط 7، 1989، ص 4

    [3]  نفس المرجع، ص 4

    [4] نفس المرجع، ص 4

    [5]  ر.ج. كولنجوود، فكر التاريخ، تر: محمد بكير خليل، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، مصر، 1968، ص30

    [6]  نفس المرجع، ص30

  • المحاضرة الثانية

    لسنة الثانية ليسانس – تاريخ-

    مقياس: فلسفة التاريخ

     

    المحاضرة الثانية

     

     

    أهمية فلسفة التاريخ

     

    تكتسب فلسفة التاريخ أهميتها من كونها تفتح زاوية أخرى في دراسة التاريخ، تتجاوز كونه فقط علم يهتم بتتبع الأحداث التاريخية ومن صنعها ونتائجها.

    من أهم فوائد دراسة فلسفة التاريخ:

    -       التعرف على العوامل المُحركة للتاريخ ومن ثمة فهمه بشكل أعمق وأوسع.

    -       دراسة الظواهر التاريخية التي شهدتها مسيرة الإنسانية بطريقة منهجية.

    -       استنباط القواعد والقوانين والسنن التي تتحكم في سير التاريخ.

    -       الاستفادة من فلسفة التاريخ في فهم الحاضر واستشراف المستقبل.

    يتحفظ البعض من اتجاه فلسفة التاريخ، وهم يطرحون اعتراضهم على شكل سؤال إشكالي:

    هل يمكن استنباط قواعد تحكم سير التاريخ وهو في جوهره ظاهرة إنسانية نسبية في حركتها على عكس الظواهر الطبيعية؟

    من شروط المنهج العلمي قابلية قواعده للتعميم والتجريب وإمكانية التوقع، فهل يُمكن أن تتوفر هذه المعايير في ما تصل إليه فلسفة التاريخ؟

    لم تمنع هذه الاعتراضات من انتشار الدراسات المتعلقة بفلسفة التاريخ بل إن بعض هذه الدراسات تحولت إلى نظريات مٌعتمدة في دراسة الظاهرة التاريخية.

    من هذه النظريات مثلا:

    نظرية العصبية لابن خلدون

    نظرية الأطوار الثلاث (طور الآلهة، طور البطولة، الطور البشري) للمؤرخ الإيطالي باتيستا فيكو.

    نظرية التحدي والاستجابة لآرولند توينبي

    نظرية الفكرة ونقيضها لهيجل

    النظرية المادية لكارل ماركس

    نظرية مالك بن نبي في قيام الحضارات وسقوطها.

    نظرية نهاية التاريخ لفرنسيس فوكوياما.

    وكل هذه النظريات تشترك في كونها تحاول أن تتوصل إلى قواعد (قوانين) تشكل مداخل لفهم حركة التاريخ ليس باعتباره مجرد حوادث ولكن باعتباره حركة تخضع قواعد، لكن هذه القواعد ليست كالقواعد التي تحكم العلوم الطبيعية أو التقنية باعتبار نسبيتها.

  • Topic 10

  • Topic 11