الحلول والاتحاد
الحلول والاتحاد
1- مفهوم الحلول والاتحاد :
أ- لغة :
الحلول في اللغة : حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلُولاً ومحلاًّ وحلاًّ وحللا بفك التضعيف نادر : وذلك : نزول القوم بمحلّة وهو نقيض الارتحال واحْتَلَّ به واحتَلّهُ نزل به . الليث : الحل والحلول والنزول ؛ قال الأزهري حل يحل حلا قال المثقب العبدي :
أَكُلَّ الدهر حل وارتحال أما تبقي علي يقيني؟
ب- اصطلاحا :
الحلول السّرياني : عبارة عن اتحاد الجسمين بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر كحلول ماء الورد في الورد فيسمى السّاري حالاّ والمَسْرِي فيه مَحَلًّا.
واستعمل بعض المتصوفة لفظ الحلول ليشيروا به إلى الصلة بين الرب والعبد أو اللاهوت والناسوت وهذا يعني عندهم حلول الإله تعالى الله في أجساد طوائف خاصة كالأنبياء والأئمة ، فاكتسبوا بذلك بعض صفات الألوهية .
الاتحاد : هو شهود الوجود الحق الواحد المطلق الذي الكل به موجود بالحق فيتحد به الكل من حيث كون كل شيء موجودا به معدوما بنفسه لا من حيث أن له وجودا خاصا اتحد به فإنه محال.
2- قضية الحلول والاتحاد في الشعر :
الشعر الصوفي بمعناه الرحب الوسيع قدّم لنا المقدس والإلهي دون أن يسقط في منحدر النظم والخطابة ، فلم يكن الدين عائقا فهو دين أرحب من المفهوم التقليدي إنه دين الحقيقة في مقابل دين الشريعة ، وأما فكرة الحلول والاتحاد فهي مرتبطة بالعقيدة المسيحية وكان الحلاج أول من قال به في شعره ؛ لأنه كان يؤمن بنظرية وحدة الوجود أو بنظرية الحلول والاتحاد وأشعاره تشهد له بذلك فهول يقول :
كتبت ولم أكتب إليك وإنّما كتبت إلى روحي بغير كتاب
وذلك أن الروح لا فرق بينها وبين محبيها بفصل خطاب
فكلّ كتاب صادر منك وارد إليك بما ردّ الجواب جوابي
ويقول أيضا :
مُزِجَتْ روحُك في روحي كما تُمْزَجُ الخمرة بالماء الزلالْ
فإذا مسّك شيء مسني فإذا أنت أنا لا نفترق
ومعنى ذلك أنه يقول بالوَحْدة بين المحب والمحبوب فهو يجعل الصلة بينه وبين أصفيائه كالصلة بينه وبين واجب الوجود ، والواقع أن الحلاج أحب الله إلى حد الفناء وقصته في حب الله محزنة ، فقد تنقّل المسكين من أرض إلى أرض وتشكل في مظْهَره ومخبَره أشكالا مختلفات ؛ فكان له في كل أرض حال ، ومع كل قوم رأي ، ولقي في سبيل محبوبه أفظع ضروب الشقاء ، وقضي السنين الطوال وهو يشاهد طيف الحبيب ، الحبيب الممنوع الذي يراه في كل موجود ، ولا يظفر منه بشيء غير الوجد والحنين يقول في مناجاة الله :
متى سهرتْ عيني لغيرك أو بكت فلا بلغنْ ما أمَّلَتْ وتمنَّتِ
وإن أضمرتْ نفسي سواك فلا رَعَتْ رياض المُنَى من وجنتيك وجُنَّتِ.
إن قصة الحلاج مع ربه قصة نادرة الأمثال وهي تغزو القلوب بالحزن والعيون بالدمع وتُفْهِم من لا يَفْهَم أن الحب لا يعرف اللعب ولا المزاح .