الفصل والوصل
الفصل والوصل:
1- تعريف الفصل والوصل:
الوصل: عطف جملة على أخرى بالواو، والفصل ترك ذلك العطف بين الجملتين، من الوصل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"؛ عطفت جملة وكونوا مع الصادقين على ما قبلها، ومن الفصل قوله تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن"؛ جملة ادفع ... مفصولة عما قبلها.
وعرف الجرجاني الوصل بــ: "الوصل في الجمل عطف بعضها على بعض، والفصل ترك العطف فيها، والمجيء بها منثورة تستأنف واحدة منها بعد الأخرى."
2- مواضع الفصل والوصل:
1- مواضع الفصل:
1- كمال الاتصال: هو أن يكون اتحاد جملتين اتحادا تاما، فتتحدا في اللفظ والمعنى، أو المعنى فقط، مايجعل الحاجة إلى الوصل غير ضرورية، وتكون هذه الحال في ثلاثة مواضع:
أ- أن تكون الجملة الثانية مؤكدة للجملة الأولى، من حيث المعنى؛ مثاله من القرآن الكريم قوله تعالى :"فمهل الكافرين أمهلهم رويدا". وقول المتنبي: وما الدهر إلا من رواة قصائدي إذا قلت شعرا أصبح الشعر منشدا وهنا الشطر الأول والثاني مؤكدان لبعضهما ومعناهما واحد.
ب- أن تكون الجملة الثانية بدلا عن الأولى؛ من أمثلته قوله تعالى: "أمدكم بما تعملون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون".
ت- أن تكون الجملة الثانية بيانا للأولى مثل: الناس للناس من عرب ومن عجم بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم الجملة الثانية تبين معنى الأولى.
2- كمال الانقطاع: وهنا يكون الاختلاف بين الجملتين كليا في الخبر والإنشاء، مثل قوله تعالى: "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"، وأن لا تكون بين الجملتين مناسبة مشتركة؛ فتختلفان تماما من حيث، مثل قولنا: خالد مجتهد، الخيل من الحيوانات النبيلة.
3- شبه كمال الاتصال: وهو كون الجملة الثانية واقعة جوابا للأولى، التي يفهم غرضها في السؤال من سياق الكلام، نحو قول الشاعر: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب. وكأنه في الجملة الأولى استفهم عن سبب كون السيف أصدق؛ فجاء الجواب في الثانية بأن حده...
4- شبه كمال الانقطاع: وهو أن تسبق جملة بجملتين يصح عطفها على الأولى لوجود المناسبة، ولكن عطفها على الثانية فساد في المعنى فيترك العطف بالمرة، دفعا لتوهم أنه معطوف على الثانية، من أشهر أمثلة ذلك قول الشاعر: وتظن سلمى أنني أبغي بها بدلا أراها في الضلال تهيم. فجملة (أراها) يصح عطفها على جملة(تظن)، لكن يمنع من ذلك توهم العطف على جملة(أبغي بها)، فتكون الثالثة من مظنونات سلمى، مع أن هذا غير المقصود؛ لهذا امتنع العطف. ومن أمثلته أيضا: قول الشاعر: يقولون إني أحمل الضّيم عندهم أعوذ بربي أن يضام نظيري. فصل جملة (أعوذ بربي) عن جملة(يقولون) مع جواز عطفها عليها، حتى لا يتوهم عطفها على جملة (أحمل الضّيم)، فتكون من مقولهم وهي ليست منه، بل هي من كلام الشاعر.
5- التوسط بين الكمالين مع قيام المانع: وهو كون الجملتين متناسبتين، وبينهما رابطة قوية، لكن يمنع من العطف مانع، وهو عدم التشريك في الحكم، كقوله تعالى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم"؛ فقد فصل جملة (الله يستهزئ بهم) عن جملة(قالوا)، لأن قولهم مقيد بوقت خلوّهم إلى شياطينهم، أما استهزاء الله بهم فدائم في كل آن، وليس مقيدا بهذا الوقت، لهذا وجب الفصل لعدم الاشتراك في القيد.
2- مواضع الوصل: رأينا أن الوصل هو عطف بين جملتين، أكثر بحرف الواو؛ فيكون بين الجملتين جامع، وتتلخص مواضع الوصل في:
1- إذا اتفقت الجملتان في الخبرية والإنشائية، لفظا ومعنى، أو معنى فقط، ولم يكن هناك سبب يقتضي الفصل بينهما كقولنا مثلا: حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم مسلم، وعمه أبو لهب كافر. توفر شرط العطف في الجملتين. ونقصد في توافقهما معنى فقط مثل قوله تعالى: "إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون " فالجملتان في الآية لم تتفقا في الخبر والإنشاء، لكنهما اتفقتا في المعنى،
2- إذا اختلفت الجملتان في الخبرية والإنشائية، وكان الفصل يوهم خلاف المقصود، مثل سؤال: هل أديت عمرة؟ لا ونسأل الله أن يكتبها لنا. هنا يقع الإيهام بخلاف المقصود في حال حذف واو الوصل، فيهم المعنى بأننا ندعوا بعدم تحقيق رغبة أداء العمرة.
3- إذا كان للجملة الأولى محل من الإعراب وقصد تشريك الثانية في ذلك الحكم، مثل: الأستاذ يشرح ويكتب؛ الجملة الثانية معطوفة على الأولى، التي هي خبر للمبتدأ، فالحكم مشترك بينهما.