الأسلوب الإنشائي
تعريف الإنشاء: الإنشاء في البلاغة هو كلام لا يحتمل الصدق أو الكذب، أي عكس الخبر.
1- الأسلوب الإنشائي الطلبي: أسلوب يطلب من خلاله شيئا غير موجود أو غير حاصل وقت طلبه، في اعتقاد المتكلم.
وهو خمسة أنواع:
1 -الأمر: طلب حصول الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام وله أربع صيغ:
1- فعل الأمر: مثل قول الشاعر: قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
2- المضارع المجزوم بلام الأمر: مثل: قوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته)،سورة الطلاق،الآية:7.
3- المصدر النائب عن فعل الأمر: مثل قول قطري بن الفجاءة: فصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود بمستطاع
4- اسم فعل الأمر: نحو: قول الله عزّ وجلّ:(عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم)، سورة المائدة، الآية: 105.
وقد يرد الأمر في معان أخرى تبتعد عن الالزام مثل:
1- الدعاء: (ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك)، سورة النمل، الآية:19.
2- الالتماس: كقولك لزميل: افتح الباب من فضلك.
3- التمني: كقول امرئ القيس: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الأصباح منك بأمثل
4- الإذن: كقولك لمن طلب الإذن: تفضل، أو من طرق الباب: ادخل.
5- الإهانة: كقول جرير: فغضّ الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وغير هذا الكثير من المعاني التي تحملها صيغ الأمر تعرف وتفهم من خلال سياق الكلام.
2-النهي: طلب الكفّ والامتناع عن الفعل على وجه الاستعلاء مع الإلزام : وله صفة واحدة، هي المضارع المقرون بلا الناهية، مثل قوله تعالى: (فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما)، سورة الإسراء،الآية:23.
وهو الآخر قد يخرج عن أصل معناه إلى معان أخرى تعرف من سياق الكلام مثل:
1- الدعاء: كقوله تعالى: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) سورة آل عمران، الآية:
2- التيئيس: كقوله عزّ وجل:(لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) سورة، الآية: 8.
3- التمني: نحو: يا ليلة القدر لا تنتهي.
4- التوبيخ: كقول أبي الأسود الدؤلي: لا تنه عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم
5- التحقير: كقول الحطيئة للزبرقان: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
وغيرها الكثير من المعاني.
3-التمني: طلب حصول شيء محبوب لا يرجى حصوله، فقد يكون مستحيلا: كقول المتنبي:
فليت وقارك فرقته وحملت أرضك ما تحمل
أو قول: ألا ليت الشباب يعود يوما
وقد يكون بعيد التحقق والحصول نحو: قوله تعالى: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم). سورة القصص،الآية:79.
وإن كان منتظر الحصول قريب الوجود كان ترجيا ويعبر فيه بلعل وعسى كقول الشاعر:
عسى الله أن يجري المودة بيننا ويوصل حبلا منكم بحباليا
وقد يأتي معنى التمني بألفاظ أخرى، نحو هل: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ) سورة الشعراء،الآية:102
لو: نحو قوله تعالى: (لو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين)، سورة الأعراف، الآية:53
لعل: مثل قول المتنبي: لعل عتبك محمود عواقبه فربما صحت الأجسام بالعلل
هل: كقوله تعالى:(فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) سورة الأعراف، الآية:53.
4-الاستفهام: هو طلب فهم شيء لم يتقدم لك علم به، بأداة من إحدى أدواته وهي:
-الهمزة: كقوله تعالى(أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ). سورة مريم،الآية:46.
وقول امرئ القيس: أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
-هل: مثل: هل الدهر إلا ساعة ثم تنقضي بما كان فيها من بلاء ومن خفض
-ما، من: -ما موضوعة للاستفهام عن أفراد غير العقلاء، ويطلب بها:
1- إيضاح الاسم: نحو: ما العهن؟ فيقال: العهن الصوف.
2- إيضاح بيان حقيقة المسمى: نحو: ما خمول الغدة الدرقية؟، فيجاب بأنه مرض.
3- إيضاح الصفة: نحو: ما محمد؟ فيجاب: ذكي.
-من: موضوعة للاستفهام يطلب بها تعيين أفراد العقلاء نحو: من اخترع الجاذبية؟ فيجاب: اسحاق نيوتن.
-متى، أيان: -متى: موضوعة للاستفهام، يطلب بها تعيين الزمان، ماضيا أو مستقبلا، نحو: متى استقلت الجزائر؟، ومتى يتوحّد العرب؟
-أين، أنى، كم، أي، كيف:
-أين: موضوعة للاستفهام، ويطلب بها تعيين المكان، مثل: أين تقع جزر القمر؟
-أنى: موضوعة هي الأخرى للاستفهام: وتأتي لمعان كثيرة منها:
1- بمعنى كيف، كقوله تعالى: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها). سورة البقرة، الآية: 259.
2- تكون بمعنى من أين، كقوله تعالى: (يا مريم أنى لك هذا)، سورة آل عمران، الآية:37.
3- بمعنى متى، كقولنا: اتصلوا بنا أنى شئتم.
-كم: موضوعة للاستفهام: يطلب بها تعيين عدد مبهم، كقولنا: كم عدد سكان الجزائر؟
-أيُّ: موضوعة للاستفهام، يطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمّهما، كقوله تعالى: (أي الفريقين خيرا مقاما) سورة مريم الآية:73.
كيف: موضوعة للاستفهام، ويطلب بها تعيين الحال، كقول الشاعر:
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ورأي أمير المؤمنين جميل
5-النداء: هو طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف نائب مناب "أنادي" المنقول من الخبر الى الإنشاء، أدواته: الهمزة، يا، أيا، هيا، وا، وأي. وقد تخرج ألفاظ النداء عن معناها الأصلي إلى معان أخرى، تفهم من السياق بمساعدة القرائن، ومن أهم تلك المعاني:
1- الإستغاثة: نحو يا الله لأهل غزة.
2- التعجب: كقول : يا لك من قُبّرة بمَعْمَرِ خلا لك الجو فبيضي واصفري
3- الزجر: كقول الشاعر: أفؤادي متى المتاب ألماّ تصح والشيب فوق رأسي ألمّا
4- التذكر: كقول الشاعر: أيا منزليْ سلمى سلام عليكما هل الأزمن اللاتي مضين رواجع.
وهناك معان أخرى كثيرة غير هذه.
2- الأسلوب الإنشائي غير الطلبي: مالا يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب.
أنواعه كثيرة، منها صيغ المدح والذم: المدح: أفعاله: نعم، حبذا، والذمّ أفعاله: ساء، بئس، لا حبذا، نحو نعم الخليفة عمر، وبئس الظالم الحجاج.
والعقود، تستخدم في البيع والشراء والضمانات والرهن والديون،،، كـ بعت، اشتريت، وهبت، أعتقت، زوجت.
والقسم: بالواو، والباء، والتاء، نحو: تالله لأصدقنك، وغيرها كـ: لعمرك ما فعلت كذا.
والتعجب: أسلوب يستخدم للتعبير عن الدهشة واستغراب الشيء، ويكون بصيغ على وزن أفعل، مثل قوله تعالى:(قتل الإنسان ما أكفره) سورة عبس، الآية:17. وقولنا: ما أجمل الشعر العربي القديم، وقول الشاعر:
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي أنا الثريا وذان الشمس والهرم
وصيغ على وزن أفعل به، مثل قول حسان بن ثابت:
أكرم بقوم رسول الله قائدهم إذا تفرقت الأهواء والشيع
الرجاء: بــ عسى، ولعل، يفيد الترجي لحدوث شيء يكون ممكنا على عكس التمني باستخدام الأفعال: عسى، حرى، اخلولق، مثل اخلولق الخبز أن ينضج بمعنى قارب.
يشار إلى أن هذا الإنشاء لا تبحث فيه علماء البلاغة لأن أكثر صيغيه في الأصل أخبار نقلت إلى الإنشاء.