المؤلف: عبد القادر ابن محي الدين المعروف بعبد القادر الجزائري ولد في قرية القيطنة قرب مدينة معسكر بالغرب الجزائري 6- 9- 1808م الموافق ل 15رجب 1223 هو قائد سياسي وعسكري مجاهد عرف بمحاربته للاحتلال الفرنسي للجزائر قاد مقاومة شعبية لخمسة عشر عاما أثناء بداية غزو فرنسا للجزائر يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ورمز للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار والاضطهاد الفرنسي، نفي إلى دمشق حيث تفرغ للتصوف والفلسفة والكتابة والشعر وتوفي فيها يو 26 ماي 1883م.

وسيرته من أحفل سير الأبطال في العصر الحديث بالتضحية والجهاد من أجل تحقيق المثل العليا المقدسة: الدين/ الحرية/ الكرامة. كان يملأ نهاره بعمل مستمر لا ينقطع لحظة واحدة عن عمل يؤديه أو كتاب يستفيد منه أو مؤلف يعده أو قصيدة ينظمها أو رسالة يحبرها، فإذا وجد فضلة من وقت اشترك في خياطة ثوب أو مباراة في الشطرنج.

وكان حاد الذكاء عجيب الحافظة بارعا في تصريف الأمور شديد التمسك بدينه حافظا عهوده ووعوده لكنه كان عصبي المزاج عنيفا في الدفاع عما يعتقد أنه الحق.

أسلوبه في عرض الفكرة واضح نقي مشرق إذا قيس مع ما كان في زمانه من أساليب الكلام عد في الذروة حتما مع أنه كان بعيدا عن مركز النهضة الحديثة هو في أقصى المغرب تقريبا وحركة النهضة تتحرك في مصر وسوريا.

ديوان الأمير عبد القادر:

الديوان هو جزء مما نظمه وقد جمعه أولا ولده محمد باشا، وهذا الجزء كاف ليدل على مستواه في الشعر وعلى الفنون التي تعاطاها، ومنزلته بين شعراء عصره، وأسلوبه وقدراته الفنية وقد قسم الديوان تبعا لفنونه فإذا  هي خمسة في: الفخر والغزل والمساجلات والمناسبات والتصوف.

أما الفخر فيستمده من عنترة والمتنبي ومن التجارب التي عاناها في المعارك يقول في الفخر:

إذا ما لقيت الخيل فإني لأول       وإن جال أصحابي فإني لها تالي

ومن عادة السادات بالجيش تحتمي     وبي يحتمي جيشي وتحرس أبطالي

يقدم الأمير صورة صادقة أشد الصدق عن الواقع فهو عربي صحيح العروبة، متدين شديد التمسك بدينه عميق الإيمان بربه. وفي شعره من الفخر أيضا قصيدة بعنوان وراء الصورة. وقد اعتاد الشاعر أن يكتب هذه الأبيات تحت صورته أو خلفها لمن يهديه إياها:

لئن كان هذا الرسم يعطيك ظاهري          فليس يريك الرسم صورتنا الأولى

فثم، وراء الرسم. شخص محجب            له همة تعلو بأخمصها النجما

وما المرء بالوجه الصبيح افتخاره           ولكنه بالعقل والخلق الأسمى

وإن جمعت للمرء هلذي وهذه               فذاك الذي لا يبتغي بعدها نعمى

وقوله في الغزل يشكو الهجران وآلام البعد ويتمى بقاء الحبيب:

غريق أسير السقم مكلوم الحشا            حريق بنار الهجر والوجد والصد

غريق حريق هل سمعتم بمثل ذا           ففي القلب نار والمياه على الخد

حنيني أنيني زفرتي ومضرتي             دموعي خضوعي قد أبان الذي عندي

قضى الأمير أكثر أيامه في المعارك بين قعقعة السيوف وتفجر البارود ورعد المدافع أو في الأسر حزينا كاسف البال. مضيعا ملكه وحريته وماله. فاقدا أهله وأقرانه ومجده بعد عز عزيز وجاه عريض فمتى كان يجد الوقت الكافي لينظم الشعر أو لينسخ الرسائل أو ليؤلف الكتب؟ وكيف أتيح له أن يتخلص من أساليب القرون الوسطى وركاكتها وتهالكها وترديها؟

Modifié le: mercredi 17 juillet 2024, 19:13