الفاعل
الفاعل الَّذي كمرفوعي أتى *** زيدٌ منيرًا وجهُه نِعمَ الفتى وبعد فعلِ فاعل فإنْ ظَهر *** فهو وإلا فضَمير اِستُتر |
تعريف الفاعل:
الفاعل اسم مرفوع أو ما في تأويله، أسند إليه فعل أو ما في تأويله، مقدم، أصليُّ المحلِّ والصيغةِ.
§ فالاسم مثل: "تبارك اللهُ" والمؤول به نحو: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾.
§ والفعل مثل: "أتى زيد" و"نِعْمَ الفتى"، ولا فرق بين المتصرف والجامد، والمؤول بالفعل نحو: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾، ونحو: "وجهه" في قوله: "أتى زيد منيرا وجهه". فمختلف ومنيرا، صفة مشبهة مؤولة بالفعل، تعمل عمله.
§ و"مقدم" رافع لتوهم دخول نحو: "زيد قام".
§ و"أصليُّ المحل" مُخرِج لنحو: "قائم زيد" فإن المسند، وهو قائم، أصله التأخير لأنه خبر،
§ وذكر الصيغة مُخرِج لنحو: "ضرب زيد"، بضم أول الفعل وكسر ثانيه، فإنها مفرعة عن صيغة ضرب، بفتحهما.
أنواع الفاعل: ينقسم الفاعل إلى ثلاثة أنواع:
1 ـ اسم ظاهر. مثل: غزا العالم الفضاء في القرن العشرين.
العالم: فاعل. نوعه: اسم ظاهر.
2 ـ الضمير المتصل والمستتر: المتصل، مثل: عاقبت المسيء.
المستتر، مثل: محمد سافر. التقدير: سافر هو.
" التاء " في عاقبت ضمير متصل في محل رفع فاعل. و " هو " في سافر ضمير مستتر في الأصل في محل رفع فاعل.
3 ـ أن يكون مؤولا من حرف مصدري والفعل:
مثل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾
وتقدير الفاعل المصدر المؤول بالصريح " خشوع ".
4ـ أن يكون مؤولا من أن ومعموليها: مثل: أعجبني أنَّ النظامَ مُسْتَتَبٌّ.
والتقدير: استتبَابُ النظام.
العامل في الفاعل: ينقسم العامل في الفاعل إلى قسمين:
1 ـ عامل صريح وهو: الفعل، كما في جميع الأمثلة السابقة.
2 ـ عامل مؤول وهو على خمسة أنواع:
أ ـ اسم الفعل، مثل: هيهات التقهقرُ بعد اليوم.
هيهات: اسم فعل ماض مبني على الفتح بمعنى " بَعُدَ".
التقهقرُ: فاعل مرفوع بالضمة.
ب ـ المصدر، مثل: عجبت من إهمَالِك درسَك.
من إهمالك: جار ومجرور، والكاف ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
درسك: مفعول به منصوب، ودرس مضاف، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت. أي: من أنك أهملت درسك.
ج ـ اسم الفاعل. مثل: أعارف الدليلُ دروب الصحراء.
ومنه قوله تعالى ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾
د ـ اسم التفضيل. مثل: لم أر تلميذا أجْدَرُ به الثناء من المجتهد.
فالثناء فاعل لاسم التفضيل " أجدر".
هـ ـ الصفة المشبهة. مثل: محمد حسَنٌ وجهه، والعنب حُلْوٌ مذاقُه.
فوجهه فاعل للصفة المشبهة "حسن"، ومذاقه فاعل للصفة المشبهة حلو.
أحكام الفاعل:
للفاعل أربعة أحكام:
أحدها: الرفع، وقد يجر لفظا بإضافة المصدر، نحو: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ﴾[1]، أو اسمه نحو: «من قُبلةِ الرجل اِمرأتَه الوضوءُ»، أو بمن أو بالباء الزائدتين نحو: ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ﴾[2] ﴿كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾[3]، هذا: وجر الفاعل بالباء الزائدة قد يكون واجبًا؛ كفاعل أفعل في التعجب، نحو: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر﴾، وقد يكون جائزًا ولكنه كثير في فاعل، نحو: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾، ويقل في غير ذلك.
الثاني: وقوعه بعد المسند، فإن وجد ما ظاهره أنه فاعل تقَدَّمَ وجب تقدير الفاعل ضميرا مستترا، وكون المقدم إما مبتدأ في نحو: "زيد قام"[4]، وإما فاعلا محذوف الفعل في نحو: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾ لأن أداة الشرط مختصة بالجملة الفعلية، وجاز الأمران في نحو: ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ و: ﴿أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ﴾، والأرجح الفاعلية.
الثالث: أنه لا بد منه (أي لا يمكن حذفه والاستغناء عنه)، فإن ظهر في اللفظ نحو: "قام زيد، والزيدان قاما" فذاك، وإلا فهو ضمير مستتر راجع إما لمذكور، كـ: "زيد قام"، أو لما دل عليه الفعل كالحديث: « ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» أي: ولا يشرب هو: أي: الشارب، أو لما دل عليه الكلام أو الحال المشاهدة، نحو: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ﴾، أي: إذا بلغت الروح، ونحو قولهم: "إذا كان غدا فأتني"[5].
الرابع: أنه يصح حذف فعله، إن أجيب به نفي، كقولك: "بلى زيد" لمن قال: ما قام أحد، أي: بلى قام زيد، أو استفهام محقق، نحو: "نعم زيد" جوابا لمن قال: هل جاءك أحد؟ ومنه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾، والتقدير: "ليَقُولُنَّ: خلَقَهُنَّ اللهُ" أو مقدر كقراءة الشامي وأبي بكر: "يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ"، أي: يسَبِّحُه رجال بالبناء للمعلوم[6].
الخامس: أن فعله يوحد مع تثنيته وجمعه، كما يوحد مع إفراده، فكما تقول: "قام أخوك" كذلك تقول: "قام أخواك" و: "قام إخوتك" و: "قام نسوتك"، قال الله تعالى: ﴿قَالَ رَجُلاَنِ﴾، ﴿وَقَالَ الظَّالِمُون﴾، ﴿وَقَالَ نِسْوَة﴾.
السادس: وجوب تأنيث الفعل إن كان مؤنثا: يجب تأنيث الفعل مع الفاعل في موضعين:
1. إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقي التأنيث ظاهرا متصلا بفعله المتصرف، وسواء أكان مفردا، أم مثنى، أم جمع مؤنث سالما. نحو: ذهبت آمنةُ إلى السوق.
ومنه قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾
وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾
ومنه قول كعب بن زهير:
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبول ***متيم إثرها لم يفد مكبول
2. أن يكون الفاعل ضميرا عائدا على مؤنث حقيقي التأنيث، أو مجازي التأنيث، نحو: مريم قامت، والتقدير: قامت هي. ونحو: الشمس أشرقت، والتقدير: أشرقت هي.
ومنه قوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾.
وقوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾.
السابع: جواز تأنيث الفعل مع الفاعل: يجوز تأنيث الفعل مع الفاعل في أربعة مواضع:
1. إذا كان الفاعل المؤنث اسما ظاهرا مجازي التأنيث. نحو: طلعت الشمسُ، وطلع الشمسُ.
ومنه قوله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
والوجه الأول أحسن لغلبة معنى التأنيث على الفاعل " شمس".
2. أن يكون الفاعل اسما ظاهرا حقيقي التأنيث، منفصلا عن فعله بغير " إلا".
نحو: حضرت إلى القاضي امرأةٌ، ويجوز: حضر إلى القاضي امرأةٌ.
أما إذا فصل بين الفاعل المؤنث الحقيقي التأنيث وفعله بـ " إلا " فلا تدخل على فعله التاء، نحو: ما نجح إلا فاطمة.
3. يجوز التأنيث مع الفاعل المؤنث إذا كان فعله جامدا[7].
نحو: نِعْمَت المرأة عائشة، ونِعْمَ المرأة عائشة.
والوجه الثاني أحسن، وهو عدم إلحاق التاء بالفعل الجامد، لأن الألف واللام في الفاعل للجنس، والجنس ليس له تأنيث حقيقي، وإثبات التاء أفصح.
4. يجوز التأنيث إذا كان الفاعل جمع تكسير لمؤنث، أو مذكر، أو كان الفاعل ضميرا يعود على جمع تكسير.
مثال جمع التكسير لمذكر، أو مؤنث: قالت الرواة، وقال الرواة.
وجاءت النساء، وجاء النساء، والأحسن التأنيث مع المؤنث، والتذكير مع المذكر.
ونحو: الرواة قالت. والرواة قالوا. والرجال جاءت، والرجال جاءوا.
5. أو اسم جنس جمعي، أو اسم جمع.
ومثال اسم الجنس الجمعي: أورقت الشجرُ، وأورقَ الشجرُ.
ومثال اسم الجمع[8]: جاء القومُ، أو جاءت القومُ.
6. أو كان الفاعل ملحقا بجمع المذكر، أو المؤنث السالمين.
ومثال الملحق بجمع المذكر السالم: جاءت البنون، وجاء البنون.
ومثال الملحق بجمع المؤنث السالم: وضعت أولات الحمل، ووضع أولات الحمل.
أما جمع المذكر السالم فلا يجوز معه اقتران الفعل بالتاء، إذ لا يصح أن نقول: قامت المعلمون.
ويجوز اقتران الفعل بالتاء، أو عدم اقترانه إذا كان الفاعل جمع مؤنث سالما.
نحو: وصلت الطالبات إلى المدرسة مبكرات، ووصل الطالبات إلى المدرسة مبكرات.
فالتأنيث يكون على إرادة الجماعة، والتذكير على إرادة الجمع.
والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك جاز التأنيث، نحو: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ﴾، و﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ﴾.
ومنه قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ﴾.
7. إذا كان الفاعل مذكرا مجموعا بالألف والتاء.
نحو: طلحة طلحات، ومعاوية معاويات. نقول: فازت الطلحات، وفاز الطلحات، والتذكير أفصح.
8. إذا كان الفاعل ضميرا منفصلا لمؤنث.
نحو: إنما ذهب هي، وإنما ذهبت هي. والأحسن ترك التأنيث.
الفصل بين الفاعل وعامله: يجوز الفصل بين الفاعل وعامله بفاصل، أو أكثر.
نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾.
تقديم الفاعل وتأخيره على المفعول به:
أولا: يجب تقديم الفاعل على المفعول به: وذلك في أربعة حالات:
1. إذا التبس إعراب الفاعل، والمفعول به لانتفاء الدلالة على فاعله الأول، ومفعوله الثاني.
نحو: ضرب عيسى موسى، وأكرم أبي صديقي.
2. إذا كان الفاعل ضميرا متصلا، والمفعول به اسما ظاهرا.
نحو: أكلنا الطعامَ، وشربنا الماءَ.
1. إذا كان المفعول به محصورا بإلا، أو بإنما.
نحو: ما كافأ المعلمُ إلا المجتهدَ. ونحو: إنما أكرم عليٌّ محمداً.
2. إذا كان الفاعل، والمفعول به ضميرين متصلين.
نحو: عاقبته، كافأته، أحببته.
ثانيا: يجب تقديم المفعول به على الفاعل: وذلك في ثلاث حالات:
3. إذا كان المفعول به ضميرا متصلا، والفاعل اسما ظاهرا.
نحو: شكره المعلم، ساعده القويّ.
ومنه قوله تعالى: ﴿أَخَذَتْهُمْ الصَّيَحْةُ﴾
4. إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به.
نحو قوله تعالى: ﴿وإِذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ﴾.
فلو قدمنا الفاعل " ربه " لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهذا غير جائز، إذ لا يصح أن نقول: أصلح الساعة صاحبها.
5. إذا كان الفاعل محصورا بـ " إلا "، أو بـ " إنما".
نحو: ما قطف الثمْرَ إلا الحارسُ. ونحو: إنما ضرب محمدًا عمرو.
وجوب تقديم المفعول به على الفعل والفاعل:
يجب تقديم المفعول به على الفعل، والفاعل معا في ثلاث حالات:
6. إذا كان المفعول به له صدر الكلام، كأسماء الشرط والاستفهام.
نحو قوله تعالى: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾.
ومثال الاستفهام: مَنِ اصطحبت في رحلتك؟
أو كان مضافا إلى ما له الصدارة في الكلام. نحو: ورقة من صححت.
أو كان المفعول به " كم "، و " كأين " الخبريتين:
نحو: كم صدقةٍ أنفقت. وكأَيِّنْ من حسنةٍ فعلت.
1. إذا كان المفعول به ضميرا منفصلا.
نحو قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾.
إياك: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.
نعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن.
2. إذا كان الفعل العامل في المفعول به واقعا بعد الفاء الرابطة في جواب " أمّا "، وليس للفعل مفعول به آخر.
نحو قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾.
حذف الفعل: يحذف الفعل في موضعين:
الأول: واجب الحذف، وذلك إذا كان مفسرا بما بعد الفاعل من فعل، ويكون ذلك بعد: إذا، وإن، ولو. نحو قوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، تقدير الكلام: إذا انشقت السماء انشقت.
ونحو: لو الحارس تيقظ ما تمكن اللصوص من السرقة. التقدير: لو تيقظ الحارس تيقظ...
ونحو قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ﴾. التقدير: وإن ستجارك أحد من...
الثاني: جائز، نحو قولك: خالدٌ، جوابا لم سأل: من قرأ الدرس؟ التقدير: قرأ خالد.
وهذا الوجه فيه آراء كثيرة، والصحيح الحذف طالما هناك دليل دل على الفعل المحذوف،
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾.
[1] وجه الاستشهاد: مجيء لفظ الجلالة مضافًا إلى المصدر "دفع"؛ وهو فاعل في المعنى؛ ويقال في الإعراب: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله.
[2] اللام كذلك، نحو: ﴿هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُون﴾، وشرط جر الفاعل بمن الزائدة: أن يكون نكرة بعد نفي، أو شبهة، فإن عطف على المجرور بها معرفة، تعين رفعها نحو: ما جاءني من رجل، ولا محمد، وكذلك يجب الرفع إن كان المعطوف عليه نكرة، وأداة العطف "لكن" أو"بل"؛ لأن المعطوف بهما بعد النفي والنهي يكون مثبتًا فلا يجر؛ لأنه بمنزلة المجرور بمن.
[3] مجيء لفظ الجلالة مجرورا لفظا، بحرف الجر الزائد، مرفوعا محلا لأنه فاعل "كفى" هذا وقد يجب جر الفاعل بالباء الزائدة، كما في فاعل أفعل في التعجب. نحو قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾.
[4] وقد أجاز الكوفيون تقديم الفاعل متمسكين ببعض الشواهد الشعرية، أما البصريون فلا يجيزون تقدم الفاعل على عامله لسببين:
أولهما: أن الفاعل مع فعله ككلمة واحدة ذات جزأين؛ صدرها هو الفعل، وعجزها هو الفاعل، وكما لا يجوز تقديم عجز الكلمة على صدرها، فلا يجوز تقديم ما هو بمنزلة العجز، على ما هو بمنزلة الصدر.
ثانيهما: أن تقديم الفاعل يوقع في اللبس بينه وبين المبتدأ. ففي قولنا: "زيد قام" إذا كان تقديم الفاعل جائزا، لا يدري السامع، أنريد الابتداء بـ "زيد" والإخبار عنه بالفعل، المتضمن ضميرا واقعا فاعلا له، يعود إلى زيد، أم نريد إسناد قام وحده إليه؟ والفرق بين الحالين أن جملة الفعل وفاعله تدل على حدوث الشيء بعد أن لم يكن؛ بينما جملة المبتدأ وخبره الفعلي تدل على ثبوت الشيء وتأكيد إسناده إلى من قام به أو وقع منه.
[5] لا يجيز البصريون حذف الفاعل؛ إلا بأحد أمرين؛ الأول: أن يكون الفاعل مذكورا في الكلام، والثاني: أن يكون مضمرا.
[6] مجيء "رجال" فاعلا بفعل محذوف، دل عليه مدخول الاستفهام المقدر؛ فكأنه لما قيل: يسبح له فيها بالغدو والآصال بالبناء للمجهول، قيل: من يسبحه؟ فأجيب: يسبحه رجال؛ ثم حذف الفعل؛ لإشعار "يسبح" المبني للمجهول به؛ إذ لا يجوز أن نسند "رجال" إلى الفعل المذكور المبني للمجهول؛ لفساد المعنى؛ لأن الرجال ليسوا مسبَّحين "بفتح الباء" بل مسبِّحين بكسرها؛ وأما على قراءة يسبح "بكسر الباء" والبناء للمعلوم، فلا إشكال في الآية و"رجال" فاعل يسبح، كما هو معلوم.
[7] الفعل الجامد هو الذي لا يقبل التصريف، أي لا يأتي منه المضارع والأمر.
[8] الجمع بصفة عامة هو ما دل على أكثر من اثنين أو اثنتين، وكان له مفرد من لفظه، ما دل على معنى الجمع - أي دل على أكثر من اثنين أو اثنتين - ولكنه ليس له مفرد من لفظه، بل يكون له مفرد من لفظ آخر.
ومن ذلك مثلا: كلمة (نساء) فهي اسم جمع، لأن مفردها: امرأة. كلمة (قوم) فهي اسم جمع، لأن مفردها: رجل. كلمة (إبل) فهي اسم جمع، لأن مفردها المذكر: جمل، ومفردها المؤنث: ناقة، وكلمة (غنم) فهي اسم جمع، لأن مفردها المذكر: كبش أو خروف، ومفردها المؤنث: نعجة.
وكذلك كل الأسماء الدالة على جماعة من الناس، مثل: الأمة والطائفة والجمع والرهط والملأ