المعلومة هي إحدى ثمرات فكر الإنسان، والتي تتحول فيما بعد إلى رصيد معرفي تستفيد منه البشرية لتسيير حياتهم، ممّا استوجب الاعتراف بالملكية الفكرية للأشياء المبتكرة، ونظرًا لأهمية الأفكار ومع تزايد الوعي الإنساني والتطور العلمي لدى الأمم، ومدى تأثير تلك الأفكار على الأنظمة الاقتصادية وعلى رفع المستوى الثقافي والحضاري للشعوب والدول، هذا ما جعل الدول تسعى إلى حماية حقوق الملكية الفكرية وردها إلى أصحابها بحكم أنّ قوة الأمم تقاس بحجم الملكية الفكرية التي تملكها.
واستخدم مصطلح حقوق المؤلفين بالإنكليزية ( Author’s rights) كثيراً بالترابط مع قوانين الملكية الفكرية ويُعتبر ترجمة مباشرة للمصطلح الفرنسي (droit d’auteur)، حيث رُوّج له لأول مرة في فرنسا عام 1777م وذلك على يد بيير أوجستن كارون دي بومارشيه، الذي ربطته علاقات وثيقة ببنجامين فرانكلين. ويُوظّف هذا المصطلح عموماً فيما يتعلق بقوانين حقوق النشر في البلدان التي يحكمها قانون مدني وفي قانون الاتحاد الأوروبي، وتكون حقوق المؤلف محمية في ظل اتفاقية برن لحماية الأعمال الأدبية والفنية، ومعاهدات أخرى مشابهة.
وتُعبّر كلمة (مؤلف) عن معانٍ متنوعة، بما يتضمن الكتّاب، والملحّنين، والفنانين، والنحّاتين وحتى المعماريين، وعموماً يُعرّف المؤلف على أنه الشخص الذي أدى إبداعه إلى نشوء عمله المصون، بيد أن التعريف الدقيق له يختلف من دولة لأخرى. وتنطوي حقوق المؤلف على محتويين متميزين اثنين، هما الحقوق الاقتصادية في العمل وحقوق المؤلف الأخلاقية، فتُعد الأولى ضرباً من حق الملكية تكون محدودة المدة ويمكن للمؤلف نقلها لأشخاص آخرين مثل أي ملكية أخرى (تتطلب بعض الدول أن يكون هذا النقل على هيئة عقد مكتوب).
وتهدف الحقوق الاقتصادية السماح للمؤلف، أو حاملها، بالربح المادي من إبداعه، وتتضمن حق الإذن بإعادة إنتاج العمل المُنجز (المادة 9 من اتفاقية برن)، كما يمتلك مؤلفو الأعمال الدرامية (مثل المسرحيات) أيضاً حق الإذن بتأدية أعمالهم للعامة (المادة 11) من اتفاقية برن.
وتعتمد حماية الحقوق الأخلاقية لمؤلف ما على المنظور بأن العمل الإبداعي يُعد تعبيراً عن شخصية المؤلف بطريقة ما، وبالتالي تكون الحقوق الأخلاقية خاصة بشخص المؤلف، ولا يمكن نقلها لفرد آخر إلا بموجب وصية بعد وفاته.
وتزامنًا مع الثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي التي شهدت جميع نواحي الحياة، وما تميزت به الوسائل التكنولوجية المتطورة من قدرة هائلة في تجميع ومعالجة وتبادل المعلومات، والاعتماد المتزايد على تلك الوسائل، جعل الملكية الفكرية تكون عرضة للانتهاك، ممّا استوجب العمل أكثر من أجل حمايتها سواءًا على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي وذلك من خلال سن قوانين وتشريعات أجل تحقيق الحماية المطلوبة.
- Teacher: Souad Hadj attou