Section outline

  • يعتبر المقال من الأجناس الأدبية التي ذاع صيتها في المجال المعرفي والمقال هو "عبارة عن عمل مكتوب يطرح موضوعا واحدا على شكل فكرة أو عدة أفكار مترابطة، ويتكون المقال الناجح على الأغلب من مقدمة تكون جذابة ومشوقة لتجذب انتباه القارئ، وثم العرض وفيه تكون تفاصيل الموضوع وعرض للأفكار المتعلقة به، وبعدها الخاتمة وفيها خلاصة لما جاء في العرض"[1]

     

     

           ومع دخول العالم إلى مرحلة جديدة من التطور الذي كان سببه الثورة التكنولوجية والرقمية لبست المقالة ثوبا جديا غير مألوف فأصبح لدينا ما يسمى بالمقالة الرقمية، كما عرفت لإقبالا شديدا كون  "المقالة من الأجناس المحببة إلى المتلقي لأسباب كثيرة، ربما أهمها هنا نتيجة التفاعل النفسي معها، لسهولتها وموضوع تناولها الذي غالبا ما يهتم بالهموم المباشرة للفرد العادي. ومع رواج التقنية الرقمية بعد عشرات السنين من المرحلة الورقية، زاد المتلقي تفاعلا، للأسباب السابقة ومعها أسباب أضافتها التقنية الرقمية، ففي المرحلة الورقية كان التفاعل يتم بإرسال الردود إلى الصحف والمجلات بمجرد قراءة المقالة، ليُنشر في الصحيفة ذاتها أو غيرها في اليوم التالي، أو بعده، ولعلّ هذا الشكل، وهو الوحيد المتاح خلال الطور الورقي هو أقصى ما يمكن أن يمثل التفاعل القائم بين القراء والمقالة.. أما في المرحلة الرقمية فإن صور التفاعل يمكن أن تتخذ أشكالاً أخرى، مع سرعة الرد يمكن أن تصل إلى الدقيقة التالية مباشرة لنشر المقالة في أحد المواقع الإلكترونية"[2]

    إن شيوع فكرة النشر الإلكتروني هو الذي ألهم كتاب المقالة الأدبية على اعتماد التكنولوجيا بمختلف الوسائط التي تتيحها كوسيط بينها وبين المتلقي بهدف تحقيق أكبر مقروئية من جه، ومن جهة أخرى لتفعيل دور المتلقي ودفعه إلى المشاركة والتفاعل مع المقال المنشور، وفي هذا السياق يصرح السيد نجم بأن ، "المقالة التفاعلية ظهرت بشكل جديد كليًا منذ سنوات، وذلك من خلال تحويل البرامج التي تبثها القنوات الفضائية المختلفة إلى نصوص مكتوبة، ليقرأها القراء الذين لم يتمكنوا من متابعة البرنامج عند بثّه على الفضائية، وليتمكنوا أيضًا من التعليق والمداخلة كتابيًا، وهذا شكل متطور جدا من الأشكال التي اتخذها فن المقالة، ويعكس قدرًا عاليًا من التفاعلية بين النص والقراء"[3].

           استعانت المقالة الأدبية من مختلف الوسائط الإلكترونية والمؤثرات السمعية والبصرية من أجل تحقيق الهدف الأساس وهو التأثير في المتلقي وتحفيزه على إبداء وجهات نظره وتحقيق التفاعل، حيث "توظف المقالة التفاعلية النص (الكلمة) والصوت والصورة والجداول والرسوم الكاريكاتورية وتقنيات التجسيم، بخلاف المقالة التقليدية التي لا تتجاوز الكتابة النصية إلا إلى الصورة الثابتة فقط. والأهم من كل هذا هو إمكانية استخدام تقنية النص المتفرع ـ (Hypertext) في المقالة التفاعلية، وربطها بعدة مقالات أخرى، أو بمواقع مختلفة، أو وضع إحالات وهوامش ومرجعيات تعود إلى نصوص أخرى من خلال الرابط فقط، وهو أمر غير متحقق في المقالة الورقية التقليدية. إن توظيف هذه المعطيات التقنية في المقالة التفاعلية يعد جزءًا رئيسيًا من النص، وليس ملحقًا تكميليًا. وتجعل المتلقي ايجابيا ومتفاعلا مع النص"[4]

    .

    وفي هذا الشأن أيض تشير عبير سلامة إلى أنه من سلبيات المقالة التفاعلية إزالتها الحدود بين الكاتب والقارئ، وهذا أمر إيجابي من جهة، لأنه يفتح قنوات التواصل بين عناصر العملية الإبداعية وأركان الفعل الثقافي الفعّال في المجتمع. ولكنه قد يصبح سلبيًا من جهة أخرى، إذا لم يكن مقترنًا بوعي الأطراف جميعها بأدبيات الحوار والنقاش والتعليق والمداخلة، إذ يترتب على هذا إمكانية تطاول أحد الطرفين (الكاتب والقارئ) على الآخر، مستغلاً سهولة فعل ذلك من خلال الإمكانيات المتاحة في المقالة التفاعلية، التي تتجاوز قوانين النشر الورقي، وموظّفًا الحرية المتوافرة له عبر النشر الإلكتروني أسوأ توظيف"[5].

           إن مسألة وعي المتلقي لا تخص النص الرقمي فقط ، فحتى النصوص الورقية طالها نوع من التطاول وكتبت حولها هجومات نقدية، كما أن فئة القراء تختلف من قارئ لقارئ فمثلما فيهم القارئ السلبي نجد أيضا نظيره الذي يقدر النص حق قدره، وبالتالي نقول أن المقال التفاعلي "يبقى له إيجابياته، المتمثلة في تعزيز دور القارئ حيال ما يقرأ، وإعطاؤه انطباعًا بأن رأيه مهم ومرَحَّب به.. إتاحة الفرصة لعدد كبير مفعلا للمتابعة والمشاركة.. تُحَوَّل كثير من نصوص البرامج التلفزيونية إلى مقالات تفاعلية مطوّلة، تستحوذ على اهتمام عدد كبير من القراء، الذين يعوضون عدم حضورهم البرنامج أثناء إذاعته فعليًا.. إثارة نوع من التفاعل بين القراء والنص من جهة، وبين القراء أنفسهم من جهة أخرى"[6]

    .

     



    [1] تسنيم معابرة، نصائح في كتابة المحتوى(المقالات)، 3آذار 2013، لوحظ بتاريخ: 15 أوت2023، على الساعة  21:14https://meshkatcommunity.org/media/text/

    [2] السيد نجم، النص الرقمي وأجناسه

    [3] المرجع نفسه 

    [4]  م نفسه

    [5] عبير سلامة، النص لا يخص المرء وحده، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة ، مصر، ط1، 2012، ص48.

    [6] السيد نجم، النص الرقمي وأجناسه