Topic 6
Section outline
-
المحاضرة الثالثة: أقسام العلل النحوية:
لقيت العلّة النّحوية عناية فائقة، فأفردت لها المؤلّفات والبحوث، وتوسعت دائرة الدّرس فيها وتشعبت، وقسمت إلى أقسام منها:
1- تقسيم ابن السراج ت 316ه:
قسّم ابن السراج العلّة إلى: علّة وعلّة العلّة، يقول في مقدّمة كتابه الأصول في النحو(ج1، ص35):
"واعتلالات النحويين على ضربين، ضرب منها هو المؤدّي إلى كلام العرب، كقولنا كلّ فاعل مرفوع، وضرب آخر يسمى علّة العلّة، مثل أن يقولوا: لمً صار الفاعل مرفوعا والمفعول به منصوبا ولم إذا تحرّكت الياء والواو كان ما قبلهما مفتوحا قلبتا ألف، وهذا ليس يكسبنا أن نتكلّم كما تكلّمت العرب، وإنما نستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها، وتبيّن بها فضل هذه اللّغة على غيرها من اللّغات"
· غير أنّ ابن جني عقّب عليه أن هذا الذي سماه علّة العلة إنما هو شرح وتفسير وتتميم للعلّة.
2- تقسيم الزّجاجي ت 337ه:
ورد في كتاب الإيضاح في علل النحو لأبي القاسم الزجاجي قوله: "وعلل النحو بعد هذا على ثلاثة أضرب، علل تعليمية وعلل قياسية وعلل جدلية نظرية.
· فأمّا التّعليمية: فهي التي يُتوصّل بها إلى تعلّم كلام العرب، لأنّا لم نسمع نحن ولا غيرنا كلّ كلامها منها لفظا وإنّما سمعنا بعضا فقسنا عليه نظيره، مثال ذلك أنا لما سمعنا (قام زيد فهو قائم) عرفنا اسم الفاعل فقلنا (ذهب فهو ذاهب) فمن هذا النوع من العلل قولنا إنّ زيدا قائم، فإن قيل بم نصبتم زيدا قلنا ب "إنّ"، لأنها تنصب الاسم وترفع الخبر، لأنّا كذلك علمناه ونعلمه، فهذا وما أشبه من نوع التّعليم وبه ضبط كلام العرب.
· وأما العلة القياسية فأن بقال لمن قال نصبت زيدا ب إنّ في قوله: إن زيدا قائم، لم وجب أن تنصب إنّ الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقال: "لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدّي إلى المفعول، فحملت عليه، فالمنصوب بها شبّه بالمفعول لفظا، والمرفوع بها شبّه بالفاعل لفظا فهي تشبه من الأفعال ما تقدّمه مفعوله عن فاعله نحو: ضرب أخاك محمد وأشبه ذلك.
· وأمّا العلّة الجدليّة النّظرية فكلّ ما يعتلّ به في باب إنّ بعد هذا، مثل ما يقال فمن أيّ جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأيّ الأفعال شبهتموها أبالماضية أم بالمستقبلية؟ أم الحادثة في الحال؟...
3- تقسيم ابن جني: قسّم ابن جني العلل إلى ضربين: أحدهما واجب لا بدّ منه، لأنّ النفس لا تطيق في معناه غيره، وهذا لاحق بعلل المتكلّمين كقلب الألف واوا للضمّة قبلها وياء للكسرة قبلها نحو: ضويرب وقراطيس، ومن ذلك امتناع الابتداء بالساكن.
والآخر ما يمكن تحمّله ( أي علة جواز) إلا أنّه تجشّم واستكراه له، كتصحيح واو بعد الكسرة وذلك بأن تقول في نحو تصغير عصفور عصيفور وعصافر، ولكن يكره عصفير...
أي أنّ العلل عند ابن جني علل موجِبة وعلل مجَوِّزة له يقول: "اعلم أنّ العلل عندنا مبناها على الإيجاب بها، كنصب الفضلة أو ما شابه في اللّفظ الفضلة، ورفع المبتدأ والخبر والفاعل، وضرب آخر يسمى علّة، وإنما هو في الحقيقة سبب يُجوِّز ولا يوجب".
4- تقسيم الحُسين بن موسى الجليس:
وقسّم اعتلالات النحويين في كتابه (ثمار الصّناعة) على صنفين:
أحدهما علّة تطرّد على كلام العرب وتنساق إلى قانون لغتهم، والثّاني علّة تظهر حكمتهم وتكشف عن صحّة أغراضهم ومقاصدهم في موضوعاتهم.
وقد نقل عبد الرحمن السيوطي عن الحسين بن موسى الجليس أقسام العلل يقول: "هم للأولى أكثر استعمالا وأشدّ تداولا، وهي واسعة الشّعب، إلا أنّ مدار المشهور منها علة أربعة وعشرين نوعا، ونقل السيوطي شرحها عن التاج بن مكتوم ت749ه وهي:
1- علّة سماع: كرفع الفاعل ونصب المفعول....
2- علّة تشبيه: مثل رفع اسم كان تشبيها بالفاعل...
3- علّة استغناء كاستغنائهم عن ودع ب ترك
4- علة استثقال أو ثقل: كتقدير الضمّة في حالة الرّفع في الاسم المنقوص مثلا...
5- علّة فرق: كتجرّد خبر أفعال الشّروع مثل كاد وأنشأ من (أن)، وكثرة لحاقها خبر أفعال الرجاء كعسى وأوشك، فإنّ الشروع لا يجامع الاستقبال الذي تدلّ عليه أن، وكذلك فتح نون الجمع وكسر نون المثنى للفرق بينهما.
6- علة توكيد: كقوله تعالى: " فدكتا دكّة واحدة" الحاقة الاية 14.
7- علة تعويض أو عوض: مثل تنوين (جوارٍ) وهو تنوين العوض عن الياء المحذوفة في الرفع والجر.
8- علّة نظير: ككسرهم أحد الساكنين إذا التقيا في الجزم.
9- علّة الحمل على المعنى: مثل قوله تعالى: (فمن جاءه موعظة من ربه) فتذكير فعل الموعظة وهي مؤنثة حملا على المعنى لأن فيها معنى الوعظ.
10-علة نقيض: كنصبهم اسم لا النافية للجنس حملا على نصب انّ لاسمها، لان لا نقيضة إنّ، إنّ لتوكيد الاثبات ولا لتوكيد النفي.
11-علة مشاكلة: كتنوين (سلاسل) مع كونه صيغة منتهى الجموع في قوله تعالى: (سلاسلا وأغلالا) لمشاكلته لما بعده، والمشاكلة أن يذكر الشيء بغير لفظه لوقوعه في صحبته.
12-علة معادلة: وذلك مثل جرهم مالا ينصرف بالفتح حملا على النصب، ثم عادلوا بينهما، أي النصب والجر.
13-علة مجاورة: مثل جرّهم نعت المرفوع في قولهم: هذا جحر ضبّ خربٍ، لمجاورته للمجرور.
14- علة وجوب: كتعليلهم رفع الفاعل ونحوه.
15- علة جواز: وذلك مثل ما ذكروه في تعليل الإمالة.
16-علّة تغليب: كتغليبهم المذكّر عن المؤنث في قوله تعالى: "وكانت من القانتين" وأدرجها في جمع المذكر السالم.
17- علة اختصار: مثل الترخيم وهو حذف آخر المنادى مثل: يا سعا، أو حذف النون في يكن: لم يك.
18-علة تخفيف: مثل إدغام المتماثلين
19- علة أصل: مثل استحوذ في قوله تعالى: "استحوذ عليهم الشيطان" من غير إعلال أي قلب الواو ألف لمجالستها الفتحة وذلك رجوعا إلى الأصل.
20- علة أوْلى كقولهم: إن الفاعل أولى برتبة التقديم من المفعول.
21- علة دلالة حال: كقولهم: المستهل(أي الذي يرى الهلال)، وكقولهم: الهلال أي هذا الهلال فحذف المبتدأ لدلالة الهلال عليه.
22- علة إشعار(إعلام): كقولهم مصطفى مثلا: مصطفون بفتح ما قبل الواو إشعارا بان المحذوف ألف.
23- علة تضاد: مثل قولهم في الأفعال التي يجوز حذفها مثل أفعال القلوب: متى تقدّمت على مفعوليها وتأكدت بالمصدر أو بضميره لم تُلْغ أصلا لما بين التأكيد والإلغاء من تضاد، فإن الإلغاء يقتضي الإهمال والتأكيد خلافه، مثل قوله تعال: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) أي، أن الفعل لا يجاور الفعل بلا فاصل.
24-وهذه العلة وهي علة تحليل، ولم يشرحها ابن مكتوم.