Résumé de section

  • المحاضرة الأولى المحور الأول: فكرة التنظيم الدولي.

         يعتقد عدد كبير من دارسي العلاقات الدولية أن فكرة التنظيم الدولي لا يمكن أن تحقق علاقات دولية مستقرة، وذلك نظرا للتجربة التي عايشناها منذ تأسيس عصبة الأمم منذ قرن خلا من الزمن، حيث أن هذا التنظيم لم يستطع الحيلولة دون نشوب الحروب بين الدول، ولا أن يمنع اعتداء بعضها على البعض، ولا احتلال الدول القوية للدول الضعيفة كما كان الحال في اعتداء ايطاليا على الحبشة واحتلالها، واعتداء اليابان على منشوريا.... لينتهي الأمر بحرب عالمية ثانية لم تتمكن عصبة الأمم من منع نشوبها ولا ايقافها ولا تحديد جرافتيها.

         ونفس التجربة وإن بد رجة أقل عايشناها ونعايشها مع منظمة الأمم المتحدة حيث لم تتمكن هذه المنظمة من البث في أعقد القضايا الدولية إذ لم تخل فترة الحرب الباردة من حروب ساخنة خيضت بالوكالة في مناطق متفرقة من المعمورة، ولم يكن الحال بالنسبة للمنظمة أحسن بعد نهاية الح رب الباردة، إذ اشتعلت الصراعات والحروب ولم توفق المنظمة في منعها ولا وقفها الا بعد تدخل القوى الكبرى وفرض تصوراتها ورؤيتها للواقع الذي يجب أن يكون.

         هذا الواقع لم يمنع جزءا كبي ار من منظري العلاقات الدولية من النظر لفكرة التنظيم الدولي من منظور المؤيد والداعم، خاصة التنظيمات الإقليمية التي يعتقد الكثير أنها أكثر مصداقية وقوة وإرادة، لأنها تجمع في عضويتها عدد أقل من الدول تكون في الغالب الأحيان متشابهة اقتصاديا سياسيا ومتوازنة من حيث مقد ارت القوة، هذا ما يجعل حل القضايا وفق آلياتها سلسا وممكنا بأقل التكاليف والتنازلات بين الأطراف لأن المصالح التي تجمعها أقوى.

         من هذا المنطلق يمكن الجزم أنه يستحيل تحقيق السلام الدولي إلا بتفعيل المنظمات الدولية، وذلك من خلال تحلي القوى الفاعلة بحس المسؤولية لأن تحقيق الأمن والاستقرار مرتبط بإرادة الأطراف المشكلة للمنتظم الدولي، حيث أن التزام الدول الأعضاء بمبادئ وقرارات التنظيم سواء التنظيم الدولي ممثلا في الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها أو المنظمات الإقليمية يجعلها تحقق الأهداف التي تأسست من أجلها.

         وسنحاول من خلال هذا المحور الاجابة على إشكالية أساسية ترتبط بالأصول الفكرية والفلسفية للتنظيم الدولي، وكيف تطور هذا المفهوم وما أبرز التنظيمات الدولية الفاعلة على الساحة الدولية؟

    أولا: الأصول الفك رية للتنظيم الدولي.

         لقد وجد المؤرخين أكثر من دليل على وجود علاقات دولية في العصور القديمة تحكمها بعض القواعد، كمعاهدات الصلح التي انهت الكثير من الحروب، الا انها كانت ضيقة ولا تشمل الا الشعوب المتجاورة، التي كانت تشن الحروب على بعضها البعض، وما كان يتطلب ذلك من عقد تحالفات ومعاهدات صلح. 

         وفي هذا السياق يشير باحثي العلاقات الدولية لنصوص بعض المعاهدات القديمة، من بينها معاهدة التحالف والتعاون وتسليم المجرمين التي ابرمت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد حوالي 1278 ق.م بين «رمسيس الثاني» فرعون مصر وحيثيار الثالث ملك الحثيين، والتي وجدت منقوشة في تل العمارنة «اختاتوا ن "أي: "أفق أتو ن"، وهي بالتالي أقدم وثيقة تؤرخ لمفهوم العلاقات الدولية كما نعرفها اليوم. 

         كذلك معاهدات الصداقة وعدم الاعتداء بين بعض بلدان الشرق القديمة، كما تبيّن للباحثين في تاريخ الشرق القديم ان العلاقات بين الشعوب القديمة لم تكن مقتصرة على ميادين القتال والقيام بالحرب او الغزو، بل ان هذه الشعوب عرفت الكثير من العلاقات السلمية المستقرة، وذلك من خلال اتفاق او معاهدة بين الاط ارف صاحبة العلاقة، كما أن هذه الكيانات كانت تعرف كيفية القيام بالوساطة والتحكيم كوسيلة لحل المنازعات بينها بطرق سلمية.

         أما فكرة ايجاد منظمة تجمع الدول وتوحد تصوراتهم فتعود لقرون عديدة، تمثلت في المشاريع التي اقترحها فلاسفة ومفكري عصر النهضة ومن أهم هذه الأفكار والمشاريع:

    1-      مشروع بيار ديبوا Pierre Dubois  1250-1323: صاحب كتاب "استرداد الأرض

    المقدسة"، أوصى في كتابه بضرورة تشكيل لجنة أوربية متحدة تكون تحت رئاسة البابا لحل مشاكل أوربا، وقد حدد لمشروعه ثلاث مرتك ازت هي: 

    -       تكوين مجلس اتحادي يضم دول أوربا المسيحية، ويكون وسيلة لدراسة القضايا المشتركة.

    -       إحداث لجنة من المحكمين تكون مهمتها التوفيق بين الأطراف المتنازعة.

    -       رفع الأمر للبابا عند رفض أحد الأطراف المتنازعة الخضوع لقرارات التحكيم.

    2-      مشروع الوزير دوق دي سولي) ماكسيم يليان دي بيثو ن ( 1560-1641 sully: وزير مالية هنري ال اربع ملك فرنسا، نشر عام 1634 مذك ارت "المشروع الأعظم" التي أوصى فيها بإنشاء جامعة كبرى للدول المسيحية )15 دولة(، لمواجهة العثمانيين والروس.

    3-      مشروع الراهب الفرنسي إمريك كروسيه 1590-1648: ألف كتاب "القرن الجديد"

    عام 1623 اقترح فيه انشاء اتحاد دولي إنساني، واقترح أن تكون البندقية مق ار للاتحاد، وأن تصدر قرارات بالأغلبية، وتكون مهمة المجلس المحافظة على الأوضاع السياسية القائمة وتسوية المنازعات بين الأعضاء وفرض العقوبات على المخالفين.

    4-      مشروع الراهب البنسلفاني وليم بن William Penn 1644- 1718: تأثر بفكرة العقد الاجتماعي، حيث نشر عام 1694 كتاب "مشروع السلام الأوربي في الحاضر والمستقبل "مقترحا أن تبرم الدول فيما بينها عقدا يشبه العقد الاجتماعي للأف ارد )إنشاء دولة كبرى(.

    5-      مشروع الفيلسوف جيريمي بنثام Jeremy Bentham 1748-1832: الذي نشر

    كتاب" مبادئ القانون الدولي" سنة 1789  تضمن الكتاب مخططا للسلام العالمي، القائم على أسس اقتصادية، وضمن كتابه مجموعة أسس أهمها )خفض التسلح، تحرير المستعم ارت، مكافحة المعاهدات السرية، تشجيع التبادل التجاري، تشكيل محكمة عدل دولية، انشاء مجلس اتحاد دولي يضم نائبين عن كل دولة عضو في الاتحاد.(

         وهذه المشاريع في حقيقتها ذات بعد ديني تهدف لخلق تضامن مسيحي لمواجهة الدولة العثمانية، من منطلق المركزية الأوربية المسيحية عدا مشروع جيريميك بنثام ذو البعد الإنساني العالمي.

    فكرة التنظيم الدولي عند العرب المسلمين:

    1-     فكرة التنظيم الدولي عند أبو ناصر محمد الفاربي 872-950:  من خلال كتابه "آ ارء المدينة الفاضلة" دعى لخلق اتحاد بين دول المعمورة ي أرسه شخص أو مجموعة أشخاص.

    2-     مشروع عبد الرحمن الكواكبي 1848- 1902: دعى لجمع كلمة المسلمين ضمن

    اتحاد دولي، وقد أرسى بفكره قواعد لإ نشاء هذا الاتحاد من خلال وضع مخطط علمي واضح بقواعد واقعية، حدد فيه الهيئات العاملة والمكاتب الإدارية وطرق التصويت.

         وهذه كلها في الحقيقة أفكار لم تتجسد على أرض الواقع نظ ار لانطلاقها من مسلمات وتصوارت طوباوية .

        ولعل المفكر الذي أستطاع أن يعطي لفكرة التنظيم الدولي بعدها القابل للتجسيد، هوالفيلسوف الألماني "إيمانويل كانط) "1732-1804( الذي يعتبر الملهم الحقيقي للقادةالسياسيين فيما يتعلق بتشكيل المنظمات الدولية، وهو ما ظمنه كتابه "مشروع السلام الدائم" الصادر في أواخر القرن الثامن عشر، وقد استمد كانط أفكاره من شعا ارت الثورة الفرنسيةكالحرية والإخاء والمساوا ة، وقد انصب تركيز كانط في كتابه هذا على فكرة أساسية تتمثل في إمكانية إقامة سلام دائم على المستوى العالمي، وتوقيف الحروب من خلال إقامة تنظيم دولي يقوم على المبادئ التالية:

    1-             أن تتبنى الدول نظاما ديمق ارطيا دستوريا يحفظ حقوق الإنسان، وأن يعمم هذا النظام على جميع الشعوب             الأنظمة الديمق ارطية لا تتصارع فيما بينها مما يحقق ما اصطلح على تسميته كانط بالسلام الديمق ارطي .

    2-             الدول الديمق ارطية التي تسعى لتحقيق السلام سوف تتكتل من أجل مواجهة الدول غير الديمق ارطية التي تسعى بعدوانيتها لتقويض السلام.

                3- هذا ما يؤدي لإنشاء هيئة فوق قومية بين الدول الديمق ارطية تعمل على تحقيق الأمن والسلم الدوليين، من خلال وضع مبادئ تلتزم بها جميع الدول المنضوية تحت لواء هذه الهيئة.

    4- وضع نصوص قانونية ملزمة تحدد حقوق الإنسان بوصفه إنسان لا بانتمائه لدولة أو منطقة أو ديانة أو عر ق، والسعي لنشر تلك القوانين واجبار جميع الدول للعمل على تجسيدها -وهي في الحقيقة المجسدة في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان 1948-.

         وقد تأثر الرئيس الأمريكي وودرو  و يلس و ن Woodrow Wilson 1856-1924 بهذه المبادئ وحاول تمريرها في صلح فرساي 1919، من خلال مبادئه الأربعة عشر، ومن بينها تأسيس جمعية عامة للأمم بموجب مواثيق تلتزم بها جميع الدول الموقعة.

    ثانيا: المحاولات الأولى لإقامة تنظيم دولي .     

        أما فيما يخص التنظيمات الأولى التي تجسدت على أرض الواقع فقد جاءت بعدالحروب النابليونية سنة 1814:

    -     المؤتمر الأوربي: هو مجموع المؤتم ارت والمعاهدات التي ظهرت بمناسبة الحروبالنابليونية، حيث صرح في 5 فيفري 1814 سف ارء الدول الأربع )بروسيا، روسيا، بريطانيا ،النمسا( لمندوب نابليون أنهم لا يمثلون العروش الحاكمة فقط، بل إنهم يتكلمون كذلك بإسم أوربا كلها ،لتنبثق فكرة نظام الإدارة الأوربي 30 ماي 1814.

    -     مؤتمر فيينا سبتمبر 1814 الذي وضع قواعد حرية الملاحة في الأنهار الدولية، وتجريم تجارة الرقيق وتنظيم البعثات الدبلوماسية.

    -     التحالف المقدس الذي جمع بين روسيا بروسيا والنمسا سبتمبر 1815.

    -     إتفاق القوى الأربع )روسيا، بروسيا، النمسا، بريطانيا( في 20 نوفمبر 1815 على ضمان بقاء الأوضاع كما هي.

    -     نشوء الاتحادات الادارية الدولية )الاتحاد الدولي للبرق 1865، الاتحاد الدولي للبريد

    1874، الاتحاد الدولي للنظام المتري 1875، الاتحاد الدولي للخطوط الدولية 1890...(.

    -     اتفاقيتا لاهاي 1899  و1907 وهما عبارة عن معاهدتان دوليتان نوقشتا لأول مرة خلال مؤتمرين منفصلين للسلام عُقدا في لاهاي بهولندا؛ مؤتمر لاهاي الأول عام 1899 الذي عالج مسألة التسوية السلمية للن ازعات الدولية، وتقن ين الحروب للحفاظ على حقوق الإنسان، ومؤتمر لاهاي الثاني عام 1907 الذي أقر انشاء المحكمة الدائمة للتحكيم.  

    ثالثا: تعريف التنظيم الدولي.

         كغيره من المفاهيم والمصطلحات لم يتم الاتفاق على تعريف واحد لمفهوم التنظيم الدولي ومن بين أهم التعاريف المداولة يمكن الإشارة للتعاريف التالية:

         عرف التنظيم الدولي على أنه "الهيئات الدولية المنتظمة والمشكلة من الدول، والتي تتميز من الناحية القانونية عن إ اردة الدول الأعضاء، بحيث تصبح فاعلا جديدا في العلاقات الدولية يتمتع بالشخصية القانونية"، أي أن لها أهلية اكتساب الحقوق وتحملالمسؤوليات وفقا للقانون الدولي.

        كما يعرّف على أنه "كيان يقوم بإنشائه مجموعة من الدول، لتحقيق أهداف ومصالحمشتركة فيما بينها، ويكون لهذا الكيان الجديد إ اردة ذاتية مستقلة عن الدول الأط ارف المشكلةله".

        ويعرّف كذلك بكونه "كيان دولي ينشأ نتيجة اتفاق إ اردات الأط ارف المنشئة له، وذلك قصد تحقيق التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في مجال أو مجالات معينة يتم الإشارة إليها في الميثاق التأسيسي".

          ويمكن اجمال هذه التعاريف في تعريف شامل يعتبر التنظيم الدولي على أنه "كيان فوق قومي ينشأ نتيجة لاتفاق مكتوب بين الدول، بهدف تنسيق الجهود فيما بينها لتحقيق غايات مشتركة في ميدان محدد أو مجموعة من الميادين، ويتمتع هذا الكيان بشخصية قانونية مستقلة عن الد ول المنشئة له، بحيث يصبح فاعلا جديدا في العلاقات الدولية يخضع في علاقاته مع الكيانات السياسية الأخرى المشكلة له أو غير المنضوية تحت لوائه لأحكام القانون الدولي العام ."

         إذ يتميز التنظيم الدولي بخصائص أساسية تتمثل في وجود هيئة مشتركة تضم الدول الأعضاء،  وأمانة عامة لها مقر وموظفين دائمين، وتعقد هذه المنظمة إجتماعات دورية لممثلي الدول الأعضاء ،أو اجتماعات استثنائية تقتضيها ظروف معينة ،كما له تنظيم قانوني يتمثل في ميثاقه التأسيسي المحدد لكل العمليات التي تجري في أروقة التنظيم، والمنظم لعلاقات الدول الأعضاء مع التنظيم وعلاقة التنظيم مع بقايا أط ارف النظام الدولي الأخرى.  

         وهذا يحيلنا على أنه يمكن أن نفهم التنظيم الدولي بوصفه أحد أهم مرتك ازت النظام الدولي فهو يحقق عدة مبادئ:

    -                  يحدد شكل العلاقات الدولية المختلفة القائمة على مجموعة افت ارضا ت تهدف إلى تحديدالعلاقة التفاعلية بين أج ازء النظام ككل في إطار عالمي، أو إقليمي.

    -                  تحديد طبيعة النظام الدولي السائد )أحادي القطبية، أو ثنائي، أو متعدد الأقطاب(، والتفاعل بين طبيعة العلاقة التي تحدد بنية المجتمع الدولي والنتائج المختلفة التي تنجر عنها؛ فالنظام الدولي هنا هو كل قائم على تفاعل أج ازء في علاقة أساسها الانسجام، إذن فهو يحد طبيعة التفاعل القائم هل هي منسجمة أو غير منسجمة، متوازنة أو مختلة. 

          ويهدف التنظيم الدولي من خلال المؤسسات الجماعية لتحقيق أهداف أساسية تتمثل عموما في:

    -                  تحقيق السلام والأمن الدوليين عن طر يق حل الن ازعات والص ارعات، ومحاولة القضاء على مسبباتها.

    -                  الحد من استخدام القوة فيما بين الدول الأعضاء في المنظمة، وفيما بينها وبين دول النظام الدولي، وتسوية المنازعات فيما بينهم بالطرق السلمية.

    -                  تدعيم الأمن والاستق ارر للدول الأعضاء واحت ارم استقلال وسيادة كل دولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

    -                  تنمية العلاقات بين الدول الأط ارف في مجال أو مجالات معينة، لتحقيق التعاون وإنجاز المشاريع المشتركة.

    -                  تطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دول التنظيم، مما يساعد في رفع المستوى المعاشي لشعوب الدول الأعضاء وتحقيق الرفاه الاقتصادي.

    -                  تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء لمواجهة التحديات الكبرى التي تعجز عن مواجهتها أي دولة منفردة بمقد ارتها الشخصية، كالتدهور البيئي والجريمة المنظمة.

    اربعا: تصنيف التنظيمات الدولية.

         يمكن تصنيف التنظيمات الدولية وفق معايير متعددة ترتبط بالمعيار الجغ ارفي أو نمط الانتشار لنشاط التنظيم، المجال الم وضوعي الذي يسعى لتحقيقه التنظيم، طبيعة الأعضاءالمؤسسين للتنظيم.

         فحسب المعيار الجغ ارفي أو معيار الانتشار نجد تنظيمات ذات طابع عالمي كمنظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها كمنظمة الصحة العالمية، ، منظمة الطي ارن المدني ،منظمة التجارة العالمية، منظمة الطاقة الذرية....، حيث يشمل نشاط هذه المنظمات جميع أقطار العالم، وفي مقابل ذلك نجد منظمات ذات طابع إقليمي أو جهوي يقتصر نشاطها على منطقة جغ ارفية أو جهة محددة كجامعة الدول العربية التي تضم في عضويتها الدول العربية، أو الاتحاد الإفريقي الذي يضم الدول الافريقية، أو منظمة جنوب شرق آسيا....

          أما حسب المعيار الموضوعي فهناك تنظيمات ذات أهداف عامة، حيث تسعى لتحقيق غايات مشتركة بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والأمنية، كالأمم المتحدة، الاتحاد الأوربي، منظمة المؤتمر الإسلامي....؛ وفي مقابل ذلك نجد تنظيمات متخصصة تهدف لتحقيق غايات مشتركة في ميادين أو ميدان محدد كمنظمة الصحة العالمية ،والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية OMM.

         وحسب معيار طبيعة الأعضاء المؤسسين للتنظيم فنجد المنظمات الدولية الحكومية التي تنشئها الدول أو الحكومات كمنظمة العمل الدولية، منظمة التجارة العالمية، أو منظمة الأمم المتحدة ،وحسب نفس المعيار نجد منظمات دولية غير حكومية تنشئها شخصيات أو أف ارد تجمعهم ان تماءات مشتركة، كمنظمة أطباء بلا حدود، منظمة السلام الأخضر، جمعية الصليب والهلال الأحمر الدولي، م ارسلون بلا حدود، منظمة أوكسفام، منظمة الشفافية الدولية....

         أما معيار النشاط فيمكن تصنيف المنظمات الدولية حسبه إلى منظمات ذات أهداف قضائ ية كمحكمة العدل الدولية، أو محكمة التحكيم الدائمة ،أو محكمة العدل الأوربية ،ومنظمات ذات أهداف تنفيذية وهو حال أغلب المنظمات الدولية.

        كما نجد منظمات دولية مفتوحة، حيث أن عضويتها مفتوحة على كل الأط ارف الدولية دون استثناء إلاّ  القبول  والامتثال لقوانينها كمنظمة الأمم المتحدة،  ومنظمات دولية مغلقة حيث تقصر عضويتها على الأط ارف المؤسسة، أو على أط ارف محددة في ميثاقها التأسيسي، كجامعة الدول العربية التي تقتصر عضويتها على الدول العربية، أو منظمةالوحدة الإفريقية التي تضم الدول الإفريقية فقط...

         وهذا التقسيم وضع لأغ ارض أكاديمية ولتسهيل عملية التدريس، فهي ليست مستقلة بل تتداخل مع بعضها، فالمنظمة العامة قد تكون منظمة عالمية أو إقليمية، وقد تكون ذات نشاط إداري أو تشريعي أو قضائي، والمنظمة الإقليمية قد تكون عامة أو متخصصة وقد تكون ذات أهداف تشريعية أو قضائية أو إدارية.....    

    خامسا: القاعدة القانونية للتنظيمات الدولية.

         بالنظر للمعايير التي تؤدي لتشكيل التنظيمات الدولية المرتبطة بالاتصالات الدبلوماسية بين أط ارف النظام الدولي، واختيارها لمكان عقد اجتماعها التأسيسي، وما يستتبعه من صياغة ميثاق تأسيسي ،ثم التوقيع والتصديق على مواثيقه، ايداع وثائق التصديق، تسجيل معاهدة إنشاء التنظيم الدولي، هذا كله يستدعي قواعد قانونية تحكم المنظمات الدولية سواء كانت حكومية أو غير حكومية، عالمية أو إقليمية، عامة أو متخصصة ترتبط بمفهوم أساسي هو الشخصية القانونية الدولية.

         ومفهوم الشخصية القانونية الدولية مشتق من السيادة والتي تعني حصول المنظمة على الأهلية القانونية التي تسمح لها بالحصول على الحقوق وتحمل المسؤ وليات بموجب نصوص وأع ارف القانون الدولي.، وقد أقرت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بأحقية تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية، وينتج عن تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية مجموعة من الآثار القانونية هي:

    -    الأهلية القانونية وتعني حق التصرف على المستوى الدولي، عبر الاستفادة من الحقوق وتحمل المسؤوليات بموجب القانون الدولي.

    -    حق الاستفادة من السوية السلمية للخلافات أمام الوسطاء أو الجهات القضائية المختصة ،بصفتها طرف في خلاف كمدعي أو مدعى عليه.

    -    حصول المنظمات الدولية على الحصانات الدبلوماسية التي تشمل مق ارت التنظيم ،ممتلكاته وموظفيه.

    •  تطور التنظيم الدولي عبر عديد من المراحل.

    •  يعتقد عدد كبير من دارسي العلاقات الدولية أن فكرة التنظيم الدولي لا يمكن أن تحقق علاقات دولية مستقرة.