القانون الدولي ة العلاقات الدولية
Topic outline
-
-
الدكتور جمال بن مرار
أستاذ محاضر أ
جامعة الجيلالي بونعامة خميس مليانة / الجزائر
كلية الحقوق والعلوم السياسية/ قسم العلوم السياسية.
مسؤول فريق اختصاص ماستر علاقات دولية
مختبر الأمن القومي الجزائري: الرهانات والتحديات.
أيام الاستقبال: يوم الاثنين / على الساعة 13سا إلى 14سا و30د
-
المقياس: القانون الدولي والعلاقات الدولية
السنة الثالثة ليسانس علوم سياسية/ تخصص: علاقات دولية
السداسي الخامس: وحدة التعليم الأفقية: القانون الدولي والعلاقات الدولية
الحجم الساعي السداسي: 48 أسبوع/ 48سا / محاضرة 1ساو30د
المعامل: 2
الأرصدة: 2
نوع التقييم: متواصل/ امتحان حضوري
-
- تمكين الطالب من الحصول على مؤهلات وتكوين منظور قانوني يساعده في قراءة وفهم وتحليل وتفسير الظواهر العلاقات الدولية بأكثر واقعية وعقلانية وعليمة وموضوعية.
-
المعارف المكتسبة والتكوين القاعدي للطالب في القانون الدولي والعلاقات الدولية والمفاهيم والتكوينات ذات الصلة التي تساعد على دراسة العلاقات الدولية.
-
الخارطة الذهنية
-
المحاضرة الأولى المحور الأول: فكرة التنظيم الدولي.
يعتقد عدد كبير من دارسي العلاقات الدولية أن فكرة التنظيم الدولي لا يمكن أن تحقق علاقات دولية مستقرة، وذلك نظرا للتجربة التي عايشناها منذ تأسيس عصبة الأمم منذ قرن خلا من الزمن، حيث أن هذا التنظيم لم يستطع الحيلولة دون نشوب الحروب بين الدول، ولا أن يمنع اعتداء بعضها على البعض، ولا احتلال الدول القوية للدول الضعيفة كما كان الحال في اعتداء ايطاليا على الحبشة واحتلالها، واعتداء اليابان على منشوريا.... لينتهي الأمر بحرب عالمية ثانية لم تتمكن عصبة الأمم من منع نشوبها ولا ايقافها ولا تحديد جرافتيها.
ونفس التجربة وإن بد رجة أقل عايشناها ونعايشها مع منظمة الأمم المتحدة حيث لم تتمكن هذه المنظمة من البث في أعقد القضايا الدولية إذ لم تخل فترة الحرب الباردة من حروب ساخنة خيضت بالوكالة في مناطق متفرقة من المعمورة، ولم يكن الحال بالنسبة للمنظمة أحسن بعد نهاية الح رب الباردة، إذ اشتعلت الصراعات والحروب ولم توفق المنظمة في منعها ولا وقفها الا بعد تدخل القوى الكبرى وفرض تصوراتها ورؤيتها للواقع الذي يجب أن يكون.
هذا الواقع لم يمنع جزءا كبي ار من منظري العلاقات الدولية من النظر لفكرة التنظيم الدولي من منظور المؤيد والداعم، خاصة التنظيمات الإقليمية التي يعتقد الكثير أنها أكثر مصداقية وقوة وإرادة، لأنها تجمع في عضويتها عدد أقل من الدول تكون في الغالب الأحيان متشابهة اقتصاديا سياسيا ومتوازنة من حيث مقد ارت القوة، هذا ما يجعل حل القضايا وفق آلياتها سلسا وممكنا بأقل التكاليف والتنازلات بين الأطراف لأن المصالح التي تجمعها أقوى.
من هذا المنطلق يمكن الجزم أنه يستحيل تحقيق السلام الدولي إلا بتفعيل المنظمات الدولية، وذلك من خلال تحلي القوى الفاعلة بحس المسؤولية لأن تحقيق الأمن والاستقرار مرتبط بإرادة الأطراف المشكلة للمنتظم الدولي، حيث أن التزام الدول الأعضاء بمبادئ وقرارات التنظيم سواء التنظيم الدولي ممثلا في الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها أو المنظمات الإقليمية يجعلها تحقق الأهداف التي تأسست من أجلها.
وسنحاول من خلال هذا المحور الاجابة على إشكالية أساسية ترتبط بالأصول الفكرية والفلسفية للتنظيم الدولي، وكيف تطور هذا المفهوم وما أبرز التنظيمات الدولية الفاعلة على الساحة الدولية؟
أولا: الأصول الفك رية للتنظيم الدولي.
لقد وجد المؤرخين أكثر من دليل على وجود علاقات دولية في العصور القديمة تحكمها بعض القواعد، كمعاهدات الصلح التي انهت الكثير من الحروب، الا انها كانت ضيقة ولا تشمل الا الشعوب المتجاورة، التي كانت تشن الحروب على بعضها البعض، وما كان يتطلب ذلك من عقد تحالفات ومعاهدات صلح.
وفي هذا السياق يشير باحثي العلاقات الدولية لنصوص بعض المعاهدات القديمة، من بينها معاهدة التحالف والتعاون وتسليم المجرمين التي ابرمت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد حوالي 1278 ق.م بين «رمسيس الثاني» فرعون مصر وحيثيار الثالث ملك الحثيين، والتي وجدت منقوشة في تل العمارنة «اختاتوا ن "أي: "أفق أتو ن"، وهي بالتالي أقدم وثيقة تؤرخ لمفهوم العلاقات الدولية كما نعرفها اليوم.
كذلك معاهدات الصداقة وعدم الاعتداء بين بعض بلدان الشرق القديمة، كما تبيّن للباحثين في تاريخ الشرق القديم ان العلاقات بين الشعوب القديمة لم تكن مقتصرة على ميادين القتال والقيام بالحرب او الغزو، بل ان هذه الشعوب عرفت الكثير من العلاقات السلمية المستقرة، وذلك من خلال اتفاق او معاهدة بين الاط ارف صاحبة العلاقة، كما أن هذه الكيانات كانت تعرف كيفية القيام بالوساطة والتحكيم كوسيلة لحل المنازعات بينها بطرق سلمية.
أما فكرة ايجاد منظمة تجمع الدول وتوحد تصوراتهم فتعود لقرون عديدة، تمثلت في المشاريع التي اقترحها فلاسفة ومفكري عصر النهضة ومن أهم هذه الأفكار والمشاريع:
1- مشروع بيار ديبوا Pierre Dubois 1250-1323: صاحب كتاب "استرداد الأرض
المقدسة"، أوصى في كتابه بضرورة تشكيل لجنة أوربية متحدة تكون تحت رئاسة البابا لحل مشاكل أوربا، وقد حدد لمشروعه ثلاث مرتك ازت هي:
- تكوين مجلس اتحادي يضم دول أوربا المسيحية، ويكون وسيلة لدراسة القضايا المشتركة.
- إحداث لجنة من المحكمين تكون مهمتها التوفيق بين الأطراف المتنازعة.
- رفع الأمر للبابا عند رفض أحد الأطراف المتنازعة الخضوع لقرارات التحكيم.
2- مشروع الوزير دوق دي سولي) ماكسيم يليان دي بيثو ن ( 1560-1641 sully: وزير مالية هنري ال اربع ملك فرنسا، نشر عام 1634 مذك ارت "المشروع الأعظم" التي أوصى فيها بإنشاء جامعة كبرى للدول المسيحية )15 دولة(، لمواجهة العثمانيين والروس.
3- مشروع الراهب الفرنسي إمريك كروسيه 1590-1648: ألف كتاب "القرن الجديد"
عام 1623 اقترح فيه انشاء اتحاد دولي إنساني، واقترح أن تكون البندقية مق ار للاتحاد، وأن تصدر قرارات بالأغلبية، وتكون مهمة المجلس المحافظة على الأوضاع السياسية القائمة وتسوية المنازعات بين الأعضاء وفرض العقوبات على المخالفين.
4- مشروع الراهب البنسلفاني وليم بن William Penn 1644- 1718: تأثر بفكرة العقد الاجتماعي، حيث نشر عام 1694 كتاب "مشروع السلام الأوربي في الحاضر والمستقبل "مقترحا أن تبرم الدول فيما بينها عقدا يشبه العقد الاجتماعي للأف ارد )إنشاء دولة كبرى(.
5- مشروع الفيلسوف جيريمي بنثام Jeremy Bentham 1748-1832: الذي نشر
كتاب" مبادئ القانون الدولي" سنة 1789 تضمن الكتاب مخططا للسلام العالمي، القائم على أسس اقتصادية، وضمن كتابه مجموعة أسس أهمها )خفض التسلح، تحرير المستعم ارت، مكافحة المعاهدات السرية، تشجيع التبادل التجاري، تشكيل محكمة عدل دولية، انشاء مجلس اتحاد دولي يضم نائبين عن كل دولة عضو في الاتحاد.(
وهذه المشاريع في حقيقتها ذات بعد ديني تهدف لخلق تضامن مسيحي لمواجهة الدولة العثمانية، من منطلق المركزية الأوربية المسيحية عدا مشروع جيريميك بنثام ذو البعد الإنساني العالمي.
فكرة التنظيم الدولي عند العرب المسلمين:
1- فكرة التنظيم الدولي عند أبو ناصر محمد الفاربي 872-950: من خلال كتابه "آ ارء المدينة الفاضلة" دعى لخلق اتحاد بين دول المعمورة ي أرسه شخص أو مجموعة أشخاص.
2- مشروع عبد الرحمن الكواكبي 1848- 1902: دعى لجمع كلمة المسلمين ضمن
اتحاد دولي، وقد أرسى بفكره قواعد لإ نشاء هذا الاتحاد من خلال وضع مخطط علمي واضح بقواعد واقعية، حدد فيه الهيئات العاملة والمكاتب الإدارية وطرق التصويت.
وهذه كلها في الحقيقة أفكار لم تتجسد على أرض الواقع نظ ار لانطلاقها من مسلمات وتصوارت طوباوية .
ولعل المفكر الذي أستطاع أن يعطي لفكرة التنظيم الدولي بعدها القابل للتجسيد، هوالفيلسوف الألماني "إيمانويل كانط) "1732-1804( الذي يعتبر الملهم الحقيقي للقادةالسياسيين فيما يتعلق بتشكيل المنظمات الدولية، وهو ما ظمنه كتابه "مشروع السلام الدائم" الصادر في أواخر القرن الثامن عشر، وقد استمد كانط أفكاره من شعا ارت الثورة الفرنسيةكالحرية والإخاء والمساوا ة، وقد انصب تركيز كانط في كتابه هذا على فكرة أساسية تتمثل في إمكانية إقامة سلام دائم على المستوى العالمي، وتوقيف الحروب من خلال إقامة تنظيم دولي يقوم على المبادئ التالية:
1- أن تتبنى الدول نظاما ديمق ارطيا دستوريا يحفظ حقوق الإنسان، وأن يعمم هذا النظام على جميع الشعوب الأنظمة الديمق ارطية لا تتصارع فيما بينها مما يحقق ما اصطلح على تسميته كانط بالسلام الديمق ارطي .
2- الدول الديمق ارطية التي تسعى لتحقيق السلام سوف تتكتل من أجل مواجهة الدول غير الديمق ارطية التي تسعى بعدوانيتها لتقويض السلام.
3- هذا ما يؤدي لإنشاء هيئة فوق قومية بين الدول الديمق ارطية تعمل على تحقيق الأمن والسلم الدوليين، من خلال وضع مبادئ تلتزم بها جميع الدول المنضوية تحت لواء هذه الهيئة.
4- وضع نصوص قانونية ملزمة تحدد حقوق الإنسان بوصفه إنسان لا بانتمائه لدولة أو منطقة أو ديانة أو عر ق، والسعي لنشر تلك القوانين واجبار جميع الدول للعمل على تجسيدها -وهي في الحقيقة المجسدة في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان 1948-.
وقد تأثر الرئيس الأمريكي وودرو و يلس و ن Woodrow Wilson 1856-1924 بهذه المبادئ وحاول تمريرها في صلح فرساي 1919، من خلال مبادئه الأربعة عشر، ومن بينها تأسيس جمعية عامة للأمم بموجب مواثيق تلتزم بها جميع الدول الموقعة.
ثانيا: المحاولات الأولى لإقامة تنظيم دولي .
أما فيما يخص التنظيمات الأولى التي تجسدت على أرض الواقع فقد جاءت بعدالحروب النابليونية سنة 1814:
- المؤتمر الأوربي: هو مجموع المؤتم ارت والمعاهدات التي ظهرت بمناسبة الحروبالنابليونية، حيث صرح في 5 فيفري 1814 سف ارء الدول الأربع )بروسيا، روسيا، بريطانيا ،النمسا( لمندوب نابليون أنهم لا يمثلون العروش الحاكمة فقط، بل إنهم يتكلمون كذلك بإسم أوربا كلها ،لتنبثق فكرة نظام الإدارة الأوربي 30 ماي 1814.
- مؤتمر فيينا سبتمبر 1814 الذي وضع قواعد حرية الملاحة في الأنهار الدولية، وتجريم تجارة الرقيق وتنظيم البعثات الدبلوماسية.
- التحالف المقدس الذي جمع بين روسيا بروسيا والنمسا سبتمبر 1815.
- إتفاق القوى الأربع )روسيا، بروسيا، النمسا، بريطانيا( في 20 نوفمبر 1815 على ضمان بقاء الأوضاع كما هي.
- نشوء الاتحادات الادارية الدولية )الاتحاد الدولي للبرق 1865، الاتحاد الدولي للبريد
1874، الاتحاد الدولي للنظام المتري 1875، الاتحاد الدولي للخطوط الدولية 1890...(.
- اتفاقيتا لاهاي 1899 و1907 وهما عبارة عن معاهدتان دوليتان نوقشتا لأول مرة خلال مؤتمرين منفصلين للسلام عُقدا في لاهاي بهولندا؛ مؤتمر لاهاي الأول عام 1899 الذي عالج مسألة التسوية السلمية للن ازعات الدولية، وتقن ين الحروب للحفاظ على حقوق الإنسان، ومؤتمر لاهاي الثاني عام 1907 الذي أقر انشاء المحكمة الدائمة للتحكيم.
ثالثا: تعريف التنظيم الدولي.
كغيره من المفاهيم والمصطلحات لم يتم الاتفاق على تعريف واحد لمفهوم التنظيم الدولي ومن بين أهم التعاريف المداولة يمكن الإشارة للتعاريف التالية:
عرف التنظيم الدولي على أنه "الهيئات الدولية المنتظمة والمشكلة من الدول، والتي تتميز من الناحية القانونية عن إ اردة الدول الأعضاء، بحيث تصبح فاعلا جديدا في العلاقات الدولية يتمتع بالشخصية القانونية"، أي أن لها أهلية اكتساب الحقوق وتحملالمسؤوليات وفقا للقانون الدولي.
كما يعرّف على أنه "كيان يقوم بإنشائه مجموعة من الدول، لتحقيق أهداف ومصالحمشتركة فيما بينها، ويكون لهذا الكيان الجديد إ اردة ذاتية مستقلة عن الدول الأط ارف المشكلةله".
ويعرّف كذلك بكونه "كيان دولي ينشأ نتيجة اتفاق إ اردات الأط ارف المنشئة له، وذلك قصد تحقيق التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في مجال أو مجالات معينة يتم الإشارة إليها في الميثاق التأسيسي".
ويمكن اجمال هذه التعاريف في تعريف شامل يعتبر التنظيم الدولي على أنه "كيان فوق قومي ينشأ نتيجة لاتفاق مكتوب بين الدول، بهدف تنسيق الجهود فيما بينها لتحقيق غايات مشتركة في ميدان محدد أو مجموعة من الميادين، ويتمتع هذا الكيان بشخصية قانونية مستقلة عن الد ول المنشئة له، بحيث يصبح فاعلا جديدا في العلاقات الدولية يخضع في علاقاته مع الكيانات السياسية الأخرى المشكلة له أو غير المنضوية تحت لوائه لأحكام القانون الدولي العام ."
إذ يتميز التنظيم الدولي بخصائص أساسية تتمثل في وجود هيئة مشتركة تضم الدول الأعضاء، وأمانة عامة لها مقر وموظفين دائمين، وتعقد هذه المنظمة إجتماعات دورية لممثلي الدول الأعضاء ،أو اجتماعات استثنائية تقتضيها ظروف معينة ،كما له تنظيم قانوني يتمثل في ميثاقه التأسيسي المحدد لكل العمليات التي تجري في أروقة التنظيم، والمنظم لعلاقات الدول الأعضاء مع التنظيم وعلاقة التنظيم مع بقايا أط ارف النظام الدولي الأخرى.
وهذا يحيلنا على أنه يمكن أن نفهم التنظيم الدولي بوصفه أحد أهم مرتك ازت النظام الدولي فهو يحقق عدة مبادئ:
- يحدد شكل العلاقات الدولية المختلفة القائمة على مجموعة افت ارضا ت تهدف إلى تحديدالعلاقة التفاعلية بين أج ازء النظام ككل في إطار عالمي، أو إقليمي.
- تحديد طبيعة النظام الدولي السائد )أحادي القطبية، أو ثنائي، أو متعدد الأقطاب(، والتفاعل بين طبيعة العلاقة التي تحدد بنية المجتمع الدولي والنتائج المختلفة التي تنجر عنها؛ فالنظام الدولي هنا هو كل قائم على تفاعل أج ازء في علاقة أساسها الانسجام، إذن فهو يحد طبيعة التفاعل القائم هل هي منسجمة أو غير منسجمة، متوازنة أو مختلة.
ويهدف التنظيم الدولي من خلال المؤسسات الجماعية لتحقيق أهداف أساسية تتمثل عموما في:
- تحقيق السلام والأمن الدوليين عن طر يق حل الن ازعات والص ارعات، ومحاولة القضاء على مسبباتها.
- الحد من استخدام القوة فيما بين الدول الأعضاء في المنظمة، وفيما بينها وبين دول النظام الدولي، وتسوية المنازعات فيما بينهم بالطرق السلمية.
- تدعيم الأمن والاستق ارر للدول الأعضاء واحت ارم استقلال وسيادة كل دولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
- تنمية العلاقات بين الدول الأط ارف في مجال أو مجالات معينة، لتحقيق التعاون وإنجاز المشاريع المشتركة.
- تطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دول التنظيم، مما يساعد في رفع المستوى المعاشي لشعوب الدول الأعضاء وتحقيق الرفاه الاقتصادي.
- تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء لمواجهة التحديات الكبرى التي تعجز عن مواجهتها أي دولة منفردة بمقد ارتها الشخصية، كالتدهور البيئي والجريمة المنظمة.
اربعا: تصنيف التنظيمات الدولية.
يمكن تصنيف التنظيمات الدولية وفق معايير متعددة ترتبط بالمعيار الجغ ارفي أو نمط الانتشار لنشاط التنظيم، المجال الم وضوعي الذي يسعى لتحقيقه التنظيم، طبيعة الأعضاءالمؤسسين للتنظيم.
فحسب المعيار الجغ ارفي أو معيار الانتشار نجد تنظيمات ذات طابع عالمي كمنظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها كمنظمة الصحة العالمية، ، منظمة الطي ارن المدني ،منظمة التجارة العالمية، منظمة الطاقة الذرية....، حيث يشمل نشاط هذه المنظمات جميع أقطار العالم، وفي مقابل ذلك نجد منظمات ذات طابع إقليمي أو جهوي يقتصر نشاطها على منطقة جغ ارفية أو جهة محددة كجامعة الدول العربية التي تضم في عضويتها الدول العربية، أو الاتحاد الإفريقي الذي يضم الدول الافريقية، أو منظمة جنوب شرق آسيا....
أما حسب المعيار الموضوعي فهناك تنظيمات ذات أهداف عامة، حيث تسعى لتحقيق غايات مشتركة بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والأمنية، كالأمم المتحدة، الاتحاد الأوربي، منظمة المؤتمر الإسلامي....؛ وفي مقابل ذلك نجد تنظيمات متخصصة تهدف لتحقيق غايات مشتركة في ميادين أو ميدان محدد كمنظمة الصحة العالمية ،والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية OMM.
وحسب معيار طبيعة الأعضاء المؤسسين للتنظيم فنجد المنظمات الدولية الحكومية التي تنشئها الدول أو الحكومات كمنظمة العمل الدولية، منظمة التجارة العالمية، أو منظمة الأمم المتحدة ،وحسب نفس المعيار نجد منظمات دولية غير حكومية تنشئها شخصيات أو أف ارد تجمعهم ان تماءات مشتركة، كمنظمة أطباء بلا حدود، منظمة السلام الأخضر، جمعية الصليب والهلال الأحمر الدولي، م ارسلون بلا حدود، منظمة أوكسفام، منظمة الشفافية الدولية....
أما معيار النشاط فيمكن تصنيف المنظمات الدولية حسبه إلى منظمات ذات أهداف قضائ ية كمحكمة العدل الدولية، أو محكمة التحكيم الدائمة ،أو محكمة العدل الأوربية ،ومنظمات ذات أهداف تنفيذية وهو حال أغلب المنظمات الدولية.
كما نجد منظمات دولية مفتوحة، حيث أن عضويتها مفتوحة على كل الأط ارف الدولية دون استثناء إلاّ القبول والامتثال لقوانينها كمنظمة الأمم المتحدة، ومنظمات دولية مغلقة حيث تقصر عضويتها على الأط ارف المؤسسة، أو على أط ارف محددة في ميثاقها التأسيسي، كجامعة الدول العربية التي تقتصر عضويتها على الدول العربية، أو منظمةالوحدة الإفريقية التي تضم الدول الإفريقية فقط...
وهذا التقسيم وضع لأغ ارض أكاديمية ولتسهيل عملية التدريس، فهي ليست مستقلة بل تتداخل مع بعضها، فالمنظمة العامة قد تكون منظمة عالمية أو إقليمية، وقد تكون ذات نشاط إداري أو تشريعي أو قضائي، والمنظمة الإقليمية قد تكون عامة أو متخصصة وقد تكون ذات أهداف تشريعية أو قضائية أو إدارية.....
خامسا: القاعدة القانونية للتنظيمات الدولية.
بالنظر للمعايير التي تؤدي لتشكيل التنظيمات الدولية المرتبطة بالاتصالات الدبلوماسية بين أط ارف النظام الدولي، واختيارها لمكان عقد اجتماعها التأسيسي، وما يستتبعه من صياغة ميثاق تأسيسي ،ثم التوقيع والتصديق على مواثيقه، ايداع وثائق التصديق، تسجيل معاهدة إنشاء التنظيم الدولي، هذا كله يستدعي قواعد قانونية تحكم المنظمات الدولية سواء كانت حكومية أو غير حكومية، عالمية أو إقليمية، عامة أو متخصصة ترتبط بمفهوم أساسي هو الشخصية القانونية الدولية.
ومفهوم الشخصية القانونية الدولية مشتق من السيادة والتي تعني حصول المنظمة على الأهلية القانونية التي تسمح لها بالحصول على الحقوق وتحمل المسؤ وليات بموجب نصوص وأع ارف القانون الدولي.، وقد أقرت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بأحقية تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية، وينتج عن تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية مجموعة من الآثار القانونية هي:
- الأهلية القانونية وتعني حق التصرف على المستوى الدولي، عبر الاستفادة من الحقوق وتحمل المسؤوليات بموجب القانون الدولي.
- حق الاستفادة من السوية السلمية للخلافات أمام الوسطاء أو الجهات القضائية المختصة ،بصفتها طرف في خلاف كمدعي أو مدعى عليه.
- حصول المنظمات الدولية على الحصانات الدبلوماسية التي تشمل مق ارت التنظيم ،ممتلكاته وموظفيه.
-
المحور الثاني: مبادئ التنظيم الدولي
يقصد بمبادئ التنظيم الدولي مجموع قواعد السلوك الدولي الملزمة عامة ومجردة والناشئة عن الارادة الصريحة والضمنية للجماعة الدولية، والمعبر عنها بالقانون الدولي.
ويمكن اجمالها فيما يلي:
- وجود مجموعة من القواعد التي تنظم لعلاقات الدولية أو لفرع منها[1]:
وقواعد القانون الدولي ومبادئه عبارة عن انعكاس للقيم والقناعات التي تعتنقها الدول لتشكيل تنظيم دولي، وهذا من منطلق أن تبني هذه القواعد في تفاعلاتهم البينية ومع الدول الأخرى غير العضوة في التنظيم سوف يرتقي بهذه العلاقات لمستويات من الانسجام والتوافق وحل الخلافات دون قطع هذه الروابط.
ففكرة التنظيم الدولي مرتبطة بخلفية فكرية وفلسفية وسياسية قصد اقناع الأطراف المتعاقدين بضرورة تبني أحكامه وقواعده في علاقاتهم، ويشترط في شرعية التنظيم الدولي أن تكون قواعده معبرة عن ارادة الجماعة الدولية، أي أن هذه القواعد جاءت نتاج إجماع بين الدول، أو بناء على رغبة الأغلبية وذلك حسب ما تنص عليه القواعد التأسيسية.
يشترط في القواعد القانونية التي يقوم عليها التنظيم الدولي أن تتميز بصفة الإلزامية (لأن الدول بمحض إرادتها انضمت إلى العقد) للأطراف المتعاقدين ومن تخاطبهم القاعدة الدولية مثلا: قواعد منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها، تلزم الدول الأعضاء وغير الأعضاء، لأنها تخاطب كل أطراف العلاقات الدولية دون استثناء، وقواعد القانون الدولي هي في الأصل عبارة عن قواعد عرفية (راجع المادة 38 من القانون الأساسي لمحكمة العدل الدولية) وتحظى بقبول المجتمع الدولي، والعرف هو السلوك المتعارف عليه والمقبول، وهو أقدم مصادر القانون الدولي، وهو مجموعة من الأحكام القانونية نشأت من تكرار العمل بها بين الدول في تصرفاتها مع غيرها في حالات معينة، بوصفها قواعد تكتسب في اعتقاد غالبية الدول وصف الالزام القانوني.
كما تستمد قواعد القانون الدولي إلزاميتها من شرعية النظام الدولي، بحيث تكون تلك القواعد عبارة عن انعكاس لإرادة أغلب الدول في الجماعة الدولية، وهنا نشير إلى أن الالزام الطوعي أكثر فعالية وأجدى نفعا من الالزام القصري الذي يكون باستخدام وسائل الضغط والاكراه لحمل الدول على احترام قواعد النظام الدولي.
- المساواة في تطبيق هذه القواعد على جميع الفواعل الدولية مهما كانت طبيعتها ومهما بلغت قوتها:
هذا المبدأ أساسي لتحقيق أهداف أي تنظيم دولي، فلا يمكن تصور تحقيق توافق بين أطراف النظام الدولي في ظل ازدواجية المعايير، إذ يجب أن تلتزم الأطراف الدولية بتطبيق قوانين التنظيم على الجميع على قدم المساواة (نظريا)، لكن الواقع الذي نعيشه يعرف العكس تماما، يمكن الإشارة أن منظمة الأمم المتحدة لا تحقق التوازن بين القوى الدولية ولا المساواة في تطبيق القانون الدولي، وهو الأمر الذي يحد من مصداقية وقدرة هذا التنظيم الدولي على تحقيق الأهداف المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
- النظام المؤسسي للتنظيم الدولي:
لا يمكن الحديث عن تنظيم دولي دون وجود مؤسسات أو هيكل إداري، لتحقيق التوازن بين أطراف التنظيم الدولي والمساواة في تطبيق القانون الدولي، وتحقيق المنظمة الدولية لأهدافها والقيام بوظائفها بوصفها إطار يضم مجموعة من الدول أو الأطراف الدولية التي تعمل على تنسيق المصالح المشتركة وتفعيل التعاون المتبادل فيما بينها، يقتضي خلق أجهزة خاصة بالمنظمة، بحيث تمنح لها طابع الدوام والاستمرارية الذي يميزها عن غيرها من أشكال التنظيم، وتنقسم أجهزة المنظمات الدولية إلى أجهزة أصلية أجهزة فرعية:
بالنسبة للأجهزة الأصلية فهي التي يتم التنصيص عليها في الميثاق التأسيسي المنشئ للمنظمة، وتتمثل عادة في الجهاز العام الذي يتكون من جميع الدول الأعضاء بالمنظمة دون استثناء وهو ما يسمى الجمعية العامة وهو الجهاز الذي يضطلع بتوجيه السياسة العامة للمنظمة؛ والجهاز التنفيذي الذي يتكون عادة من عدد محدود من المقاعد تتداول عليها الدول العضوة بشكل دوري سواء في العضوية أو الرئاسة، مثل مجلس الأمن الدولي؛ والجهاز الإداري أو السكرتارية ورئيسها يسمى عادة أمينا عاما، والجهاز القضائي وهي المحكمة العدل الدولية التي تختص بحل النزاعات والنظر في قضايا المطروحة عليه، أو بين التنظيم وغيره من التنظيمات الأخرى أو الدول غير الأعضاء.
أما الأجهزة الفرعية فهي الأجهزة التي يتم إنشائها لاحقا ولم يتم التنصيص عليها في الميثاق التأسيسي، ويتم انشاؤها لحاجة أو اقتضت الضرورة، كالمفوضية السامية للاجئين بالنسبة للأمم المتحدة، أو لجنة حقوق الإنسان.
ومن المبادئ التي تؤسس للتنظيم الدولي مبدأ حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي، وهو أساس أصيل للتجمع الدولي، فالدول تتكتل وتتفق لتجنب الصراعات والنزاعات فيما بينها ولضمان الأمن والسلم الجماعي في حال الاعتداء الخارجي عليها، ولكن هذا المبدأ يخلق مشكلة استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية (يمكن الرجوع بأكثر تفصل إلى الفصل السادس والسابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة).
[1] جاسم محمد زكرياء، مفهوم العالمية في التنظيم الدولي المعاصر _ دراسة تحليلية ناقدة في فلسفة القانون الدولي _ منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، الطبعة الأولى 2006، ص 290.
-
-
لا يمكن الحديث عن تنظيم دولي دون وجود مؤسسات أو هيكل إداري، لتحقيق التوازن الدولي والعدالة في تطبيق القانون الدولي، وتحقيق المنظمة الدولية لأهدافها والقيام بوظائفها بوصفها إطار يضم مجموعة من الدول أو الأطراف الدولية التي تعمل على تنسيق المصالح المشتركة وتفعيل التعاون المتبادل فيما بينها من أجل السلم والأمن الدوليين.
-
المحور الثالث: آليات التنظيم الدولي:
توجد مجموعة من الآليات للتنظيم الدولي جاءت في السياقات التاريخية مع التطور لهذه الظاهرة الدولية يمكن أن نذكر منها:
1- اللجوء لعقد المؤتمرات الدولية:
تعتبر قمة واستفليا Westphalien سنة 1648[1] منعطف تاريخي وهي المحطة الأولى في هذا المسار حيث عقد هذا المؤتمر الدولي الذي جمع دول أوروبية بعد حرب طويلة الأمد مؤتمر أدى لوقف الحروب الدينية التي شهدتها أوروبا قرابة 30 سنة، كما أدت لوضع قواعد عامة تلتزم بها جميع الأطراف الموقعة على المعاهدة ومن بينها حل مشاكلها دون اللجوء للحروب، كما تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل اتحاد موسع بين الولايات الألمانية التي كانت تعد بـ 300 إمارة حيث تكتلت لتصبح 39 إمارة ضمن اتحاد موسع تتم بموجبه حل مشاكلها باللجوء لمجلس الولايات الألمانية، والذي تطور حتى تحقق الاتحاد الألماني سنة 1871 على يد "بسمارك".
مؤتمرات أوتريخت التي امتدت من 1701 حتى 1713 والتي انهت حرب خلافة العرش الإسباني، وأدت لاتفاق القوى الأوربية على تسوية مشاكل خلافة العروش في أوروبا عبر تسويات سلمية، كانت أغلب عروش أوروبا تنتمي لأسرة هابسبورغ النمساوية، مما يجعل ملك النمسا ملكا على كل أوروبا في حال توفي ملك احدى الامارات أو الممالك ولم يترك وريثا، وهو ما حدث سنة 1700 حينما توفي ملك اسبانيا تشارلز الثاني وترك وصيته بتولي الأمير الفرنسي "فيليب" عرش اسبانيا، وهو ما رفضه القيصر تشارلز السادس ملك النمسا على أساس أنه الوريث الشرعي بحكم أنه كبير الهابسبورغ والأقرب نسبا للملك الاسباني المتوفي؛ لقد أنهت هذه المؤتمرات وصاية النمسا على أوربا، كما تراجعت أطماع فرنسا في توسيع مملكتها عبر وارثة العرش الاسباني.
أما المحطة الرئيسية فكانت بعد معركة واترلو سنة 1815، حيث شهدت أوروبا مجموعة من المؤتمرات لتسوية نزاعات المستمرة، وهو ما أدى لتحقيق سلام المئة سنة.
وأهم هذه المؤتمرات: مؤتمر فيينا سبتمبر 1814- جويلية 1815، مؤتمر برلين 13 جوان 13 جويلية 1878، مؤتمر برلين 15نوفمبر1884-26 فيفري1885.
2- التحكيم الدولي:
إن التحكيم بصورة عامة هو اتفاق الأطراف على طرح نزاع على محكمين للفصل فيه، والجدير بالذكر أن هذا الاتفاق قد ينشأ لاحقا لنشأة النزاع، وهو ما يُسمى بمشارطة التحكيم، أما إذا نشأ هذا الاتفاق قبل أن يتم مسبقا أي عند التعاقد قبل نشأة النزاع فيُسمى في هذه الحالة بـ "شرط التحكيم".
أما التحكيم الدولي فهو لا يختلف عن التحكيم بصفة عامة إلا في وجود العنصر الأجنبي، قد يكون هذا العنصر هو أحد أطراف العلاقة، وقد يكون محل الن ازع ذاته كأن يكون الن ازع بين أطراف من نفس الجنسية على عقار واقع في دولة أخرى، وأيضَا يكون التحكيم دولي عندما يتعلق بالتجارة الدولية.
إن تحديد كون التحكيم دوليا أو أجنبيا يتحدد وفق التشريع كل دولة، ومن الأهمية بمكان التفرقة بين التحكيم الدولي والتحكيم وفق للقانون الدولي العام، فالأول يكون المُحكمين أشخاص عاديين، وعادة ما يكونون متخصصين في موضوع النزاع، واطراف النزاع يكونون أشخاص عاديين، وتسوية النزاع تكون وفق للعدالة، أما الثاني فالمحكمون لابد أن يتم اختيارهم من بين القضاة ويتم حسم النزاع وفق الأحكام القانون الدولي العام المعاصر، ويكون أطراف النزاع من أشخاص القانون الدولي العام، أي أن التحكيم في إطار القانون الدولي العام ما هو إلا ضرب من ضروب القضاء وهو ما ذهب إليه الفقهاء.
وتجربة النظام الدولي مع التحكيم كانت في قضية ألاباما Alabama سنة 1872، حيث اتفقت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على عرض خلافهم على محكمة مكونة من مجموعة محكمين، من جنسيات مختلفة: بريطانية، أمريكية، إيطالية، سويسرية، البرازيلية والتي فصلت في المسألة بفرض تعويضات قيمتها 5,15 مليون دولار.
وقد أقر مؤتمر لاهاي 1899 و1907 مبدأ التحكيم الاجباري واضعا قواعد واجراءات التحكيم، لكنه فشل في إنشاء محكمة تنظر في المنازعات.
محكمة التحكيم الدائمة أنشئت سنة 1899، وكانت عبارة عن قائمة بالقضاة الذين يمكن اختيارهم كمحكمين عند اتفاق أطراف النزاع اللجوء إليها.
3- اللجان الدولية:
وقد تم انشاؤها لتسيير المرافق الدولية المشتركة، وفي هذا الصدد ظهرت لجنة الراين واللجنة المركزية للملاحة في نهر الراين والتي انشئت سنة 1815، لضمان الملاحة الآمنة في نهر الراين، لجنة الدانوب 1856، لتظهر لجان أخرى كاللجان الصحية، لجنة القسطنطينية، لجنة بوخا رست، لجان الديون كلجنة الدين المصري 1878، لجنة الدين اليوناني 1897، لجنة الدين العثماني 1898.
4- الاتحادات الدولية الإدارية: وهي عبارة عن اتحادات دولية في قطاعات متخصصة، كاتحاد التليغراف 1865، اتحاد البريد 1874.
5- المنظمات الدولية: وهي كيان قانوني أو وحدة قانونية تضم مجموعة من الدول، تنشأ من خلال اتفاق دولي، ويتكون من أجهزة وفروع دائمة، ويتمتع بإرادة ذاتية مستقلة عن الدول، وذلك لرعاية بعض المصالح المشتركة أو تحقيق أهداف معينة.
العناصر الأساسية لأي منظمة تتمثل في أن تكون تجمعا اراديا وليس إلزاميا، وأن يكون لها شخصية قانونية دولية مستقلة، كما أن لها صفة الدوام والاستمرار، وتتمتع بإرادة ذاتية مستقلة، وذات هيكل إداري دائم، وميزانية مستقلة، وتتمتع بالحصانة القضائية، وحرمة مبانيها والأماكن التي تستغلها المنظمة ومرسلاتها، بالإضافة لتمتعها بحصانات مالية وضريبية، وحصانة موظفيها.
[1] محمد حافظ غانم، المنظمات الدولية، دراسة نظرية التنظيم الدولي ولأهم المنظمات الدولية، مطبعة النهضة الجديدة، القاهرة 1973، ص 120.
-
المحور الرابع: القوانين الضابطة للعلاقات الدولية:
إن العلاقات الدولية هي العلم الذي يعنى بواقع العلاقات الدولية واستقرائها بالملاحظة ودراسة تجارب الأمم أو المقارنة بين هذه التجارب عبر الزمان والمكان من أجل التفسير والتوقع من أجل تقليل الخسائر وتعظيم المكاسب.
وتحتكم الأمم في علاقاتها البينية لمجموعة من القواعد والضوابط والقوانين يتم التزام بها بدرجات متفاوتة، وذلك حسب علاقات القوة النسبية بين الأطراف، ونظرا لاعتبارات توازن القوى في النظام الدولي، وطبيعة التحالفات القائمة، ومن بين أهم هذه القوانين نجد:
1- عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول[1]:
إن الأصل في العلاقات الدولية هو عدم التدخل، والذي يعتبر المبدأ الأساسي في القانون الدولي، الذي تنبني عليه باقي الأسس والقوانين والضوابط، وقد نصت المواثيق الدولية على ذلك صراحة، كما ورد في الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة والتي جاء فيها أنه: ليس في هذا الميثاق ما يصوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم الاختصاص الداخلي لدولة ما.
والتدخل في العلاقات الدولية، هو تصرف صادر عن دولة أو منظمة أو أحد أشخاص المجتمع الدولي، يتم بمقتضاه التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما، وذلك لإجبارها على
تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما، مهما كانت أشكال الضغط الذي يستعمله الطرف المتدخل لفرض ارادته سواء كان ضغطا سياسيا ونفسيا أو اقتصاديا أو عسكريا.
وبالرغم من أن مبدأ عدم التدخل هو المبدأ القانوني الأساسي لعلاقات الأطراف الدولية فيما بينها، غير أن هناك بعض الاستثناءات التي ترد على هذا المبدأ في تطبيقه، ومن هذه الاستثناءات التدخل لدواعي حق الدفاع الشرعي أو التدخل لاعتبارات إنسانية والتدخل الإنساني والذي أصبح المبرر الأكثر استخداما لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفي حالات الاعتداء على سيادة الدول.
2- احترام السيادة الوطنية[2]:
ينص القانون الدولي على أن الدول ذات السيادة متساوية، والمساواة في السيادة هي الأساس الذي تنطلق منه الأمم في تعاملاتها البينية، مبدأ المساواة في السيادة هذا هو ما يكفل المشاركة المتساوية من جانب كل الدول في العلاقات الدولية، وتحوي المساواة في السيادة المتطلبات التالية:
- كل الدول متساوية قانونا.
- تتمتع كل دولة بالحقوق طالما تتمتع بالسيادة الكاملة.
- كل دولة ملزمة على احترام واقع الكيان القانوني الذي تتمتع به الدول الأخرى.
- يمنع خرق سلامة أراضي دولة ما واستقلالها السياسي.
- تملك كل دولة حق حرية اختيار وتطوير أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
- كل دولة ملزمة على الوفاء بالتزاماتها الدولية بالكامل، وعلى العيش بسلام مع الدول الأخرى.
نلحظ أن السيادة ليست مطلقة بالكامل، فقد تتحمل الدول التزامات الدولية، وهي ملزمة على الوفاء بها حين تكون طرفا في معاهدات واتفاقيات دولية، لأن انضمام إلى أي تنظيم دولي هو طوعي فالدول تكون حرة في عدم الانضمام إلى الاتفاقيات أو المنظمات، ولكن عند الانضمام فهي تتخلى بمحض ارادتها بقدر ما عن سيادتها لصالح المجتمع الدولي.
يميز "روبرت جاكسون" بين السيادة السلبية والسيادة الإيجابية، ويقول إن الكثير من دول العالم أنجزت الأولى عبر دحض الاستعمار ولكنها لم تحصل على الثانية، والسيادة السلبية تعني الحق القانوني بالطلب من الدول الأخرى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعنية، أما السيادة الايجابية فهي تعني قدرة الدولة على ممارسة سيطرة فعلية في مجال سلطتها الشكلية.
3- المساواة بين الدول:
يعتبر هذا المبدأ من أهم البنود التي احتوت عليها اتفاقيات واستفليا حيث كان هذا المبدأ الأساس الذي قامت عليه هذه الاتفاقيات، فمن مستلزماته أن تم بناء قاعة خاصة لهذه الاتفاقيات بها عدد أبواب بنفس عدد الوفود المشاركة[3]، حتى يدخل كل وفد من الباب المخصص له وهذا حتى لا يدخل طرف قبل طرف من نفس الباب، وطاولة تفاوض دائرية حتى لا يكون على رأسها أي طرف، وكل هذا لتحقيق مبدأ المساواة، وهكذا تم اقرار مبدأ المساواة للحفاظ على الوحدات السياسية القائمة.
وقد احتوت كل بنود الاتفاقيات العالمية والاتفاقيات المؤسسة لكل المنظمات الدولية على مبدأ المساواة بين الدول، معتبرة إياه الصمام الضامن للسلم العالمي، لأن مبدأ المساواة يعني مساواة الدول في السيادة، مما يمنع اعتداء.
4- التسوية السلمية للنازعات الدولية:
إن مبدأ التسوية السلمية للنزاعات الدولية هو المبدأ الذي يكرس مفهوم منع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات بين الدول، وبحكم أن طبيعة العلاقات الدولية تتسم بتمايز الدول وتباين مصالحها وتداخلها وتضاربها في غالب الأحيان، مما ينجم عنه الكثير من الخلافات والنزاعات والصراعات، وهو ما يستدعي ايجاد أساليب أخرى لحل هذه الخلافات ومن بين أهم هذه الأدوات نذكر:
1- الوسائل الدبلوماسية: وتندرج فيه عدة أدوات منها:
أ- المفاوضات: ويقصد بها تبادل الآراء بين دولتين متنازعتين بقصد الوصول إلى تسوية سلمية لنزاع القائم بينهما، وتعد المفاوضات أفضل الطرق لتسوية المنازعات الدولية وأكثرها شيوعا، وهي الطريقة المألوفة لعقد مختلف المعاهدات والاتفاقيات الدولية وتتميز بالمرونة والسرية التي تؤدي لتضييق شقة الخلافات بين المتنازعين.
ب- المساعي الحميدة: ويقصد بها قيام دولة بمحاولة التقريب بين دولتين متنازعتين وحثهما على المفاوضات لحل النزاع القائم بينهما، كل هذا دون أن تشترك الدولة مقدمة المساعي الحميدة في المفاوضات بأية وسيلة مباشرة، وتقوم الدول الساعية بعملها هذا إما بطلب يتقدم به أحد أطراف النزاع، أو طرف يقدر مكانتها لدى طرفي النزاع، أو بمحض اردتها.
ت- الوساطة: يقصد بها سعي دولة لإيجاد حل لنزاع قائم بين دولتين عن طريق مشاركتها مباشرة في مفاوضات تقوم بها الدولتان المتنازعتان للتقريب بين وجهات النظر، والدولة التي تقوم بالوساطة إنما تتدخل من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أطراف النزاع.
ث- التحقيق: وهي طريقة جديدة لتسوية المنازعات الدولية تتوخى تسوية القضايا عن طريق التحقيق في صحة الوقائع التي تثير النزاع، فقد يحدث أن يكون أساس النزاع خلافا حول وقائع معينة، فإذا ما فصل في صحته أمكن بعد ذلك تسوية النزاع وديا، وفي مثل هذه الحالة يستحسن بالدولتين المتنازعتين أن تحيلا موضوع النزاع على التحقيق لإيضاح حقيقة الوقائع المختلف عليها، حتى تكون المناقشة فيما يتبع لحل النزاع مستندة إلى أساس الوقائع الصحيحة الثابتة.
ج- التوفيق: ويقصد به حل النزاع بطريق إحالته لهيئة محايدة تتولى تحديد الوقائع، واقتراح التسوية الملائمة على أطراف النزاع، ويكون قرار هيئة التوفيق غير ملزم لأطراف النزاع وهذا ما يميزه عن قرار هيئة التحكيم، إن لجان التوفيق تشبه من حيث مهمتها هيئات التحكيم أو القضاء، لكنها تختلف عنها من حيث صفة القرار، الذي تتخذه، فقرارا لجنة التوفيق ليست له أية صفة إلزامية، وللدول صاحبة الشأن أن تأخذ به أو ترفضه، بينما يلزم قرار التحكيم أو حكم القضاء أطراف النزاع ويتعين عليه تنفيذه في كل جزئياته.
ومهمة لجان التوفيق هي دراسة المنازعات وتقديم تقريرها إلى الطرفين يتضمن اقتراحات واضحة بغية اجراء التسوية، ومجال هذه اللجان أوسع من مجال لجان التحقيق، إذ ينحصر دورها في سرد الوقائع، وليس لتقرير اللجنة أي صفة إلزامية، ولا يفرض قانونا على طرفي النزاع، فمهمة اللجنة تكمن في السعي إلى التوفيق بين طرفي النزاع، فميزة التوفيق الأساسية هي اختيارية بالنسبة لقرار الذي تتخذه اللجنة، وتعتبر هذه الطريقة بمثابة تمهيد للتسوية التحكيمية أو القضائية ذات الصفة الالزامية التي يلجأ إليها الطرفان حكما بعد اخفاق محاولة التوفيق.
2- الوسائل القانونية: أما بالنسبة للوسائل القانونية فيمكن مباشرتها لتحقيق التسوية بين الدول عبر آليتين أساسيتين[4]:
أ- التحكيم: الفكرة الأساسية في التحكيم هي الفصل النهائي في المنازعات الدولية، بقرار ملزم يصدره المحكمون، اختارهم أطراف النزاع للحكم فيه وفقا للقانون، وللتحكيم ثلاثة أنواع هي:
التحكيم بواسطة رئيس الدولة: وهو ما يعرف في أدبيات العصور الوسطى بالتحكيم الملكي، وهو موروث عن التقاليد القديمة التي كانت تعتبر رئيس الدولة مصدر العدالة والسلطة السياسية.
التحكيم بواسطة لجنة مختلطة: وقد نشأ في نهاية القرن الثامن عشر كنتيجة لعلاقات الأمريكية البريطانية، حيث لجأت حكومة أمريكا الفتية لطريقة اللجان المختلطة لتسوية خلافاتها مع بريطانيا بعد الاستقلال عنها، وكذلك لتسوية نزاعاتها مع الدول الاستعمارية الأخرى كإسبانيا وفرنسا، وروسيا.
التحكيم بواسطة المحاكم: يتولى هذا النوع من التحكيم أشخاص مستقلون يتصفون بالكفاءة العلمية ويستمدون قراراتهم المعللة من نصوص قانونية وفق اجراءات معينة، وقد بلغ هذا الأسلوب ذروته في قضية ألاباما بين انجلترا والولايات المتحدة سنة 1871.
ب- القضاء الدولي: وهو عرض النزاع على هيئة قضائية دولية أو إقليمية لتصدر فيها رأي قضائي، حيث تعرض العديد من القضايا على محكمة العدل الدولية أو محكمة العدل الأوربية مثلا، غير أن اللجوء إلى التسوية القضائية مرتبط برغبة الدول أطراف النزاع في ذلك، في حين أن القرارات التي تصدرها المحكمة إلزامية التطبيق.
وقد تأسست محكمة العدل الدولية عام 1945، لتحل محل محكمة العدل الدولية الدائمة (التي أنشأت سنة 1920 وحلت سنة 1947) التي تأسست بدورها ضمن نطاق عصبة الأمم، وتعد محكمة العدل الدولية الادارة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي الذي ألحق بميثاق الأمم المتحدة وهو جزء لا يتجزأ منه.
كما أن هناك مؤسسات قضائية إقليمية عامة كمحكمة العدل الأوربية، ومحاكم متخصصة كالمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان.
[1] يوسفي عبد الهادي، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفقا لميثاق هيئة الأمم المتحدة، مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير، كلية الحقوق، جامعة يوسف بن خدة، الجزائر، 2010-2011، ص 64.
[2] ماجد عمران، السيادة في ظل الحماية الدولية لحقوق الإنسان، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد الأول، ص 464.
[3] محمد شطا حماد، تطور وظيفة الدولة، نظرية المؤسسات العامة، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1982، ص 252.
[4] السيد عبد المنعم المراكبي، التجارة الدولية، دراسة لأهم التغيرات التي لحقت سيادة الدولة في ظل تنامي التجارة الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة،2005. ص 275.
-
المحور الخامس: القانون الدولي الإنساني:
القانون الدولي الإنساني: هو مجموعة القواعد العرفية والمكتوبة التي تهدف في حالة النزاع المسلح لحماية الأشخاص المتضررين لما ينجر عن ذلك النزاع من آلام وأضرار، كما يهدف لحماية الممتلكات التي ليس لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية والمجهود الحربي.
القانون الدولي الانساني لا يسعى لوقف اندلاع الحروب ولا يستطيع ذلك، لكنه يسعى في حال اندلاع الحرب للحد من آثارها المدمرة، من خلال جملة من القوانين والإجراءات.
تعريف القانون الدولي الإنساني:
وردت تعاريف كثيرة بخصوص القانون الدولي الإنساني، فقد عُرف بأنه مجموعة المبادئ والأحكام المنظمة للوسائل والطرق الخاصة بالحرب بالإضافة إلى الحماية للسكان والمدنيين والمرضى والمصابين من المقاتلين وأسرى الحرب[1].
كما عرفه البعض بأنه: مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى اتفاقيات وأعراف دولية مخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية والتي تحد لاعتبارات إنسانية من حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب ووسائل في القتال، وتحمي الأشخاص والممتلكات التي تتضرر من جراء النزاع.
فالقانون الدولي الإنساني هو أحد فروع القانون الدولي العام الحديثة، يهدف هذا القانون إلى حماية الإنسان في ظرف طارئ، هو ظرف النزاع المسلح.
لقد تبنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعريفاً للقانون الدولي الإنساني، اعتبرت فيه أن هذا القانون يتكون من مجموعة القواعد الدولية المستمدة من الاتفاقيات والأعراف، التي تهدف بشكل خاص إلى تسوية المشكلات الإنسانية الناجمة بصورة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية، أو غير الدولية والتي تقيَّد لأسباب إنسانية، حق أطراف النزاع في استخدام أساليب الحرب وطرقها، أو تحمي الأشخاص والأملاك المعرضين أو الذين يمكن أن يتعرضوا لأخطار النزاع.
ويرجع مصطلح القانون الدولي الانساني إلى القانوني السويسري المعروف ماكس هوبر Max Huber والذي شغل منصب رئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر سابقا 1928-1944، ويتم تداوله بين العديد من الفقهاء ومصطلح رسمي على الصعيد الدولي.
نشأة القانون الدولي الإنساني:
يٌعد المصطلح قديم وجديد، خاصة في الحضارات المرتبطة بالأديان السماوية، حيث نتلمَّس قواعده ومبادئ في الحضارات.
والجدير بالذكر أن كتابات المفكرين وآرائهم كانت الدافع الأساسي لظهور القانون الدولي الإنساني الحديث، وخصوصا مفكري عصر التنوير منهم: جان جاك روسو وفاتيل، كما ذهب إلى ذلك الأستاذ ستانيسلاف نهليك في كتابه: عرض موجز للقانون الدولي الإنساني[2].
وظهرت قواعد هذا القانون أيضا، في مؤلفات الكُتاب المسيحين من دعاة الرحمة وتجنب القسوة أمثال " فيتوريا وسواريز" الذين دعوا الى التخفيف من وحشية الحروب، واتباع الرأفة والرفق بما أدخلوه من نظم دينية على الحرب مثل صلح الرب وهدنة الرب، وخلال حرب الثلاثين عام التي اجتاحت أوروبا 1618-1648 بين الدول الكاثوليكية والدول البروتستانتية ظهر الفقيه "هوجو جروشيوسHugo Grotius (1583-1645)" بمؤلفة المعروف قوانين الحرب والسلام، حيث دعا على إثر هذه الحرب إلى ضبط سلوك المتحاربين، حيث دعا فيه إلى عدم قتل المهزوم إلا في الحالات الاستثنائية، وأنه لا يجوز تدمير الملكية إلا لأسباب عسكرية ضرورية[3].
لكن تدوين هذه القوانين ومحاولة اصباغ الالزام عليها جاء متأخرا، حيث تعود بدايات تدوينه لمعركة سولفرينو لمبارديا Solférino Lombardie (24جوان1859)وهي مدينة شمال إيطاليا، حصلت فيها معركة بين الجيش الفرنسي بقيادة "نابليون الثالث" والجيش النمساوي بقيادة "ما كسيمليان الأول Maximilien 1er" عام 1859 انتهت إلى انتصار الجيش الفرنسي ( وقد دون مآسيها السويسري "هنري دونان"، في مذكراته التي سُميت بـ:" تذكار سولفرينو"، الذي قام بنشره سنة 1962، وفي عام 1863 تشكلت لجنة خيرية عرفت باسم جمعية جنيف للمنفعة العامة وهي لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء مهمتهم تحويل أفكار دونان إلى واقع ملموس، وأعضائها هم "غوستاف موانييهGustave Moynier"، "هيوم هنري دوفورHume Henri Dufur"، "لوي أبياLouis Appia" "تيودور مونوارThéodore Maunoir" إضافة إلى دونانJean Henri Dunant نفسه"، أنشأت هذه اللجنة المؤلفة من خمسة أعضاء اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى، التي تحولت فيما بعد إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي استطاعت عام 1864 عقد مؤتمر دولي في جنيف لتحسين حال الجرحى في ميادين القتال واحترام الفرق الطبية وعدم الاعتداء من طرفي الصراع.
فالقانون الدولي الانساني مرة بعدة مراحل تطور على الصعيد الدولي ابتداء بوجود أعارف دولية تتضمن مبادئه وتطور إلى وجود قواعد دولية اتفاقية تتضمن هذه المبادئ؛ وكانت الاتفاقية الأولى قد تمت المصادقة عليها عام 1864 بعد إعدادها من قبل اللجنة الدولية للصليب الاحمر والتي تأسست عام 1863، والتي تبنت مهمة الاعداد لما يعرف بالقانون الدولي الانساني، وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية كانت تمثل نقلة مهمة في مجال هذا القانون ونقطة البداية للجزء الاتفاقي المكتوب فيه، فان هذه الاتفاقية كان يشوبها الكثير من النقص الامر الذي دفع إلى تعديلها عدة مارت في الأعوام 1906 و1929، اذ تم اعتماد اتفاقيات جنيف لتحسين مصير ضحايا الحرب[4].
ومن جهة أخرى فإن اتفاقيات لاهاي لسنة 1899 والتي تمت م ارجعها عام 1907 جعلت مبادئ جنيف مواكبة للحرب البحرية، وبعد الحرب العالمية الثانية ونظرا للمآسي الكبيرة التي لحقت بالبشر من عسكريين ومدنيين من جراء تلك الحرب.
تم في عام 1949 إبرام اتفاقية جنيف الرابعة وهدفها تحديد وضع السكان المدنيين زمن الحرب، وفضلاً عن ما تقدم فقد كان هناك ضرورة كبيرة لتحسين اوضاع الاتفاقيات السابقة فأقرت الاتفاقية الاولى المتعلقة بحماية الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان، والاتفاقية الثانية المتعلقة بالجرحى والمرضى والغرقى للقوات البحرية، والاتفاقية الثالثة الخاصة بأسرى الحرب، ولكن وبسبب استمرار المآسي الانسانية والحروب التي نشبت بعد عام 1949 تواصل البحث عن حلول جديدة ل تفادي هذا الواقع، وتمخض عن ذلك ايجاد البروتوكولين ) الاول والثاني ( لعام 1977 ، كإضافة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، حيث جاء البروتوكول الأول كتدعيم للمبادئ الانسانية التي جاءت به اتفاقيات جنيف وخاصة للمفقودين والجرحى والمرضى؛ أما الثانية فقد حدد ودعم الحماية الدولية لضحايا النزاعات غير الدولية.
كما جاءت اتفاقية عام 1980 بشأن بعض الأسلحة التقليدية وبرتوكولاتها الأربعة ثم اتفاقية عام 1993 بشأن الأسلحة الكيمياوية، ومعاهدة أوتاوا لعام 1997 بشأن الالغام المضادة للأفراد، والبروتوكول الاختياري لعام 2000 المتصل بالاتفاقية الخاصة بحقوق الأطفال في النزاعات المسلحة.
- مصادر القانون الدولي الإنساني[5]:
باعتبار القانون الدولي الإنساني أحد فروع القانون الدولي العام، فإن مصادره هي نفس مصادر هذا الأخير، أي أن مصادره هي المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون، كما يمكن إضافة قرارات المنظمات الدولية وآراء كبار الفقهاء واجتهادات المحاكم، كمصادر احتياطية.
أولا: العرف:
العرف الدولي الملزم هو: مجموعة القواعد القانونية التي تنشأ في المجتمع الدولي، بسبب تكرار الدول لها مدة طويلة، وبسبب التزام الدول بها في تصرفاتها، واعتقادها بأن هذه القواعد تتصف بالإلزام القانوني.
ويشكل العرف مصدرا أساسي من مصادر القانون الدولي الإنساني إلى جانب الاتفاقيات الدولية التي قننت القواعد التي تنظم النزاعات المسلحة، وهو ما أكدته القاعدة الشهيرة والمعروفة في القانون الدولي الإنساني بقاعدة مارتينز.
وقد وضع هذه القاعدة السير فردريك دي ما رتينز(Friedrich Vo Martens) الروسي الأصل في عام 1899 في اتفاقية لاهاي الثانية الخاصة بالحرب البرية لعام 1899 في الفقرة 3 من مقدمتها[6]، ثم أعيد التأكيد عليها في اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بالحرب البرية عام1907 في الفقرة السابعة من مقدمتها التي نصت على ما يلي: "في الحالات التي لا تشملها أحكام الاتفاقية التي تم عقدها، يظل السكان المدنيون والمقاتلون تحت حماية وسلطان مبادئ قانون الأمم كما جاءت في الأعراف التي استقر عليها الحال بين الشعوب المتمدنة وقوانين الإنسانية ومقتضيات الضمير العام، والحالات التي لم تكن الاتفاقية تشملها وينطبق عليها حكم العرف هي حالة ما إذا كان أحد الأطراف المتحاربة ليس طرفاً سامياً فيهذه الاتفاقية والحالة الثانية هي حالة ما إذا كانت هناك مسائل جديدة غير محكومة بقواعد الاتفاقية وتخرج عن إطارها فهنا كان حكم العرف هو المنطبق عليها وسواء كان الطرفان المتحاربان أطرافا في الاتفاقية أم لا.
إذن العرف هو مصدر أساسي للقانون الدولي الإنساني، وهو ملزم للدول سواء شاركت في تكوينه أم لا، وسواء كانت هذه الدول موجودة وقت نشوئه أم لا، أما الطريقة التي يثبت فيها وجود العرف فانه يكون بالنظر إلى ما تسلكه الدول في تصرفاتها في أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، وبالنظر إلى مشاريع الاتفاقيات التي لم توضع موضع التنفيذ بل حتى الاتفاقيات الدولية النافذة يمكن الوقوف على القواعد العرفية ذلك لأن هذه الاتفاقيات قد تأتي في بعض أو معظم قواعدها تدوين الاعراف الدولية.
وهنا تكون قواعد هذه الاتفاقيات وخاصة تلك العرفية منها ملزمة حتى للدول الغير أطراف في الاتفاقية، والسبب في أن قواعد هذه الاتفاقيات كلها أو البعض منها هي عبارة عن تقنين لأعراف دولية سائدة، وبالتالي التزام الدول غير الأطراف بهذه القواعد إنما هو التزامها بقواعد عرفية كرستها هذه الاتفاقيات.
والعرف الدولي شأنه شأن العرف في القانون الداخلي يتكون من عنصرين هما[7]:
أولا: العنصر المادي: وهو التكرار والعادة، أي تكرار بعض الوقائع بشكل دائم ومستمر وعام. ثانيا: العنصر المعنوي: وهو اقتناع الدول بضرورة هذا العرف، وإيمانها بأن إتباعه والسير بمقتضاه يعتبر واجب.
وكما هو معلوم أن أكثر قواعد القانون الدولي الإنساني المكتوب أو المقتن، كانت في البداية قواعد عرفية، وإقرارها من قبل الدول على شكل معاهدات واتفاقيات دولية، وأحياناً تأتي الاتفاقيات الدولية بقواعد جديدة غير متعارف عليها في نطاق النزاعات المسلحة، خصوصاً مع تطور أساليب وفنون الحرب، لكن تكرارها وإتباعها من قبل الدول الأطراف في الاتفاقيات، يحوَّلها إلى قانون عرفي دولي، يطبق هذا القانون على جميع أعضاء المجتمع الدولي، الأطراف وغير الأطراف في الاتفاقيات الدولية، خصوصاً إذا علمنا أن الدول ليست جميعها أطراف في هذه الاتفاقيات، فالبروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 لم تنضم إليه حتى عام 2005 إلاّ 162 دولة، وخمس دول وقعت ولم تصادق عليه، وكذلك البروتوكول الثاني: انضمت إليه 141 دولة وأربع دول وقعت ولم تصادق عليه.
وقد تم الاعتراف بالعرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الإنساني يمكن الرجوع إليه عند عدم وجود نص في الاتفاقيات الدولية للحالات التي تواجه الدول، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى والثانية من المادة الأولى من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، حيث جاء فيها: يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التي لا ينص عليها هذا الملحق "البروتوكول" أو أي اتفاق دولي آخر تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كما أستقر بها العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام.
ثانيا: الاتفاقيات الدولية:
إن منتصف القرن التاسع عشر وتحديداً عام 1864 هو تاريخ ميلاد أوّل اتفاقية دولية لحماية ضحايا الحروب وبشكل خاص المرضى والجرحى، متعددة الأطراف، واتفق لاحقاً بأنها تمثل تأريخ ولادة القانون الدولي الإنساني المقنن في اتفاقيات دولية، وقبل ذلك التاريخ كانت هناك الاتفاقيات الثنائية ومنها الاتفاقيات الثنائية التي كان القادة الإسبان يعقدونها منع الطرف الآخر في الحرب، وكانت تتضمن أحكاماً تتعلق بمعالجة الجرحى والمرضى ومعاملة الأطباء والجرحى الذين يعتنون بهم، وأقدم هذه الاتفاقات هو اتفاق التسليم الذي عقده" ألكسندر فرناز Alexandre Farnèse" بعد تسليم "تورنايTournai" عام 1581[8]، وتضمن منح عفو عام عن المدافعين، مع منح القادة والضباط سواء من الأجانب أو رعايا البلد أو من الحملة، أو القصر، إمكانية الانسحاب حاملين شارات رتبهم على أكتافهم وأسلحتهم موقدة الفتيل، حاملين معلقاتهم التي يستطيعون أخذها، ويتمتع بهذه الامتيازات الجرحى والمرضى زملاؤهم بعد شفائهم، ومنها أيضا اتفاق الهدنة المعقود بين المركز الإسباني "دي سانتا كروز" والحاكم الفرنسي " لتوارس"، الذي نص على تحديد منطقة "ميرابلو" لكي يتم إرسال الجرحى والمرضى إليها للعناية بهم من الفرنسيين.
ومن الأمثلة أيضا الاتفاقية الثنائية التي عقدت بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في 1785، التي اشترطت أنه في حالة الحرب، فإن القوانين يجب ألا تخص فقط لأمر النساء والأطفال بل يجب إفساح المجال للعلماء وزارع الأراضي والصناع وأصحاب المصانع وجميع الأشخاص الآخرين الذين تعد وظائفهم ضرورية لبقاء الجنس البشري ومنفعته، ويجنب إفساح المجال لهم بالاستمرار بأعمالهم، والسماح للتجار بالبقاء لمدة تسعة أشهر لجمع ديونهم وتصفية أعمالهم، والسماح للس فن التجارية بالمرور لتأمين حصول الأفراد على احتياجاتهم.
وهناك أيضا الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى عام 1813 المتعلق بتبادل الأسرى وكيفية معاملتهم، واتفاق "تروخيليو" المبرم بين "سيمون بوليفار" الكولومبي والقائد الإسباني عام 1820، بمناسبة الحرب التي كانت قائمة بين الكولومبيين ضد إسبانيا للاستقلال، تم فيه التعبير عن المعاملة غير التمييزية للجرحى من قبل الطرفين.
ويقسم القانون الدولي الإنساني أو كما يسميه البعض قانون الحرب في نطاق هذا المصدر من مصادره إلى قسمين الأول لاهاي، والثاني قانون جنيف.
قانون لاهاي: وضعت أسس هذا القانون في مؤتمري لاهاي للسلام في عامي 1899-1907، حيث أبرُمت عدة اتفاقيات لتحديد واجبات وحقوق الدول في إدارة العمليات الحربية وأيضاً الحد من حرية الدول في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو، مع الأخذ بعين الاعتبار الأجزاء التي نُقلت من هذا القانون في عامي 1929-1949 إلى قانون جنيف، والخاصة بالوضع القانوني لأسرى الحرب، والوضع القانوني للجرحى والمرضى والغرقى في العمليات الحربية البحرية، والوضع القانوني للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
ويدخل في نطاق هذا القانون بعض الاتفاقيات التي لا تحمل اسم العاصمة الهولندية لاهاي مثل إعلان سان بطرسبرغ لعام 1868 الذي يحظر استعمال الرصاص المتفجر وبروتوكول جنيف لعام 1925 بشأن حظر استعمال الغازات الخانقة والسامة أو ما شابهها والوسائل الجرثومية في الحرب، واتفاقية جنيف لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، والبروتوكول الأول جنيف عام 1980 بشأن الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها، والبروتوكول الثاني لعام 1996
المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والأشراك الخداعية والنبائط الأخرى*، والبروتوكول الثالث لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة، والبروتوكول الرابع لعام 1995 بشأن أسلحة الليزر المعمية، وأخيرا اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها لعام 1997.
قانون جنيف: وهو يهدف إلى حماية العسكريين العاجزين عن القتال، أي اللذين أصبحوا خارج العمليات الحربية أو ألقوا السلاح كالجرحى والمرضى والغرقى وأسرى الحرب، وأيضاً حماية الأشخاص اللذين لا يشتركون في العمليات الحربية، أي المدنيين كالنساء والأطفال والشيوخ، وهو يتألف من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، والتي تم وضعها تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجهودها المستمرة لتطوير قواعد القانون الدولي الإنساني، حيث تم تبني هذه الاتفاقيات وهي كالتالي:
الاتفاقية الأولى: لتحسين حال المرضى والجرحى بالقوات المسلحة في الميدان.
الاتفاقية الثانية: لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار.
الاتفاقية الثالثة: بشأن معاملة أسرى الحرب.
الاتفاقية الرابعة: بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
بعد ذلك تم وضع البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 لتطوير قواعد اتفاقيات جنيف لعام 1949 واستكمال النقص الموجود فيها وسد الثغرات وهما كالتالي:
البروتوكول الأول: يتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية.
البروتوكول الثاني: يتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية.
ثالثا: المبادئ العامة للقانون:
إلى جانب الاتفاقيات الدولية المكونة للقانون الدولي الإنساني والأعراف المستقر عليها التي وضعت التزامات عديدة على عاتق الدول، توجد هناك جملة من المبادئ القانونية يستند إليها هذا القانون، بعض من هذه المبادئ يتم استنباطها من سياق النص القانوني لأنها تعبر عن جوهر القانون، وبعض منها تمت صياغتها بشكل صريح فني الاتفاقيات الدولية، وأخرى انبثقت من الأعراف الدولية[9].
وهذه المبادئ القواعد التي تسود في القوانين الوطنية، وخصوصاً الأنظمة الرئيسة في العالم، حيث تسود في هذه الأنظمة قواعد متشابهة تتعلق مثلا استقلال الدول وعدم التدخل بشؤونها، وكذلك حق تقرير المصير وغير ذلك من المبادئ.
رابعا: قرارات المنظمات الدولية:
يمكن أن نضيف أيضاً: قرارات المنظمات الدولية، كمصدر احتياطي من مصادر القانون الدولي الإنساني وإن كان هناك اختلاف في مدى إلزامية قرارات المنظمات الدولية.
حيث أن بعض المنظمات الدولية تملك إصدار قرارات ملزمة بهذا الشأن، باعتباره الجهاز الموكل إليه مهمة حفظ السلم والأمن الدوليين، وذلك في نطاق نظام الأمن الجماعي، بموجب أحكام الفصل السابع من الميثاق.
أما القرارات الصادرة عن المنظمات الأخرى فغالباً ما تكون لها صفة التوصيات، ولكن إذا تكررت هذه التوصيات في نفس الموضوع لأكثر من مرة، فإنه من الممكن أن تتحول إلى قاعدة عرفية ملزمة، ولكنها هنا تستمد إلزاميتها من كونها قاعدة عرفية وليست توصية صادرة عن منظمة دولية.
خامسا: الفقه[10]:
يمكن أن تشكل آراء كبار فقهاء القانون الدولي الإنساني، وكتاباتهم، مصد اًر احتياطياً من مصادر القانون الدولي الإنساني، وذلك عن طريق الكشف عن الثغرات والنواقص في الاتفاقيات ذات الصلة، ولفت أنظار الدول إليها، وحثها على تبنيها في اتفاقيات دولية.
فدراسة الفقهاء لنصوص الاتفاقيات، وتفسيرها، وانتقادها غالباً ما يؤثر على الرأي العام الوطني والدولي، ويحرض الحكومات على تبني آرائهم، وقد تعمل بهذا الاتجاه دول أخرى مما يؤدي إلى التكرار على تبني آرائهم، وقد تعمل بهذا الاتجاه دول أخرى مما يؤدي إلى تكرار، وهذا التكرار ينقلب إلى عرف والعرف إلى قاعدة قانونية.
[1] محمد يعقوب عبد الرحمان، التدخل الإنساني في العلاقات الدولية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دولة الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 2004، ص 82 ،83.
[2] ستانيسلاف أ.نهليك، القانون الدولي الإنساني: حقوق الانسان-قوانين وتشريعات: منظمة العفو الدولية، سويسرا: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 1984ـ، ص42.
[3] نصر جمال، التدخل العسكري الإنساني في ظل الأحادية القطبية، دراسة في المفهوم والظاهرة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2010-2011، ص87.
[4] عبد الفتاح عبد الرزاق محمود، النظرية العامة للتدخل في القانون الدولي العام، دار دجلة، المملكة الأردنية الهاشمية، الطبعة الأولى 2009، ص 173.
[5] حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، لمزيد من المعلومات الاطلاع على الرابط التالي: https://www.icj-cij.org/ar
[6] بوراس عبد القادر، التدخل الدولي الإنساني وتراجع مبادئ السيادة الوطنية، دار الجامعة الجديدة، الأزاريطة، 2009، ص90.
[7] حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، لمزيد من المعلومات الاطلاع على الرابط التالي: https://www.icj-cij.org/ar
[8] عمران عبد السلام الصفرارني، مجلس الأمن و حق التدخل لفرض احترام حقوق الإنسان (دراسة قانونية) منشورات جامعة قار يونس، دون ذكر البلد، الطبعة الأولى 2008، ص 55.
* الأسلحة التقليدية البرتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والأشراك الخداعية والنبائط الأخرى، البروتوكول الثاني في 03 ماي 1996 حسب المادة 03.
[9] يوسفي عبد الهادي، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفقا لميثاق هيئة الأمم المتحدة، مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير، كلية الحقوق، جامعة يوسف بن خدة، الجزائر، 2010-2011، ص 64 .
[10] حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، لمزيد من المعلومات الاطلاع على الرابط التالي: https://www.icj-cij.org/ar
-
اتفاقية جنيف هي مجموعة من أربع اتفاقيات دولية تمت الأولى منها في 1864م وآخرها في عام 1949م تتناول حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، أي طريقة الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب، حماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في منطقة محتلة إلى آخره.
- اتفاقية جنيف 1949 في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
-
المحور السادس: رهانات المجتمع الدولي:
يعرف المجتمع الدولي تحديات كبيرة تمس بسلم القيم، وطبيعة العلاقات ومسا ارت النمو ولعل أهم هذه التحديات نجد:
1- الإرهاب الدولي :
لا توجد تعاريف محددة للإرهاب، ولا كيف يمكن تصنيف الأعمال في خانة الإرهاب، فما يراه هذا الطرف إرهابا يراه الطرف الآخر من قبيل الأعمال المشروعة، أو أنه حق المقاومة الذي تكفله الشرائع القانونية جمعاء.
وهذا ما يعني غياب قاعدة عامة لتحديد أفعال العنف غير المشروع، فتضارب المصالح واختلاف الرؤى والإيديولوجيات والقيم حال دون إمكانية إيجاد تعريف شامل وموحد للإرهاب.
وما زاد في استعصاء الظاهرة عن التعريف وبالتالي المجابهة، هو أن مفهوم الإرهاب مفهوم ديناميكي ومتطور، حيث تختلف دوافعه وأشكاله وأساليبه وأهدافه، باختلاف الأزمنة والأمكنة، وكذا لتداخله وتشابكه مع ظواهر أخرى مشابهة[1].
والإرهاب الدولي[2] هو الإرهاب الذي تتوافر له الصفة الدولية، في أحد عناصره ومكوناته، أي أن تلحق صفة الدولية الباعث، المجال أو الهدف، أو الفاعل، كأن يكون أحد الأطراف دوليا سواء أشخاص أو أماكن، أو يكون الهدف دوليا كالإساءة للعلاقات الدولية، بمعنى أنه أي عمل تشترك فيه أكثر من دولة، أو تتشابك فيه مصالح واهتمامات أكثر من طرف.
وأبرز الأمثلة على هذا النوع من الإرهاب هو ما يحدث عندما ينتمي الإرهابيون إلى دولة ويقومون بالهجوم على ممتلكات أو شخصيات تابعة لدولة أخرى، وتتم العملية الإرهابية على أرض دولة ثالثة، كالعملية الإرهابية التي قادت لاغتيال القيادي الفلسطيني في كتائب عزالدين القسام "محمود المبحوح"، من قبل أفراد الموساد الكيان الصهيوني بمدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة يوم 19 يناير 2010 بفندق البستان روتانا بدبي[3].
أو عندما قامت قوات البحرية الصهيونية بالعملية الإرهابية التي راح ضحيتها أمين سر حركة فتح الفلسطينية خليل الوزير "أبو جهاد" على الشواطئ التونسية بمساعدة قوات الأسطول الأمريكي السادس في 16 إبريل سنة 1988.
وهناك من يفرّق بين مصطلحي الإرهاب الدولي والإرهاب عبر الدول، فبينما يقصد بالأول الأفعال التي يقوم بها فرد أو جماعة تسيطر عليهم دولة ذات سيادة، أي أنه إرهاب الدولة خارج نطاق حدودها، ينسب الإرهاب عبر الدول إلى عناصر فاعلة ليست لها صفة الدولة وقد يحدث في دولة ما ضد مصالح دولة أخرى، ومن هنا يكون الإرهاب الدولي امتدادا لآليات السياسة الخارجية لدولة ما، ويكون الإرهاب عبر الدول ذو طابع مستقل.
وعلى العموم وبالنظر لما يعرفه العالم من تداخل وتشابك، اختلت فيه كل معايير التصنيف في خضم شبكة عنكبوتيه من التأثير والتأثر، لم يعد الإرهاب فيها ظاهرة خاصة بدولة عن دولة أو مجتمع عن مجتمع، بل أضحى ظاهرة عالمية كوكبية تهدد الكل بتداعياتها.
ومن هنا يمكن حصر الأبعاد التي يستند عليها في تحديد الإرهاب الدولي في[4]:
- اختلاف جنسيات المشاركين في الفعل الإرهابي.
- تباين جنسية الضحية عن جنسية مرتكب العمل الإرهابي.
- ميدان حدوث الفعل الإرهابي يخضع لسيادة دولة لا ينتمي إليها مرتكبي العمل الإرهابي.
- وقوع العمل الإرهابي ضد وسائل نقل دولية كالطائرات والسفن والقطارات العابرة للدول.
- تجاوز الأثر المترتب عن العمل الإرهابي نطاق الدولة الواحدة.
- تباين مكان الإعداد والتجهيز والتخطيط للعمل الإرهابي عن مكان التنفيذ.
- وقوع الفعل الإرهابي بتحريض من دولة أخرى.
- تلقي المجموعات الإرهابية مساعدة أو دعم مادي أو معنوي خارجي.
- فرار مرتكبي الفعل الإرهابي ولجوئهم إلى دولة أخرى بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
ولا يشترط توافر كل هذه العناصر مجتمعة لوصف الإرهاب بكونه دولي، بل يكفي توافر عنصر واحد منها لوصم الإرهاب بالدولي.
للإرهاب أسباب تكمن في أساس نشوئه وهي كثيرة ومتنوعة، منها ما هو سياسي ومنها: ما هو اقتصادي-اجتماعي، منها ما يرتبط بالبيئة الداخلية المحلية، ومنها ما تولده الأوضاع الدولية وسياسات بعض الدول الكبرى[5].
وقد لخَّص تقرير خبراء الأمم المتحدة حول التهديدات لسنة 2004 أهم أسباب الإرهاب فيما يلي: الإرهاب يزدهر في البيئات التي يسودها اليأس والإذلال والفقر والقمع السياسي والتطرف، وانتهاك حقوق الإنسان، وينتعش أيضا في أجواء الصراع الإقليمي، والاحتلال الأجنبي، كما أنه يستفيد من ضعف قدرة الدولة على صيانة القانون والنظام.
فقد حاولت دول العالم اتخاذ التدابير لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، وذلك وفق آليات المنظمات الإقليمية والدولية العامة والمتخصصة، وفي هذا الصدد تعتبر الأمم المتحدة بمثابة المنتدى الرئيسي لتوحيد وتكثيف جهود التعاون الدولي، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، لأن الدول الأعضاء مدعوة للانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الرئيسية وعددها 12اتفاقية تتعلق بالإرهاب، إضافة إلى أنها تستطيع أن تستفيد من المساعدات التقنية التي تقدمها لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي.
كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 08 سبتمبر 2006: استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهي على شكل قرار وخطة عمل مرفقة[6].
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحسين الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وهي المرة الأولى التي اتفقت الدول الأعضاء جميعها على إتباع نهج استراتيجي موحَّد لمكافحة الإرهاب، ليس فحسب بالتأكيد على أن الإرهاب غير مقبول، بل اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية والتي تضمن تعزيز قدرة الدول على مكافحة التهديدات الإرهابية، وتنسيق أنشطة منظومة الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.
وعلى إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت برج التجارة العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية، قام مجلس الأمن بموجب القرار 1267 بإنشاء لجنة مكافحة الإرهاب المؤلفة من 15عضو.
وقد أصدر مجلس الأمن عدة قرارات متعلقة بمكافحة الإرهاب ومنها[7]:
*القرار 1373: الصادر في 28 سبتمبر 2001، والذي ينص في مجمله على أنه يجب على جميع الدول تجريم تقديم المساعدات للأنشطة الإرهابية.
*القرار 1535: الصادر في 2004، وقد تضمن قرار إنشاء المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب.
*القرار 1624: الصادر سنة 2005، والمتعلق بتجريم التحريض على ارتكاب أعمال الإرهاب.
*القرار 1735: الصادر في 2006، وتضمن الإرهاب وأشكاله.
*القرار 1787: والصادر في 2007، المتضمن الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين بسبب الإرهاب.
ومن الهيئات التي شكلتها الأمم المتحدة أو إحدى الهيئات التابعة لها لمكافحة الإرهاب نجد:
- المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب:
أسس هذا المنتدى 30 دولة بمدينة نيويورك الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 21 سبتمبر 2011، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد طرحت فكرة المنتدى الولايات المتحدة الأمريكية على أن يكون هيئة غير رسمية متعددة الأطراف، تعمل على حشد الخبرات والموارد الضرورية لمستلزمات مكافحة الإرهاب، لأجل بلورة استراتيجية عالمية ضد التهديد الإرهابي، مستفيدة من تجارب الدول التي لها سابقة محاربة الظاهرة؛ ويتكون المنتدى من عدة لجان وأفواج، عادت للجزائر وكندا رئاسة فوج تعزيز الطاقات في منطقة الساحل[8].
هذا بالإضافة لهيئات ومؤسسات أنشأتها التنظيمات الإقليمية أو مجموعات الدول، أو مبادرات متعددة الأطراف أو ثنائيه لمكافحة الإرهاب.
2- انتشار أسلحة الدمار الشامل :
أسلحة الدمار الشامل هي منتجات حربية من ابتكارات عصر التكنولوجيا الحديث، وهي أسلحة قادرة على إحداث أضرار وخسائر في الأرواح لا مثيل لها.
إن الأسلحة النووية ليست أسلحة الدمار الشامل الوحيدة، فالأسلحة الكيميائية والبيولوجية تقع في نفس الفئة، ويعتبر الكثير من الاستراتيجيين أن هذه الأسلحة تشكل خطرا أكبر على الأمن العالمي، فهي من النوع المحمول وسهل الصنع، وزهيد الكلفة.
هناك عدد كبير من الدول تملك أسلحة الدمار الشامل حقيقة أو بإمكانها إنتاج هذا النوع من الأسلحة في مصانعها الحربية بكل سهولة، خاصة منها الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ولهذا سعت دول العالم فرادى وجماعات وفي إطار المنظمات الإقليمية أو العالمية لمنع الانتشار المفرط لمثل هذه الأسلحة عبر اتفاقيات وقرارات في فترات زمنية متتالية، ومن أهم هذه المحاولات نذكر منها:
1- بروتوكول جنيف حول حظر استخدام الغازات الخانقة والسامة في 17 جوان 1925:
ويقضي بحظر استخدام الغازات الخانقة والسامة، وجميع ما شابهها من الوسائل والمعدات والوسائل، فضلا عن حظر استعمال الوسائل البكتروبيولوجية الحربية.
2- معاهدة الحظر الجزئي للتجارب الذرية 5 أوت 1963: وتتضمن هذه المعاهدة الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، حظر اجراء التجارب النووية في الهواء فوق سطح الأرض وتحت الماء فقط؛ إذ لم تتطرق للتجارب تحت سطح الأرض وفي الفضاء.
[1] منتصر سعيد حموده، الارهاب الدولي: جوانبه القانونية - وسائل مكافحته في القانون الدولي العام والفقه الإسلامي، مصر: دار الفكر الجامعي، 2008، ط1، ص111.
[2] Duffy, Helen. “Human Rights Litigation and the ‘War on Terror.’” International Review of the Red Cross 871 (September 2008), p100.
[3] Bianchi, Andrea, and Yasmin Naqvi, eds. International Humanitarian Law and Terrorism. Oxford : Hart, 2011, p46.
[4] Bianchi, Andrea, and Yasmin Naqvi, eds. International Humanitarian Law and Terrorism. Oxford : Hart, 2011, p50.
[5] ثامر إبراهيم الجهماني، مفهوم الإرهاب في القانون الدولي، دار حوران للطباعة والنشر، 1998، ص210.
[6] Klein, Pierre. “Le droit international à l’épreuve du terrorisme.” In Recueil des Cours 321. The Hague : Martinus Nijhoff, 2006, p 44.
[7] Makintosh, Kate, and Patrick Duplat. Study of the Impact of Donor Counter-Terrorism Measures on Principled Humanitarian Action. Independent study commissioned by OCHA and the NRC, July 2013, p133.
[8] أمل يازجي، محمد عزيز شكري، الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن، سوريا: دار الفكر المعاصر، 2012، ص210.
-
المحور السادس: إشكالية التعاون الدولي:
يمكن القول إن البيئة الدولية يسودها الخوف وعدم اليقين والشك المتبادل بين أطراف النظام الدولي ولهذا فالتعاون الدولي يطرح إشكاليات كبرى ترتبط بأنانية الدولة وايمانها بمبادئ العون الذاتي، وتصرفها وفق آليات المكاسب النسبية وليس المكاسب المطلقة حيت تسعى كل دولة للحصول على المكاسب بشكل أناني يرتبط بتعظيم مكاسبها وتقليص مكاسب الأخرين قدر الامكان حتى لو كلفها الأمر الحصول على أقل المكاسب مقارنة بما ستحصل عليه في حالة التعاون مع أطراف دولية أخرى.
ومن جهة أخرى فالنظام الدولي يتسم بالفوضوية والصراع من أجل القوة حيث لا توجد سلطة عليا يمكنها تنسيق الجهود الدولية بعيدا عن أنانية ومصلحة الدول وحسابات التوازن، فالتعاون يتطلب توافر عوامل الثقة المتبادلة واحترام الأطراف ونبذ حساسيات السيادة المفرطة ولن يتأتى ذلك إلا بوجود سلطة عليا تضمن عدم سطوة طرف على طرف آخر.
فحقيقة أن هناك إشكالية كبيرة تعترض التعاون الدولي والمتمثلة أساسا في طبيعة البيئة الدولية التي تتسم بالتمايز بين وحداتها من حيث التكوين والأهداف والمصالح وعليه يسعى كل طرف بما أوتي من قوة أن يعظم مصالحه ولو كان ذلك على حساب الأطراف الأخرى كما أن حالات التعاون الدولي ما هي في الأساس إلا تعبير عن تقاطع وتداخل المصالح فأغلب الاتفاقيات الدولية التي تعقد من أجل إقامة تعاون دولي في مجال معين أو عدة مجالات يكون فيها تقديم مصالح طرف معين على الأطراف الأخرى، وهو ما يعبر بصدق عن أسبقية العداء والصراع في العلاقات الدولية على التعاون، وأن هذا الأخير ما هو إلا تنظيم للصراع الدولي.
من بين أهم العقبات أمام التعاون الدولي هو صعوبة تحديد مصطلحات العلاقات الدولية، فلا نجد تعريف واحد للعدوان، فبالرغم من أن الأمم المتحدة أنشأت لوقف العدوان إلا أنها لم تتمكن من فرض تعريف موحد مقبول من كل دول العالم للعدوان، وذلك لاختلاف زوايا رؤية الدول للمواقف الدولية، كما أن الدول تختلف في تعريفها للإرهاب والجريمة المنظمة، والدفاع الشرعي عن النفس، وغيرها الكثير من المصطلحات المحددة لطبيعة العلاقات بين الدول التي تتميز بالتغير والتطور وعدم الثبات ما يجعل العلاقات الدولية علاقات تشوبها العديد من الظواهر المعقدة والمتشابكة في ظل وجود عدة فواعل دولية.
-
المراجع:
أبو الوفا، أحمد، قطع العلاقات الدبلوماسية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1991.
أبو هيف على صادق، القانون الدبلوماسي والقنصلي، الإسكندرية: منشأة المعارف، 1987.
أبو عيل سعيد، الدبلوماسية، تاريخها، مؤسستها، أنواعها، قوانينها، فلسطين: دار شيماء للنشر والتوزيع، 2002.
البكري عدنان، العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1986.
خليفة إبراهيم أحمد، القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدية، 2006.
خليل إسماعيل، الوسط في التنظيم الدولي، بغداد: مطبعة جامعة الموصل، 1991.
الشامي علي حسن، الدبلوماسية: نشأتها وتطورها وقواعدها ونظام الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2009.
صالح زهرة، عطاء محمد، أصول العمل الدبلوماسي والقنصلي، الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، 2004.
الصبري بن سليمان، سعيد، العلاقات الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق، القاهرة: دار النهضة د س ن.
العبيكان عبد الرحمان، عبد العزيز بن ناصر، الحصانات والامتيازات الدبلوماسية والقنصلية في القانون الدولي، الرياض: شركة العبيكان للأبحاث والتطور، 2008.
علوان عبد الكريم، الوسيط في القانون الدولي العام، عمان: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 1997.
الغفاري عبد القوي، الدبلوماسية القديمة والمعاصرة، عمان: دار وائل للنشر والتوزيع، ط1، 2002.
فاضل زكي محمد، الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق، بغداد: دار الحكمة للطباعة والنشر، 1983.
الفتلاوي سهيل حسن، الحصانة القضائية للمبحوث الدبلوماسي في القانون العراقي دراسة مقارنة، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1980.
منتصر سعيد حمودة، القانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، الإسكندرية: الفكر الجامعي 2008.
صباح طلعت قُدرت، الوجيز في الدبلوماسية والبروتوكول- الطبعة الثالثة، مطبعة كركي بيروت لبنان، 2013
-
تفعيل المادة 99 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة إلى وقف اطلان النار
تقول المادة 99: "يحق للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين". وهذه المادة واحدة من بين خمس مواد في ميثاق الأمم المتحدة تحدد مهام الأمين العام، وهي أكثرها أهمية في سياق السلام والأمن الدوليين.
-
-
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة الجيلالي بونعامة خميس مليانة
كلية الحقوق والعلوم السياسية
قـسـم العلـوم السياسيـة
امتحان في مقياس: القانون الدولي والعلاقات الدولية.
السداسي الأول دورة جانفي 2024.
السنة الثالثة ليسانس علوم سياسية/ علاقات دولية (س5)
وحدة التعليم أفقية.
أجب عن الأسئلة التالية:
س1= يمكن فهم التنظيم الدولي بوصفه أحد أهم مرتكزات النظام الدولي، فهو يحقق عدة مبادئ ويهدف التنظيم الدولي من خلال المؤسسات لتحقيق أهداف أساسية. بيّن ذلك؟
س2= تصنف التنظيمات الدولية وفق عدة معايير. بيّن ذلك؟
س3= يُعد القانون الإنساني أحد فروع القانون الدولي العام، فإن مصادره هي نفس مصادر هذا الأخير. بيّن ذلك؟
- ملاحظة: الوضوح والدقة والاختصار في الإجابة.
بالتوفيق الأستاذ المكلف بتدريس المقياس.
-
-
-
جامعة الجيلالي بونعامة خميس مليانة
كلية الحقوق والعلوم السياسية
قـسـم العلـوم السياسيـة
خميس مليانة في: 23 /01/2023
امتحان في مقياس: القانون الدولي والعلاقات الدولية.
السنة الثالثة ليسانس علوم سياسية /علاقات دولية.
القاعة: 13 / الساعة: 10و30 إلى 12 سا.
نموذج الإجابة لامتحان يوم 23 جانفي2023.
ج1= يمكن فهم التنظيم الدولي بوصفه أحد اهم مرتكزات النظام الدولي، فهو يحقق عدة مبادئ.
- يحدد شكل العلاقات الدولية المختلفة القائمة على مجموعة افتراضات تهدف إلى تحديد العلاقة التفاعلية بين أجزاء النظام ككل في إطار عالمي أو إقليمي.
- تحديد طبيعة النظام الدولي السائد: أحادي او ثنائي أو متعدد الأقطاب أو اللاقطبي، والتفاعل بين طبيعة العلاقة التي تحدد بنية المجتمع الدولي والنتائج المختلفة التي تنجر عنها، فالنظام الدولي هنا هو كل قائم على تفاعل أجزاء في علاقة أساسها الانسجام، إذن فهو يحدد طبيعة التفاعل القائم هل هي منسجمة أو لاـ متوازنة أم لا.
ويهدف التنظيم الدولي من خلال المؤسسات لتحقيق أهداف أساسية تتمثل في:
- تحقيق السلام والأمن الدوليين عن طريق حل النزاعات والصراعات
- الحد من استخدام القوة وتسوية المنازعات بطرق سلمية.
- تدعيم الأمن والاستقرار واحترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
- تنمية العلاقات بين الدول لتحقيق التعاون.
- تطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول.
- تنسيق الجهود بين الدول لمواجهة التحديات الكبرى، كالجريمة المنظمة والمشاكل البيئة.
ج2= يمكن تصنيف التنظيمات الدولية وفق معايير متعددة ترتبط بالمعيار الجغرافي أو نمط الانتشار لنشاط التنظيم أو المجال الموضوعي الذي يسعى لتحقيقه أو طبيعة الأعضاء المؤسسين للتنظيم.
ج3= اعتبار القانون الدولي الإنساني أحد فروع القانون الدولي العام، فإن مصادره هي نفس مصادر هذا الأخير، أي أن مصادره هي المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون، كما يمكن إضافة قرارات المنظمات الدولية وآراء كبار الفقهاء واجتهادات المحاكم، كمصادر احتياطية.
الأستاذ المكلف بتدريس المقياس
-