المحاضرة الأولى الدلالة و المعرف الإنسانية 1
Résumé de section
-
الدلالة والتداولية:
تعريف التداولية:
يعرفها شارل موريس: "التداولية جزء من السيميائية التي تعالج العلاقة بين العلامات ومستخدمي هذه العلامات" ويعرفها ماري يلر: "التداولية هي دراسة استعمال اللغة في الخطاب"
ويعرفها فرانسوا أرمينكو:" التداولية علم الاستعمال اللساني ضمن السياق أي استعمال العلامات ضمن السياق"
ومن الواضح أن التعريفات التداولية ارتبطت بفكرة الاستعمال التي ترددت في التعريفات جميعها ويترجم اللسانيون التداولية pragmatique بعلم التخاطب ، علم الاستعمال وعلم المقاصد وهي علم متفرع عن اللسانيات الحديثة يسعى إلى استكشاف العناصر الاجرائية التي يحتكم اليها في تحديد المعنى وذلك بالتركيز على ثنائية المتلفظ والمتلفظ به في سياق الاستعمال وبهدف إلى التركيز على دراسة مدى امكانية الكشف عن قصيدة المتكلم من خلال احالة القول على السياق لمعرفة مدى التطابق أو عدم التطابق بين دلالة القول لسانيا وظروف السياق للكشف عن مجموعة القوانين العامة التي تتحكم بدلالة المنطوق سياقيا" .
صعوبة تحديد مفهوم التداولية:
ومما ينبغي تقريره هاهنا أن التداولية لا تنتمي إلى أي مستوى
من مستويات البنية اللغوية؛ الصوتية أو الصرفية أو النحوية أو الدلالية، وعليه فالأخطاء التداولية لا يمكن ان نعثر عليها في خروج المتكلم عن قواعد اللغة في أي من المستويات آنفة الذكر ، فهي تستوعبها جميعا ، لكنها لا تملك وحدات للتحليل أو مستويات للدراسة، إنه لمن الصعو بة بمكان الإلمام بتعريف مضبوط ودقيق للتداولية، وذلك للأسباب التالية:
ـ اتساع رقعتها المفهومية بحيث إنها لا تنتمي إلى أي من المستويات اللغوية المعروفة
لدى الباحثين، فهي دراسة فضفاضة تلقي بظلالها على جميع المستويات وليس لها وحدات للتحليل كما مر معنا سابقا .
ـ تعتبر التداولية ملتقى لكثير من العلوم، في حين أا لا تقف وتستقر عند أحد منها، فهي
تلتقي مع علم الدلالة، وعلم اللغة الاجتماعي، وعلم اللغة النفسي ، وتحليل الخطاب، يقول
محمود أحمد نحلة : " وهي كذلك لا تنضوي تحت علم من العلوم التي لها علاقة باللغة بالرغم أنها تتداخل معها في بعض جوانب الدرس." آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، محمود احمد نحلة ، ص 13 ـ ".
ويقول ( مانقونو ): " إنه من الصعب إنه من الصعب الحديث عن التداولية ، لأن هذا التعبير يغطيه العديد من التيارات من علوم مختلفة، تتقاسم عددا من الأفكار... واللسانيون ليسوا وحدهم المعنيين بالتداولية، بل يعني الكثير من علماء الاجتماع إلى المناطقة وتتجاوز اهتماماتها بمجموع الأبحاث المتعلقة بالمعنى والتواصل، وتطغى على موضوع الخطاب لتصبح نظرية عامة للنشاط التواصلي,"
المرجع نفسه 14
2/علم الدلالة والتداولية:
تبحث كل من التداولية وعلم الدلالة في دراسة المعنى في اللغة ويجعل بعض الحارسين التداولية امتدادا للدرس الدلالي فيصنف علم الدلالة ضمن القدرة على معرفة اللغة والتداولية تصنف ضمن الأداء والانجاز واستخدام اللغة.
3/ مهام التداولية:
تتلخص مهام التداولية في دراسة استعمال اللغة التي لا تدرس السنة اللغوية ذاتها ولكن تدرس اللغة عند استعمالها في الطبقات المقامية المختلفة أي باعتبارها كلاما محددا صادرا من متكلم محدد موجها إلى مخاطب محدد بلفظ محدد في مقام تواصلي محدد لتحقيق غرض تواصلي محدد فالتداولية عني بالشروط والقواعد اللازمة الملائمة بين أفعال القول ومقتضيات المواقف الخاصة به أي العلاقة بين النص والسياق.
4/ السياق والتداولية:
يعد السياق أحد مرتكزات التداولية في دراستها للغة أثناء استعمالها حيث يؤدي السياق وظيفة رئيسية في كشف مقاصد المتكلم الظاهرة والخفية فالتداولية علم الاستعمال اللغوي ضمن السياق أو طرائق استعمال العلامات ضمن سياق ما، فهو يتجاوز المفهوم التداولي الاصطلاحي إلى الاجراء العملي.
5/ أهداف التداولية:
تسعى التداولية إلى الاجابة عن الطروحات اللسانية من قبيل من يتكلم؟ من هو المتلقي؟ ما هي مقصدتينا أثناء الكلام؟ كيف نتكلم بشيء ونسعى لقول شيء آخر؟ ماذا عليها أن نفعل حتى نتجنب الغموض والابهام ففي عملية التواصل هل المعنى كافي لتحديد المقصود؟
تعني اللسانيات التداولية في سبيل دراستها للغة بأقطاب العملية التواصلية أي انها تهتم باللغة أثناء استعمال الكلام فتهتم بالمتكلم ومقاصده بعده محركا للعملية التواصلية وتراعي حال السامع أثناء الخطاب كما تهتم بالظروف الخارجية المحيطة بالعملية التواصلية ضمانا لتحقيق التواصل من جهة ولتشغيلها في الوصول إلى غرض المتكلم وقصده من كلامه من جهة أخرى ولعل هذاما جعلها أكثر دقة وضبطا.
6/ الدلالة و التداولية والنحو:
لاحظ شارل موريس تقاربا بين الدلالة والتداولية والنحو ورأى أن الحاجة إلى التفريق ملحة لأنها علوم يفرق بينها اشتغالها الخاص ومجالها التطبيقي فالنحو يدرس العلاقات بين العلامات اللسانية وعلم الدلالة يدرس علاقاتها بالأشياء وعلم التداول يدرس علاقات العلامات يستخدمها
التمييز بين موضوع الدلالة وموضوع التداولية:
إن التمييز بين العلمين هو تميز بين اللغة والكلام بين الحملة والقول فبينما تنتمي الجملة إلى اللغة بوصفها كيانات لغوية تنتمي الأقوال إلى الكلام بوصفها تجسدات عملية للحمل في الكلام بمعنى الجملة يشكل موضوعا لعلم الدلالة ومعنى القول يشكل موضوعا للتداولية ويمكن تلخيص الفروق بين العلمين فيما يلي:
- يدرس المعنى بمعزل عن السياق
- موضوعاته: البنية الدلالة للمفردات العلاقات الدلالية : الترادف.....
- علاقة الألفاظ بالحقائق التي تشير إليها
- يدرس اللغة
- يدرس معاني الجمل على اعتبار أن الحملة كيانات لغوية تنتمي إلى اللغة.
- يدرس المعنى في سياق الاستعمال
- علاقة العلامات بمستخدميها أفعال الكلام، أصول التعاون
- يدرس الكلام
- يدرس معاني الأقوال على اعتبار أن القول من حين هو تجلي فعلي وتجسد عملي للجمل ينتمي ويصنف ضمن الكلام
اهتمامات التداولية:
تقر الدراسات المهتمة بالنقد الحديث على أن دراسة المعنى وعلاقته بموقف الكلام توجه جديد يحتل قمة اهتمامات التداولية، وللكلام جوانب كثيرة طلاعها مجال الدرس التداولي وهي المخاطبين وسياق التفوه والفعل الانجازي والتفوه بوصفة نتاجا وبهذا فالتداولية بالنظر إلى مباحثها هي نظرية استعمالية حيث تدرس اللغة في استعمال الناطقين بها، ونظرية تخاطبية تعالج شروط التبليغ والتواصل الذي يقصد إليه الناطقون من وراء الاستعمال للغة.
المحاضرة التاسعة: الدلالة والتأويل:
مما لا شك فيه أن تحليل الخطاب بالضرورة هو تحليل للغة في الاستعمال و لأن الخطاب ينقسم إلى معنى ظاهر و معنى خفي، كانت بالضرورة تلزم العلماء للاهتمام بهذا الجانب للوصول إلى قصد المتكلم أو المخاطب من خلال ظاهرة التأويل، ، و التي نالت الاهتمام الواسع من طرف علماء اللغة، و ذلك لأن الخطاب هو ملاذ كل مخاطِب، و الذي يصب فيه أفكاره و رؤاه في أبعاده المختلفة: الثقافية و الاجتماعية...و لا يتم ذلك إلا بمحاولة لفك الرموز التي تنغلق على ذاتها، و تبتلع مفاتيحها، و مع هذا الانغلاق تغيب ذات المخاطب لتظهر ذات المخَاطَب الذي توكل له مهمة الإبحار عبر عوالم هذا الخطاب، و كسر أقفاله، و محاولة الولوج إلى أعماقه بما يسمى التأويل و الذي يؤول إلى بيان المعنى و القصد من مراد المخاطِب، و هذا لا يتم إلا من خلال معرفة السياق.
و مهما يكن من أمر فإن إشكالية التأويل و علاقتها بالسياق على اختلاف اتجاهاتها، أي من حيث النظريات التي تطرقت إليها، فإنها تعد اللبنة الأساسية لكل خطاب،