المحاضرة الخامسة: الرواية التفاعلية
Section outline
-
المحاضرة الخامسة:
الرواية التفاعلية
لا يخفى على أحد من الدارسين أن الرواية من أكثر الأجناس الأدبية انفتاحا، حيث تمتلك قابلية كبيرة في مواكبة التطور التكنولوجي الحاصل كما تتيح الفرصة لكافة الإمكانات الرقمية أن تتداخل مع المتن السردي لهذا تعرف على أنها "نص متعدد العلاقات لا يقف فقط عند البعد اللفظي، بل يتجاوزه إلى أبعاد أخرى تتشابك معه وتتضامن في تشكيله، فهو نص الصوت والصورة واللون والحركة ولا يمكن أن تنتج هذه الرواية إلا من خلال الحاسوب"[1]
فمع إطلالة الألفية الثالثة بدأت الرواية العربية أولى محاولاتها في الخروج من جلباب الورقية متجهة نحو فضاء أرحب ومتلق متعدد، فدخلت عالم التكنولوجيا الحاسوبية والفضاء الحر الذي توفره الشبكة العنكبوتية، مستثمرة عددا من البرمجيات مكنتها من تقديم نصها في بنية مختلفة متداخلة الأجناس ومؤسسة لجماليات أخرى لم يعهدها المتلقي العربي[2] وفي هذا السياق يرى محمد سناجلة وهو رائد الرواية التفاعلية في العالم العربي أنها تقدم بناء سرديا مختلفا يعتمد على التقنيات الحاسوبية والوسائط المتعددة لتقديم متنها إلى المتلقي الذي يشارك في بنائها وتتيح له إمكانات مختلفة للقراءة فهي غير خطية، وتحمل أكثر من البعد الثنائي في القراءة، كما أنها غيّرت من مفهومي الزمن والمكان، وقد اقترح محمد سناجلة تصورا خاصا بهذا الجنس عبر مختلف مقوماته خصوصا الزمن والمكان، ويظهر ذلك في كتابه رواية الواقعية الرقمية[3]
وعليه فإن الرواية التفاعلية "تعبر عن عالم جديد، خليط بين مفهوم الخيال الرابط ووجهة النظر الخاصة بالروائي مع استخدام تقنيات أخرى تضيف المعنى وتبرز وجهة النظر للرواية والروائي، وهذه الإمكانات المتاحة سوف تخلق موضوعاتها غير تلك التي طرحتها الرواية الورقية، لذا يعتقد أن الزمن سوف يضيف للرواية الرقمية بجهد روادها ، حتى قد ننتهي إلى شكل جديد آخر، مزيج بين ما نعرفه عن الرواية التقليدية وما أتاحته التقنيات الجديدة والمضافة... خصوصا أننا في بداية الطريق"[4]
ويشار إليها بالتفاعلية لاحتوائها أكثر من مسار داخل بنية النص كما تحتوي على رسومات توضيحية وخرائط، إضافة إلى الصور الفوتوغرافية و"الصوت والأشكال الجرافيكية فضلا عن النصوص الكتابية الأخرى، كل ذلك عبر منظومة الروابط hyperlink ذات اللون الأزرق، وهذه الروابط هي بمثابة هوامش على المتن وذلك توفيرا للعرض أمام المتلقي لاختيار طريفة التصفح والتحميل والإضافة وإعادة البرمجة"[5]
هذا وتعرفها فاطمة البريكي على أنها نمط من الفن الروائي يقوم فيه المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص المتفرع حيث يمكن الربط بين مختلف النصوص سواء أكان نصا كتابيا أو صورا ثابتة أم متحركة أم أصواتا موسيقية معتمدة في ذلك على وصلات لفهم النص"[6]
ظهور الرواية التفاعلية:
إن أول ظهور للرواية التفاعلية كان في العالم الغربي كونه أول من عايش عصر الرقمنة والثورة التكنولوجيا، فكان أول نص روائي تفاعلي بعنوان "قصة بعد الظهيرة" afternoon a story لميشيل جويسmichael joyce سنة 1986، قدم بناءها وفق مختلف التقنيات الحاسوبية والبرمجيات المبتكرة من بين ذلك "برنامج المسرد" storyspace، ثم توالت بعدها النصوص الروائية التفاعلية من بينها رواية "شروق شمس 69" لروبرت أرلانو"[7].

أما ريادة هذ الجنس في العالم العربي فتعود إلى محمد سناجلة من خلال روايته "ظلال الواحد" المنشورة سنة2001، اعتمد فيها مختلف البرامج ولغات البرمجة، والروابط التشعبية وتقديمها على طريقة بناء صفحات الويب[8]، حيث استخدم في بنائها ما يعرف بتقنية النص المترابط(hypertexte) وذلك في البنية السردية نفسها، حيث كان النص ينتقل من رابط إلى آخر في بنية شجرية دائرية، فقد بدأت الرواية على شكل جذر تتشابه اشتباكاته ثم ساق ثم أغصان ثم تكسو الأغصان أوراق لتكتمل الشجرة، وهذه التقنية في الكتابية هي نفسها المستخدمة في بناء صفحات الأنترنيت، كما استخدم فيها بعضا من المؤثرات السمعية والبصرية، هذا بالنسبة للشكل، أما المضمون فقد تمت صياغته بحسب نظرية رواية الواقعية الرقمية وفلسفتها، فالزمن ثابت يساوي واحد والمكان نهاية تقترب من الصفر"[9]
وبعد أربع سنوات أي في سنة 2005 قدم لنا رواية بعنوان "شات" التي لاقت جدلا كبيرا في الساعة العربية نظرا لتأسيسها البنائي وطرحها الجمالي كونها وظفت مختلف الوسائط الرقمية كالصورة، والصوت، والألوان، ناقش فيها المجتمع الرقمي نفسه، حيث أن بطل هذا المجتمع هو الإنسان الرقمي الافتراضي، كما يجلي طريقة عيشه داخل هذا المجتمع، كما يرصد الكاتب من خلال هذه الرواية لحظة تحول الإنسان من كينونته الواقعية إلى كينونته الرقمية الجديدة"[10]،
وفي هذا السياق نجده يعرف الرواية الواقعية الرقمية بأنها "تلك الكتابة التي تستخدم الأشكال الجديدة (اللغة الجديدة) التي أنتـجها العصر الرقمي، وبالذات تقنية النص المترابط ومؤثرات المالتي ميديا(multi midia) أي الوسائط المتعددة المختلفة من صورة وصوت وحركة وفن الجرافيك والأنيميشنز المختلفة، وتدخلها ضمن بنية الفعل الكتابي الإبداعي، وهي أيضا تلك الكتابة التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الأولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديدة كإنسان رقمي افتراضي"[11]

هذا وقد نشر سنة 2006 رواية ثالثة بعنوان "صقيع" تابع فيها مشروعه أدب الواقعية الرقمية "غير أن هذا العمل الجديد يختلف عن سابقيه في كون المؤلف يوظف جميع عناصر التكنولوجيا الرقمية لخدمة النص الأدبي الذي يبدو بأنه قصة قصيرة غير أنه يحمل في ثناياه قصيدتي شعر، مكا يجعل القارئ يحار في تحديد ماهية هذا الجنس الأدبي، أضف إلى ذلك أن سناجلة يستخدم تقنية (الوسائط المتعددة) مستعينا بعدد كبير من الصور المتحركة، والمؤثرات الصوتية التي تجعل النص مزيجا بين السرد الأدبي والموسيقى والسينما"[12]
ثم بعدها رواية "ظلال العاشق" وغيرها من الأعمال الروائية التفاعلية التي عمل فيها محمد سناجلة على تطوير تجربته على مستوى النص والبرمجة ودرجة التفاعل[13]

وعلى العموم فإن هذه الاعمال التي قدمها محمد سناجلة "رغم وجودها في البداية إلا أنها قدمت نماذج مهمة عن قدرة السرد العربي على اقتحام التكنولوجيا وتقديم جماليات مختلفة وتحقيق مقروئية معتبرة رغم ازمة البدايات، فلم تعد المسارات الخطية والثنائية البعد في القراءة من ركائزها بل تجاوزت ذلك إلى مسارات اكثر تشعبا تقوم بحكم البناء المتشعب على تداخل الفنون فصار للعلامات غير اللغوية دورا مهما في تقديم متن الرواية التفاعلية الرقمية، كما تمازجت اللغة بالحركة والصوت ولم يعد بالإمكان فصل مكونات السرد والنظر إلى حدود اللغة والبياض، وأصبحت الرواية بذلك عالما مختلفا على ما عهده المتلقي العربي الذي تحول غلى مشارك في البناء ومنتج آخر للنص الروائي التفاعلي"[14]
مقومات الرواية التفاعلية:
إن مقومات الرواية التفاعلية تختلف عن مقومات الرواية الورقية كونها متعددة تتخطى البعد اللغوي "ففي لغة رواية الواقعية الرقمية الكلمة هي جزء من كل، حيث تتشابك مع مختلف العلامات غير اللغوية الأخرى، كالصور والصوت والمشهد السينيمائي"[15]، وهذا التشابك من شأنه أن يضيف إلى النص الرقمي أبعادا دلالية أخرى، فالوسائط الرقمية التي هي أحد مقومات النص التفاعلي ليس مجرد زينة كما يظن البعض وإنما تدخل بصفتها جزء أساسي في بناء الرواية التفاعلية، ولهذا السبب يستحيل نشر الرواية التفاعلية ورقيا لأنها ستفقد جزءا مهما من بنيتها ومن قيمها الجمالية التي تتحقق من خلال ترابط هذه الوسائط مع المتن، وبالتالي فإن هذا البناء بأبعاده الجمالية لا يتحقق إلا من خلال الشاشة، التي بدورها تسمح للمتلقي بالتفاعل الإيجابي وتمكنه إثر ذلك من إثراء النص وإغنائه.
وهذا الأمر من شأنه أن "يطرح مسألة فلسفة البناء التفاعلي للرواية والرهانات الجمالية إبداعا وتلقيا، فالروائي العربي يجب ان يفهم الأبعاد التفاعلية التي تمكنه من تجاوز الورقية وعلى المتلقي في المقابل الانصهار في العملية وتقبل المنتج الجديد والتفاعل معه وتطوير أدوات قرائية جديدة مما يولد جمالية مختلفة تتطور بتطور النص، فالمسألة بهذا متشابكة وكل الاطراف لها وظيفة في تطوير هذا النص وتمكينه في العصر الرقمي الأكثر تشعبا[16]
وفي هذا السياق يرى حسام الخطيب أن بناء الرواية التفاعلية حسب رأيه يظهر مرتبطا بمتغيرات لابد للروائي أن يكون على دراية بها قبل اجتراح فعل الكتابة "أولها نوع البرمجيات التي تتيح له تقديم نصه بكل حمولته اللغوية وغير اللغوية وإمكانات انفتاحه على المتلقي عبر إشراكه في العملية الإبداعية، كذلك متغير التحول من الورقي إلى الإلكتروني، فالنص المفرع نص متعدد الأبعاد في حين أن هيكل النص العادي (الورقي) يكون وحيد البعد[17]
وهذا الطرح يؤكده حمزة قريرة حين يصرح بأن "طبيعة الكتابة المختلفة تجعل من نظام التصوير يختلف والأخيلة تتبدل بل جمالية النص ومعاييرها تتبدى بأشكال أخرى غير الورقية المسطحة والثنائية البعد، كذلك دخول العلامات غير اللغوية كفاعل رئيس في الرواية التفاعلية يضيف للنص الكثير بل يعد مقوما مهما كاللغة في بنائها"[18]
إن أهم عنصر يلفت الانتباه في هذا المخطط هو وجود مساحة تفاعلية تسمح للمتلقي بإعادة إنتاج الرواية التفاعلية ومن ثم قلب أطراف دورة الخطاب التي أقر بها رومان ياكبسون roman jakobson سابقا، ففي الرواية التفاعلية "نكون أمام تحول في العلاقات حيث يتم تحويل المرسل إلى مرسل إليه وبالعكس، بل يتم عكس حدود النص وقلب موازينه، بهذا فنحن أمام تحوير وتشذير للخطاطة مما يمنحنا كل الإمكانات والاحتمالات لكل عنصر منها... إذ يظهر عدم وجود حدود فاصلة بين المنتج والمتلقي فالعملية دائرية ثم تنتقل عموديا وشبكيا لبقية المتلقين فيكفي إنتاج نواة رواية من طرف مبدع ما وطرحها عبر البرمجيات حتى تنتقل إلى التلقي وإعادة الانتاج إضافة وتحويلا، وتستمر العملية في التوالد منتجة فضاءات نصية كثيرة عبر مشارب مختلفة، وهذا يظهر أنه لا وجود لصاحب النص النهائي كما في النصوص الورقية، فالملكية ملغاة في الرواية التفاعلية"[19] وفيما يلي مخطط يوضح كيفية تحول هذه العلاقات:

خصائص الرواية التفاعلية:
تتميز الرواية التفاعلية بجملة من الخصائص لعل أهمها "كتابتها الموجزة التي تعمل على مضاعفة طرق تقطيع الخطاب وابتكار طرق جديدة لكسره، كتابة ينكب فيها الروائي على لحظة معينة يقوم بتقديمها بشكل مفصل دون اللجوء إلى الإطناب، بل يركز على حدث معين لا يغادره حتى يفرغ منه، وهذا ما يجعلها تتقدم في شكلها البسيط كفقرات يمكن ولوجها بشكل اعتباطي"[20]، وهذا الطرح من شأنه أن يفتح المجال للروائي الرقمي أن تكون له مستقبلا "قدرة خارقة على اقتحام مجالات أخرى لم تتعود الرواية التقليدية في نسختها الورقية على توظيفها واستثمارها، وهذا هو الذي يؤكد أن الرواية تكذّب من ينظّر لموتها كل مرة، لأنها كائن عجائبي يخلق مرة بعد مرة أرواحا جديدة لكي يستمر"[21]، ومن جملة الخصائص أيضا التي تميز الرواية التفاعلية عن الرواية الورقية نذكر ما يلي:
الانغلاق والنهاية:
يعتبر الانغلاق والنهاية من أبرز خصائص النص الروائي التفاعلي "ولا يقصد بالانغلاق محدودية المعنى أو انحصار أفق التأويل، قدر ما نعني به انحصار النص بين دفتي الكتاب، انحصارا يشعر القارئ بموضع النهاية ويجعله يستشعرها أحيانا بمجرد اللمس، فيتلاشى جزئيا ضغط الأحداث بهذا الإدراك الحسي والمادي للكتاب، ومع النص المترابط تم التخلي عن هذه العكاز وتم استبدالها باللاخطية التي تمكن من قراءة الكتل السردية أو الشذرات بشكل انتقائي"[22]، وعليه أصبح النص الروائي الرقمي منبسطا "يتحرك أمام أعين القارئ، يتركب وينحل، عن طريق الرابط، الذي يقوم بدور كبير في هذا الانزلاق والتركيب والانحلال، لذلك لا يعد هذا الأخير مجرد إجراء معلوماتي يؤمن المرور من فضاء نصي إلى آخر، حال تنشيطه من قبل القارئ، ولا يعد كذلك مقابلا لعملية التوريق أو قلب الصفحات السائدة في الكتاب، بل إضافة سردية تجعل من الإبحار في حد ذاته سردا"[23]، فالرابط حسب هذا الطرح هو بمثابة الواصل المنطقي الضمني في النص الروائي الرقمي.
إخفاء أثر الأوالية التي أنتجت النص:
نقصد بالأوالية اللحظات الأولى لميلاد النص "والنص الكلاسيكي كان يحرص حرصا كبيرا على إخفاء ومحي كل أثر للأوالية التي أنتجته مما كان يسمح بالتمييز بين النص/ الكتاب والنص/ المسودة، لكن مع النص المترابط أصبح بالإمكان الاطلاع على لحظات خلق النص، وعلى المراحل الأولى التي سبقت عرض النص على الشاشة"[24]
تجاوز الإيضاح:
من بين العناصر الواضحة التي تجمع ما بين النص والنص المترابط هي "رغبتهما في تجاوز الإيضاح، لكن نقطة الاختلاف تكمن في كون النص المترابط يسمح بقلب مؤقت أو نهائي للوضع التلفظي، أي: من يتكلم ومن يتلقى، بلعبه على الحدود السردية ما بين الخارج سردي والداخل سردي، إذ يصبح بمقدور القارئ أن يقتحم داخل الرواية ويصبح شخصية من شخصيات عالمها"[25].
حدود تلقي الرواية التفاعلية عربيا:
لا يخفى على أحد أن الرواية التفاعلية عرفت كيف تستقطب أصنافا عديدة ومتباينة من المتلقين، مؤثرة على الأداء التفاعلي لكل صنف وفي هذا الشأن تقول فاطمة البريكي: " إن امتلاك أدوات العصر سيؤدي إلى تمكن المبدع من أداء دوره الخلاق بشكل أفضل منه في حال عدم امتلاكه لها، إذ يصبح قادرا على التفكير بطريقة تتناسب أيضا مع العصر الذي يعيشه، وأن يبتكر طرقا جديدة لتقديم إبداعه تتواءم أيضا مع عصره، ومن شأن هذا أن يؤثر في الطريقة التي سيتلقى بها الجمهور نصه وكيفية تفاعله معه"[26]

وفي ذات السياق تضيف زهور كرام رأيها حول ميكانيزمات تلقي الرواية التفاعلية، مشيرة إلى ضرورة امتلاك القارئ الوعي الثقافي والحضاري الكافي لتلقي هذه الظاهرة الأدبية، حيث تقول: "يأخذ النص الأدبي مع تطور الوسائط التكنولوجية أبعادا تجعله يتجلى ويعبر عن منطقه ورؤيته بشكل مختلف، ومن هذا المختلف يبدأ نوع من الاصطدام بين الوعي المألوف والذي عززته مواثيق القراءة التي تحدد النص في شكل معين من التلقي مما يؤمن أفق انتظار القارئ ، وبين وعي بدأ يتشكل أو على الأقل بدأت مظاهره تعلن عن تجربة مخاضه من خلال النقاش الحاد بين مؤيد لتجربة التجلي الأدبي رقميا، وبين معارض لهذا التجلي"[27]
وعلى العموم فإن "الملاحظ في التجارب العربية القلة وذلك لعدة أسباب أهمها ضعف تكوين الروائيين في المجال الرقمي وكذلك عزوف المتلقي العربي عن تقبل هذا النوع من الروايات، لعدم تعوده على هذا الشكل من النصوص الروائية ورهان الروائي العربي في مجال التفاعل هو الانتقال الحقيقي إلى فهم جديد للعملية التفاعلية في جميع مستوياتها"[28]
ومع مرور الزمن وأمام هذا التسارع الذي عرفه الإنتاج الأدبي التفاعلي "ظهرت عدة إشكالات فيما يخص الرواية التفاعلية، بعضها على مستوى البناء وبعضها على مستوى التلقي العربي الضعيف ورقيا، قبل أن يكون شبه غائب تفاعليا/ إلكترونيا، وإشكالات أخرى على مستوى المؤسسة الادبية العربية"[29]، فقد ظلت "بعيدة عما يجري من تطورات تقنية ومغامرات تكنولوجية إلا في استثناءات قليلة"[30]
وأمام هذا الوضع يشكو محمد سناجلة حال التلقي العربي وعدم استيعاب المتلقي التطور التكنولوجي وتوظيفه إبداعيا، حيث يقول: "بعد نشر روايتي الثانية في نسختها الرقمية على شبكة الانترنيت فوجئت بأن العديد أو الغالبية العظمى من المثقفين في وسطنا الأدبي لم يقرأ الرواية، واتضح لي أن هناك العديد منهم لا يعرف حتى التعامل مع جهاز الحاسوب، بينما قال البعض الآخر إنهم غير معتادين على القراءة عبر الانترنيت، وهو الشيء الذي دفعني إلى إعادة نشر الرواية في كتاب ورقي مطبوع، كما هي العادة، وقد كان خيارا صعبا ذلك أن الرواية مكتوبة باستخدام التقنيات الرقمية، وبالذات تقنية ال links المستخدمة في بناء صفحات ومواقع الانترنيت"[31
وعلى العموم يمكن القول أنه على مستوى الممارسة الفعلية العربية ظلت الرواية العربية أقل حضورا بشكلها التفاعلي الإيجابي النقي، هذا الوضع خلق أيضا متلقين بمختلف مستوياتهم "مما يجعلهم يقرؤون النص الروائي التفاعلي بناء على مرجعيات مختلفة أغلبها ورقي تقليدي مما يؤثر في جمالية تلقيهم لهذا النص"[32]
[1] جمال قالم، النص الأدبي من الورقية إلى الرقمية(آليات التشكيل والتلقي)، ص 75.
[2] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة)، ص98.
[3] ينظر، محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، ص32، 33.
[4] السيد نجم، النشر الإلكتروني والإبداع الرقمي، ص 173
[5] عادل نذير، عصر الوسيط أبجدية الأيقونة، دراسة في الأدب التفاعلي، الرقمي، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص83.
[6] ينظر، فاطمة البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص112.
[7] ينظر، المرجع نفسه، ص115، 117.
[8] ينظر، فاطمة البريكي، مدخل غلى الأدب التفاعلي، ص120، 121.
[9] للمزيد ينظر، محمد سناجلة، رواية ظلال الواحد.
[10] للمزيد ينظر، محمد سناجلة، رواية شات
[11] ينظر، محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، ص67.
[12] حسن سلمان، الأدب الرقمي يطالب بحقوقه المهدورة، جريدة الشرق الأوسط، ع10627، 2يناير2008 ، ص184
[13] ينظر، سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط( مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي)، ص90.
[14] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة، ص98.
[15] ينظر، محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، ص95
[16] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة، ص101.
[17] ينظر، حسام الخطيب، الأدب والتكنولوجيا، وجسر النص المفرع ص125.
[18] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة)، ص100.
[19] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية) العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة، ص102.
[20] لبيبة خمار، شعرية النص التفاعلي(آليات السرد وسحر القراءة)، رؤية للنشر والتوزيع، مصر، ط1، 2014، ص36. ،
[21] كمال الرياحي، النشر الإلكتروني ورواية الواقعية الرقمية.. أسئلة لولادة شرعية ، نشر بتاريخ 16 جويلية2007، اطلع عليه بتاريخ: 24/03/2023، على الساعة: 18:49، https://www.turess.com/alwasat/1053
[22] جمال قالم، النص الأدبي من الورقية إلى الرقمية(آليات التشكيل والتلقي)، ص 74.
[23] كمال الرياحي، النشر الإلكتروني ورواية الواقعية الرقمية.. أسئلة لولادة شرعية ،
[24] جمال قالم، النص الأدبي من الورقية إلى الرقمية(آليات التشكيل والتلقي)، ص 74.
[25] جمال قالم، النص الأدبي من الورقية إلى الرقمية(آليات التشكيل والتلقي)، ص75.
[26] فاطمة البريكي، مدخل إلى الادب التفاعلي، ص87.
[27] زهور كرام، الأدب الرقمي(أسئلة ثقافية وتأملات مفاهيمية)، ص73.
[28] سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط(مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي)، ص90.
[29] حمزة قريرة، الرواية التفاعلية(الرقمية العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة، ص100.
[30] ينظر، حسام الخطيب، الأدب والتكنولوجيا، وجسر النص المفرع، ص36.
[31] محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، ص55.
[32] حمزة قريرة، الرواية التفاعليةالرقمية العربية آليات البناء وحدود التلقي(قراءة في رواية شات لمحمد سناجلة، ص103
-
الرواية التفاعلية، روتية شات، رواية الصقيع، محمد السناجلة،
-
منتدى خاص بالمحاضرة الخامسة