الإجابة النموذجية لامتحان المقال

السؤال الثالث (9 نقاط) :

- وضع ﭬﺎن دالن بعض القواعد والمبادئ يتوجّب اتّباعها في عملية نقد وتحليل المصادر التاريخية. اذكر ستّة من أهمّها باختصار مع إعطاء أمثلة مناسبة.

1 . لا تقرأ في الوثائق التاريخية القديمة مفاهيم و أفكار أزمنة لاحقة و متأخّرة.

مثال : إضفاء مفهوم "الوطنية" على الأهالي و الأتراك الجزائريين الّذين استبسلوا في الدفاع عن البلاد في عدّة مناسبات.

2 . لا تتسرّع في الحكم على المؤلّف بأنّه يجهل أحداثاً معيّنة، لأنّه لم يذكرها ؛ كما لا يعتبر عدم ذكر الأحداث في الوثائق دليل على عدم وقوعها.

مثال : إغفال أو تغافل حمدان بن عثمان خوجة الإشارة في مؤلّفه "المرآة" إلى إشاعة وجود المبعوث العثماني طاهر باشا في المعسكر الفرنسي بسيدي فرج، ثمّ بأسطه والي.

3 . لا تبالغ في تقدير قيمة المصدر التاريخي، بل امنحه قيمته العلمية الحقيقة.

مثال : رغم ما يحتويه كتاب "المرآة" من معلومات قيّمة و ما اتّسم به مؤلّفه من نوايا صادقة حين تحريره، إلاّ أنّ انتماء هذا الأخير لتحزّب الحضر - الّذي كان له دور ملتبس خلال الحملة الفرنسية على الجزائر - يجعلنا لا ننساق إلى تصديق كلّ ما ورد فيه "بأعين مغمضة".

4 . لا تكتفِ بمصدر واحد فقط - و لو كان قاطع الدلالة و الصدق -، بل حاول كلّما أمكن ذلك تأييده بمصادر أخرى.

مثال : مذكّرات سيمون بفايفر - الّتي نشرت تحت عنوان "مذكّرات جزائرية عشية الاحتلال" - من أصدق المصادر الأجنبية الّتي كتبت عن الجزائر العثمانية، غير أنّه يتوجّب علينا مقارنتها مثلاً بمذكّرات أحمد شريف الزهّار، لتكتمل لدينا الصورة بعض الشيء عن الظروف الّتي كانت سائدة بالعاصمة قبيل سقوطها في أيدي الفرنسيين.

5 . إنّ الأخطاء المتماثلة في مصدرين أو أكثر تدلّ على نقلها على بعضها البعض، أو نقلها من مصدر واحد مشترك.

مثال : أطلقت المصادر الفرنسية - و من ضمنها جان ميشال فنتور دي باراديس، الّذي نشر تأليفه تحت عنوان "Alger au XVIII^ème siècle" - على تمرّد سنة 1754 الّذي تمّ خلاله اغتيال الداي محمّد طورطو اسم "تمرّد الأرناؤوط" و على زعيم المتمرّدين اسم أوزون علي خطأً - عوضًا عن أوزون محمّد - ؛ و يعود ذلك إلى الخلط الّذي وقع عند مراجعة التقارير القنصلية بين حادث اغتيال الداي المذكور و مؤامرة الأرناؤوط الّتي وقعت بطرابلس قبل ثلاث سنوات في عهد محمّد باشا قرمانلي - داي طرابلس الغرب.

6 . تعتبر الوقائع الّتي يتفق عليها الشهود (المصادر) و الأكثر كفاية و حجّة مقبولة.

مثال : فرار إبراهيم آغا في غضون الساعة الأخيرة من معركة أسطه والي (19 يونيو 1830)، الّذي نوّهت به المصادر المحلّية.

7 . يجب تأييد و تدعيم الشهادات والأدلّة الرسمية الشفوية و الكتابية بالشهادات و الأدلّة غير الرسمية كلّما أمكن ذلك.

مثال : قصة الجاسوس المغطّس جيرونيمو، الّتي وردت في بعض المصادر التاريخية، و أثبتها بشكل قطعي اكتشاف جثّة عند هدم أساسات أحد الأبراج بباب الوادي.

8. اعترف بنسبية الوثيقة التاريخية، فقد تكون دليلاً قويًا و كافيًا في نقطة معيّنة، و لا تعتبر كذلك في نقطة أو نقاطٍ أخرى.

مثال : في كتابه "تاريخ ملوك الجزائر"، نلحظ دقّة دييغو دي هايدو في توثيق الأحداث الجارية خلال فترة أسره بالجزائر (1578-1581)، بينما نسجّل تناقصها كلّما تقدّمنا أو تأخرنا عن تلك الفترة ؛ فعلى سبيل المثال، يؤرّخ للحملة الإسبانية الثانية بقيادة هيغو دي منكادا على الجزائر في عام 1518، بينما توجد مراسلات إسبانية تثبت أنّها وقعت في صائفة 1519.

مع تمنيات أستاذ المقياس بـالـتـوفـيـق