Résumé de section

  • مقياس تاريخ الفكر السياسي والاجتماعي

    السنة الثالثة ليسانس

    المحاضرة السادسة

     

     الفكر السياسي المعاصر

    تمهيد: منذ نهاية الحرب الباردة سنة 1990 والعالم يعيش تحولات يبدوا بعضها جزئيا، لكنها تندرج في تحول أكبر لم يستقر بعد على صورته النهائية، وقد طرحت في هذه المرحلة عدة عناوين سياسية تعبر في جوهرها عن توجهات كبرى تسعى إليها قوى التأثير العالمية، ومنها على سبيل المثال: النظام الدولي الجديد، العولمة ، نهاية التاريخ، صدام الحضارات...

    مفاهيم في الفكر السياسي المعاصر:

    نحاول في هذه المحاضرة التعرف عن مضامين هذه المفاهيم السياسية التي ميزت الفكر السياسي المعاصر:

    النظام الدولي الجديد:

    لقد تم تداول هذا المصطلح بشكل مكثف عقب نهاية مرحلة الصراع الإيديولوجي الذي ميز العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى غاية سنة 1989/1990 تاريخ نهاية هذا الصراع.

    لقد بنى هذا المصطلح على قاعدة أن نهاية الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفياتي، يحتاج إلى إعادة ترتيب الواقع الدولي بما يناسب الظروف الجديدة، سواء على مستوى الهياكل القائمة كالأمم المتحدة، والمؤسسات النقدية والمالية ...

    لقد استخدمت عدة تعاريف لهذا المصطلح، لكن لا يُوجد تعريف متفق عليه، ويعود هذا الاختلاف إلى عوامل يتعلق بعضها بمدخل التعريف (سياسي، اقتصادي، أيديولوجي...) أو بطبيعة تحليل الواقع الذي وُلد فيه المصطلح ...

    لكن ما هو مُشترك بين هذه التعاريف كما طُرحت في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي هي العناصر التالية:

    -       الانتقال من القطبية الثنائية إلى القطبية الأحادية.

    -       سيطرة الولايات المتحدة على المشهد العالمي أنذاك (سياسيا، اقتصاديا، عسكريا، تكنولوجيا).

    -       التحول إلى النظام الرأسمالي.

    العولمة:

    استخدم هذا المصطلح في اللغة الإنجليزية بلفظ globalisation وهو مشتق من كلمة global والإشارة هنا إلى الكوكب، أما في اللغة الفرنسية فاستخدم بلفظ Mondialisation وهو مشتق من كلمة Monde أي العالم (1).

    أما بالمعنى الاصطلاحي للعولمة فيمكن إيراد بعض التعريفات التي قدمها مفكرون ومحللون ومنها:

    تعريف رونالد روبرتسون Ronald Robertson: " العولمة هي اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش" (2).

    تعريف هانس بيتر وهارالد شومان:" عملية الوصول بالبشرية إلى نمط واحد في التعبير والأكل والملبس والعادات والتقاليد" (3).

    تعريف روجية غارودي: " نظام يُمكن الأقوياء من فرض الدكتاتوريات الإنسانية التي تسمح بافتراس المستضعفين بذريعة التبادل الحر وحرية السوق"(4).

    تعريف برهان غليون:" هي الدخول بسبب تطور الثورة المعلوماتية والتقنية والاقتصادية معا من التطور الحضاري يصبح فيه مصير الإنسانية موحدا أو نازعا نحو التوحيد" (5).

    والملاحظ أن المشترك في هذه التعاريف هو تأثير التطور العلمي والتكنولوجي في صياغة واقع العولمة بما يؤدي إلى تقلص المسافات، وتداخل العلاقات، على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

    نهاية التاريخ:

    " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" هو عنوان لكتابٌ من تأليف الفيلسوف السياسي الأميركي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما.

    أصل هذا الكتاب مقال نُشر في صيف 1989 على صفحات مجلة ناشيونال إنترست بعنوان نهاية التاريخ. الفكرة الأساسيَّة لهذا المقال ومن بعده الكتاب سنة 1992 أن الديمقراطيَّة الليبراليَّة بقِيَمها عن الحرية، الفردية، المساواة، السيادة الشعبية، ومبادئ الليبرالية الاقتصادية، تُشَكِّلُ مرحلة نهاية التطور الأيديولوجي للإنسان وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغةٍ نهائيةٍ للحكومة البشرية (6).

    أما عن الفكرة في حد ذاتها – أي فكرة نهاية التاريخ- فهي ليست جديدة فقد سبق وأن بسطها الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل (7 أوت 1770 - 14 نوفمبر 1831) م في القرن 19.

    ما فعله فرانسيس فوكوياما هو أنه استخدم المصطلح من جديد للإشارة أن ما ترتب على انتصار الرأسمالية الليبرالية على الاشتراكية بعد أربع عقود من الصراع عقب الحرب العالمية الثانية هو أن الليبرالية كفلسفة سياسية ومنهجية اقتصادية تمثل البديل المثالي للبشرية في بحثها عن نموذج لإدارة شؤونها، وأنه لا يُمكن توقع ظهور نظام أو فكرة قادرة على منافسة الرأسمالية في المستقبل.

    طبعا لقد كان فوكويما منتشيا بالتراجع الذي أصاب الاشتراكية، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وانزياح الفكرة الشيوعية عن كثير من مراكز الحكم والتأثير في كثير من البلدان مع نهاية عقد الثمانينات، وهو الذي دفع بالرئيس السوفياتي الأخير مخائيل غورباتشيوف على اتفاقية إنهاء الحرب الباردة.

    غير أن هذه الهزيمة التي أصابت الشيوعية/الاشتراكية، لا يعنى أن بديلها المنافس بالضرورة الذي هو الرأسمالية يمثل النموذج الأمثل، وهو ما تأكد بعد فترة قصيرة من خلال ظهور بعض الأزمات في بلدان المنظومة الرأسمالية كأزمة الرهن العقاري التي أصابت الاقتصاد الأمريكي سنة 2008 وغيرها.

    صدام الحضارات:

    " صدام الحضارات" هو عنوان لكتاب صدر سنة 1996 من تأليف عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتغتون (2008-1927) م.

    عرف هنتغتون بكتابه المشار إليه أعلاه، " الذي طرح من خلاله نظريته التي جادل من خلالها مؤكدا إن صراعات ما بعد الحرب الباردة بين الدول القومية لن تكون متمحورة حول خلاف إيديولوجيات بل ستنشأ بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين مختلف الحضارات الكبرى في العالم"(7).

    وقد قام هنتغتون في كتابته بإحصاء الحضارات القائمة في العالم، القوية منها والضعيفة، ومن بين ما ذكر:

    الحضارة الغربية المسيحية

    الحضارة الإسلامية

    الحضارة الصينية الكونفوشيوسية

    الحضارة الهندية البوذية

    الحضارة الإفريقية... وغيرها

    وقد توقع أن يكون القرن الحادي عشر هو قرن الصراعات بين هذه الحضارات، وقد يتحالف بعضها في هذه المواجهة.

    إحالات:

    (1)            تومي عبد القادر، الفكر العالمي والفكر العولمي، مؤسسة كنوز الحكمة للنشر والتوزيع، الأبيار، الجزائر، ص 66، سنة 2012.

    (2)            (3) (4) (5) كل هذه التعاريف اقتبست من نفس المرجع المذكور أعلاه.

    (6) موسوعة ويكبيديا : الرابط https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1

    (7) عبد المعين الشواف، الحضارات وفاق لا صدام، دار الشواف للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة السعودية، ط 1، سنة 2016، ص 22.