المحور الرابع: نظام الحقوق والواجبات
Section outline
-
المبحث الرابع: نظام الحقوق والواجبات
يتم التطرق في هذا المبحث إلى الضمانات والحقوق التي قررها الأمر 06/03 للموظف، وإلى الواجبات التي فرضها عليه.
المطلب الأول: ضمانات وحقوق الموظف
الفرع الأول: ضمانات الموظف:
كرس الأمر 06/03 عدة ضمانات للموظفين أثناء أو بمناسبة أدائهم لمهامهم باعتبارهم يمثلون الدولة ويعملون لحسابها. وتتمثل فيما يلي
1-ضمانة حرية الرأي والتعبير: وتتلخص في حرية الموظف في اعتناق الأفكار والمبادئ والآراء التي يعتنق بها في مختلف المجالات والتعبير عما اعتنقه بأي وسيلة مشروعة في حدود احترام الضوابط القانونية، وفي ذلك نصت المادة 26 من الأمر 06/03 على أن: "حرية الرأي مضمونة للموظف في حدود احترام واجب التحفظ المفروض عليه"، ونصت المادة 29 منه أيضا على أنه: "لا يمكن بأي حال أن تتأثر الحياة المهنية للموظف المترشح إلى عهدة انتخابية سياسية أو نقابية بالآراء التي يعبر عنها قبل أو أثناء تلك العهدة".
2-ضمانة عدم التمييز: جاء النص على هذه الضمانة في المادة 27 من الأمر 06/03 بقولها: "لا يجوز التمييز بين الموظفين بسبب آرائهم أو جنسهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية أو الاجتماعية"، وأكدت المادة 41 منه على هذه الضمانة بنصها على مبدأ الحياد وضرورة ممارسة المهام الوظيفية بأمانة وبدون تحيز.
3-ضمانة عدم تأثر الحياة المهنية للموظف بممارسة الحقوق والحريات: كرست المادة 28 من الأمر 06/03 ضمانة الموظف في ممارسة حرياته الجماعية كحرية الانتماء إلى النقابات والجمعيات والأحزاب السياسية دون أن تتأثر حياته المهنية بتلك الممارسة. ويستثنى من ذلك بعض الأسلاك التي يمكن لقوانينها الأساسية أن تنص على منع بعض الموظفين من ممارسة الحريات المذكورة نظرا لخصوصية مهام الوظيفة التي يمارسونها. كما كرست المادة 29 ضمان الموظف في ممارسة حرية الرأي وحق الترشح، حيث يجب أن لا يتأثر مساره المهني بالآراء التي يعبر عنها أثناء وبعد العهد الانتخابية أو النقابية.
4-ضمانة الحماية الوظيفية: يتمتع الموظف باعتباره ممثلا للدولة بالحماية الوظيفية أثناء وبمناسبة أدائه لمهامه، وتتخذ هذه الحماية عدة أشكال وصور أبرزها:
v الحماية الإدارية: وتتمثل في منح الموظف حق الدفاع عن حقوقه وحرياته ضد قرارات السلطة الإدارية، حيث أقرات المادة 167 من الأمر 06/03 حق الموظف في الطعن أمام لجان الطعن المختصة في القرارات التأديبية التي سلطت عليه عقوبة من الدرجتين الثالثة والرابعة. كما يمكنه أيضا طبقا للمادة 102 من نفس الأمر الطعن أمام اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء في نقطة تقييم أدائه الوظيفي.
v الحماية من التهديدات والاعتداءات: يجب على الدولة وفقا لنص المادة 30 من الأمر 06/03 العمل على حماية الموظف مما قد يتعرض له من تهديد أو إهانة أو شتم أو قذف أو اعتداء، من أي طبيعة كانت أثناء ممارسو وظيفته أو بمناسبتها، ويجب عليها ضمان تعويض لفائدته عن الضرر الذي قد يلحق به. وتحل الدولة في هذه الظروف محل الموظف للحصول على التعويض من مرتكب تلك الأفعال. كما تملك الدولة لنفس الغرض حق القيام برفع دعوى مباشرة أمام القضاء عن طريق التأسيس كطرف مدني أمام الجهة القضائية المختصة.
v الحماية من المتابعة القضائية على أساس خطأ في الخدمة: حسب نص المادة 31 من الأمر 06/03 فإنه إذا تعرض الموظف لمتابعة قضائية من الغير بسبب خطأ في الخدمة وجب على المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها أن تحميه من العقوبات المدنية التي تسلط عليه ما لم ينسب إلى هذا الموظف خطأ شخصي يعتبر منفصلا عن المهام الموكلة له.
الفرع الثاني: حقوق الموظف
إلى جانب الضمانات يتمتع الموظف بجملة من الحقوق نختصرها فيما يلي:
1-الحق في الر اتب: تنص المادة 32 من الأمر 06/03 على أنه: "للموظف الحق بعد أداء الخدمة في راتب"، ويتقاضاه طبقا للمادة 120 من نفس الأمر من المؤسسة أو الإدارة العمومية التي يمارس مهامه فيها فعليا. ويتميز الراتب بخصائص نجملها في مايلي: -الطابع النقدي للراتب، فلا يدفع راتب الموظف إلا نقدا. -الطابع التنظيمي، فالراتب تحكمه قواعد قانونية مصدرها القانون أو التنظيم. -الطابع الشهري، يدفع راتب الموظف نهاية كل شهر.-الراتب في مقابل العمل.
ويتكون الراتب الذي يتقاضاه الموظف مما يلي:
v الراتب الأساسي : هو حاصل ضرب الرقم الاستدلالي الأدنى للرتبة في قيمة النقطة الاستدلالية (المادة 121 من الأمر 06/03)، هذه الأخيرة التي يتم ضبط قيمتها ومعايير تطورها بموجب المرسوم الرئاسي 07/304.
v تعويض الخبرة: هو المقابل المالي للدرجة التي يحوزها الموظف، فكل درجة من الدرجات الإثني عشر القابلة للترقية رقم استدلالي خاص بها.
v التعويضات الأخرى: هي المبالغ المالية التي تضاف إلى الراتب الأساسي وتعويض الخبرة لتغطية بعض التبعات الخاصة بممارسة المهام أو العمل الإضافي كالتعويض عن التكليف بمهمة خارج الإدارة ، أو التعويض عن الساعات الإضافية في العمل. (المادة 124، 125، 190 من الأمر 06/03)
v العلاوات: تخصص العلاوات للحث على المردودية وتحسين الأداء (المادة 124/2)
v المنح ذات الطابع العائلي: يستفيد الموظف من المنح ذات الطابع العائلي عن زوجه العاطل عن العمل وأبنائه طبقا لما ينص عليه التشريع والتنظيم الساريان المفعول.
2-الحق في الراحة والعطل: خصص الأمر 06/03 لهذا الحق عدة مواد من المادة 191 إلى المادة 215، ويمكن تصنيف العطل كما يلي:
v العطل العامة: وهي العطل التي يستفيد منها جميع الموظفون بدون سبب مخصوص وهي: العطلة الأسبوعية، العطلة السنوية (المواد 194، 196، 197، 198، 199، 204، 206 من الأمر 06/03)، عطل الأعياد الدينية (أول محرم، عاشوراء، المولد النبوي الشريف، عيد الفطر،عيد الأضحى)، والأعياد الوطنية والعالمية (1نوفمبر، 5جويلية، عيد العمال، رأس السنة الميلادية)
v العطل الخاصة: يستفيد الموظف من عطلة خاصة لوجود ظرف خاص به نص عليه القانون، والعطل الخاصة المنصوص عليها في الأمر 06/03 هي: عطلة الأمومة (المادة 213)، العطلة المرضية (المواد 101، 102، 103)، عطلة الحج (المادة 210، 211)
v الغيابات القانونية: يسمح للموظف بالغياب في الحالات المذكورة في المواد 208، 209، 212، 214 من الأمر 06/03 دون الخصم من راتبه، كما يسمح له طبقا للمادة 215 من الأمر المذكور بالغياب لمدة 10 أيام في السنة لأسباب الضرورة القصوى المبررة دون الحصول على راتب في مدة الغياب.
3-الحق في الحماية الاجتماعية والصحية وفي الخدمات الاجتماعية: يتمثل هذا الحق في ممارسة الموظف عمله في ظروف تضمن له الصحة والسلامة البدنية والكرامة والسلامة المعنوية، وفي كفالة الموظف من آثار المرض والعجز والوفاة وحوادث العمل والأمراض المهنية، والأمومة بالنسبة الموظفة(المواد 33، 34، 37 من الأمر 06/03)، كما يشمل أيضا الانتفاع بمختلف الخدمات التي تساهم في تحسين وتطوير معيشة الموظف ماديا ومعنويا، كالإعانة التي تقدم للموظف بمناسبة زواجه أو وفاة أحد أقاربه، أو بمناسبة الدخول المدرسي.
4-الحق في التقاعد: نصت المادة 33 من الأمر 06/03 على أنه: "للموظف الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعد في إطار التشريع المعمول به.
5-الحق في التكوين وتحسين المستوى: جعل الأمر 06/03 التكوين حقا وواجبا في نفس الوقت، فهو حق للموظف طبقا للمادة 38 منه، وواجب على الإدارة طبقا للمادة 104 . ويستفيد الموظف من عدة أنواع من التكوين وهي: (المواد 84، 104، 105، 107 من الأمر 06/03)
v التكوين التحضيري لشغل الرتبة، ويتعلق بتكوين المترشح الناجح لتولي وظيفة عمومية، حيث يتلقة مجموعة من المعارف والمهارات التي تمكنه من ممارسة مهامه.
v التكوين المتخصص للترقية إلى الرتبة الأعلى المنصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة.
v التكوين المكمل للترقية إلى الرتبة الأعلى في حالة النجاح في الامتحان المهني أو الترقية على أساس الاختبار.
v التكوين المتواصل في إطار دورات تحسين المستوى وتجديد المعلومات.
6- الحق في الترقية: كفل الأمر 06/03 للموظف الحق في الترقية بمختلف أنواعها فنص على الترقية في الدرجة، الترقية في الرتبة، والترقية في المجموعة
v الترقية في الدرجة: طبقا للمادة 106 من الأمر 06/03 الترقية في الدرجة هي: الانتقال من درجة إلى درجة أعلى مباشرة، وتتم بصفة مستمرة حسب الوتائر والكيفيات التي تحدد عن طريق التنظيم"، وللترقية في الدرجة جملة من الشروط نص عليها المرسوم 07/304 المتضمن الشبكة الاستدلالية لرواتب الموظفين ونظام دفع رواتبهم المعدل والمتمم وهي: -توافر الأقدمية المطلوبة حسب الوتيرة التي يأخذ بها القانون الأساسي الخاص الذي يخضع له الموظف. -وجود تقييم سنوي لأداء الموظف يضعه المسؤول الإداري المباشر. -التسجيل في جدول الترقية.
v الترقية في الرتبة: طبقا للمادة 107 من الأمر 06/03 الترقية في الرتبة هي: "تقدم الموظف في مساره المهني، وذلك بالانتقال من رتبة إلى الرتبة الأعلى مباشرة من نفس السلك أو في السلك الأعلى مباشرة"، وتتم الترقية في الرتبة طبقا لنفس المادة وفقا للمعايير التالية:
- على أساس الشهادة من بين الموظفين الذين تحصلوا خلال مسارهم المهني على الشهادات والمؤهلات المطلوبة.
- بعد تكوين متخصص.
- عن طريق امتحان مهني أو فحص مهني.
- على سبيل الاختيار عن طريق التسجيل في قائمة التأهيل، بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء من بين الموظفين الذين يثبتون الأقدمية المطلوبة.
تختلف الترقية في الدرجة عن الترقية في الرتبة في عدة نقاط يمكن تلخيصها فيما يلي:
الترقية في الدرجة
الترقية في الرتبة
-الترقية في الدرجة هي ترقية أفقية، أي يتقدم الموظف في رتبته
-الترقية في الرتبة هي ترقية عمودية، أي يتقدم الموظف في السلم الإداري.
عدد الدرجات التي يرقى إليها الموظف محددة بغثني عشر درجة في كل الأسلاك
-عدد الرتب التي يرقى إليها الموظف تختلف من سلك إلى آخر، وهي في المتوسط بين ثلاثة إلى أربعة رتب.
الطريقة الوحيدة للترقية في الدرجة هي الأقدمية مع الأخذ بعين الاعتبار نتيجة تقييم أداء الموظف
الترقية في الرتبة لها عدة طرق منها ما يعتمد على معيار الأقدمية ومنها ما يعتمد على معيار الكفاءة ومنها ما يجمع بينهما.
الترقية في الدرجة حق مكتسب للموظف، حيث يجب ترقيته إذا توافر فيه شرط الأقدمية بالمدة القصوى
الترقية في الرتبة مرهونة بتوافر شروط الترقية كالمؤهل وكذا توافر المنصب المالي.
الترقية في الدرجة لا تغير مهام الموظف
الترقية في الرتبة تغير مهام الموظف
يترتب على الترقية في الدرجة زيادة قليلة في راتب الموظف(تعويض الخبرة)
يترتب في الترقية الرتبة زيادة معتبرة في راتب الموظف
v الترقية في المجموعة: وهي انتقال الموظف من المجموعة التي يتواجد فيها إلى مجموعة أعلى مباشرة، وتتم الترقية في المجموعة طبقا للمادة 109 من الأمر 06/03 بطريقتين: -على أساس التكوين المتخصص المنصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة. –وعلى أساس الحصول على الشهادة المطلوبة.
ويمكن أن نفرق بين الترقية في الرتبة والترقية في المجموعة كما يلي:
الترقية في الرتبة
الترقية في المجموعة
تكون من رتبة إلى رتبة أعلى مباشرة في نفس السلك أو سلك أعلى مباشرة من نفس المجموعة غالبا. أي هناك تدرج في الرتب
تكون من مجموعة إلى أخرى لا يراعى فيها تدرج الرتب، حيث يمكن أن يرقى الموظف من رتبة في مجموعة أدنى إلى رتبة لا تعلوها مباشرة في المجموعة الأعلى.
الترقية في الرتبة لها عدة طرق أساسية واستثنائية
الترقية في المجموعة تكون بعد التكوين المتخصص أو الشهادة المطلوبة فقط
7-الحق النقابي: تنص المادة 35 من الأمر 06/03 على هذا الحق بقولها: " يمارس الموظف الحق النقابي في إطار التشريع المعمول به". وقد وضع القانون رقم 90/14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي المعدل والمتمم الشروط الأساسية لتأسيس النقابات، ونص على آليات ممارسة الحق النقابي، والضمانات التي تكفل ممارسته، والعقوبات المفروضة على التسبب في عرقلة ممارسته. ومن بين القيود التي فرضها هذا القانون على ممارسة هذا الحق نذكر:
-منع فئة من الموظفين من الحق النقابي كالموظفين التابعين للدفاع والأمن الوطنيين.
- منع الارتباط بالأحزاب السياسية هيكليا أو عضويا، ولا يمكن الحصول على إعانات أو وصايا أو هبات منها، ولا المشاركة في تمويلها.
- تحديد هدف إنشاء التنظيمات النقابية بالدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لأعضائها
8-الحق في الإضراب: نصت المادة 36 من الأمر 06/03 على هذا الحق بقولها: "يمارس الموظف حق الإضراب في إطار التشريع والتنظيم المعمول بهما"، وقد نظم ممارسة هذا الحق القانون رقم 90/02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب المعدل والمتمم، حيث حدد شروط اللجوء إليه، والضمانات المقررة لممارسته وكذا العقوبات التي تترتب على مخالفة الأحكام المتعلقة به.
إن خصوصية هذا الحق في قطاع الوظيفة العمومية في كونه يتعارض مع مبدأين أساسيين هما: مبدأ حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد، ومبدأ الخضوع لواجب الطاعة الرئاسية، دفعت المشرع إلى تقييده بجملة من القيود أهمها:
-منع بعض فئات الموظفين من الإضراب، حيث يمنع على الموظفين المعينين بمرسوم، أو الموظفين الذين يشغلون مناصب في الخارج، والأعوان الميدانيين العاملين في مصالح الحماية المدنية والجمارك، وأعوان مصالح استغلال الإشارة الوطنية في وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية، وأعوان المصالح الخارجية للسجون من ممارسة حق الإضراب. وذلك لكون توقف الخدمات التي تقدمها الفئات المذكورة قد يعرض حياة وأمن وصحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني للخطر.
-ضمان الحد الأدنى من الخدمة في بعض المرافق العامة الحيوية
- ضمان حرية العمل، وذلك بالامتناع عن احتلال أماكن العمل ومنع الموظفين ومسؤولي المؤسسات والإدارات العمومية من الإلتحلق بعملهم أو تهديدهم.
9-الحق في الاستقالة: وفقا لنص المادة 217 من الأمر 06/03 فإن "الاستقالة حق معترف به للموظف يمارس ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي"، وعليه يستطيع الموظف ترك وظيفته بحرية وبصفة نهائية وذلك بموجب طلب مقدم من الموظف إلى جهة الإدارة يعبر فيه عن رغبته في ترك الخدمة بصفة نهائية"
المطلب الثاني: واجبات الموظف
ويمكن تلخيصها فيما يلي:
الفرع الأول: واجب تنفيذ المهام الوظيفة
ومن مقتضيات هذا الواجب: - الالتحاق بالوظيفة المعين فيها أو المنقول إليها. – الأداء الشخصي للمهام ما عدا ما تسمح به قواعد التفويض والإنابة والحلول (المادة 47 من الأمر 06/03).- احترام مواعيد العمل والحضور الدائم.- الالتزام بالإقامة في المكان الذي يمارس فيه الموظف وظيفته إذا فرض القانون ذلك. –تنفيذ مهام الوظيفة بأمانة أي بإخلاص وإتقان وبعناية.
الفرع الثاني: واجب التفرغ لممارسة مهام الوظيفة
ويقصد بهذا الواجب طبقا لنص المادة 43 من الأمر 06/03 تخصيص الموظفون كل نشاطهم المهني للمهام التي أسندت إليهم، ولا يمكنهم ممارسة نشاط مربح في إطار خاص مهما كان نوعه باستثناء ما ورد فيه ترخيص بنص قانوني.وقد وردت على هذا الواجب بعض الاستثناءات يمكن تلخيصها فيما يلي:- الترخيص بممارسة مهام التكوين والتعليم والبحث كنشاط ثانوي. – الترخيص لأساتذة التعليم العالي والباحثين والممارسين الطبيين المتخصصين بممارسة نشاط مربح يوافق تخصصهم. – إنتاج الأعمال العلمية أو الأدبية أو الفنية والاستفادة من مداخيلها، غير أن الموظف لا يمكنه ذكر صفته أو رتبته عند نشر أعماله إلا بعد موافقة السلطة التي لها صلاحية التعيين.
الفرع الثالث: واجب الطاعة الرئاسية
ويقصد به انقياد الموظف لأوامر رؤسائه الإداريين في إطار تأدية المهام المرتبطة بوظيفته، واحترامه لهم بالقدر الذي يجب أن يسود بين الرئيس والمرؤوس، ويستخلص هذا الواجب من المادة التي نصت على واجب احترام سلطة الدولة، والمادة 52 التي نصت على واجب التعامل بأدب واحترام مع الرؤساء الإداريين، والمادة 181 التي جعلت رفض تعليمات السلطة السلمية في إطار تأدية المهام المرتبطة بالوظيفة دون مبرر مقبول يعتبر خطأ مهنيا من الدرجة الثالثة.
ولا يوجد نص صريح في الأمر 06/03 يرسم حدود واجب الطاعة الرئاسية إلا أن الفقه بحث في هذا الموضوع، وفرق في المسألة بين الأوامر والتعليمات المشروعة والتعليمات غير المشروعة، فمما لا شك فيه أن الأوامر المشروعة من الرؤساء في السلم الإداري واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها يعرض الموظف للمساءلة التأديبية. أما الأوامر غير المشروعة فقد اختلف الفقه في مدى وجوب طاعتها في ظل غياب نص حاسم في المسألة، والراجح من الآراء الفقهية أن الأوامر والتعليمات غير المشروعة لا يجب على الموظف تنفيذها، بل إذا كانت المخالفة جسيمة يجب على الموظف الامتناع عن التنفيذ وإلا عرض نفسه للمسؤولية، وفي غير هذه الحالة يطلب توجيه الأمر كتابيا حتى يحمي نفسه من تبعة المسؤولية الناتجة عن تنفيذها.
الفرع الرابع: واجب حسن المعاملة
نصت المادة 52 من الأمر 06/03 على أنه: "يجب على الموظف التعامل بأدب واحترام في علاقاته مع رؤسائه وزملائه ومرؤوسيه". ونصت المادة 53 من نفس الأمر على أنه: "يجب على الموظف التعامل مع مستعملي المرفق العام بلباقة ودون مماطلة".
بناء على هذين النصين يتجسد واجب حسن المعاملة من خلال: - التعامل بأدب واحترام مع الرؤساء والزملاء والمرؤوسيبن. – التعامل مع مستعملي المرفق العام بلباقة وبدون مماطلة.
الفرع الخامس: واجب التحفظ
ويقصد به تصرف الموظف في كل الأحوال بشكل لائق ومحترم أثناء ممارسة الوظيفة أو خارجها، وتجنب كل فعل يتنافى وطبيعة المهام التي يمارسها أو المسؤوليات التي يضطلع بها. وفي ذلك فرضت المادة 40 من الأمر 06/03 على الموظف في إطار تأدية مهامه احترام سلطة الدولة وفرض احترامها وفقا للقوانين والتنظيمات المعمول بها، ونصت المادة 42 من نفس الأمر على أنه: "يجب على الموظف تجنب كل فعل يتنافى مع طبيعة مهامه ولو كان خارج الخدمة. كما يجب عليه أن يتسم في كل الأحوال بسلوك لائق ومحترم".
الفرع السادس: واجب النزاهة
ويقصد به تصرف الموظف بأمانة وفق ما تقتضيه الوظيفة التي يمارسها تحقيقا للمصلحة العامة، والابتعاد عن الأعمال المحظورة قانونا التي تمس أو تؤثر في أمانته وأخلاقه كالرشوة وقبول الهدايا مقابل أداء الخدمة واستغلال النفوذ أو الوظيفة لتحقيق المصالح الشخصية. ولم ينص الأمر 06/03 صراحة على هذا الواجب لكن نص على جملة من الآليات والمظاهر التي تساهم في تحقيقه وهي:
-حظر الأعمال التي تؤثر على نزاهة الموظفين، فنصت المادة 43 على حظر ممارسة النشاط المربح، والمادة 45 على حظر امتلاك داخل التراب الوطني أو خارجه مباشرة أو بواسطة شخص آخر قد تؤثر على استقلالية الموظفين أو تشكل عائقا للقيام بمهامهم بصفة عادية في مؤسسة تخضع إلى رقابة الإدارة التي ينتمي إليها أو لها صلة مع هذه الإدارة.
-تجريم الحصول على الهدايا والهبات والامتيازات مقابل أداء الخدمة. (المادة 54)
- تجريم عدم التزام الموظف بالتصريح للإدارة بنشاط زوجه متى كان يمارس بصفة مهنية نشاطا خاصا مربحا (المادة 46)
الفرع السابع: واجب المحافظة على وثائق وممتلكات الإدارة
حيث يقع على عاتق الموظف الالتزام بالمحافظة على كل ما يقع تحت يده بمناسبة الوظيفة سواء كانت وثائق إدارية يجب عليه حمايتها من الاختفاء أو التحويل أو التلف أو ممتلكات الإدارة التي يجب عليه المحافظة عليها واستعمالها لما أعدت له دون استعمالها لأغراض خاصة أو شخصية أو خارجة عن مصلحة الإدارة. (المواد 49، 50، 51)
الفرع الثامن: واجب الحياد
ويقصد به امتناع الموظف عن التصرفات التي تؤثر على العمل الإداري والتزام الموضوعية في ممارسة مهامه ومعاملة المواطنين ومستعملي المرفق العام على أساس المساواة دون تمييز يقوم على أي ظرف شخصي أو اجتماعي، وفي ذلك نصت المادة 41 على أنه: "يجب على الموظف أن يمارس مهامه بكل أمانة وبدون تحيز".
الفرع التاسع: واجب المحافظة على السر المهني
نصت المادة 48 من الأمر 06/03 على أنه: "يجب على الموظف الالتزام بالسر المهني، ويمنع عليه أن يكشف محتوى أية وثيقة بحوزته أو أي حدث أو خبر علم به أو اطلع عليه بمناسبة ممارسة مهامه ما عدا ما تقتضيه ضرورة المصلحة، ولا يتحرر الموظف من واجب السر المهني إلا بترخيص مكتوب من السلطة السلمية المؤهلة." والسر المهني هو الذي لم يكن بوسع الموظف الاطلاع عليه لولا الوظيفة سواء تعلق بالأسرار التقنية المتعلقة بالعمل أو أسرار العمل ذاتها التي تتعلق بالأفراد والغير. ويترتب على مخالفة الموظف لهذا الواجب تعرضه للمسؤولية التأديبية والمسؤولية الجنائية. ويزول هذا الواجب إذا اقتضت الضرورة لصالح القضاء أو مصالح الرقابة كمجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية، ولا يتحرر منه إلا إذا حصل على ترخيص مكتوب من السلطة المختصة.