المحور السادس: رهانات المجتمع المدني
Résumé de section
-
المحور السادس: رهانات المجتمع الدولي:
يعرف المجتمع الدولي تحديات كبيرة تمس بسلم القيم، وطبيعة العلاقات ومسا ارت النمو ولعل أهم هذه التحديات نجد:
1- الإرهاب الدولي :
لا توجد تعاريف محددة للإرهاب، ولا كيف يمكن تصنيف الأعمال في خانة الإرهاب، فما يراه هذا الطرف إرهابا يراه الطرف الآخر من قبيل الأعمال المشروعة، أو أنه حق المقاومة الذي تكفله الشرائع القانونية جمعاء.
وهذا ما يعني غياب قاعدة عامة لتحديد أفعال العنف غير المشروع، فتضارب المصالح واختلاف الرؤى والإيديولوجيات والقيم حال دون إمكانية إيجاد تعريف شامل وموحد للإرهاب.
وما زاد في استعصاء الظاهرة عن التعريف وبالتالي المجابهة، هو أن مفهوم الإرهاب مفهوم ديناميكي ومتطور، حيث تختلف دوافعه وأشكاله وأساليبه وأهدافه، باختلاف الأزمنة والأمكنة، وكذا لتداخله وتشابكه مع ظواهر أخرى مشابهة[1].
والإرهاب الدولي[2] هو الإرهاب الذي تتوافر له الصفة الدولية، في أحد عناصره ومكوناته، أي أن تلحق صفة الدولية الباعث، المجال أو الهدف، أو الفاعل، كأن يكون أحد الأطراف دوليا سواء أشخاص أو أماكن، أو يكون الهدف دوليا كالإساءة للعلاقات الدولية، بمعنى أنه أي عمل تشترك فيه أكثر من دولة، أو تتشابك فيه مصالح واهتمامات أكثر من طرف.
وأبرز الأمثلة على هذا النوع من الإرهاب هو ما يحدث عندما ينتمي الإرهابيون إلى دولة ويقومون بالهجوم على ممتلكات أو شخصيات تابعة لدولة أخرى، وتتم العملية الإرهابية على أرض دولة ثالثة، كالعملية الإرهابية التي قادت لاغتيال القيادي الفلسطيني في كتائب عزالدين القسام "محمود المبحوح"، من قبل أفراد الموساد الكيان الصهيوني بمدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة يوم 19 يناير 2010 بفندق البستان روتانا بدبي[3].
أو عندما قامت قوات البحرية الصهيونية بالعملية الإرهابية التي راح ضحيتها أمين سر حركة فتح الفلسطينية خليل الوزير "أبو جهاد" على الشواطئ التونسية بمساعدة قوات الأسطول الأمريكي السادس في 16 إبريل سنة 1988.
وهناك من يفرّق بين مصطلحي الإرهاب الدولي والإرهاب عبر الدول، فبينما يقصد بالأول الأفعال التي يقوم بها فرد أو جماعة تسيطر عليهم دولة ذات سيادة، أي أنه إرهاب الدولة خارج نطاق حدودها، ينسب الإرهاب عبر الدول إلى عناصر فاعلة ليست لها صفة الدولة وقد يحدث في دولة ما ضد مصالح دولة أخرى، ومن هنا يكون الإرهاب الدولي امتدادا لآليات السياسة الخارجية لدولة ما، ويكون الإرهاب عبر الدول ذو طابع مستقل.
وعلى العموم وبالنظر لما يعرفه العالم من تداخل وتشابك، اختلت فيه كل معايير التصنيف في خضم شبكة عنكبوتيه من التأثير والتأثر، لم يعد الإرهاب فيها ظاهرة خاصة بدولة عن دولة أو مجتمع عن مجتمع، بل أضحى ظاهرة عالمية كوكبية تهدد الكل بتداعياتها.
ومن هنا يمكن حصر الأبعاد التي يستند عليها في تحديد الإرهاب الدولي في[4]:
- اختلاف جنسيات المشاركين في الفعل الإرهابي.
- تباين جنسية الضحية عن جنسية مرتكب العمل الإرهابي.
- ميدان حدوث الفعل الإرهابي يخضع لسيادة دولة لا ينتمي إليها مرتكبي العمل الإرهابي.
- وقوع العمل الإرهابي ضد وسائل نقل دولية كالطائرات والسفن والقطارات العابرة للدول.
- تجاوز الأثر المترتب عن العمل الإرهابي نطاق الدولة الواحدة.
- تباين مكان الإعداد والتجهيز والتخطيط للعمل الإرهابي عن مكان التنفيذ.
- وقوع الفعل الإرهابي بتحريض من دولة أخرى.
- تلقي المجموعات الإرهابية مساعدة أو دعم مادي أو معنوي خارجي.
- فرار مرتكبي الفعل الإرهابي ولجوئهم إلى دولة أخرى بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
ولا يشترط توافر كل هذه العناصر مجتمعة لوصف الإرهاب بكونه دولي، بل يكفي توافر عنصر واحد منها لوصم الإرهاب بالدولي.
للإرهاب أسباب تكمن في أساس نشوئه وهي كثيرة ومتنوعة، منها ما هو سياسي ومنها: ما هو اقتصادي-اجتماعي، منها ما يرتبط بالبيئة الداخلية المحلية، ومنها ما تولده الأوضاع الدولية وسياسات بعض الدول الكبرى[5].
وقد لخَّص تقرير خبراء الأمم المتحدة حول التهديدات لسنة 2004 أهم أسباب الإرهاب فيما يلي: الإرهاب يزدهر في البيئات التي يسودها اليأس والإذلال والفقر والقمع السياسي والتطرف، وانتهاك حقوق الإنسان، وينتعش أيضا في أجواء الصراع الإقليمي، والاحتلال الأجنبي، كما أنه يستفيد من ضعف قدرة الدولة على صيانة القانون والنظام.
فقد حاولت دول العالم اتخاذ التدابير لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، وذلك وفق آليات المنظمات الإقليمية والدولية العامة والمتخصصة، وفي هذا الصدد تعتبر الأمم المتحدة بمثابة المنتدى الرئيسي لتوحيد وتكثيف جهود التعاون الدولي، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، لأن الدول الأعضاء مدعوة للانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الرئيسية وعددها 12اتفاقية تتعلق بالإرهاب، إضافة إلى أنها تستطيع أن تستفيد من المساعدات التقنية التي تقدمها لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي.
كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 08 سبتمبر 2006: استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهي على شكل قرار وخطة عمل مرفقة[6].
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحسين الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وهي المرة الأولى التي اتفقت الدول الأعضاء جميعها على إتباع نهج استراتيجي موحَّد لمكافحة الإرهاب، ليس فحسب بالتأكيد على أن الإرهاب غير مقبول، بل اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية والتي تضمن تعزيز قدرة الدول على مكافحة التهديدات الإرهابية، وتنسيق أنشطة منظومة الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.
وعلى إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت برج التجارة العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية، قام مجلس الأمن بموجب القرار 1267 بإنشاء لجنة مكافحة الإرهاب المؤلفة من 15عضو.
وقد أصدر مجلس الأمن عدة قرارات متعلقة بمكافحة الإرهاب ومنها[7]:
*القرار 1373: الصادر في 28 سبتمبر 2001، والذي ينص في مجمله على أنه يجب على جميع الدول تجريم تقديم المساعدات للأنشطة الإرهابية.
*القرار 1535: الصادر في 2004، وقد تضمن قرار إنشاء المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب.
*القرار 1624: الصادر سنة 2005، والمتعلق بتجريم التحريض على ارتكاب أعمال الإرهاب.
*القرار 1735: الصادر في 2006، وتضمن الإرهاب وأشكاله.
*القرار 1787: والصادر في 2007، المتضمن الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين بسبب الإرهاب.
ومن الهيئات التي شكلتها الأمم المتحدة أو إحدى الهيئات التابعة لها لمكافحة الإرهاب نجد:
- المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب:
أسس هذا المنتدى 30 دولة بمدينة نيويورك الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 21 سبتمبر 2011، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد طرحت فكرة المنتدى الولايات المتحدة الأمريكية على أن يكون هيئة غير رسمية متعددة الأطراف، تعمل على حشد الخبرات والموارد الضرورية لمستلزمات مكافحة الإرهاب، لأجل بلورة استراتيجية عالمية ضد التهديد الإرهابي، مستفيدة من تجارب الدول التي لها سابقة محاربة الظاهرة؛ ويتكون المنتدى من عدة لجان وأفواج، عادت للجزائر وكندا رئاسة فوج تعزيز الطاقات في منطقة الساحل[8].
هذا بالإضافة لهيئات ومؤسسات أنشأتها التنظيمات الإقليمية أو مجموعات الدول، أو مبادرات متعددة الأطراف أو ثنائيه لمكافحة الإرهاب.
2- انتشار أسلحة الدمار الشامل :
أسلحة الدمار الشامل هي منتجات حربية من ابتكارات عصر التكنولوجيا الحديث، وهي أسلحة قادرة على إحداث أضرار وخسائر في الأرواح لا مثيل لها.
إن الأسلحة النووية ليست أسلحة الدمار الشامل الوحيدة، فالأسلحة الكيميائية والبيولوجية تقع في نفس الفئة، ويعتبر الكثير من الاستراتيجيين أن هذه الأسلحة تشكل خطرا أكبر على الأمن العالمي، فهي من النوع المحمول وسهل الصنع، وزهيد الكلفة.
هناك عدد كبير من الدول تملك أسلحة الدمار الشامل حقيقة أو بإمكانها إنتاج هذا النوع من الأسلحة في مصانعها الحربية بكل سهولة، خاصة منها الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ولهذا سعت دول العالم فرادى وجماعات وفي إطار المنظمات الإقليمية أو العالمية لمنع الانتشار المفرط لمثل هذه الأسلحة عبر اتفاقيات وقرارات في فترات زمنية متتالية، ومن أهم هذه المحاولات نذكر منها:
1- بروتوكول جنيف حول حظر استخدام الغازات الخانقة والسامة في 17 جوان 1925:
ويقضي بحظر استخدام الغازات الخانقة والسامة، وجميع ما شابهها من الوسائل والمعدات والوسائل، فضلا عن حظر استعمال الوسائل البكتروبيولوجية الحربية.
2- معاهدة الحظر الجزئي للتجارب الذرية 5 أوت 1963: وتتضمن هذه المعاهدة الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، حظر اجراء التجارب النووية في الهواء فوق سطح الأرض وتحت الماء فقط؛ إذ لم تتطرق للتجارب تحت سطح الأرض وفي الفضاء.
[1] منتصر سعيد حموده، الارهاب الدولي: جوانبه القانونية - وسائل مكافحته في القانون الدولي العام والفقه الإسلامي، مصر: دار الفكر الجامعي، 2008، ط1، ص111.
[2] Duffy, Helen. “Human Rights Litigation and the ‘War on Terror.’” International Review of the Red Cross 871 (September 2008), p100.
[3] Bianchi, Andrea, and Yasmin Naqvi, eds. International Humanitarian Law and Terrorism. Oxford : Hart, 2011, p46.
[4] Bianchi, Andrea, and Yasmin Naqvi, eds. International Humanitarian Law and Terrorism. Oxford : Hart, 2011, p50.
[5] ثامر إبراهيم الجهماني، مفهوم الإرهاب في القانون الدولي، دار حوران للطباعة والنشر، 1998، ص210.
[6] Klein, Pierre. “Le droit international à l’épreuve du terrorisme.” In Recueil des Cours 321. The Hague : Martinus Nijhoff, 2006, p 44.
[7] Makintosh, Kate, and Patrick Duplat. Study of the Impact of Donor Counter-Terrorism Measures on Principled Humanitarian Action. Independent study commissioned by OCHA and the NRC, July 2013, p133.
[8] أمل يازجي، محمد عزيز شكري، الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن، سوريا: دار الفكر المعاصر، 2012، ص210.
-
للإرهاب أسباب تكمن في أساس نشوئه وهي كثيرة ومتنوعة.

-
الارهاب، المقاومة، وغيرها من المصطلحات والمفاهيم تستعمل في العلاقات الدولية دون مراعاة مدلولاتها الحقيقية.
تؤكد كل من اتفاقية لاهاي وجنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، على شرعية حمل السلاح لمقاومة المحتل.
