Résumé de section

  • المحاضرة الأولى:

     البعد الدلالي و التاريخي لمفهوم  الفضاء  العمومي

        تملك المفاهيم بعدين اساسيين متداخلين -البعد التاريخي -البعد الدلالي - هذا التداخل يؤكد ان المفهوم كائن فكري يولد بفعل ظروف معينة حسب السياقات التاريخية و المنطلقات الفلسفية ،وكل محاولة للاقتراب من المقهوم يتطلب الاستعانة بمفاهيم اخرى ،وهذا ما نلاحظه في مفهوم الفضاء العمومي .

       -على صعيد التاريخي : يعد الفيلسوف كانط * اول من صاغ مفهوم الفضاء العمومي ،ويقصد به الحيز الفيزيائي او المكاني ،ساحة عمومية ،مدرسة ،كنيسة ،برلمان ،مجالس ،نوادي ....الخ . كل مكان يجتمع فيه عدد من الناس ،وكانت تسمى  عند الاغريق "بأغوار agora هي ساحة دائرية كان المزارعون بأثينا يلتقون بها منذ عام 406 ق. م ولكنها لم تكن حكراً عليهم بل كانت موضع التقاء الفلاسفة أيضاً. شكلت الأغورا  مركزاً إدارياً ودينياً وتجاريا في الدولة، بحيث إنها كانت المكان العمومي الذي كانت تُتخذ فيه القرارات الأساسية في المجتمع الإغريقي (اليوناني القديم )  .

    *   البعد الدلالي : منذ القرن 16-17  اكتسى الفضاء العمومي بعدا رمزيا بفضل الفرز الحاصل بين المقدس و الوضعي و الاعتراف بحقوق الفرد ازاء السلطة المطلقة ،وتشكل تاريخيا اثناء  فترة عصر الانوار* كحلقة وصل بين المجتمع المدني و الدولة ،وتبلور اكثر بفضل بروز صحافة الراي وتزايد الدور النقدي الذي تقوم به ثم وسائل الاعلام وبعدها الوسائط الجديدة او ما يسمى الاعلام البديل وغيرها من المسميات التي جاءت بها الأنترنت .

     

                                                                               الاغورا 

    ملاحظة نبذة  تاريخية : لفهم التطور التاريخي  ولبنات نشوء و ظهور الفضاء العمومي

       يرجع عصر التنوير أو عصر الأنوار إلى القرن السابع عشر الميلادي، وقد قام هذا العصر إثر حركة فكرية تدعو إلى اتخاذ العقل كمرجع أساسي لكل أمور الحياة، وكمرجع لوضع الأسس الأخلاقية التي يسير عليها الناس بدلًا من الدين.

    جاء عصر التنوير بمفاهيمه ليلغي سيطرة الدين على الدولة وعلى الحياة عامة، وكان ذلك إنعكاسًا لسنين طويلة عاشها الاوربيون تحت سيطرة أفكار الكنيسة، وما مارسته الكنيسة من ظلم واستبداد وما كان يسودها من خرافات وجهل، حتى أنها عملت على نبذ العلم والعلماء وهدم كل ما يدعو لإعمال العقل والتفكير.

    أدت المعاناة الشديدة التي عاشها الأوربيون تحت هيمنة الكنيسة إلى تمردهم التام وظهور الفكر التحرري، والدعوة إلى إستخدام العقل والمنطق، وكان هذا رد فعل طبيعي للاوروبيون رغم كونه مبالغ فيه، ولكن لم يكن ذلك إلا نتيجة للوقوع تحت ظلم مبالغ فيه ايضًا.

    فقد كان الغرب يعيشون تحت وطأة الحكم الكنسي ويعتبرون ما تقوله الكنيسة وحيًا من الله، حتى أن العلوم والظواهر الطبيعية كانت تخضع لتفسير رجال الكنيسة، وعلى الجميع تصديقها رغم ما يعتريها من خرافات وجهل، وإن لم يصدقوا على تفسيراتها فيدخلون ضمن دائرة الكفر ويخرجون من رحمة الكنيسة.

    أطلق على عصر التنوير عدد من المصطلحات ومنها؛ عصر الأنوار ، وعصر العقل ، ويعد إمتدادًا لعصر النهضة الأوروبية وقد مهدت هذا الدعوة لقيام الثورة الفرنسية وما عقبها من ثورات بأوروبا كالثورة الأمريكية وأمريكا اللاتينية.

    حمل لواء هذه الحركة الفكرية بعصر التنوير مجموعة من الفلاسفة والعلماء، وأشهرهم فولتير، وجان جاك روسو، وظهرت عدد من المفاهيم كالحرية، التفكير، العقل، المنهج العلمي، المنطق، الشك، وقد أسس هذا العصر لظهور العلمانية والرأسمالية فيما بعد.

    نتائج عصر التنوير :

    1)   إنخفاض معدل الحروب التي كانت تنجم عن الصراعات الدينية.

    2)   انتشار المقاهي، والصالونات الثقافية، التي أصبحت بمثابة حلقات للتواصل وطرح الأفكار ومناقشتها.

    3)   إنتشار المدارس والجامعات والمكتبات العامة، وإنتشار حركة القراءة بين أفراد المجتمع.

    4)   فتحت الباب نحو الثورة على الحكام، ومنحهم صلاحيات أقل مما كانوا يتمتعون بها، وإعطاء الشعب الكثير من الحقوق والصلاحيات الأخرى.

    ‌أ.      مظاهر عصر التنوير

    ‌ب. إستخدام المنهج العلمي في تحليل كل الظواهر الحياتية، وقد تضمنت خطوات المنهج العلمي التحليل والملاحظة والتجريب.

    ‌ج.   تطور كبير في شتى العلوم الطبيعية؛ كالرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والفلك، والتشريح.

    ‌د.     تطور العلوم الإنسانية عامة والفلسفة خاصة، وأصبحت تلك العلوم تخضع للمنهج العلمي والتفكير المنطقي، بدلًا مما كانت تتناول بالآراء الشخصية والجهل والخرافة.

    ‌ه.      تقدم الأعمال الفنية من كتابة ومسرح وأدب، ونشطت حركة الترجمة، وظهرت الصحف والمجلات في مجالات العلوم والفلسفة.

    ‌و.    ذيوع الفكر الإنتاجي، بمعنى الإهتمام بكل ما يستطيع العقل البشري تحويله إلى منتجات مادية، وهو ما نتج عنه حدوث الثورة الصناعية، وإزدهار اوروبا إقتصاديًا.

    ‌ز.    نشطت الحركة العلمية وبزغ عدد من العلماء الكبار والفلاسفة الذين أضافوا للبشرية كنوزًا علمية جديدة مازال العالم يستفيد منها حتى اليوم، ومنهم إسحاق نيوتن الذي وضع قوانين الجذب العام، وقوانين الحركة، وأضاف الكثير من الأبحاث في علم الرياضيات.

        ومن أهم الفلاسفة الذين جائوا بأواخر عصر التنوير و أثروا بأفكارهم على العالم هو إيمانويل كانط الفيلسوف الألماني والذي عمل على دراسة الأخلاق والصفات المعنوية ووضع نظرية المعرفة، وألف كتبًا منها “نقد العقل الخالص”، و”الدين في حدود العقل وحده.  ساعد كانط الناس على إستخدام أفكارهم الخاصة بمقولته: “اجرؤ على إستخدام فهمك الخاص”، وكان ذلك تكميلًا لما جاء به عصر التنوير من تشجيع للعقول وإعمال العقل.

        ويعد جون جاك روسو من أشهر فلاسفة عصر التنوير والذي قام بنقد بعض الأخلاقيات الزائفة من وجهة نظره، وحاول تقليل الفجوة بين طبقات الشعب، وألف كتاب “العقد الفريد” الذي ناقش فيه العلاقة بين الحكام وبين الشعوب وعلى الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه.


    * إيمانويل كانط : هو فيلسوف ألماني من القرن الثامن عشر (1724 - 1804). عاش كل حياته في مدينة كويسبرز في مملكة بروسيا. كان آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة. وأحد أهم الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية.

    * عصر التنوير:  المعروف أيضًا باسم  عصر المنطق أو التنوير هو حركة فكرية وفلسفية هيمنت على عالم الأفكار في القارة الأوروبية خلال القرن الثامن عشر.انبثق عصر التنوير عن حركة أوروبية فكرية علمية معروفة باسم حركة «النهضة الإنسانية». قوّضت أفكار عصر التنوير السلطة الملكية وسلطة الكنيسة،. اشتمل التنوير على مجموعة من الأفكار التي تركز على سيادة العقل والأدلة على الحواس بوصفها مصدرًا أساسيًا للمعرفة، وعلى المثل العليا كالحرية والرقي والتسامح والإخاء والحكومة الدستورية وفصل الكنيسة عن الدولة. تضمنت المبادئ الأساسية لفلاسفة التنوير في فرنسا الحرية الفردية والتسامح الديني، مقابل الملكية المطلقة والعقائد الثابتة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. يتميز التنوير بالتركيز على المنهج العلمي وعلى الاختزالية فضلًا عن التشكيك المتزايد بالعقائد الدينية.