Section outline

    • المحور الأول: ماهية القانون و بيان أهميته وخصائص القاعدة القانونية

      أولا: ماهية  القانون

      الخريطة الذهنية للدرس لمفهوم القانون

       

      يعود أصل كلمة قانون إلى اللغة اليونانية فهي دخيلة على اللغة العربية، حيث اشتقت من  كلمة.... و قصد بها العصا المستقيمة، وهي تعبير مجازي عن القاعدة أو النظام أو الاستقامة، غير أن اللغات الأجنبية الأخرى لم تستعمل هذا المصطلح اليوناني بل أثرت أن تستعمل كلمات أخرى رغم أنها ذات نفس الدلالة، فعلى سبيل المثال استعملت اللغة الفرنسية كلمة... أما اللغة الإنجليزية فتبنت كلمة....، أما اللغة الإيطالية فقط استعملت لفظ.....

      و يفهم مما سبق أن كلمة قانون التي تتجه في مدلولها إلى الاستقامة تكرس في الحياة القانونية كمعيار لقياس مدى خضوع واحترام الفرد للقاعدة القانونية باعتباره مخاطبا بأحكامها سواء جاءت في صيغة الأمر أو النهي، فإن أبدى احترامه لها وصف سلوكه بالمستقيم، وان خالفها كان سلوكه منحنيا ومستهجنا.2

      الفرع الثاني

      الاستخدامات المختلفة لكلمة قانون

      يستخدم مصطلح قانون عموما للدلالة عن كل قاعدة متعارف عليها وثابتة تفيد باستمرار واستقرار أمر معين كأساس ثابت ومستقر، ومن ثم فإن هذا الاصطلاح يتم إعماله في تفسير العلاقة التي تنظم الظواهر الطبيعية على اختلافها (أولا)، كما يستخدم أساسا في الإشارة إلى جملة القواعد الضابطة لسلوك الفرد في إطار الجماعة الذي يفترض أن يتطابق و يتناسق مع السلوك القويم الذي ترتضيه هذه الجماعة( ثانيا).

       

      أولا: استعمال كلمة قانون للدلالة على العلاقات التي تحكم الظواهر الطبيعية

       من المتعارف عليه أن مختلف الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ثابتة يتم الكشف عنها باستخدام المنهج التجريبي وصولا إلى تفسير كيفية حدوثها والعوامل المؤثرة فيها، ومن الثابت أيضا أن هذه الظواهر تخضع أساسا لمبدأ جوهري هو ارتباط السبب بالنتيجة أو ما يعبر عنه بعلاقة السببية، ومن ثم لا توجد نتيجة دون سبب أساسي دفع لحدوثها في الواقع، ومن أمثلة ذلك قانون الجاذبية الذي ينسب للعالم نيوتن حيث إذا ترك جسم في الهواء فإنه حتما يهوي نحو الأسفل بسبب الجاذبية الكامنة في الأرض.

       يستنتج من هذا الطرح أن القاعدة القانونية العلمية دورها ملاحظة ما يقع من ظواهر طبيعية و تفسيرها و التعبير عنها بمصطلحات علمية دقيقة، وهي قاعدة لاحقة بالضرورة عن الوقائع التي تسجلها ومن ثم فالقاعدة القانونية العلمية قاعدة تقريرية لأنها تقرر لواقع يتحقق كلما توافرت نفس الشروط، بينما القاعدة القانونية المقصودة في تخصصنا لا تهتم بتسجيل السلوك الاجتماعي المستهدف بالتنظيم وإنما تسعى إلى رسم هذا الواقع على نحو معين وفقا لما يجب أن يكون عليه هذا السلوك، ومن ثم فإن هذه القاعدة تشكل واقعة سابقة عن السلوك ذاته تلزم الفرد بضرورة التقيد بما هو محدد في منطوق القاعدة القانونية و عليه فهي توصف بأنها تقويمية بحسب الأصل عكس القاعدة القانونية العلمية التي تعتبر تقريرية أساسا.

      ثانيا: مدلول كلمة قانون في العلوم القانونية

      لكل علم من العلوم سواء الإجتماعية منها أو الدقيقة مفاهيمه و مصطلحاته الأصيلة وقوانينه التي تعبر عن الترابط بين ظواهره، غير أن  العلوم القانونية ترتكز على مصطلح قانون الذي سواء من حيث الشكل أو المضمون، و المقصود به أساسا جملة من القواعد التي تنظم وتوجه سلوك الأفراد المخاطبين بها، ومن ثم يمكن أن يكون استعمال هذا اللفظ  معنا عاما( أ )، كما يمكن أن يكرس معنى خاص( ب).

      أ. المعنى العام لمصطلح قانون:  ويقصد حين استعمالها تلك القواعد التي تنظم وتحكم سلوك الأشخاص وتضبط علاقاتهم وروابطهم المختلفة على نحو ملزم مهما كان شكلها مكتوبة أو غير مكتوبة ومهما كان مصدرها ، سواء كان التشريع الذي تسنه السلطة التشريعية في الدولة صاحبة الإختصاص الأصيل، أو كان مصدرها باقي المصادر المتعارف عليها فقها وعملا مثل الشريعة الإسلامية أو العرف، و القانون بمعناه العام هو محور الدراسة في التخصص ومقترن بعنصري الزمان و المكان ويطلق على هذه القواعد صفة القانون الوضعي تمييزا له عن القانون السماوي المستمد أساسا من القواعد الدينية.

      ب. المعنى الخاص لمصطلح قانون: علاوة على المعنى العام لمصطلح قانون، فقد ينصرف معناه أيضا إلى للدلالة على ماهو خاص من مقصوده، ويمكن حصر ما يتجه إليه مصطلح قانون في الحالات التالية:

      1. استخدام مصطلح قانون بمعنى التشريع : ينصرف مدلول لفظ قانون هنا للدلالة على التشريع، وهو مجموعة القواعد التي تسنها السلطة التشريعية بمقتضى اختصاصها المكرس  في الدستور في شكل مكتوب ومن ثم تستبعد القواعد الأخرى التي تشترك إلى جانب القواعد القانونية في تنظيم سلوك الأفراد من هذا المعنى5، وعليه كثيرا ما تستعمل المراجع الفقهية ألفاظا تدل على هذا المعنى مثل قانون الشهر العقاري،  قانون العمل ، مع أن مصطلح تشريع أدق في مدلوله في هذه الحالة فيقال تشريع العمل مثلا بدلا من قانون العمل، فكل تشريع هو قانون ولكن ليس كل قانون هو تشريع.

      ويلاحظ أن بعض النظم القانونية المقارنة مثل التشريع الفرنسي يتحرى الدقة في دلالة المصطلحات القانونية، حيث يستخدم لفظ ..... للدلالة على القانون، في حين يتم استعمال كلمة .... عندما يقصد بها التشريع.

      2. انصراف معنى القانون نحو التقنين: و المقصود بهذا الاتجاه أساسا الإشارة إلى فرع من فروع القانون المتعارف عليها فقها وعملا مثل القانون المدني و القانون التجاري وقانون الإجراءات الجزائية رغم أن الأدق هو استخدام لفظ التقنين بإعتباره مجموعة القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية مع لهذه القواعد ضمن كتاب واحد جامع لهذه القواعد بشكل منظم و مرتب في أبواب و فصول تتميز بالتناسق و التكامل الهدف منها تنظيم وجه من أوجه النشاط الذي يمارسه الأفراد مثل النشاط التجاري أو العلاقات المالية المختلفة و تلك التي تحدد الجرائم المختلفة فيقال بهذا الصدد القانون المدني و القانون التجاري و قانون العقوبات.

      و من تعريف التقنين ذاته يتضح لنا أن كلمة قانون اعم من كلمة تقنين فيقال فقها أن كل تقنين هو قانون و العكس غير صحيح وغن كان الكثير من الشراح و الدارسين يستعملون لفظ القانون بدلا من التقنين.

      أما عن تعريف القانون ذاته، فلم يتفق الفقه بشان تعريف جامع مانع لهذا المصطلح ويمكن أيراد البعض من اتجاهات الفقه بهذا الخصوص في ما يلي:

      - تعريف القانون على أساس الغاية التي يتوخاها في أحكامه منها فكرة العدالة واستقرار المعاملات وحفظ النظام العام فعرف القانون وفق هذا الاتجاه بأنه " مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأشخاص ضمن إطار الجماعة تنظيما عادلا بما يحفظ حريات الأفراد و يحقق الخير للجميع

      - الجزاء كأساس لتعريف القانون: اتجه فريق من الفقه إلى استخدام الجزاء في بلورة تعريف للقاعدة القانونية ومن ثم صيغ التعريف التالي" القانون هو مجموعة القواعد العامة الجبرية التي تصدرها الدولة لتنظيم سلوك الأشخاص الخاضعين لها و المتدخلين في تكوينها

      - تعريف القانون من منطلق الخصائص المميزة لقواعده: والمقصود بذلك ما يميز القاعدة القانونية عن باقي القواعد الأخرى التي تساهم في تنظيم و ضبط سلوك الأشخاص ضمن الجماعة، حيث عرف البعض من الفقه القانون بأنه " مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الإفراد في إطار الجماعة تنظيما عاما ومفروضا بتهديد عنصر الجزاء الموضوع أساسا عند مخالفة أحكامها

      ويعتبر هذا التعريف الأكثر قبولا في الفقه القانوني الحديث طالما أنه يتناسق مع المعنى العام للقانون.

       

      امتحان تقييم المكتسبات:

      السؤال الأول: إلى أي مدى تعتبر القاعدة القانونية قاعدة تقويمية ؟

      السؤال الثاني: ما الفرق بين القانون و التقنين؟