المحور الأول : ماهية التوثيق والبحث التوثيقي
Résumé de section
-
مقياس : البحث التوثيقي
الـمحور الأول : ماهية التوثيق والبحث التوثيقي
المحاضرة الأولى : مفهوم التوثيق + نشأة التوثيق وتطوره عبر التاريخ
1.مفهوم التوثيق والبحث التوثيقي :
التوثيق Documentation مصطلح علمي حديث دخل مفهومات علم المكتبات والمعلوماتية والعلوم المتعلقة بهما بعد دخول التقنية الحديثة. وقد اشتُق هذا المصطلح سواء في اللغة العربية أو في اللغات اللاتينية من كلمة «وثيقة» Document، واتسع مجال التوثيق في النصف الثاني من القرن العشرين، حتى حظي باهتمام العلماء والباحثين، فبدأت تتوافر له المقومات الأساسية للعلم من قواعد وقوانين عامة تحكم موضوعه، فصار جزءاً أساسياً من مناهج تدريس علوم المكتبات والمعلومات.
ويعرَّف التوثيق من حيث هو حصيلة، بأنه «مجموعة وثائق تتضمن مواد مرجعية يتم تجميعها لأغراض محددة»، ويعرف من حيث هو علم وممارسة بأنه «كافة الإجراءات الفنية والمتخصصة التي تسهل عملية توفير وتنظيم واستخدام المعلومات بأوعيتها وأشكالها المختلفة»، وتشمل عملية توثيق المعلومات البحث عن المعلومات من مختلف المصادر والأصول ثم اختيار المناسب منها، وفهرستها وتصنيفها وتحليلها واستخلاصها وعرضها وفق الأسس والنظم العلمية والفنية بغرض تهيئتها للاسترجاع عند الطلب سواء كان هذا الاسترجاع يدوياً أو آلياً بوساطة الحاسب الإلكتروني.
التوثيق هو عبارة عن عملية إثبات المعرفة أو البحوث الأكاديمية اعترافا بمجهود وجهود الآخرين وضمانا للحقوق الفكرية، و توخّيا للأمانة العلمية.
فمدى مصداقية البحث يقاس بمقدار عدد وتنوّع المصادر والمراجع التي يستند إليها الباحث ويستفيد منها كما ونوعا.
ولهذا، فلا بدّ من استخدام قواعد الإسناد في التوثيق تبعا للأساليب المنهجية المعتمدة من قبل الباحثين في المنهجية.
إن أول استخدام لكلمة " التوثيق" كان سنة 1870 حيث كان هذا المفهوم يعنى " البحث عن الوثائق لإنجاز دراسة أو مذكرة"، لقد بقي هذا المفهوم سائدا حتى حوالي سنة 1930 حيث أصبح التوثيق يعني " الاستغلال المنهجي للمعلومات، كما جرى تعريف التوثيق من طرف الفيدرالية الدولية للتوثيق FID على أنه يتجلى في جمع، ترتيب، انتقاء، بث، واستعمال كل أنواع المعلومات. فهو فن وعلم تنظيم المعلومات، والتحكم فيها. يعرف البحث التوثيقي أنه: " كل عملية أو إجراء منظم، قائم على التحقق والتعرف والمطابقة والمقارنة وكذا يسمح باسترجاع ومعاينة ومعالجة البيانات والعناصر المتعلقة بمجال البحث المطلوب (أرقام ، نصوص، بيبليوغرافيات...).
و هذه العملية يجب أن تكون متعلقة بالموضوع وأن لا تخرج عنه كما يستوجب أن تكون الدراسة وافية وشاملة قدر الإمكان كما يعرف على أنه: عملية إيجاد الوثائق التي لها علاقة وطيدة بالمجال والموضوع المقصود، ضمن أدوات البحث المتوفرة، ومن ثم تقييمها وتحليلها واستخدامها. وعليه فالبحث التوثيقي هو: جملة من الخطوات المنهجية التي يتبعها الباحث في سبيل الوصول إلى المعلومات التي تنقصه، أو للإجابة عن أسئلة كانت تراوده، مستعينا بكل المصادر المتاحة أيا كان شكلها والوسائل والطرق التي تسمح له بالاطلاع أكثر عن المعلومات وتصفيتها، ومن ثم استخدامها واستثمارها لإثبات معلومة وبرهنتها بالأدلة الدامغة، أو التحقق من فكرة أو نفيها أو حتى اكتشاف معارف جديدة.
2. نشأة وتطور التوثيق عبر التاريخ :
تعود جذور البحث الوثائقي وتطوره إلى عصور قديمة، وتطور مع تطور المصادر والأوعية الحاوية للمعلومات، فحيثما كانت تتواجد هذه الأخيرة مخزنة كان هناك من يبحث عنها، وتثبت الدراسات والأبحاث أن أدوات البحث الوثائقي الأولى كانت على شكل ألواح طينية، تلك التي عثر عليها في مكتبات بلاد ما بين النهرين، وقد كانت عبارة عن فهارس تحتوي معلومات بيبليوغرافية قصد الرجوع إليها عند الحاجة، كما عثر على البرديات والقرطاسيات واللفائف التي كان البحث فيها يتم أبجديا بالموضوعات أو المؤلفين أو زمنيا و التي رتبت بفضل كاليماخوس " Callimachus أمين مكتبة الإسكندرية، هذه الأخيرة التي ضمت تراث البحر الأبيض المتوسط وبلاد الهند ، وأهم الباحثين الذين كانوا يرتادونها هم الفلاسفة أو الأطباء أو علماء الفلك ولدى العرب.
كان البحث الوثائقي يتم في المكتبات ودور الوراقة، ولجأ الباحثون إلى أدوات ومؤلفات كانت تحصي العلوم و تدون المواضيع على شكل أبواب وتبين المؤلفين وأعمالهم، نذكر على سبيل المثال كتاب الفهرست لابن النديم ، وفي القرن السادس عشر أنتج العلماء المسلمون أعمالا قيمة تعد من أدوات البحث المفيدة لكل ابحث من أمثلتها كتاب " كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون" لحاجي خليفة، وكتاب "مفتاح السعادة ومصباح السيادة" لطاش كبرى زادة .
في العصر الحديث، ظهرت اهتمامات البحث الوثائقي في أوروبا وتأثرت وتطورت مع ظهور الطباعة 1440 ، ومن ثم بدأ الاهتمام بالقوائم البيبليوغرافية خاصة بعد الثورة الفرنسية عندما تم إنشاء أول مصلحة وطنية للبيبليوغرافية، بعدما تم تأميم الوثائق والمصادر التي تملكها الجمعيات الدينية ومكتبات الأديرة وأملاك المهاجرين، كل هذه الوثائق وضعت في مستودعات ضخمة لتسهيل عملية البحث والاسترجاع فيما بعد .ومن ثم حدثت نقلة جديدة في مجال البحث الوثائقي، وذلك عندما وضع "ملفل ديوي" سنة 1876 تصنيفا عمليا بمفهومه الحديث وبمقتضاه تم التخلص من الترميز الحرفي والهجائي للوثائق ومصادر المعلومات وحلت لغة وثائقية جديدة محل القديمة.
وبرز التوثيق بشكل أكبر منذ تأسيس المكتب الدولي للمراجع في بروكسل عام 1892 على يدي المحاميين البلجيكيين بول أوتليه P.Outlet وهنري لافونتيين H.Lafontaine وشهد عام 1912 أول استخدام للميكروفيلم بهدف تخزين المعلومات بشكل مصغر، وقويَ الاتجاه نحو استخدام المعلومات المختزنة في المكتبات والإفادة منها في نهاية الحرب العالمية الأولى، وفي أوائل الثلاثينات من القرن العشرين تأسست بعض المنظمات المهتمة بالوثائق وخاصة «الاتحاد الفرنسي للمنظمات الوثائقية»، وهو أول منظمة فرنسية للوثائق، وفي الأربعينات بدأت المحاولات الأولى لإدخال تقنيات الآلات ذات البطاقات المثقبة، بهدف العثور على الوثيقة المطلوبة من خلال رموز ورؤوس موضوعات معيارية، ورعت ذلك اليونسكو في مؤتمرها الدولي «تحليل الوثائق العلمية» عام 1949، وفي عام 1957 عُقد في لندن المؤتمر الدولي للتصنيف من أجل أبحاث التوثيق، وتأسس الاتحاد الدولي للتوثيق F.I.D ومع بداية الستينات أمكن التفكير في ابتكار وسائل جديدة يمكن بوساطتها التحكم في الفيض الهائل من المعلومات وتنظيمه وتيسير استعماله من جانب الباحثين، فنشأ مجال جديد في علم المكتبات وهو مجال التوثيق.
و في التسعينات من القرن الماضي ، شكلت الأنترنيت تحولا في عامل المعلومات وخدماتها، كما ساهمت شبكة الويب Web بعد ظهورها وانتشارها في تسهيل عمليات البحث الوثائقي وجعلها أكثر فعالية، و من هنا أخذت المواقع المتخصصة ومحركات البحث والمحركات المتعددة moteur-Méta و الأدلة في الانتشار والتوسع ...... ونحن نعيش اليوم حقبة جديدة من حقب المعلومات، أين يبدأ الحديث عن الويب 2.0 الذي انطلق منذ سنة 2004 و من ثم الجيل الجديد للأنترنيت 3.0 والويب الدلالي Semantique ،والتفاعلي والذي من منتجاته وخدماته جند قواعد المعلومات النصية خلاصات - RSS - المدونات أو - Blogs الشبكات الاجتماعية networks social ، ولعل على رأسها شبكة فايسبوك، التي هي ظاهرة من ظواهر العصر ، ومع كل الخصائص التشاركية والتفاعلية والسرعة والفعالية التي أتت بها، أصبح من الصعب تجنب استعمالها، وكلما أثرت المعلومات وخدماتها بالتطورات، يتأثر البحث التوثيقي بتغير أنماطه وتقنياته، وتحول الباحث من مجرد متصفح للمعلومات إلى صانع، و مدون، وناقد لها، وبالإضافة إلى البحث بالكلمات المفتاحية أصبحت العملية تتم من خلال Tag الذي قد يكون بديلا شائعا في أوساط الجيل الجديد عن الكلمات المفتاحية، كما تشهد هذه الحقبة فكرة العودة إلى اللغة الطبيعية من خلال النظم الخبيرة والذكاء الاصطناعي.
المحاضرة الثانية : مستويات التوثيق + أنواع الوثائق + أهمية التوثيق
3.مباحث وقضايا ومستويات التوثيق والبحث التوثيقي :
هناك نوعان من البحث الوثائقي تقليدي وآلي يستخدمهما الباحث للوصول إلى المعلومات:
أ.البحث الوثائقي التقليدي :
تكون عملية البحث عن الوثائق في هذا النوع عن طريق البحث والتفتيش الذاتي في أدلة مصادر المعلومات التي توفرها المكتبة للمستفيد ، من أجل أن يصل المستفيد إلى الوثيقة التي هو بحاجة إليها والتي تخدم إشكاليته وموضوع بحثه أو دراسته عن طريق وسائل البحث المختلفة المتوفرة على مستوى المكتبة ، مثل الفهارس والكشافات والمستخلصات والأدلة ومختلف وسائل البحث التي يمكن الاستعانة بها.
ب. البحث الوثائقي الآلي :
وهو البحث الذي يستخدمه الباحث في البحث عن الوثيقة وذلك باستخدام تجهيزات حديثة مثل الحاسب الآلي أو باستخدام نظام برمجي أو بواسطة الشبكات ، مستعينا بأدوات البحث عن الوثائق والتي تختلف تماما عن تلك المتوفرة في بيئة المكتبات ، مثل قواعد المعلومات، محركات البحث، الفهارس على الخط المباشر، المكتبات الرقمية الأدلة الموضوعية .... الخ.
كما يمكن أن نجد ضمن تصنيفات تقنيات البحث الوثائقي عدة مستويات، حسب العمق الذي يرغب الباحث الوصول إليه في مجال تخصصه، فأحيانا لا يتعدى الأمر المستوى المفاهيمي فقط، وأحيانا أخرى يكون على الباحث أن يتعمق أكثر للوصول إلى أدق التفاصيل وأحدث التطورات الحاصلة، ويتوقف مستوى البحث أحيانا على صفة الواصفات المستخدمة، فقد يستخدم الباحث الواصفات البسيطة أو المركبة حسب الحاجة لذا نجد المستويات التالية :
أ.البحث الوثائقي البسيط :
يمكن أن نطلق اسم البحث البسيط على ذلك الذي لا يستخدم إلا الواصفات والكلمات المفتاحية البسيطة – كلمة أو اثنتين على الأكثر ، إلا أن الإمكانات المتعددة التي يتيحها البحث الوثائقي سواء التقليدي أو الإلكتروني غير محدودة، غير أنها تبرز أكثر في شكلها الإلكتروني، فعبر الويب والشبكات العالمية والمحلية، يمكن أن تتحقق نتائج البحث المرجوة بسهولة حتى لدى الذين لا يستخدمون تركيبات معقدة ومراحل متعددة للولوج إلى البيانات.
فعلى سبيل المثال يكفي أحيانا على المتصفح أن يدخل كلمات مفتاحية تتعلق بمجال بحثه في محرك البحث الشهير google أو altavista أو في واجهة البحث البسيط في قواعد البيانات البيبليوغرافية، للحصول على آلاف وملايين النتائج من صفحات وملفات وتسجيلات ببليوغرافية تحتوي على الكلمة المفتاحية المطلوبة، ويبقى على المتصفح أن يفاضل ويختار ما يناسبه، وقياسا عليه فهذه الطريقة أحيانا تكون مجدية في قواعد البيانات النصية المتخصصة، خاصة عندما لا يكون الباحث على دراية بالبيانات البيبليوغرافية كاسم مؤلف بعينه أو بيانات نشر محددة، لكن غالبا البحث البسيط لا يكفي، إذ يجدر بالباحث أن يفصل ويتعمق أكثر حتى يتحصل على نتائج أفضل وأدق .
ب. البحث الوثائقي – العميق - المركب :
إذا قام الباحث باستعمال تركيبات وواصفات معقدة ومركبة، يمكن أن نطلق على هذا المستوى البحث الوثائقي المركب، إذ يسمح البحث الوثائقي بالتعمق أكثر في البيانات والمعلومات باستخدام تقنيات مختلفة كالبحث المتقدم والأكثر عمقا لتخصيص النتائج وتصفيتها حتى تكون أكثر دقة، بل وأكثر من هذا فيمكن أيضا تخصيص البحث ضمن صفحة النتائج وحدها أو استخراج معلومات ومعارف جديدة بناء على المعطيات المخزنة، ومن أمثلة هذا الصنف من الولوج إلى البيانات تقنية البحث المتقدم، والبحث باستخدام المنطق البولياني وتقنية التنقيب في البيانات ، كما يتيح الويب الجديد حرية عنونة المحتوى، والخرائط المعرفية و دمج البيانات والمقارنة بينها، مما يجعل المستخدم أكثر تحكما بالبيانات عموما، والبيانات النصية على وجه الخصوص.
ج. البحث الوثائقي التفاعلي :
من الواضح للعيان أن الدور الأبرز الذي يلعبه الجيل الجديد للإنترنيت هو عنصر التفاعل، واشراك المتصفح في إنتاج المعرفة والبروز كعنصر فعال يناقش ويتفاعل مع مجتمعات مختلفة في فضاءات افتراضية، وهذا ما يؤثر بصفة مباشرة في فلسفة ومنهجية البحث الوثائقي في البيئة الإلكترونية الجديدة والمتجددة، فأصبح هو بدوره تفاعليا، وهنا يبرز دور الذكاء الجماعي الذي يعد ظاهرة بحد ذاتها تستحق الوقوف لبرهة، إذ أصبح الويب الجديد من أهم منصات خلق معارف جماعية تنتج من تكاثف جهود وخبرات مختلفة، فلم تعد شبكة الإنترنيت للقراءة والبحث فقط، إنما هو للقراءة والكتابة، والنشر، والمناقشة، وتبادل الأفكار والخبرات المتراكمة، ومع الأعداد الهائلة للمستخدمين عبر العالم، يمكن تخيل الكم الهائل من البيانات التي يمكن الاطلاع عليها ومشاركتها مع ذوي الاهتمامات المتشابهة، ويمكن هنا أن تبرز الجماعات ذات الاهتمامات المشتركة على الويب من خلال المدونات Blogs أو جماعات النقاش والعمل.
4. أنواع وأشكال الوثائق :
تنقسم أنواع وأشكال الوثائق إلى أربعة أنواع رئيسية يمكن أن تحدد لنا مصادر وميادين التوثيق وهي:
أ.الوثائق الكتابية : كالمخطوطات والمطبوعات والصحف والتقارير والبيانات والمذكرات والكتب .
ب. الوثائق التصويرية : رسم بالزيت أو بالفحم أو نقش على الحجر ، وقد تكون الصورة شمسية ، سينمائية أو تلفزيونية .
ج.الوثائق السمعية والمرئية : في الغالب تكون تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تلفزيونية أو تسجيل أسطواني .
د.الوثائق الإلكترونية : وتتمثل في الكتب الإلكترونية المنشورة على شكل PDF ، و مختلف المحتويات المتعددة الوسائط المنشورة على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي في صفحات شخصية رسمية لأفراد ومؤسسات .
5. ميادين التوثيق وعلاقته بالعلوم الأخرى :
حظي علم التوثيق باهتمام المختصين في العلوم وشاع استخدامه في بعض المجالات الموضوعية كالقانون والدراسات التاريخية والأدبية والاجتماعية كما كان له علاقة وثيقة بعلوم أخرى كالتربية وعلم النفس وعلم اللغة والاتصال والإدارة وغيرها وهناك ثلاثة علوم مجاورة ووثيقة الصلة بالتوثيق وهي علم المكتبات علم المراجع وعلم المعلومات :
أ.التوثيق وعلم المكتبات :
يعد التوثيق جزء لا يتجزأ من علم المكتبات وامتدادا طبيعيا للعمل المكتبي الذي أوجبته طبيعة البحث العلمي وتزايد المعلومات في العصر الحديث .
ب ــ التوثيق وعلم المراجع :
يعد التوثيق جزء أساسيا منبثقا من التنظيم المرجعي الذي يخدم حاجة العملاء وظيفته التوسع وتدفق المعلومات المدونة بين مجموعة أو مجموعات من المختصين ويتميز من التنظيم المرجعي بعمق التحليل الموضوعي وتقديم الخدمات الأخرى كالتخزين واسترجاع واستخلاص والترجمة وبث المعلومات .
ج ــ التوثيق وعلم المعلومات :
يعد التوثيق الأساس الذي انطلق منه في النصف الثاني من القرن العشرين علم المعلومات أو المعلوماتية، بوصفه العلم الذي يدرس خواص المعلومات والبيانات وسلوكها وطرق ووسائل معالجتها والعوامل التي تحكم تدفقها وبثها ووسائل تجهيزها لتيسير الإفادة منها إلى أقصى حد ممكن، وتجميعها وحفظها واختزانها وتنظيمها واسترجاعها وبثها واستخدامها، لهذا لا يختلف مجال العمل في التوثيق كثيراً عن مجالات العمل في علم المعلومات في العصر الراهن، ومن ثمَّ فالعلاقة بينهما وثيقة، غير أن علم المعلومات المعاصر هو أوسع في مدلولاته ومجالاته من التوثيق، فهو يشتمل على مجالات التوثيق والوثائق والمكتبات والإعلام العلمي، على نحوٍ صار علم المعلومات علماً لا يمكن الاستغناء عنه سواء في المكتبات أم في مراكز التوثيق.
6.أهمية التوثيق والبحث التوثيقي :
إن عملية البحث التوثيقي مهمة للغاية ، فالتوثيق من الركائز الأساسية التي يقوم عليها البحث العلمي، ولا يمكن نجاح أي دراسة إلا إذا تمّ هذا التوثيق فيها بالشكل الأكاديمي الصحيح الذي يظهر بوضوح جميع المراجع والمصادر التي استند إليها الباحث في دراسته.
ويبقى التوثيق الأداة الرئيسية التي يستخدمها الطالب أو الباحث العلمي في إظهار مدى الجهود التي بذلها في دراسته، وهو يثري البحث العلمي ويساعد على الوصول إلى النتائج الدقيقة والصحيحة والحلول المناسبة، كما انه يحافظ على الأمانة العلمية ومجهودات الباحثين السابقين، ويساعد القارئ أو المشرف أو المقيم على العودة السهلة إلى المصدر للتأكد من موثوقيته ومن المعلومات الواردة فيه، أو للتوسع في نقطة معينة.
ويمكن أن نجمل فوائد التوثيق في البحث العلمي فيما يلي :
ü هو الركيزة التي يعتمد عليها الباحثون في البحث عن الحقيقة .
ü يعد التوثيق بمثابة ذاكرة الأمة وأرشيفها العلمي والحضاري .
ü حلقة وصل تصل حاضر الأمة بماضيها .
ü شاهد حي على نضال الأفراد والجماعات والحكومات التي تعاقبت منذ فجر التاريخ .
ü إن الدراسة العلمية لا يمكن أن تشمل جميع الجوانب المرتبطة بكل مصطلح أو فقرة أو معلومة، فالطالب أو الباحث العلمي يشير إلى المعلومة التي استند إليها من المصدر والتي تفيد خطته البحثية، وعند القيام بعملية التوثيق بالشكل الأكاديمي الصحيح فإن العودة إلى مصدر المعلومات يصبح سهل، وبالتالي يمكن التأكد من صحة المعلومة أو التوسع في قراءتها ومعرفة حيثياتها.
ü يحتاج البحث العلمي من الباحث أن يعتمد على الدراسات السابقة الملائمة والحديثة، وخصوصاً في الأبحاث التطبيقية التي تشهد على تطور مستمر، ولأن أساليب التوثيق تظهر اسم المصدر وتاريخ نشره، فيمكننا التأكد من خلاله من حداثة المراجع والمصادر، ومن أن الباحث العلمي استند إلى أحدث المعلومات المرتبطة بموضوع بحثه.
ü إن أهمية التوثيق في البحث العلمي تظهر بشكل جلي من خلال إظهارها مدى الجهد الذي بذله الباحث في دراسته، فالتوثيق يعتبر دليل قاطع على حسن اطلاعه وإلمامه بموضوع الدراسة، من خلال تتبعه للكثير من المصادر والمراجع المرتبطة كلياً أو جزئياً بمشكلة أو ظاهرة البحث التي يسعى إلى دراستها والوصول إلى حلول أو نتائج دقيقة مرتبطة بها.
ü إن التوثيق الدقيق للمراجع يسمح للطلاب والباحثين العلميين المنتمين لنفس التخصص العلمي، أن يحصلوا على أسماء مصادر ومراجع مهمة في مجال تخصصهم العلمي.
ü إن عملية التوثيق تشكّل ضمانة للأمانة العلمية، وتضمن حقوق الباحثين السابقين من السرقة الأدبية، كما أن ذلك يسمح بالتأكد من موثوقية المصادر التي اعتمد عليها الباحث العلمي.
ü تحمي عملية التوثيق البحث من دس المعلومات المغلوطة فيه، من خلال العودة إلى مصدر المعلومات، وبالخصوص في ظل لجوء بعض الطلاب والباحثين العلميين الذين لا يتحلون بالأمانة العلمية، إلى عملية الاقتباس مع تغيير بسيط في الصياغة دون الإشارة إلى المصدر المقتبس منه.
-
تحدث عن تجربتك الشخصية في توثيق البحوث التي تكلف بها في حصص الأعمال الموجهة ، مبرزا أهم المراحل التي تتبعها وأهم المشاكل والعقبات التي تواجهك في عملية البحث التوثيقي لهذه الأعمال ؟ وما هي تصوراتك المبدئية لتوثيق مذكرة الماستر في السنة المقبلة بحول الله تعالى ؟
-
سؤال تدريبي واختبار لمدى استيعاب الطلبة لدروس المحور الأول من مقياس البحث التوثيقي