التطور التاريخي للتسويق الأخضر
إن دراسة البعد التاريخي لأي موضوع لابد أن تبدأ بالتعرف على الجدذور الأولى لذلك الموضوع، و علاقته بالموضوعات الأخرى ذات الصلة للتعرف بشكل دقيق على الأسباب و الأحدات الؤثرة في تطور ذلك المفهوم. و انطلاقا من ذلك تم تقسيم التطور التاريخي للتسويق الأخضر إلى ثلاثة مراحل أساسية هي:

مرحلة المسؤولية الإجتماعية (التسويق الاجتماعي Marketing Social)
انبثق التسويق الأخضر عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية لمنظمة الأعمال، و التي تعرف بشكل عام بأنها عبارة " عن مجموعة من القرارات و السياسات التي تتخذها المنظمة للوصول إلى تحقيق و تقوية القيم السائدة في المجتمع، و التي تمثل جزءا من المنافع الاقتصادية المباشرة لإدارة المنظمات التي تسعى إلى تحقيقها كجزء من استراتيجيتها،بينما من وجهة النظر التسويقية فيمكن تعريف المسؤولية الاجتماعية على أنها: التزام المنظمة بتعظيم أثرها الإيجابي و تقليل أثرها السلبي في المجتمع" و هكذا فإنها تتعامل مع الأثر الكلي لمجموع القرارات التسويقية في المجتمع، إن القصور في تقديم الخدمات الاجتماعية، وتفاقم مشكلات الفقر والبطال وسوء استغلال الموارد الطبيعية كانت السبب الرئيسي وراء ظهور مفهوم التسويق الاجتماعي، إذ أن أول من أشار إلى هذا المنحنى في دراسة التسويق هو DRUCKER PETER عام 1957 بقوله أن التسويق يتمثل بالعمليات الديناميكية لمنشآت الأعمال والتي تحدث التكامل بمنتجات مع أهداف وقيم المجتمع " وقد لا يكون التوجه البيئي بارزا في المراحل الأولى للمسؤولية الاجتماعية إلا أن هذا التوجه ظهر في بداية الستينيات حيث حيث أدت مجموعة من العوامل كالتلوث البيئي و التغيرات التكنولوجية إلى الانتقال إلى مرحلة أكثر أستعابا للبيئة و متغيراتها. وهكذا فإن المسؤولية الاجتماعية للمنظمات بدأت تركز على التأثيرات البيئية لمنتجاتها بشكل أكبر، ولذلك لا بد أن يشار إلى المفهوم الاجتماعي التسويقي الذي يبرز العلاقة الوثيقة بين المسؤولية الاجتماعية والمسؤولية البيئية ويشر KOTLER إلى مجموعة من الخصائص الأساسية لهذا المفهوم هي1:
المفهوم الإنساني: حيث يجب على التسويق أن يأخذ بنظر الاعتبار الاهتمامات الإنسانية، و المتعلقة بنمط الحياة التي يعيشها الفرد و ما تفرضه بيئة الحياة من مستجدات ليتعامل معها الفرد.
مفهوم الاستهلاك الذكي: الذي يشير إلى اهتمام الزبائن بالمواد القابلة للتدوير، إعادة الاستعمال، دورة حياة المنتج، والتصميم الصديق للبيئة. بعبارة اخرى انتقاء الزبائن لأسلوب استهلاكي يعتمد على َ التحليل والتفكير الدقيق بالجانب البيئي.
المفهوم البيئي: من خلال متابعة أثر المنتج البيئي خلال دورة حياته للتأكد من أن المنتج لا يسبب أي أذى للبيئة في أي مرحلة من مراحل حياته.
مرحلة حماية المستهلك و التوجه البيئي( environment alism and consumer protect)
يمكن تحديد أهم أهداف هذه الحركة في حماية المستهلك من التضليل و الخداع، و التعهد بالالتزام بحماية المستهلك وحقوقه، تقديم المساعدة لذوي الدخل المنخفض و التعاون مع المنظمات لتقديم المعلومات المتعلقة بالمستهلك و التي يتعذر على المنظمات الوصول غليها بسبب محدودية وسائل الاتصال مع المستهلكين، وقد فتحت هذه الحركة الباب أمام تصاعد الوعي البيئي لدى المستهلكين وارتفاع اهتمام الحكومات و جماعات الضغط بهذا الموضوع ، ولعلى تزامن بروز الحركة الاستهلاكية مع حركة التوجه البيئي أوجد نوعا من الضغط على منظمات الأعمال من أجل إيجاد حلول خلاقة لمواجهة هذا الضغط 2.
وهنا يمكن تعريف التوجه البيئي بأنه: "حركة منظمة تهدف إلى حماية حقوق المواطنين في العيش في بيئة آمنة والتوجه نحو حماية تلك البيئة وتطويرها."،وهذه المرحلة مهمة كونها شهدت نموا مضطردا في الحركات البيئية من بذرات المسؤولية الاجتماعية، فضلا أنها شهدت أول تأطير مفاهيمي لأكثر الموضوعات قربا من التسويق الأخضر وهو موضوع التسويق الإحيائي.
مرحلة التسويق الأخضر( Marketing Green )
أصبح المجتمع في السنوات الأخيرة أكثر اهتماما بالبيئة وبدأت المؤسسات في التغير من سلوكياتها المنافية للبيئة. ولهذا السبب تبنت العديد من المؤسسات مدخل التسويق الأخضر، حيث انعقد أول مؤتمر حول التسويق الايكولوجي سنة 1975 من طرف الجمعية الامريكية للتسويق ( American MarketinG Association).
ولكن ظهر الاهتمام به وتزايد في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات. وعليه أصبح التسويق الأخضر ترجمة لمتطلبات المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية للتسويق الذي خرج للوجود كاستجابة للتحديات البيئية المتزايدة، وكذلك تزامنا مع تطور الاهتمام العالمي بحماية حقوق المستهلك وكذلك كل الجمعيات غير الحكومية خاصة التي ناضلت منذ الستينات ولا زلت تناضل من أجل بيئة نظيفة وأمنة وحياة أفضل للأشخاص3.