مفهوم التّصوّف
أ- لغة :
اختلفت التّعاريف وتعدّدت الآراء حول أصل تسمية التّصوّف واشتقاقها اللّغويّ ، فهناك من يرجّح اشتقاقها من الصوف.
الصوف : الصاد والواو والفاء أصل واحد صحيح وهو الصوف المعروف يقال كبش أَصْوَفُ وصَوِفَ وصَائِفٌ كلّ هذا أن يكون كثير الصوف ، والصوف للشاة والصوفة أخص منه ...وصوفة : اسم رجل وهو أبو يحي بم مضر ( الغوث بن مرّ بن أدّ بن طابخة إلياس بن مضر ) قوم كانوا يقومون على خدمة الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج أي يفيضون بهم. 1[1]
من المفيد أن نتعقب هذه الكلمة لنرى أي الآراء أرجح في تعرف أصلها القديم وهي تحمل أربعة فروض :
الأول : أن يكون الصوفى منسوبا إلى صوفة ، والثاني أن يكون منسوبا إلى الصوف والثالث أن يكون مشتقا من الصفاء والرابع أن يكون منسوبا إلى كلمة سوفيا اليونانية. 2[2]
أمّا صوفة هو اسم رجل كان انفرد بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام ، وأمّا الصوف ارجحت التسمية إلى المظهر وهو لبس الصوف ، ومع أن هذا الاشتقاق سليم لغويا إلاّ أن ارتداء الصوف ليس قاعدة عند كلّ الصوفيين حيث نرى بعضهم كان يعدّ ذلك ادّعاء مستندا إلى المظهر ، وأمّا الصفاء والصف نسبة إلى صفاء القلوب ونقاء أسرارها فمن صفت قلوبهم لله تعالى يُكرّمهم ويصطفيهم فيصبحون في الصف الأول عنده يقدّمهم على سواهم. 3[3]
لم يؤخذ اسم التصوف من لفظ عربي بل أخذ من كلمة أعجمية وهي سوفيا اليونانية التي معناها الحكمة كانت تطلق على مذهب يؤمن أتباعه بوحدة الوجود ، ثم خضعت هذه الكلمة للذوق العربي فقلبت السين صادا فقيل صوفية. 4[4]
ب- اصطلاحا :
التّصوّف في جوهره حال أو تجربة روحية خاصة يعانيها الصوفي ، ولتلك الحال من الصفات والخصائص ما يكفي في تمييزها عن غيرها مما تعانيه النفس الإنسانية من أحوال أخرى ، وهو محاولة لكشف حكمة الله في شتى جوانب الحياة ، وللحياة رحمة الله المنبثة في السماء والأرض ولشهود جمال الكون العظيم وجلاله وتمتع القلب والرّوح بلذّة المشاهدة للصعود عن طريق ذلك إلى رحاب القدس الأعلى 5[5]، ويمكننا تلخيص التّصوّف في :
التاء : توبة
الصاد : صفاء
الواو : ولاية