إجراء الوصف
إجراء الوصف
تمهيد:
يعتبر الوصف من أسهل الطرق وأعقدها في سرد الكلام في آ ن واحد، حيث إن وصف حالة معينة يسهل على الشخص تقديم صورة دقيقة للمتلقي صعوبة بطريقة أسهل من إعطائه المعلومات بشكل مباشر، إلا أن ذلك قد يوقع الواصف في انتقاء كلمات مؤثرة تصل إلى المتلقي، فتنقل له المراد بدقة، مما يعني حاجته لقدرة عالية على سرد المعلومات بطريقة دقيقة ومؤثرة، وامتلاكه العلم الكافي الذي يمكنه من وصف الأشياء كما يجب.
مفهوم الوصف:
الوصف هو أن يستخدم الإنسان اللغة ليعبر عن آرائه، ويسجل ملاحظاته واصفا: شخصا، مكانا، زمانا، وهو تشخيص الحالات والمحسوسات بواسطة اللغة، ويتعرض الوصف للأشخاص والجمادات والحالات النفسية بعرضها وتصويرها عن طريق الكلمات ويتم ذلك بكيفيات عديدة نذكر منها:
ـ وصف أشياء نعاينها أو أشياء نتذكرها.
ـ جميع الحواس تتم إثارتها بواسطة الأشياء، فتنقل إلى عقولنا أحاسيس كثيرة ومتزامنة في الغالب، ويتطلب ذلك تعلم كيفية تمييزها وتعيينها مثل: الأشكال، الألوان، الحركات، الأصوات الروائح، الأذواق....
إلى جانب أحاسيسنا الخاصة، تضاف الأحاسيس العامة تجاه الشيء الموصوف، ويتحتم معرفتها لأنها تساعد على اختيار التفاصيل المطلوبة في الوصف أثناء ترجمة الأحاسيس المثارة بواسطة الشيء الموصوف، ويعرف الوصف أيضا بأنه: أسلوب كتابة وخطاب، له بنية شكلية وطرائق اشتغال داخلي، وله أيضا بنية دلالية متينة الصلة بسياقها السردي، والمقاصد التواصلية للواصف ولهذا يعد الوصف عملا فنيا وتقنية تواصلية، فالوصف بصفة عامة شكل من أشكال الخطاب، ينقل صورة العالم الداخلي والخارجي للإنسان بهدف إشراك المتلقي فيما يحس به الواصف ويشعر به ويتحدد البناء النحوي للنص بسيادة أزمنة الماضي، كذلك التحديدات الزمنية والمكانية قبل بعد أثناء، في المكان المسمى.
ـ هو رسم بالكلام وعرض للأحداث والأشياء والأشخاص والأزمنة والأمكنة تصويرا كأننا نراها ونحس بها، والوصف هو الكشف عن الشيء.
ـ هو فن يوضح صفة الأشياء المادية من حجم وطول ولون ومساحة، أو المعنوية من شعور وإحساس وإدراك، وتصور وخيال وفكر.
أنواع الوصف:
1 ـ الوصف المجرد: ويقصد به وصف الأشياء وصفا محايدا، وتحديد عناصر الأشياء كما هي في الواقع دون زيادة أو نقصان، وتوخي الواقعية في الوصف، وهو بهذه الصورة نوع من التقرير حيث يورد الباث بعض الأجزاء الجوهرية من الواقعة، فهو يجيب عن أسئلة: ماذا وكيف؟ مجرى الواقعة، ومن الأشخاص الفاعلين ومتى وأين زمان الواقعة ومكانها؟ حيث لا يذكر دوافع الفاعلين لماذا وربما توابع الواقعة ما النتيجة؟ ...
2 ـ الوصف النفسي: ويتميز بالخلط بين وصف الأشياء والتعبير عن الأحاسيس والمشاعر تجاهها، من ميل أو إعجاب أو استهجان، ويعتمد هذا النوع على الخيال والنقد والمقارنة، ويتناول كذلك النواحي المعنوية كالفضائل النفسية والعواطف النبيلة والآلام المبرحة، وما يدور في النفس من شك ويقين.
3 ـ الوصف الإجمالي: يرتكز هذا النوع على المظاهر العامة للشيء الموصوف دون الدخول في التفاصيل، ويكتفي برصد المعالم الدالة على الشيء الموصوف دون جزئياتها.
4 ـ الوصف التصنيفي: يحاول تجسيد الشيء الموصوف بكل حذافيره، بعيدا عن المتلقي وإحساسه بهذا الشيء.
5 ـ الوصف التعبيري: يتناول وقع الشيء والإحساس الذي يثيره في نفس الذي يتلقاه، ويلجأ هذا النوع من الوصف إلى تقنيات الإيحاء والتلميح في عملية الوصف.
تقنيات وصف الأشياء والأمكنة: يتعين على الواصف مراعاة عدد من التقنيات الواجب احترامها عند وصف الأشياء ومنها:
ـ تعيين وتمييز إضاءة الأشياء وألوانها
ـ تعيين وتمييز حركة الأشياء وأصواتها.
تقنيات وصف الكائنات الحية:
1 ـ وصف الإنسان:
يتطلب وصف إنسان توظيف كل مصادر المعرفة المتوفرة لرصده في مظاهره العامة وفي خصوصياته الذاتية بكل أجزائها وجزئياتها، وحركاته وعاداته في الحياة المسكن، الأكل اللباس ومختلف اهتماماته المتنوعة، لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد، فللإنسان جوانب أخرى: كالفكر، الشعور، الحياة الدينية والاجتماعية ...على أن هناك مبادئ أساسية يجب مراعاتها في الوصف، منها: تميز كل شخص بشكله العام وبطبائعه عن أشخاص آخرين.
ولكي نصف شخصا وجب علينا الانطلاق من من العناصر الأولية التالية:
أ ـ مقدمة: نعرف فيها بهويته وبصفته العامة: اسمه، كنيته، سنه، إقامته، خصائص مميزة.
ب ـ وصف هيئته الجسدية: مظهرها العام، صورته من حيث الشكل واللون ومميزات أخرى. ولتحديد الأوصاف المذكورة يتم التركيز كذلك على ما يتميز به الشخص عن غيره في: مظهره العام، أبعاده الجسدية ملامح الوجه، الهيئة والنظرة، اللباس، السلوك والطبائع.
2 ـ انتقاء التفاصيل:
لا يتم في الوصف التأكيد دائما على التفاصيل، وان كان من المفيد في بعض الحالات الوقوف عند بعض التفاصيل في وصف الوجه أو اللباس أو الطبع، ولكن كثرة التفاصيل تكون في الغالب غير مستحبة، ويتم الاقتصار على بعض التفاصيل المختارة، التي لها دلالة أكثر من غيرها. وفي حالة وصف هزلي كاريكاتوري يتم التركيز على مظهر أو اثنين من المظاهر البارزة في الموصوف، وتضخيمها والإشارة إلى مثيلاتها عن طريق صور هزلية ساخرة.
3 ـ التعبير عن المشاعر:
يعبر الإنسان أكثر من الحيوان عن الأحاسيس والانفعالات التي تميزه عن غيره كاللذة، الألم، الرغبة، التأسف، الخوف، الغضب، الحب، الغيرة ...وما يميز هذه الحالات عند الإنسان هو أنها تكون مصحوبة بالوعي، فالإنسان يعرف طبيعة الشعور الذي يحس به، ويمكن أن يعرف أسبابه، ويراقب تجلياته، ويتكهن بعواقبه، ويحكم على قيمته. وعندما نريد تصوير المشاعر الإنسانية، يجب التعرف على كيفية التعبير عن المشاعر بواسطة ثلاث وسائل هي: التعبير الجسدي، التحليل الداخلي، الكلام.
أهم مؤشرات الوصف:
من أهم مؤشرات النمط الوصفي ما يلي:
ـ تعيين الشيء الموصوف وتركيز الوصف عليه (شخص، شيء، منظر طبيعي، حالة نفسية، حادثة....).
ـ حشد العبارات الوصفية الواقعية والخيالية.
ـ كثرة النعوت والأحوال.
ـ كثرة الصور البيانية خاصة التشبيهات.
ـ غلبة الجمل الفعلية إذا الموصوف متحركا، كوصف حالة نفسية (قلق، خوف، فرحة، دهشة... أو حدث معين حادث، منافسة معينة).
ــ غلبة الجمل الاسمية إذا كان الموصوف ذاتا أو جمادا، كوصف شخص، أو منظر طبيعي، شيء معين....
نموذج نص نثري في الوصف
رجعت مبكرا والناس نائمون، أمشي على الشاطئ، وأراقب الشمس في طلوعها. ها هي قد طلعت فأخدت الحياة تدب في النفوس، تلقي أشعتها على البحر، فينعقد منه سحاب فيمطر فينهمر ...وتحل في قلب الانسان، فيهدأ روهة (قلبه) ويذهب عنه ويطمئن الى الحياة، وتتحرك ارادته، وتنتعش آماله حياه حره طليقة، وجو مفتوح، وهواء جديد دائما. لم تفسد الحضارة بدخانه، وغازاتها ولم تحبسه الأبنية الشامخة ....ولم تحجزه الحيطان الربعة .تتجد النفس بتجدده ،وتملئ نشاطا من نشاطه ، يغدي كل خلية غداء حلو طيبا ، وينعش العواطف والروح في جو المدن لا يشعر الانسان بالسماء الا عند المطر، ولا بجمال الشمس، ولا بجمال القمر ، كل ما حوله من الجمال الصناعي ، قد استغنى بجمال طاقات الزهور عن الزهور في منابتها ، واستغنى بثريا الكهرباء عن السماء ، وبلحن المجلوب عن جمال الفطرة ،وجمال الطبيعة وإن مما يشعر الانسان بجمال الطبيعة يوم يخرج من المدينة الى الريف ، ويفر من الحضر الى البدو فيكشف له الخلق بجماله القشيب ،وتأخذ بلبه السماء في لا نهايتها ، والبحار في أبديتها تمنيت في هذا المشهد أن أكون كدودة القز تكون دودة حينا، ثم تكون فراشه حينا ، أرشف من هذه الزهور رشفة ، وانشر جناحي في الشمس، أعيش في جمال وأغيب في جمال، كما تغيب الشمس الجميلة في الشفق الجميل.
المصادر والمراجع:
ـ خليل الهنداوي، تيسير الإنشاء، دار الشروق العربي، بيروت.
ـ ماهر شعبان عبد الباري، الكتابة الوظيفية والإبداعية، دار المسيرة، عمان، ط1، 2010.
ـ عبد الله خمار، فن الكتابة، تقنيات الوصف، دار الكتاب العربي، الجزائر، 1998.
ـ محمد أولحاج، دليل تقنيات التواصل ومهارات التعبير والإنشاء، ط1، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، المغرب، 2005.
ـ محمد نجيب العمامي، في الوصف بين النظرية والنص السردي، دار محمد عمي لمنشر، تونس، ط1، 2005.
ـ محمد أولحاج، ديداكتيك التعبير تقنيات ومناهج، مؤسسة دار الثقافة لمنشر والتوزيع، المغرب، 2001.