الانتقال من المشافهة إلى الكتابة
الانتقال من المشافهة إلى الكتابة
تمهيد
ﺗﻌﺪ الكتابة من بين المهارات اللغوية التي تساعد من يمتلكها على تحويل معلوماته وأفكاره إلى نص مكتوب حتى يتم نشرها أو حفظها، والتواصل عن طريقها مع اﻵخرين، مع العلم أن ﺗلك المهارة تقوم على التدريب والموهبة، والممارسة، والبعض يمتلك مقدرة على ترجمة اﻷفكار بطريقة الكتابة الإبداعية التي يترتب عليها انجذاب القارئ نحو اﻹبحار بحروفها بغير سأم أو ملل، وهو ما ﻻ يدل على أن من ﻻ يحظى على موهبة الكتابة لن يقدر على ممارستها، ولكن من خلال التدريب إلى جانب الممارسة يمكن أن يصبح ويجعل المرء كاتبا بارعا ومبدعا.
ماهية الكتابة:
لغة: ورد لفظة الكتابة في لسان العرب لابن منظور: في لسان العرب: " كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْبًا وكِتابًا وكِتابةً. فالكتابة مصدر للفعل كتب وﺗﻌني الخط. وعرفها القلقشندي: بقوله "الكتابة في اللغة مصدر كتب يكتبُ كِتْبا، وكِتابةً ومكْتبَة وكِتبَة فهو كاتب. ومعناها الجمع، يقال تكتب القومُ إذا اجتمعوا، ومن ثم سمي الخط كتابة لجمع الحروف بعضها إلى بعض. وقد ﺗطلق الكتابة على العلم ومنه قوله ﺗﻌالى:﴿ أَمْ عِنْدهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴾سورة الطور: الآية: 41. أي: يعلمون.
اصطﻼحا: عُرفت الكتاب: " بأنها ترجمة للفكر ونقل للمشاعر ووصف للتجارب وتسجيل للأبحاث وفق رموز مكتوبة متعارف عليها بين أبناء اﻷمة المتكلمين والقارئين والكاتبين". وذكر فتحي يونس على أن "الكتابة هي المهارة اللغوية التى ﺗتضمن القدرة على التعبير في مواقف الحياة القدرة على التعبير عن الذات بجمل متماسكة مترابطة فيها الوحدة والاتساق، ويتوفر فيها اللغوية والصحة والهجائية وجمال الرسم". وأما محمود كامل الناقة فيشير إلى "أنها مجموعة من اﻷنشطة والمهارات التى تتميز كل منها بمطالب معينة تفرضها على الكاتب"
تعريف الكفاءة
الكفاءة هي نشاط مهاري يمارس على وضعيات ويستدعى مصطلح الكفاءة مجموعة من المواد التي يقوم الفرد بتعبئتها في وضعية ما بهدف النجاح في انجاز فعل كما أن الكفاءة ﺗﻌتني بوظيف الشخص لمعارف، معارف كونية، معارف استشراف في وضعية معينة بمعنى أن ﻻ تخرج الكفاءة من سياق وضعية ما، وهي دائما تابعة للتصور الذي يحمله الشخص عن الوضعية، من جهة أخرى يستدعي التوظيف ﺗﻌبئة.
للانتقال من المشافهة الى الكتابة لابد من تحقق مهارات وكفاءات ووجوب اتقانها، فمعرفة مهارات التعبير الكتابي يعين الطالب الباحث في تحرير أي نمط كتابي، ومن هذه المهارات نذكر ما يلي:
ـ سلامة الفكرة.
ـ وضوح الافكار والدقة في تحديدها.
ـ الصدق في تصوير المشاعر.
ـ استعمال اللغة السليمة.
ـ تماسك العبارات.
ـ تجنب تكرار العبارات والكلمات بصوره متقاربة.
ـ خلو الكتابة من أخطاء النحو والصرف والإملاء.
ـ أخطاء النحو والصرف والإملاء.
ـ الاستعمال السليم لعلامات الترقيم.
ـ أن يكون الطالب الباحث قادرا على التمييز بين الأفكار الكلية والأفكار الجزئية، وأن يكون قادرا على إحكام التسلسل المنطقي بينهما، ووضع الألفاظ في مواضعها فضلا عن حسن استخدام الاستشهاد، وتوظيف الحجج والبراهين.
ماهية التعبير:
لغة:
ورد في معجم العين التعبير من مادة " عبر: عبر يعبر الرؤيا تعبيرا وعبرها يعبرها عبرا وعبارة: إذا فسرها. "
وقد وردت هذه الصياغة في القرآن الكريم:" وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرى يابسات يأيها الملأ أفتوني في رأياي إن كنتم للرؤيا تعبرون."
ولا يخرج ابن منظور عن هذا المعنى، فجاء المصدر عنده من الفعل الثلاثي (ع ب ر): "عبر يعبر تعبيرا: عبروعبر الرؤيا يعبرها عبرا و عبارة وعبرها: فسرها و أخبر بما يؤول إليه أمرها.
والعابر الذي ينظر في الكتاب. أي يعتبر بعضه ببعض حتى يقع فهمه عليه وقيل أخذ هذا كله من العبر وهو جانب النهر.
عبر عما في نفسه: أعرب وبين.
وعبر عن فلان: تكلم عنه. واللسان يعبر عما في الضمير."
فحملها على ما يجول في الخاطر والخد، ويمكن القول أن معنى التعبير يأخذ صفاته من اللفظ نفسه، فعبر عن الشيء أي أفصح عنه وبينه ووضحه.
اصطلاحا:
يقصد بالتعبير امتلاك القدرة المتمثلة في الآليات والعوامل (اللوجيستية) المساعدة على نقل الفكرة أو الإحساس والعواطف والاحتياجات بعبارات صحيحة سليمة خالية من الأخطاء إلى السامع. وقد يتم ذلك شفويا وكتابيا.
وقد وردت تعريفات كثيرة للتعبير الكتابي نجمل بعضها فيما يلي:
ـ يذهب: محمد صالح بسمل " إلى أن التعبير " إفصاح الإنسان بلسانه أو قلمه عما في نفسه من الأفكار والمعاني.
ـ ويعرفه " فتحي يونس" بأنه وسيلة الاتصال وتسهيل عملية التفكير والتعبير عن النفس.
ـ ويرى " عبد العليم إبراهيم " بأنه وسيلة اتصال بين الفرد وغيره ممن تفصله عنهم المسافات الزمانية والمكانية.
ويضيف الباحث تعريفا آخر يرى أنه جامع للتعبير يقول عنه: هو وسيلة الاتصال بين الفرد والمجتمع الإنساني للتعبير عما في عقله وقلبه بشتى الأدوات من: لسان أو قلم أو تقانة حديثه بهدف تحقيق رسالة الأدب من خلال سحر الحرف المؤدي أو المتلقي، وصولا إلى حالة من التكيف مع محيطه الذي يسعى إلى حل مشكلاته والاستمتاع الحسي المعنوي."
ـ هو العمل المدرسي الممنهج الذي يسير وفق خطة متكاملة، للوصول بالطالب إلى مستوى يمكنه من ترجمة أفكاره ومشاعره وأحاسيسه ومشاهداته وخبراته الحياتية ـ شفاها وكتابة ـ بلغة سليمة وفق نسق فكري معين.
التعبير هو ما يكون لدى القارئ من إمكانية الإفصاح عن أحاسيسه وأفكاره في وضوح وتسلسل، يمكنان القارئ أو السامع من الوصول في يسر إلى ما يريده الكاتب أو المتحدث بأدوات متعددة منها التعبير بالكتابة والتعبير بالرسم والألوان والخطوط والحوار والإيحاء وغيرها من الأساليب التي يسلكها الإنسان بعقله للتعبير عما يجيش بداخله.
وباختصار هو: " تعيير المرء عن فكرة ما. بلغة من لغات التعبير، ويقصد بالفكرة: الموضوعات التي يراد التعبير عنها، كوصف لحدث واقعي يجري أمامنا أو خيالي سمعنا به، أو لتحليل فكرة اجتماعية قومية نفسية تربوية علمية وما شابه ذلك من الموضوعات التي لها مساس مباشر أو غير مباشر بالإنسان في حياته اليومية، والعمل على مناقشتها وإجلاء خباياها، ومعرفة أبعادها ومراميها، ثم تحديد الموقف منها ... سلبا أو إيجابا."
التي لها مساس مباشر أو غير مباشر بالإنسان في حياته اليومية، والعمل على مناقشتها،
وإجلاء خباياها، ومعرفة أبعادها ومراميها، ثم تحديد الموقف منها ... سلبا أو إيجابا."
:
التعبير الكتابي وسيلة من وسائل الاتصال بين الإنسان وأخيه الإنسان، حالت الظروف، وبعد المسافات دون مقابلتهما والتحدث إلى بعضها البعض، ولما كانت جميع المهن في حاجة ماسة إلى هذا النوع من التعبير وجب على المؤسسات التربوية بمختلف أطوارها السعي جاهدة على اكتساب المتعلم المعارف والمهارات اللازمة التي تمكنه من كتابة ما يريد في مختلف المواقف الحياتية التي سنذكر أهمها في طيات هذا البحث.
وينقسم التعبير من حيث الغرض من توظيفه إلى نوعين:
1 ـ التعبير الوظيفي ويسمى بالنفعي. يعبر به عما يجري في حياة الناس وتنظيم شؤونهم بعيدا عن الانفعال والتأثر، وإنما يؤدي وظائف حياتية. ويبين الدكتور جودت الركابي بأن '' الغرض منه اتصال الناس بعضهم ببعض لقضاء حاجات وتنظيم شؤون حياتهم، ويسمى هذا النوع بالتعبير الوظيفي مثل المحادثة والمناقشة وحكاية القصص والأخبار وإلقاء الكلمات والخطب وإعطاء التعليمات والإرشادات وكتابة التقريرات والمذكرات والملخصات والنشرات والإعلانات والدعوات وتحرير الرسائل ... ونحو ذلك” هذا الكلام يقودنا إلى التأكيد بأن التعبير الكتابي" يختلف باختلاف مجالات العمل، ونوعيات الأعمال، وتنوع فرصه بتنوع المدارس"
2 ـ التعبير الإبداعي ويسمى الذاتي والأدبي والإنشائي والابتكاري. يعرض فيه المبدع أفكاره ومشاعره النفسية وخبراته الخاصة، قائما على العاطفة والانفعال والإبداع في اللغة، واستخدام الإبانة لأفكار ومعان غير مألوفة، ولا سبق الحديث فيها. '' فالتعبير الإبداعي لا يقصد به تعبير الحياة اليومية، الذي يتصدى لنقل معلومة بسيطة أو معنى طارئا. إنه تشكيل لعناصر الطبيعة على نحو يحيل هذه العناصر إلى فن، ويتضح هذا
المعنى من خلال الجدة في الفكر والعمق والتجديد في إبراز الصورة المتخيلة، لذا فهو صورة من التفكير الابتكاري (الإبداعي) لذا يتطلب أفكارا جديدة وغير معروفة وإتباع أساليب غير مألوفة".
يقوم هذا الفن على حسن اختيار الكلمات ورصفها وربطها بأسلوب إبداعي وانتخاب الجدة والطرافة ورشاقة اللفظ والمزاوجة بين الخبر والإنشاء والتركيز على جمال الإيقاع وتوظيف الصور البيانية وتدفق الشعور العاطفي دون إهمال الجانب العقلي
أما عن صوره فهي لا تختلف عن صور التعبير الشفهي لولا أن الطالب يعبر فيه كتابيا ومن صوره " تلخيص القصص والموضوعات المقروءة أو المسموعة أو المشاهدة أو ربما تحويل القصة إلى حوار تمثيلي كتابي ومن صوره أيضا كتابة الرسائل والكتابة حول الموضوعات الخلقية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية وكذلك إعداد الكلمات الخطابية لإلقائها في المناسبات المختلفة".
من خلال هذه الاستفاضة في الشرح عن التعبير الإبداعي، نكتشف بأن المبدع يتصل بالملتقى عن طريق الكتابة، والغاية في ذلك تعبيرية، ثم جعله يشارك وجدانيا من خلال السماع أو القراءة، ثم التأثير فيه من خلال إعادة تشكيل وبناء المعاني بطريقة غير مألوفة.
المصادر والمراجع
ـ ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان، ط5، 2005.
ـ جودت الركابي: طرق تدريس اللغة العربية، دار الفكر المعاصر، 2011،
ـ خليل عبد الفتاح حماد، خليل محمود نصار، فن التعبير الوظيفي، مطبعة ومكتبة منصور، مصر، ط1.
ـ طه حسين الدليمي، سعاد عبد الكريم عباس الوائلي، اللغة العربية مناهجها وطرائف تدريسها، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 2005.
ـ عبد العليم إبراهيم: الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية، دار المعارف، القاهرة، 1979.
ـ فهد خليل زايد: الأساليب العصرية في تدريس اللغة العربية، دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2011.
ـ فواز بن فتح الله الراميني. المرجع اللغوي الوافي في التعبير: الإبداعي والوظيفي للتعليم العام والجامعي.