الرواية العربية المعاصرة: أعلامها

 

    تشير الرواية العربية المعاصرة إلى الشكل الأدبي السردي الذي تطور في النصف الثاني من القرن العشرين وما بعده، ويعكس تحولات الفكر، والمجتمع، واللغة، والهوية، في سياق التغيرات الثقافية والسياسية والاقتصادية العالمية. وهي تختلف عن الرواية التقليدية في بنيتها وأسلوبها وموضوعاتها.

1 ـ طه حسين:

    ولد طه حسين في 14 نوفمبر 1889 في مدينة مغاغة المصرية، درس طه حسين في الأزهر، ثم انتسب للجامعة الأهلية، وحصل على درجة الدكتوراه وذلك في عام 1914، ثم انتقل إلى فرنسا من خلال بعثة دراسية، ثم عاد إلى مصر فعمل أستاذا للتاريخ، ثم عمل كأستاذ للغة العربية، ثم عمل عميدا لكلية الآداب، ومن بعد ذلك أصبح مديرا لجامعة الإسكندرية، ثم شغل منصب وزير المعارف.

   هو أحد أبرز المفكرين والأدباء في العالم العربي في القرن العشرين. يُلقب بـ عميد الأدب العربي، وكان شخصية محورية في النهضة الأدبية والفكرية الحديثة في مصر والعالم العربي.

رغم فقدانه البصر في سن مبكرة، تفوق في الدراسة حتى حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر، ثم حصل على دكتوراه ثانية من جامعة السوربون في فرنسا.ومن أشهر أعماله الروائية:

ـ دعاء الكروان رواية اجتماعية تدور حول قضية الشرف والثأر، تسرد قصة فتاة من الريف المصري تحاول الانتقام لأختها التي اغتُصبت وقُتلت.تناول في عمومها فيها قضايا المرأة، والعدالة، والتقاليد الريفية. وتم تحويلها لاحقاً إلى فيلم سينمائي شهير.

ـ شجرة البؤس: رواية تصوّر المعاناة الاجتماعية في الريف المصري حيث تصور الفقر والجهل والظلم، مع لمسة فلسفية ونقد اجتماعي حاد من خلال قصة أسرة فقيرة.

ـ أديب: رواية فلسفية تدور حول شاب مثقف يمر بأزمة نفسية وفكرية بعد فقدان بصره، تعكس صراع الفرد مع المجتمع ومع الذات وهي رواية أقرب إلى السيرة الذاتية، تمزج بين الواقع والتأملات الفكرية.

خصائص أسلوب طه حسين الروائية:

ـ التأثر بالثقافة الغربية التي تظهر في طريقة بناء الرواية، وتناول المواضيع الاجتماعية مثل الحرية الفردية.

ـ التوظيف الرمزي والتاريخي حيث كان يستخدم الرمز والتاريخ كوسيلتين لتمرير أفكاره، كما فعل في رواية "على هامش السيرة" حيث أعاد قراءة السيرة النبوية بلغة أدبية تحمل بعدًا إنسانيًا وفكريًا.

ـ الاهتمام بالبنية الفنية للرواية حيث كان من بين الأوائل الذين حاولوا تطوير الشكل الروائي في الأدب العربي، كما في روايته "دعاء الكروان" التي تُعد من أبرز النماذج على البناء الفني المتكامل.

ـ البنية العقلانية والتحليل النفسي مفكرًا قبل أن يكون روائيا، لذلك نجد في رواياته تحليلًا نفسيًا عميقا للشخصيات والأحداث، إضافة إلى ميله للعرض العقلاني للأفكار بعيدًا عن الانفعال أو العاطفة الزائدة.
ـ التوظيف الرمزي والتاريخي حيث كان يستخدم الرمز والتاريخ كوسيلتين لتمرير أفكاره، كما فعل في رواية "على هامش السيرة" حيث أعاد قراءة السيرة النبوية بلغة أدبية تحمل بعدا إنسانيا وفكريا.

ـ جزالة اللغة وضبط الخيال بالواقع

2 ـ توفيق الحكيم:

    ولد توفيق الحكيم يوم 9 أكتوبر 1898 بمحافظة الاسكندرية، وتخرج من كلية الحقوق بالقاهرة، وبعث إلى باريس لإكمال دراساته العليا بهدف الحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة، واطلع على الأدب العالمي، وفي مقدمته اليوناني والفرنسي وترك توفيق الحكيم دراسة القانون متجها إلى الأدب المسرحي والقصص، وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا ومن أشهر أعماله الروائية:

ـ عودة الروح (1933 وتعد من أشهر رواياته وأكثرها تأثيرًا. تصور يقظة الروح المصرية قبل ثورة 1919، وتعكس الروح الوطنية والتحولات الاجتماعية في مصر، واعتبرت مصدر إلهام لثورة يوليو 1952.

ـ عصفور من الشرق (1938) رواية فكرية تصور الصراع بين الشرق والغرب، من خلال تجربة بطل مصري يدرس في باريس وتعالج صدمة الحداثة، والاختلاف الثقافي، والحيرة الوجودية.

ـ يوميات نائب في الأرياف (1937) تصور معاناة الفلاح المصري والبيروقراطية في النظام القضائي وتعتمد أسلوبًا واقعيًا ساخرًا، وتعد من أولى الروايات التي صورت الريف المصري بصدق.

ـ الطعام لكل فم (1952) تتناول قضية العدالة الاجتماعية وحق الإنسان في العيش الكريم.

ـ زهرة العمر (1666) تتناول علاقة عاطفية وفكرية بين طالب مصري وفتاة فرنسية خلال دراسته في باريس.

ـ خصائص أسلوب رواياته:

ـ تمزج بين الفكر والفن، وتطرح تساؤلات فلسفية بعمق أدبي.

ـ لغتها سهلة لكنها تحمل رموزًا وتأملات عميقة.

ـ تتنوع بين الواقعية، والرومانسية، والرمزية، مع حضور قوي للبعد الإنساني.

3 ـ نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا:

  نجيب محفوظ كاتب مصري ولد يوم 11 ديسمبر 1911 كاتب وروائي مصري بارز ويعد من أعظم أعلام الأدب العربي الحديث وأول مصري وعربي حائز على جائزة نوبل في الأدب في عام 1988. كتب نجيب محفوظ منذ الثلاثينات واستمر حتى 2004.  تدور أحداث جميع رواياته في مصر وتظهر فيها سمة متكررة، هي الحارة التي تعادل العالم. كتب نجيب محفوظ أكثر من ثلاثين رواية اشتهرت غالبيتها وتم إنتاجها سينمائيًا أو تلفزيونيًا

   عرف بأسلوبه السردي المميز وقدرته على تصوير المجتمع المصري بعمق ودقة، من خلال روايات تناولت قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية.

   من أشهر أعماله الروائية ولا تزال أعماله تُقرأ وتُدرّس في مختلف أنحاء العالم:

ـ ثلاثية القاهرة (بين القصرين، قصر الشوق، السكري) والتي توثق حياة أسرة مصرية على مدار ثلاثة أجيال، وتعكس التحولات التي شهدها المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين.

ـ الحرافيش

ـ ليالي ألف ليلة

ـ الباقي من الزمن ساعة

ـ عائش في الحقيقة

4 ـ واسيني الأعرج:

   واسيني الأعرج ولد في 8 أغسطس 1954 بقرية سيدي بوجنان الحدودية ولاية  تلمسان جامعي وروائي جزائري يشغل اليوم منصب أستاذ في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، ويُعد من أبرز الروائيين في الأدب العربي المعاصر في الوطن العربي. يكتب باللغة العربية والفرنسية، وتتميز أعماله بتناولها لمواضيع الهوية، الذاكرة، والتاريخ الجزائري، خاصة فترات الاستعمار وحرب التحرير وما بعدها. على خلاف الجيل التأسيسي الذي سبقه، تنتمي أعمال واسيني، الذي يكتب باللغتين العربية والفرنسية، إلى المدرسة الجديدة التي لا تستقر على شكل واحد وثابت، بل تبحث دائمًا عن سبلها التعبيرية الجديدة والحية بالعمل الجاد على اللغة وهز يقينياتها

من أعماله الروائية:

ـ مملكة الفراشة، البيت الأندلسي، سيدة المقام، أصابع لوليتا، أنثى السراب، شرفات بحر الشمال، طوق الياسمين، حارسة الظلال، شرفات بحر الشمال، كتاب الأمير.

خصائص أسلوب رواياته:

ـ الأسلوب اللغوي الراقي والشعري، مما يمنح رواياته طابعًا جماليًا خاصًا. يمتاز بالتكثيف اللغوي واستخدام الصور البلاغية والرمزية.

ـ الاهتمام بالتاريخ والهوية خاصة تاريخ الجزائر ما قبل وما بعد الاستعمار، كما يظهر اهتمامه بالهوية الوطنية والبحث عن الذات في ظل التحولات السياسية والاجتماعية.

ـ التداخل بين الواقعي والمتخيل حيث يمزج بين الأحداث الحقيقية والخيال الأدبي ليعيد قراءة التاريخ بمنظور إنساني وفني. مثال بارز على ذلك روايته "الأمير" التي تسرد حياة الأمير عبد القادر بأسلوب روائي.

ـ الاهتمام بالمكان حيث يمنح المكان أهمية خاصة في رواياته، حيث يُبرز العلاقة العاطفية والرمزية بين الشخصيات والمكان، مثل الجزائر، باريس، أو دمشق. المكان عنده ليس خلفية فحسب، بل عنصر فاعل في بناء السرد.

ـ الشخصيات المعقدة والمأزومة شخصياته غالبًا ما تكون مثقفة، تعاني من اغتراب داخلي، أو تعيش صراعات وجودية، تعكس الواقع السياسي والثقافي في الجزائر والعالم العربي.

ـ الكتابة عن المرأة حيث يحضر عنصر المرأة بقوة في رواياته، وغالبا ما يجسدها كرمز للوطن أو الثورة أو ككائن يحمل معاناة مزدوجة (الاجتماعية والذاتية).

5 ـ أحلام مستغانمي 

أحلام مستغانمي كاتبة وروائية جزائرية، ولدت في 13 أبريل 1953 بتونس العاصمة وعاشت بها تسع سنوات، ثم انتقلت إلى الجزائر بعد الاستقلال سنة 1962، حازت على جائزة نجيب محفوظ لعام 1998

 عملت أحلام في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة إذ لقي برنامجها «همسات» استحسانا كبيرا من طرف المستمعين، انتقلت أحلام مستغانمي إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون، وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد. اختارتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو لتصبح فنانة اليونسكو من أجل السلام وحاملة لرسالة المنظمة من أجل السلام لمدة عامين، باعتبارها إحدى الكاتبات العربيات الأكثر تأثيرا. ومن أثارها الروائية: ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، نسيان، أصبحت أنت، شهيا كفراق

خصائص أسلوب رواياتها:

ـ اللغة الشعرية والانفعالية

ـ مزج السرد الذاتي بالسياسي

ـ الحضور القوي للذات الأنثوية

ـ تقنيات الرسائل والخطابات

ـ حضور الذاكرة والحنين

ـ بناء الشخصيات الرمزية

ـ التناص الأدبي والثقافي

6 ـ محمد ديب

ولد 21 يوليو 1920  كاتب وأديب جزائري ولد في تلمسان غرب الجزائر . كان مولد محمد ديب الأدبي عام 1952 حين صدرت له أول رواية وهي رواية "البيت الكبير"، وقد نشرتها جريدة "لوسوي" الفرنسية، ونفذت طبعتها الأولى بعد شهر واحد، ثم رواية "الحريق" التي تعلن إرهاصات الثورة الجزائرية. والغريب في الأمر أنه بعد ثلاثة أشهر من نشرها انطلقت ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 في الجزائر. نال محمد ديب عام 1963 جائزة الدولة التقديرية للآداب، كذلك كان أول كاتب مغاربي يحصل على جائزة الفرنكوفونية، وذلك عام 1994 حيث تسلمها من الأكاديمية الفرنسية تنويها بأعماله السردية والشعرية. توفي الأديب محمد ديب في 2 مايو 2003 بسان كلو إحدى ضواحي باريس في فرنسا.

يعد محمد ديب أحد أبرز الروائيين والشعراء الجزائريين المعاصرين، وقد كتب جميع مؤلفاته باللغة الفرنسية، فأثار بذلك مسألة هوية وانتماء هذا الأدب. هل هو أدب عربي، لأن موضوعاته عربية ويعالجها المؤلف من منطلق وطني عربي، أم أنه أدب فرنسي، لأنه مكتوب باللغة الفرنسية، وبأسلوب تجديدي متميز، جعل الشاعر الفرنسي لوي أراگون يمدح شعرية لغة ديب، ودفع الأكاديمية الفرنسية إلى منحه جائزة الفرنكوفونية في عام 1982. ومن هذه الأعمال:

 

المصادر والمراجع:

1 ـ أباظة الشرقاوي، أعلام الأدب العربي المعاصر سير وسير ذاتية، مطبعة درغام، بيروت، لبنان، 2013.

2 ـ أحمد إبراهيم الهواري، أدباء معاصرون، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط2، 1985.

3 ـ أحمد منور، أزمة الهوية في الرواية الجزائرية، باللغة الفرنسية، دار السلاسل للكتاب، الجزائر، ط1، 2013.

4 ـ حمدي السكوت، مارسدن جونز، أعلام الدب المعاصر في مصر، دار الكتاب المصري القاهرة، دار الكتاب اللبناني بيروت.

5 ـ سمر روحي الفيصل، معجم الروائيين العرب، جروس برس، 1995.

6 ـ عبد الحميد دشو، معجم الأدباء العرب في الرواية والشعر والأدب، إصدار إلكتروني أول، 2018.

 

 

ـ

 


آخر تعديل: الاثنين، 19 مايو 2025، 2:30 AM