يرتكز المنهج الاجتماعي في نقد الأدب على المفاهيم الأساسية لعلم الاجتماع القائمة على حقيقة تقسيم الهوية المجتمعية إلى بنيتين هما البنية التحتية الممثلة لمختلف المكونات الاقتصادية وأساليب وصيغ تنظيمها والبنية الفوقية بما تتضمنه من أفكار وتصورات ورؤى فلسفية وإبداعات.

      وفي ظل التفاعل القائم بين علم الاجتماع والنقد الأدبي نشأت مقاربة جديدة للأدب هي نظرية الانعكاس كنتيجة للتغير الذي ساد الفكر بعد النظرية الماركسية التي جاءت رفضا لتسلط وسيطرة الطبقة البرجوازية على الطبقة العاملة وما صاحبها من تغيير اجتماعي وسياسي واقتصادي وتداعياته على الأدب الذي احتل نفس المرتبة وحاز على نفس الاهتمام مع بقية الظواهر الاجتماعية الأخرى، فالأدب ظاهرة من ظواهر الوعي الاجتماعي لدى الناس مرتبط بالظروف الاجتماعية والتاريخية والمتغير بتغيرها وهكذا فسر الأدب في ظلها social referent على أنه إحالة اجتماعية

     وبالتالي فإن التحليل السوسيولوجي للأدب ما هو إلا امتداد لنظريات كارل ماركس وفريديريك انجلز التخطيطية للجوانب الاقتصادية والسياسية والثورة على المفاهيم الصراع الطبقي الذي تتحكم فيه الطبقة الفوقية في الحركة الحياتية للطبقة العاملة.

 وبما أن الأدب شكل من أشكال الحياة فإن البعد الاجتماعي ينعكس في بنائه وأفكاره.

نظرية الانعكاس عند بليخانوف: georgi plekhanov

     تقوم أساسا على اعتبار الأدب نص إيديولوجي يعكس رؤية كاتبه وموقفه والنقد الأدبي ملزم قبل كل شيء بالبحث عن هذه القيم الإيديولوجية ثم الكشف عن الجمالية والفنية بدرجة تالية.

     فبليخانوف يحاول الربط بين النقد الجمالي والنقد الإيديولوجي في تقييم الأعمال الأدبية وهو يستبعد التصورات المثالية للأدب التي تلغي شرط اتصال الأدب بالبيئة والشروط الاجتماعية الطبقية التي تنتجه.

      وإذا كان الأدب مرتبط بالظروف الاجتماعية والطبقية لنشأته فإن النقد الأدبي ملزم بإدراك هذه الظروف حيث يرى بليخانوف أن كل إيديولوجيا بما فيها الفن وما يسمى بالآداب الجميلة، إنما تعبر عن الميول والأحوال النفسية لمجتمع بعينه. والنقد الأدبي ملزم أولا بإدراك العنصر المعبر عنه في هذا الأثر من عناصر الوعي الاجتماعي والطبقي. و"إذا كانت الأعمال الأدبية، تمثل بالضرورة شكلا وتمظهرا للوعي وللتصور الثقافي الشامل لدى طبقة أو مجموعة اجتماعية محددة، فإن ذلك لا يتم عبر الانعكاس البسيط والساذج للأفكار، إن التفاعل والتناظر يتم عبر تحقق رؤية شمولية متجانسة، يتم الكشف عنها من خلال بنية النص الدالة، هذه البنية التي تشكل مجموع الرؤى المتحاورة في النص، والتي تمكننا من مقابلتها مع المنظومة الفكرية للطبقة الاجتماعية المتناسقة معها"[1]

     وبليخانوف يركز بشدة على الجانب الإيديولوجي في نقد الأدب وهذا ما جعل أعماله النقدية يطغى عليها التقييم السوسيولوجي المتصل بحكم إيديولوجي واضح. قد يبلغ أحيانا درجة من التشدد السياسي القريب من النظرة الحزبية الضيقة.



[1] - في مناهج تحليل الخطاب السردي، عمر عيلان، مشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق سوريا، 2008، ص262.

Last modified: Thursday, 23 November 2023, 6:54 PM