المحاضرة السادسة السماع ومصادره
|
المحاضرة السادسة السماع ومصادره |
القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. |
|
|
المحاضرة السادسة السماع و مصادره:
القران الكريم و الحديث النبوي الشريف.
أولا تعريف السماع :
أ/لغة: إن المتصفح لمعاجم اللغة يجد أن معنى السماع يدور في الإنصات و حس الأذن و الإستماع و الإصغاء ،و هو مصدر الفعل الثلاثي سمع يقول ابن منظور في لسان العرب عن معنى سمع:"(اسم ما استلَذَّت الأذن من صوت حسن، والسماع أيضًا: ما سَمَّعْتَ به فشاع وتُكُلِّمَ به، يُقال سمعته سمعًا وسِمعَا وسَماعه وسماعية، وهو ما سمعت به فشاع وتُكلم به" وورد في سياقات مختلفة نحو: سمع الخبر أي تلقّى الخبرَ، وسمع الله دعا العب أي استجابَ له دعاءهُ، وبه نخلص الى أن السماع في اللغة هوما تم سماعه و هو الذي قد تم التكلم به. إذا علمنا أن السماع لغة ما سمع فما هو مفهومه الاصطلاحي؟
ب ــ اصطلاحا: أورد العلماء الأصوليون عدة تعريفات للسماع الذي يعد المصدر الأول للكلام العربي وكلها تشترك في ماهية ؟أن السماع هو أحد الأصول الثلاثة التي قام عليها النحو العربي، فقد أورد ابن الأنباري تعريفه و هو رائد علم أصول النحوو الذي سماه بالنقل أنه:" علم أن النقل هو الكلام العربي الفصيح المنقول، النقل الصحيح الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة"، وعلى هذا يخرج ما جاء من كلام غير العرب من المولِّدين وغيرهم، وما جاء شاذًا، فالسماع يقال له أيضًا النقل" ومعنى كلامه هو أن السماع هو الكلام الفصيح المنقول عن العرب القدامى و يشترط فيه عدم الإنتحال سواءً أكان هذا الكلام شعرًا أم نثرًا، والخلاصة إنَّ السماع هو الكلام الذي ثبتَ قولُهُ عند العرب القدامى، ولعلَّ أهم ما ثبتَ هو القرآن الكريم الذي أنزلَه الله تعالى. ورد عند السيوطي السماع بهذا المصطلح بقوله: ما ثبتَ في كلامِ مَن يوثَقُ بفصاحته، فشمل كلام الله تعالى، وهو القرآنُ، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وكلام العرب قبل بعثته وفي زمنه وبعده، إلى زمن فسدت الألسنة بكثرة المولَّدين، نظمًا ونثرًا عن مسلم أو كافر؛ فهذه ثلاثة أنواع لا بُدَّ في كل منها من الثُّبوت". و نخلص من قول السيوطي أن السماع هو أن السماع هو الأصل الأول للكلام العربي، و أولها هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه الكريم المنزه عن الخطأ المحفوظ في الصدور، هذا القران الكريم هو أفصح و أبلغ و أعجزأبلغ فصحاء العرب فعجزوا عن الإتيان بمثله، فهو الأساس الأول من أركان السماع. لتأتي السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة و التسليم في الرتبة الثانية. لكن ما يلاحظ بين علمائنا الأفاضل هوعدم اختلافهم و اتفاقهم جميعا على الإحتجاج بالقرآن الكريم إنما كان اختلافهم في الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف بين مؤيد و معارض و محدّد لشروط معينة حتى يقبل الحديث، و الملاحظة التي نذكرها هو أن اختلافهم ليس على الرسول صلى الله عليه و سلم فهو أفصح العرب قاطبة و إنما كان الإختلاف في روايته فوضعوا شروطا سنفصل فيها في حديتنا عن المصدر الثاني و وهم الحديث النبوي الشريف. و الكلام العربي شعرا و نثرا.
خلاصة ما ورد في تعريف السماع اصطلاحا هو أن العلماء يضعون شروطا في المسموع و هو الفصاحة و العربية؛ فلا بدَّ أن يكون الكلام عربيًّا. فصيحا.
مع صحة النقل. و الاطراد و هو يعني الكثرة.
أولا: تعريف القرآن الكريم: "وهو كتاب الله المنزّل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ العربي، المنقول إلينا بالتواتر المكتوب بالمصاحف المتعبّد بتلاوته المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس" و هو الأصل الأول والأصح سنداً وأعلاها بلاغة وأكثرها ثراءً و منه انبثقت جل العلوم العربية. وعنه نشأت العلوم العربية المختلفة و التي برع علماء العرب في دراستها و الاستفاضة فيها على سبيل البلاغة و علم المعنى و الصوتيات و أجلها التفسير و الحديث و النحو و غيرها من العلوم الجليلة. و المعلم أن العرب تختلف لهجاتها وعلى الرغم من ذلك إلا أن القرآن الكريم وصل متواترا صحيح السند لكن بوجوه عدة وهي القراءات المتواترة.
يشير تعريف القران الكريم السابق الى أن القران الكريم نقل من طريق التواتر و الأحاد فما معنى ذلك؟
نقول أن التواتر كما عرفه العلماء وورد في المصادر و اتفق على تعريفه "ما نقله عدد كثير من الرواة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، ولابد من وجود هذه الكثرة في جميع الطبقات، وهذا النوع من الخبر مقبول كله، ولا حاجة إلى البحث عن رواته." ومن هذا القول أن المتواتر هو الحديث الذي رواه مجموعة عن مجموعة، يستحيل توافقهم على الكذب و النحل، ويكون منتهى سندهم إلى الحس، وهو أعلى درجات الصحة؛ لاستحالة خطأ الرواة فيه، لذا يتفق المحدثون على صحة الأحاديث المتواترة المخرَّجة في الصحيحين وغيرهما.
أما الأحاد فهو ما تم نقله الينا بدرجة لم يبلغ بها حدّ التواتر كأن يكون بواحد أو اثنين على الأكثر". نقصد الجمع لم يبلغ حد الجمع في المتواتر. يعني ينتفي فيه شرط الجمع الكثير. فيكون قد راو أو ثلاثة أو أكثر.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" " أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه" نريد من هذا الحديث أن القرآن الكريم وصل الينا منقولا على قراءات العرب المختلفة. و على أحرف و لهجات العرب، كمما نتج عنه نتيجة مفادها وضع العلماء لشروط معينة في القراءة القرآنية حتى يحتج بها في الكلام العربي و تلك الشروط نذكرها كما يلي:
1- صحة السند: فلا تقبل القراءة إلا إذا ثبتت عن رسول الله.
2- موافقة العربية سواء كانت الموافقة في الفصيح بدل الأفصح، أو في المختلف فيه بدل المجمع عليه.
3- موافقة الرسم العثماني ولو احتمالا.
وإذا اختل شرط من هذه الشروط، كانت القراءة ضعيفة أو شاذة أو باطلة.
و المعلوم أن العلماء انقسموا الى فريقين. نحاة ارتضوا بالقراءات كلها و قبلوا بها في تثبيت القواعد النحوية و كلام العرب و فريق آخر رفض ذلك لحجج معينة و كان ذلك بين البصريين و الكوفيين و لكل منهم رأيه الخاص حججه التي يدعم بها رأيه نتعرف على ذلك في القراءات القرآنية بإذن الله.
ثانيا: الحديث النبوي الشريف: هو كلام أفصح العرب قاطبة محمد عليه أفضل الصلاة و التسليم، كل ما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفة، أو القصص التي وردت عنه أيضاً سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها؛ إذ إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلم- حفظ منذ خلقه وحتى مماته بحفظ الله -عزّ وجل- الّذي أبعده عن كل شرٍّ ومكروه. و يكون الحديث النبوي المصدر الثاني في الاحتجاج بعد القرآن الكريم. اذا ما هو موقف النحويين من الحديث النبوي الشريف في الاحتجاج به؟
كما ذكرنا الاختلاف الذي قام بين النحويين حول كلام الرسول ليس في صاحبه صلى الله عليه و سلم ، إنما في روايته و يمكن التفصيل في ذلك و الحديث عن الفرق الثلاثة التي انقسمت الى مؤيد و معارض و موفق في ذلك فيما يلي:
الفريق الأول : المؤيدون: هذا الفريق من النحاة قبل الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف دون أي شرط أو قيد على اعتباره منقولا الينا بالتواتر. كابن مالك وابن هشام (761هـ) هذا يؤخذ من ظاهر مصنفاتهم الذين أكثروا فيها من الاستشهاد بالحديث في إثبات اللغة دون قيد في الجملة. ومن هؤلاء أيضا الأزهري (368هـ) من علماء القرن الرابع للهجرة صاحب التهذيب، والجوهري(393هـ) صاحب الصحاح، وابن سيده(458هـ) صاحب المخصص، وابن فارس(395هـ) صاحب مقاييس اللغة.
الفريق الثاني: المتوسطون: نقصد بهذا الفريق فئة العلماء الذين أجازوا الاحتجاج بالحديث النبوي في مسائل اللغة و النحو بشروط معينة و من هؤلاء السيوطي و الشاطبي عليهم رحمة الله، وذلك فيما يلي:
صحة السند عن النبي" صلى الله عليه و سلم" و بما ثبت لفظه عنه صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال ضوابط، أو قرائن تدل على أنه لم يقع فيه تصرف من الرواة؛ كأن يكون الحديث مما يعتني الرواة بنقل ألفاظه لمعنى خاص فيه، ونحو ذلك ومعنى أن يكون مروي بالحرف لا بالمعنى. الذين رووا الحديث هم أعاجم لا يسلم كلامهم من اللحن لأنهم تعلموا العربية و لم تكن فيهم سليقة.
الفريق الثالث: المانعون: منع هذا الفريق الاحتجاج بالحديث النبوي في تثبيت كلام العرب من قواعد و غي ها ، أمثال سيبويه و الخليل و هم أئمة النحو. ى إثبات اللغة؛ وذلك لجواز الرواية بالمعنى، ووقوع اللحن في الحديث من قبل الرواة.
المراجع:
ــ لسان العرب، ابن منظور، ج1،دا صادر، بيروت،لبنان.
ــ د. خديجة الحديثي في كتاب موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث، دار الرشيد للنشر، العراق،
ــ الاقتراح في علم أصول النحو، جلال الدين عبد الرحمن الأسيوطي، ط1، 1988م.
ـــ الدماميني، قضية الاستشهاد بالحديث الشريف على إثبات القواعد النحوية،
ـــ النهاية في غريب الحديث والأثر، ج1، ص 215. ابن الأثير، دار إحياء الكتب العربية تح: عيسي الباجي، 1383هـ – 1963م.
محمود حسن عمر، الاحتجاج بالقراءات القرآنية وموقف النحاة منه، 1436 هـ - 2015 م