المحاضرة السابعة: العلة النحوية في المرفوعات
|
العلة النحوية في المرفوعات |
المبتدأ و الخبر.الفاعل و نائب الفاعل. |
|
|
العلة النحوية في المرفوعات:
-أولا: العلة النحوية في المرفوع من الأسماء:
الأسماء المرفوعة: تشمل: المبتدأ ، الخبر، الفاعل ، نائب الفاعل ،اسم كان، خبر إن. يختلف النحاة في رافع المبتدأ والخبر على قولين. و قبل ذلك لا بد من الإشارة الى تعريف المبتدأ و الخبر و التعرف على الحكم الإعؤرابي لهما، ثم الحديث على علة رفعهما و بيان أهم الإختلافات بين البصريين و الكوفيين.
1/ المبتدأ والخبر:
يقول ابن مالك:
متبدأ زيد وعادر خبر إن قلت زيد عاذر من اعتذر
تعريف المبتدأ: فالمبتدأ كل اسم ابْتُدئ ليُبنى عليه كلام، والمبتدأ والمبني عليه رفعٌ، فالابتداء لا يكون إلا بمبني عليه، فالمبتدأ الأول والمبني ما بعده عليه، فهو مسند ومسند إليه. المبتدأ: كل اسم عارٍ من العوامل اللفظية، أي اسم لم يسبق بأي شيء.
تعريف الخبر:
وهو "هو الاسم الذي هو خبر المبتدأ: هو الذي يستفيده السامع، ويَصير به المبتدأ كلامًا، وبالخبر يقع التصديق والتكذيب.
إن كان المبتدأ أو الخبر معربين فهما مرفوعان وإن كانا مبنيين في محل رفع أي حسب بناء و اعراب الكلمة.
علة رفع المبتدأ و الخبر:
يقول ابن مالك:
ورفعوا مبتدأ بالابتدا كذاك رفع خبر بالمبتدا
ذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء، وأما الخبر، فاختلفوا فيه، فذهب فريق إلى أنه يُرفع بالابتداء وحْده، وذهب آخرون إلى أنه يَرتفع بالابتداء والمبتدأ معًا،
عامل المبتدأ معنوي، وهو الابتداء؛ ولهذا قال ابن مالك في الكافية
المبتدأ مرفوع معنى ذو خبر أو وصف استغنى بمرفوع ظهر
إذاً العامل في المبتدأ معنوي؛ لأنه لم يسبقه فعل حتى يكون عاملاً فيه، لكن للابتداء به صار مرفوعاً.
عند ابن السراج: علَّة رفع المبتدأ والخبر، بأن المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأن الخبر مرفوع بهما، فإذا قلت عبدالله أخوك، فعبدالله: مرتفع بأنه أوَّل مبتدأ، فاقدٌ للعوامل، ابتدأتَه لتبني عليه ما يكون حديثًا عنه، وأخوك : مرتفع بأنه الحديث المبني على الاسم الأول المبتدأ.
وهما مرفوعان أبدًا، فالمبتدأ رُفِع بالابتداء، والخبر رُفِع بهما؛ نحو قولك: "الله ربُّنا، ومحمد نبيُّنا"، والمبتدأ لا يكون كلامًا تامًّا إلا بخبره، وما نلاحظه عند سيبويه في هذه المسألة هو أن الخبر مرفوع بالمبتدأ وحده. و ابن السراج برأيه هذا قد
خالف سيبويه في هذه المسألة؛ إذ إن الرافع للخبر عند سيبويه المبتدأ وحْده.
وقد تابَع ابنُ السراج المبردَ في أن العامل في رفْع الخبر هو الابتداء والمبتدأ؛ إذ قال المبرد: "فأما رفْع المبتدأ، فبالابتداء، ومعنى الابتداء: التنبيه والتَّعْرية عن العوامل غيره، وهو أول الكلام....، والابتداء والمبتدأ يَرفعان الخبر
علة رفع المبتدأ و الخبر عند الكوفيين: تقوم علة رفع المبتدأ و الخبر عنند الكوفيين على ما يلي:
ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر، والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان، وذلك نحو: الجو جميل ، الصدقة برهان، الصلاة نور. فهما تَرافعا، فالمبتدأ رفَع الخبر، والخبر رفع المبتدأ؛ لأن كلاًّ منهما طالبٌ الآخر، ومحتاج له، وبه صار عمدة.
وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء، وأما الخبر، فاختلفوا فيه، فذهب قومٌ إلى أنه يُرفع بالابتداء وحْده، وذهب آخرون إلى أنه يَرتفع بالابتداء والمبتدأ معًا.
ثانيا: رفع الفعل المضارع:
يقول ابن مالك:
ارفع مضارعا إذا يجرد ... من ناصب وجازم ك تسعد
معنى ذلك يكون الفعل المضارع مرفوعاً إذا تجرَّد من عامل النصب ، وعامل الجزم : إذا لم يُسبق بحرف ناصب ، أو حرف جازم
علامات الفعل المضارع:
المضارع: كل كلمة تقبل لم: لم يدخل – لم يكتب- لم يسرع- يدع حروفه أربعة (أتيت، نأتي، يأتي)
أولا: العلة النحوية في المرفوع من الأفعال:
1- علة رفعه:
تقول القاعدة: إذا تجرّد الفعل المضارع من الناصب والجازم وسلم من نوني التوكيد والإناث كان مرفوعا؛ نحو: يعود المسافر، يصوم المسلم.
قال ا"ابن مالك": يرفع المضارع لتجريده من الناصب والجازم أي الذي يعمل في المضارع هو خلوه من عامل النصب وعامل الجزم، فارتفع لتجرّده من ذلم، حتى يدخل عليه ما ينصبه أو يجزمه، فنقول: أريد أن يحضر الطالب، ولن يرجع علي، ولم يحضر الطالب، فعلم أن بدخول هذه العوامل دخل النصب أو الجزم وسقوطها عنه يبقى مرفوعا (يراجع الأنباري) وهذا مذهب الكوفيين.
2ــ علّة رفع المضارع عند سيبويه:
علة رفع المضارع هي وقوعه موقع الاسم بمعنى أنه يقع حيث يصح وقوف الاسم، فوقوع الأفعال المضارعة في موقع الأسماء هو الذي ألزمها الرفع وهو سبب دخول الرفع فيها، سواء كان هذا الفعل في موضع مبتدأ، أو في موضع خبر للمبتدأ، أو في موضع اسم منصوب أو مجرور، وتابع مذهب سيبويه أغلب البصريين.
3ـــ علّة رفع المضارع عند ابن مالك:
اعترض ابن مالك على تعليل الجمهور من قبل أنّ الرافع للمضارع لو كان وقوعه موقع الاسم لما ارتفع بعد "لو" وحروف التخصيص لأنها مختصة بالأفعال فليس المضارع بعدها في موضع الاسم، وقد رفعوه بعدها نحو: لو يقوم زيد قمت، هلاّ تفعل ذاك، فعلم أنّ الرافع ليس له وقوعه موقع الاسم، فوجب أن يكون تجرّده من الناصب والجازم. و تبعه في ذلك الفراء والأخفش.
3ــ علّة رفعه عند الكسائي:
هو من الكوفيين؛ ويرى أنّ علة رفع المضارع هي عامل لفظي وهي الزوائد الأربعة (أقوم- نقوم- تقوم- يقوم) وله علّتان:
أ/ المضارع قبل حرف المضارعة مبني، وبعد وجوده وحده مرفوع، والرفع عمل لا بد له من عامل، ولم يحدث سوى الحرف، فوجب أن يضاف العمل إليه.
ب/ دخلت هذه الحرف في أول الكلمة فحدث الرفع بحدوثها، فأصل المضارع إما ماضي وإما المصدر، ولم يكن فيهما هذا الر فع بل حدث مع حدوثها، فإحالته عليها أولى من إحالته على المعنوي الخفي.
3ـ1ـ ردّ علّة الكسائي:
يبطل ما ذكره الكسائي من قبل أن:
أ/ إذا دخل حرف المضارعة أصبح جزءً منه، وصار كحرف من حروفه وجزء الشيء لا يعمل فيه لأنه يكون بذلك عاملا في نفسه.
ب/ من جهة دخول الناصب أو الجازم على المضارع فينصبه أو يجزمه، وحروف المضارعة موجودة فيه، فلو كانت هي عاملة الرفع لم يجز أن يدخل عليها عامل آخر كما لم يدخل ناصب على جازم، ولا جازم على ناصب.
وذهب أبو العباس وأبو إسحاق الزجاج إلى أنّ علة رفع المضارع هي مضارعة للاسم. و يرى البصريون :مضارع هو مضارعته للإسم ، وعللوا ذلك بأن الاسم يقع خبراً ، وصِفة ، وحالا ، نحو : الشمس مشرقة ( خبر ) ونحو : الطالبة المثابرة ناجحة ( صفة ) ونحو : دخل الطالب مبتسما ( حال ) .
وكذلك الفعل يقع خبراً ، وصفة ، وحالا ، نحو : الشمس تشرق خبر ونحو:دخلت الطالٌبة تسرع صفة ونحو : جاء الطالب يبتسم ( حال ) فوقوعه موقع الاسم كما ترى هو العامل في الرفع .
4- علّة نصب الفعل المضارع:
أ/ علّة نصب أنْ للفعل المضارع:
ينصب المضارع بـ: أنء المصدرية، لن، كي، إذا مثل قوله تعالى "﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ﴾[النساء، الآية 28]، فيرى ابن مالك أنّ علّة نصب أنّ للفعل المضارع لأنها شبيهة بأحد عوامل لأسماء وهو أن، وتبع هذه العلة أكثر الشّراح (ابن عقيل الأزهري) أنّ المشدّدة الناصبة للاسم، يقول ابن الورّاق "إنما وجب النصب بأنْ وأخواتها، فمن حيث وجب أن تنصب تلك الاسم نصب هذه الفعل، فهذه مصدرية الأفعال وتلك مصدرية الأسماء، فيجمع النحاة على ذلك وتسمى بعلة الشبه، وهي من العلل المهمة في النحو العربي، وتعني أنّ الشيء إذا أشبه شيئا آخر أخذ حكمه.
5/ علّة جزم الفعل المضارع:
1- علّة حذف حرف العلّة من المضارع المعتل الآخر عند الجزم:
ذكر الشّراح أنّ علّة حذف حرف العلة عند جزم المضارع هي من أجل الفرق بين الفعل المجزوم والمرفوع، وذلك أنّ الجزم من شأنه أن يحذف حركة آخر الفعل، فإن كان الفعل صحيحا نحو: يذهب تحذف الضمة الظاهرة ويسكن آخره للجزم، وإن كان الفعل معتلا نحو: يخشى، يسعى، يغزو، تحذف هذه الأحرف عند الجزم فيميّز بين حالتي الرّفع والجزم مثل لم يذهب –لم يقوما، لم يقوموا بحذف هذه الأحرف كما تحذف الحركة (الرفع)، فالجزم هو القطع، والقطع قطعان قطع حركة في الأفعال الصحيحة، وقطع حرف في الفعل المعتل لأن الجازم لما لم يجد في حروف العلّة حركة يأخذها أخذ نفس حرف العلة مثل: لم يخش، وهو المذهب السائد عند الجمهور.
المراجع:
ــ اللباب في علل البناء والإعراب، الفكر المعاصر، بيروت، لبنان،، دار الفكر، دمشق، سورية، ط 01، 1416ه- 1995م، ص 52 و مذاهب النحويين، ص 156.
أبو البركات الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين،
ــــ شرح قطر الندى وبل الصـدى : جمـال الـدين بـن يوسـ أحمد بن بن هشـام الأنصاري ، تح : محمـد محيـي الـدين عبـد الحميـد ، ط12 ، دار الفكـر ، بيـروت )د.ت( .
ـــ مازن المبارك، النحو العربي، العلة النحوية نشأتها و تطورها، بحث في نشأة النحو و تاريخ العلة النحوية و رصد حركة التعليل و تطورها حتى القرن العاشر للهجرة، المكتبة الحديثة الطبعة الأولى، 1385 ه ــــ 1965 م.
السيرافي، شرح كتاب سيبويه، تح، أحمد مهدلي، علي سيد علي، دار الكتب
العلمية ط ،2008.