المحاضرة الرابعة: العلل النحوية في المعرب والمبني

1-     العلل النحوية في المعرب من الأسماء: وهي علة أصل.

تعريف الإعراب:

الإعراب لغة: هو الإبانة والوضوح وهو مصدر "أعرب" وفي الاصطلاح هو "ما جيء لبيان مقتضى العامل من حركة أو سكون أو حذف"

والإعراب عند سيبويه هو:"ما يحدثه العامل من نصب وجر ورفع وجزم"، وحدّه ابن جني بقوله: "هو الابانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمعت (أكرم سعيد أباه) و( وشكر سعيدا أبوه) علمت برفع أحدهما ونصب الآخر، ولو كان الكلام شرحا واحدا لاسْتُبهِم أحدهما من صاحبه.

-       والاسم المعرب هو ما سلم من شبه الحروف وتغيّرت حركة آخره بفعل العوامل الدّاخلة عليها

وأنواع الإعراب أربعة: رفع ونصب وجر وجزم، تشترك الأسماء والأفعال في الرفع والنصب وتختص الأسماء بالجر والأفعال بالجزم، .

وذكر الزجّاجي في الإيضاح أنّ علّة دخول الإعراب في الكلام للتّفرقة بين المعاني،وهو رأي السيوطي أيضا، ويذكر ابن السرّاج أن علة إعراب المعرب من الأفعال فيقول:" وأما الفعل المعرب فقد بيّنا أنّه الذي يكون في أوّله الحروف الزوائد التي تسمى حروف المضارعة، وهذا الفعل إنما أعرب لمضارعته الأسماء وشبهه بها، والإعراب في الاصل للأسماء وما أشبهها من الأفعال أعرب..."

2-     العلة النحوية في المبني من الاسماء: و هي علة شبه:

أولا: تعريف البناء: لغة هو: "وضع شيء على صفة يراد بها الثبوت" و هو" ما لم يتغيّر آخره بدخول العوامل عليه"

وحدّه ابن جني بقوله: "هو لزوم آخر الكلمة ضربا واحدا من السّكون أو الحركة لا شيء أحدث ذلك من العوامل"، أمّا ابن السّراج فقد فرّق بين حركات الإعراب والبناء بقول: "فإن كانت الحركات ملازمة سمي الاسم مبنيا، فإن كان مضموما نحو: منذ قيل مضموم ولم يقل مرفوع، ليفرّق بينه وبين المعرب، وإن كان مفتوحا نحو: أين قيل مفتوح ولم يقل منصوب، وإن كان مكسورا قيل نحو (أمسِ) قيل مكسور ولم يقل مجرور."

ثانيا: الاسماء المبنية هي: عددها: عشرة و هي

/ الأسماء: الأسماء معربة إلا عشرة أسماء وأكثره معرّب: باب، بابًا، طالب، طالبتين، أخاك، أخوك، وعشرة لا بد من حفظهما:

1/ الضمائر: كلها مبنية على حركة آخرها: نحن، ذهبوا (واو في كل رفع فاعل: أكرمتك: تُ:

2/ أسماء الإشارة: هذا، هذه، هؤلاء ما عدا المثنى هذان، هاتان معرّب

جاء هذا، أكرمت هذه (جاء هذان، أكرمت هذين، مررت بهذين.

3- الأسماء الموصولة: الذي، التي، اللذين، اللاتي، اللائي، اللواتي عدا المثنى (اللذان، اللتان).

4/ أسماء الاستفهام عدا أي: من أبوك، بمن مررت، من تحب، أين، متى

أي رجل عندك، بأي رجل مررت، أي رجل تحب

مبتدأ     م به

5/ أسماء الشرط: عدا أي (إن وإذ ما حرفين) من يجتهد ينجح، متى من تحب أحب، بمن تمر أمر، أي طالب يجتهد ينجح،بأي رجل تمر أمر.

أسماء الفعال: وهي سماعية، خارجها اسم معناها فعل لأنها قبلت التنوين.

7/ الأعداد المركبة: إحدى عشرة، ثلاثة عشر، عددان حذف منهما حرف عطف.

8/ الظروف المركبة: صباح مساء، حذف حرف العطف حذفا مطردا، ليل نهار مبني على فتح الجزأين: ادع إلى الله صباح مساء في محل نصب.

9/ بعض الظروف المفردة: ليست متعاطفة ولا مركبة.

إذا: مبنب على السكون، إذ: ظرف زمان للماضي في محل نصب

الآن: مبني في محل نصب، حيث: ظرف مكان.

10/ العلم المختوم بويه سيبويه، زيدويه، هندويه.

ويرى سيبويه أن حركات الإعراب والبناء تجري على ثمانية مجارٍ وذلك في قوله: "وهي تجري على ثمانية مجارٍ، على النصب والجر والرفع والجزم والفتح والكسر والضم والوقف، وإنّما ذكرت ثمانية مجارٍ لأفرّق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة، لما يحدث فيه العامل وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه، وبين ما يبنى عليه الحرف لا يزول عنه."

ثالث: علة بنار الأسماء: ء عن أصلها وهو الإعراب  الى البناء، وقد علل العلّل ابن السرّاعلماء ذلك بمشابهتها للحروف و يمكن توضيح ذلك فيما يلي:ج للبناء الذي حصل في الاسماء بقوله: " وإنّ البناء الذي وقع في الأسماء عارض فيها فيها لعلّة،... فالعلّة التي بنيت بها الأسماء هي وقوعها موقع الحروف ومضارعتها لها"، وقد اختلف النحاة في غلّة بناء الاسم، إذ يرى بعضهم أن سبب البناء منحصر في شبه الحرف منهم: ابن مالك وابن جني وسيبويه وأبي علي الفارسي.

وذهب آخرون إلى أنّ السبب متعدّد وذلك على النحو الآتي:

·       الشبه المعنوي، كاسم فعل الأمر نحو: نَزَالِ وهيهات فهما مبنيان لأنهما شابها في المعنى الفعلين: انْزِلْ وبَعُدَ.

-       ورُدّ على هذا السبب بأنّه غير صحيح.

·       عدم التّركيب: وبناءً على هذا السّبب تكون الأسماء قبل تركيبها في الحمل مبنية، ولأنّك لا تستطيع الحكم على كلمة ما أهي مبنية أم معربة إلا بعد تركيبها في جملة.

مواضع شبه الاسم بالحرف:

يشبه الاسم الحرف في أربعة مواضع:

1-     الشبه الوضعي: كأن يكون الاسم موضوعا على حرف واحد، كالتاء في ضربت، فهو بذلك يشبه حرف الجر (الباء).

-      أو أن يكون موضوعا على حرفين، كالضّمير (نا) في جئتنا وهو بذلك يشبه هل الاستفهامية وقد ولا النافية، وهذا هو الأصل في وضع الحرف إما أن يكون على حرف أو حرفين، والأصل في الاسم أن يكون موضوعا على ثلاثة أحرف فأكثر، فلما خرج الاسم عن أصله وأشبه الحرف أعطي حكم الحرف وهو البناء.

-      ولكنّك تجد بعض الحروف خرجت عن أصلها وأشبهت الاسم في وضعها على ثلاثة أحرف نحو: إن وأخواتها، وإلاّ... ومع ذلك لم تُعْط حكم الاسم وهو الإعراب وذلك لسببين:

-      أنّ الحرف أشبه الاسم في شيء يخصّه وحده، فإن الفعل أيضا يكون على ثلاثة أحرف، أما الاسم فقد أشبه الحرف في شيء يخصّه وحده.

-      أنّ الحرف لا محلّ منه من الإعراب ولا يحتاج الإعراب لأنّه لا يقع في مواقع متعدّدة من التّراكيب، فلا يتميّز بعضها عن بعض فلا تكون فاعلة ومفعولة...

2-     الشبه المعنوي و هو نوعان:

أ‌-       ما أشبه حرفا موجودا: نحو متى الاستفهامية في قولك: متى جئت؟، فإنّها مبنية لأنّها أشبهت في المعنى الحرف الموضوع للاستفهام وهو (الهمزة) وتشبه في معنى الشّرط (إذا) استعملت للشّرط نحو: متى تقم أقم.

ب‌-   ما أشبه حرفا غير موجود: نحو اسم الإشارة مثل (هنا) فهو مبني لأنّه يشبه حرفا كان ينبغي أن تضعه العرب للإشارة ولكنها لم تضعه، ذلك لأن الإشارة معنى من المعاني وحقّها أن يوضع لها حرف يدلّ عليها، وبذلك أسماء الإشارة مبنيّة لشبهها في المعنى حرفا مقدّرا.

·       ومن الأسماء المبنيّة التي أشبهت الحروف في المعنى ولم تضع العرب له حرفا (لدى) فهي دالة على الملاصقة والقرب زيادة على الظّرفية.

3-     الشبه الإستعمالي: مثل أسماء الأفعال: دَرَاكَ زيد، فاسم الفعل (دراك) مبني لشبهه الحرفين ( ليت ولعلّ) فهما نائبان عن الفعلين (أتمنى وأترجى) ويعملان النصب في المبتدّأ، ولا تدخل عليهما العوامل فتؤثّر فيهما.

4-     الشبه الإفتقاري: مثل الأسماء الموصولة وإذ وإذا وحيث، فإنّها مفتقرة إلى جملة افتقارا متأصلا، فإذا قلت: جاء الذي فلا معنى لها إلا بذكر الصلة مثل: جاء الذي علّمني وبذلك تكون قد أشبهت الحرف الذي لا يظهر معناه إلا في جملة.

·       السؤال الذي يطرح هو هل يمكن أن يجتمع في اسم مبني واحد أكثر من شبه واحد شبهان أو أكثر فالضمائر، فإنّ فيها شبها معنويا لأن التكلّم والخطاب من المعاني  التي تتأدّى بالحروف، وفيها شبه افتقاري لأن كلّ ضمير يفتقر افتقارا متأصّلا إلى ما يفسّره وفيها شبه وضعي لأن أغلب الضمائر وضع على حرف أو حرفين.

·       يوجد نوع آخر من الافتقار ولكنّه غير متأصل ويسمّى الافتقار العارض نحو كلمة: (يوم) وما شبهها فهي مفتقرة إلى المضاف إليه، وسمي عارضا لأنك تستطيع القول: صمت يوما ولا تحتاج إلى إضافة، وبذلك تكون (يوما) معربة لا مبنية، وكذلك الاسم يكون معربا إذا افتقر افتقارا متأصّلا إلى مفرد نحو: (سبحان) فهو مفتقر أصالة إلى المضاف ولكنّه إلى مفر وليس إلى جملة.

·       الاسماء المبنية هي:

أسماء الاستفهام ما عدا (أيّ) فهي معربة.

أسماء الشرط، أسماء الإشارة ما عدا (المثنى فهو معرب)، الاسماء الموصولة ما عدا (المثنى فهو معرب)، أسماء الأفعال، بعض الظّروف مثل: إذا، إذ، اللآن، قطّ، بينما، حيث، أين، أمسِ، قبل، بعد، وبين في لغة الحجاز.

الأعلام المؤنثة فَعَال ك حَذام في لغة الحجازيين.

الأعداد المركّبة من أحد عشر حتى تسعة عشر ما عدا إثني عشر فالجزء الأوّل منه معرب والثاني مبني.

اسم لا النافية للجنس المفرد مثل: لا عامل في المصنع. لا طالب في المنصة.

المنادى المفرد العلم نحو: يا محمد، يا زيد، يا فاطمة.

النكرة المقصودة بالنداء نحو: يا رجل. يا امرأة.

-      والأنواع الثلاثة الأخيرة بناؤها عارض يزول بزوال السبب.

والمعرب من الأفعال هو المضارع، إلا إذا اتّصلت به نون التوكيد أو نون الإناث فإنه يبنى.

وخصّت الأفعال بالبناء لأنها تعمل في الأسماء ولعدم افتقارها إلى شيء، وبني الفعل الماضي لأن البناء هو الأصل وإنّما كان بناؤه على حركة مع أنّ الأصل في البناء هو السكون لأنه أشبه الفعل المضارع المعرب في وقوعه خبرا وصلة وحالا، والأصل في الإعراب أن يكون بالحركات وإنما كانت الحركة في الفعل الماضي بالفتحة لأنها أخف الحركات حتى تتعادل خفتها مع ثقل الفعل بسبب كون معناه مركبا، لئلا يجتمع ثقيلان في شيء واحد، وتركيب معناه يعود لدلالته على الحدث والزمان.

Last modified: Thursday, 30 January 2025, 11:37 AM