المحاضرة السابعة: الــــدلالــــــــة التــــركـيـبـيـــــــة والسـيــــاقيـــــــة
المحاضرة السابعة: الــــدلالــــــــة التــــركـيـبـيـــــــة والسـيــــاقيـــــــة
1 ـ الدلالة التركيبية:
تطرق اللغويون الى الدلالة التركيبية بشكل مفصل سيما علماء العرب، و قد ربطوا الدلالة التركيبية بالدلالة نحويّة غير معجميّة مثل القائم بالحدث مثل كلمة عين هي دلالة معجمية فإذا قلنا فتحت عين الحنفية معناها عين الماء و هكذا. وتهتمّ الدلالة التركيبيّة (sémantique synataxique) بالعلاقات الدلاليّة التي تنشأ بين العلامات اللسانيّة في الجملة. وهي تطرح قضايا كثيرة تتّصل بالمعنى عموما وكيفيّة انتظامه داخل التركيب، ولا يخفى على دارس اللغة أن علم النحو .يدرس من جانبين اثنين :جانب تركيب الجملة العربية وجانب الإعراب ومعرفة هذين الجانبين تفضي إلى المعرفة بالدلالة النحوية، فتركيب الجملة العربية يتم وفق قواعد اللغة المعمول بها ،فإذا اختلفت التراكيب وكان الاختلاف مخلاً بقواعد اللغة فإن السامع قد يضل عن مقاصد الكلام.
نقول : ضرب خالد عليا.
خالد ضرب عليا.
علي ضرب خالد.
اشتريت قدحَ ماء اما ان اكون قد اشتريت القدح أو اني قد اشتريت الماء.
اشتريت قدحاً ماءً على التمييز مثلها مثل عشرين ديناراً.
تختلف معاني الجمل الثلاثة باختلاف رتبة المركبات النحوية في الجملة من الاخبار الى التاكيد الى الحصر.
فضرب موسى عيسى- فلو قال قائل: هن حواج بيتِ الله لكان المعنى المتعين من هذه الحركة الاعرابية أن النساء قد حججن ،هن حواجَ بيت الله فهن يردن الحج ولم يفعلن.
إن العلاقة بين الدلالة و النحو علاقة وثيقة و التأثير متبادل بينهما، فالوظيفة التركيبية تؤثر في الدلالة وتغييرها يؤدي إل تغيّر الدلالة كما قد يؤدي الخطأ في التركيب إلى الخطأ في الدلالة أو يؤدي إلى تشويه الدلالة.
لقد تطرق القدماء من العرب الى الدلالة النحوية و أفردوا لها مصنفات و على رأسهم الجرجاني في نظرية النظم أو ما عرف عند العرب من معاني النحو. يقول الجرجاني :" إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها ولكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد"[1] . فالإفادة ليس معنى المفردات في حدّ ذاتها، وإنمّا في مستوى التراكيب فيفهم من الذي قام بالفعل وعلى من وقع هذا الفعل.
وقد عدّ بعضهم الجملة هي الوحدة الدلالية الأساسية.
ما هي العلاقة بين المعاني المعجمية والسلامة النحوية:
تعمل اللغة بنظام متفاعل تتداخل فيه المستويات فالمعاني المعجمية ليست بمعزل عن فهم المعنى ،ويظهر ذلك عند تشو مسكي فيما يسمى مبدأ السلامة النحوية فقد يكون التركيب سليماً من ناحية الاسناد ولكنه لا يؤدي للمخاطب معنى صحيحاً مثل :شرب الجدار النجمة المؤمنة، وعليه فليست اللغة إلاّ مجموعة من العلاقات بين الألفاظ ودلالاتها، وهذا ما تؤكده الكثير من المذاهب اللسانية الغربية الحديثة.
2ـ الدلالة السياقية:
قد يكون للفظ أكثر من معنى يتحدد وفق السياق اللغوي، ومن ثم قد يكون المعنى أساسيا أو ثانوياً تصريحيا أو إيمائيا، وقد يحمل اللفظ قيما دلالية تسم القيم التعبيرية أو الأسلوبية، ويذهب بيار جيرو إلى أن للكلمة أكثر من معنى تصريحي وآخر إيمائي نظراً للتداعيات التي تحدثها أثناء الاستعمال فتفيد المدلولات باعتبار المعنى الذي ترد من خلاله في السياقات المختلفة[2].
2ـ1 الصيغة اللغوية والسياق:
يحمل السياق حقائق إضافية تشارك الدلالة المعجمية للكلمة في تحديد الدلالة العامة التي قصدها المتكلم. فتحديد دلالة الكلمة يحتاج إلى تحديد مجموع السياقات التي ترد فيها، وهذا ينفي عن الصيغة اللغوية دلالتها المعجمية يقول مارتيني: "خارج السياق لا تتوفر الكلمة على
المعنى." [3]. فالسياق هو الذي يحدد دلالة الصيغ اللغوية مثل:
زيد أتم قراءة الكتاب ، قراءة الكتاب أتمها زيد.