المحاضرة الرابعة:  الــدلالـــة اللـغـويــة والــدلالــة غـيــر اللـغـويــة:

 

إن أشهر من اشتغل بدراسة الدلالة اللغوية هو "فرديناند دوسوسيير" الذي كان له فضل كبير في تأسيس المدرسة الاجتماعية في الدراسات اللغوية التي بناها على أساس نظرية    "دوركايم" الاجتماعية التي ترى أن اللغة ظاهرة اجتماعية.

1ـ تعريف الدلالة اللغوية:

"هي كل ما يمكن أن يتصل به بين أفراد الجماعات اللغوية داخل المجتمع باستعمال اللغة، أي أنها تقتصر على اللفظ والمعنى، فاللغة ماهي إلاّ علاقات تربط دالاً بمدلوله ضمن شبكة تنظيمية" ، ذلك أن الدال لا يحمل دلالته في ذاته إنما منبع الدلالة هو تلك التقابلات الثنائية التي تتم على مستوى الرصيد اللغوي.

2ـ مفهوم العلامة اللغوية :

إن الكلمة عند دوسوسيير هي عبارة عن علامة لغوية فاللغة نسق من العلامات والعلامة تربط بين تصور ذهني و صورة سمعية، وقد أشار إلى الطبيعة النفسية للتصور Conceptوالصورة السمعية،Image acoustique" ، فالصورة السمعية عبارة عن أثر نفسي للمتوالية الصوتية المتحققة شفوياً أو خطياً، فالعلامة اللغوية وحدة  نفسية ذات وجهين: المدلول (التصور) وصورة سمعية  Signifié ) (الدال).

3ـ العلاقة بين اللفظ والمعنى: الدال والمدلول.

اعتبر سوسيور العلاقة بينهما اعتباطية، فالمتوالية الصوتية أخت لا يوجد مسوغ ارتباطها بالمدلول أخت ، فاللغات تختلف في نعت هذا التصور .

ـ في حين اعتبرها بنفنيست ضرورية فتصور الثور يماثل كليا المتوالية الصوتية الدالة عليه .

وأكد هلمسليف فكرة العلاقة الضرورية بين الدال والمدلول وأطلق مصطلح العبارة (الدال) ووجود المحتوى المدلول

ـ يلمسليف والعلامة اللغوية: وسع يلملسيف أفكار سوسير بخصوص العلامة وهي:

المادة الصوتية: هي تلك المعطيات اللغوية التي لا صورة لها.

مادة المحتوى: الفكر غير المتشكل والذي لا حدود له، وتخضع اللغات هذه المادة الفكرية لصور تنتج عنها ماهية دلالية.

4ـ شروط العلامة اللغوية:

تقتضي العلامة اللسانية حسب سوسيير توفر ثلاثة  شروط:

أ / أن تكون العلامة اللسانية دالة على معنى .

ب /أن تكون مستعملة في نظام يفهمها مجتمع.

جـ /  أن تنتمي إلى نظام من العلامات اللغوية.

2/ الدلالة غير اللغوية:

يعرف اللسانيون الدلالة غير اللغوية "هي كل ما يمكن أن نتصل به مع الآخرين دون استعمال اللغة اللفظية مثل: سيارات الأمن، صفارات حكم مباراة، وقد تخص علماء الدلالة هذا بما عرف بالسييوطيقا بدراستها"  .

2ــ1 ـ الفرق بين الدلالة اللغوية والدلالة غير اللغوية:

إذا كانت اللسانيات تتخذ اللغات الطبيعية موضوعاً لها، فإن السيميولوجيا تتجاوز هذا إلى دراسة مختلف العلامات داخل الحقل الاجتماعي سواء كانت هذه العلامات لغوية أو لغوية.

تتميز العلامة غير اللسانية عن العلامة اللسانية بكون معنى الأولى ينحصر في وظيفتها الاجتماعية، هذه الوظيفة مشروطة بالاستعمال لتعبر عن شيء متداول فالدَّل اللغوي دالته بين الدال والمدلول والدليل غير اللغوي دالته بين الرموز والإشارات.

2 ـ2   بيرس والعلامة غير اللغوية:

تقوم العلامة حسب بيرس مقام "الموضوع" وتشير في ذهن المتلقي علامة ثانية هو المؤول والتي تحيل إلى العلامة الموضوع المؤول العلامة فهي ثلاثية.

إن علم الدلالة يبحث في آليات انتقال المعنى المحمول على العلامة اللسانية في مستويات اللسان المختلفة وفي السياقات المختلفة ذلك أن اللسان هو الحامل الأول للمعنى والأكثر فاعلية في اقامة التواصل الذي يعد الوظيفة الأولى له، على أساس أن المعنى يحمل على أنظمة مختلفة كلها تقيم التواصل بشكل ما.

4ـ تصنيف العلامات:

المؤشر: هو الذي يحيل إلى معنى معين من غير قصد التبليغ كدلالة ارتفاع درجة الحرارة على الحمى، أو دلالة اصفرار النبات على عطشه أو مرضه

الرمز: هو ما أحال على المعنى قصداً وكانت بينه وبين معناه علاقة ما كرمز الصيدلية أو العدالة أو اشارات المرور.

الدليل: هو ما أحال على معنى معين تواضعاً من غير وجود علاقة بينه وبين معناه مثل ألفاظ اللغة.

ملاحظة: يختلف الدليل والرمز عن المؤشر بوجود نيّة في التبليغ وغيابهما فيه.تنقسم إلى علامات لغوية وعلامات غير لغوية  .

تشكل الأخيرة مجال الدراسة في علم السيمولوجيا فيما تعد الأولى موضوع علم الدلالة ،ومن هنا تتحد العلاقة بين العلمين(ع لغ جزء من).

يقول دو سوسير :" يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع  الألفاظ أي قائمة من الأسماء تطلق على عدد من المسميات . وفي تصوره هذا نظر، من عدة وجوه: انه يفترض وجود معان جاهزة قبل وجود ألفاظها ثم إننا لا نتبين به هل الاسم هو جوهر صوتي أم نفساني......ويشعرنا أيضا أن ارتباط الاسم بالمسمى هو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع...... إن الدليل اللغوي لا يربط مسمى ما باسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورة لفظه الذهنية فهذه الصورة الصوتية ليست هي الصوت المادي لأنه شيء فيزيائي محض بل انطباع هذا الصوت في النفس والصورة الصادرة عما تشاهده حواسنا . فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى دليلا لغويا المركب المتكون من المفهوم والصورة الصوتية ( صورة اللفظ في الذهن )...ولكن نقترح لفظة الدليل للدلالة على الكل واستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتية بلفظتي الدال والمدلول ".

 

دروس في اللسانيات العامة لدوسوسير ص97

ترجمة د عبد الرحمان الحاج صالح ص45 من مجلة اللسانيات

 

المطلوب : استخرج من النص المفاهيم الدلالية واشرحها.

الإجابة :أهم المفاهيم الدلالية الواردة في النص هي :

أ ـ الدليل اللغوي: وهو وحدة علم الدلالة، نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيء أو معنى معين و ركيزته                               المادية هي الصوت .

ب ـ الصورة الصوتية (le signifiant)  هي انطباع الصوت في الذهن .

ج ـ الصورة الذهنية : ( Le signifié)هي انطباع الشيء في الذهن .

 

دوسوسير في هذا النص ينفي فكرة سادت ،وهي أن الألفاظ ألقاب للمسميات ويبين لنا الدليل اللغوي لا يربط بين لفظ ومسماه ( الشيء والمعنى ) إنما يربط بين المفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل اللغوي .........لفظه الذهنية ".

يعني هذا أننا لا ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة مادية لأننا لا نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ولا عن الألفاظ كمجموعة من الأصوات نسمعها في قوله " يفترض وجود معان جاهزة ................نفساني ".

لكن دوسوسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتية ومدلول هو المفهوم الذي يتصوره الإنسان لذلك الشيء الخارجي، أي الموجود خارج ذهن الإنسان والذي ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية التي تحيط بنا  و نسميه المرجع أو المدلول عليه.

فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد الإنسان الحديث عن المرجع ( الشيء ) فيبحث في نظامه التقديري

عن المفهوم الذي ينطبق على ذلك  المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفراد مجتمعه ، والمسمى المدلول أو        ( الصورة الذهنية ) . ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي ( التصور الذهني للأصوات الذي يتم في ذهن  الإنسان ) وهنا تتم عملية تكوين الدليل اللغوي ، ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي :

دال ( صورة صوتية)

المرجع           دليل لغوي

مدلول (صورة ذهنية )

 

أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي :

أ ـ الاعتباطية tristearbitraire ) أي لا يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ، ونعطي  لذلك مثلا توضيحيا كلمة شجرة.

فلو كانت الشين مثلا تدل على الأوراق والجيم على الساق والراء على الأغصان لقلنا بطبيعية العلاقة وحتميتها  ، لكن ، بما أن الأمر عكسي فنقول بأنها علاقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والاتفاق بين بني البشر .والدليل على ذلك اختلاف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثلا ـ كلمة ( كرسي ) للدلالة على شيء معين ،في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة (chaise) للدلالة على الشيء ذاته ، فأي الأصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر من الأخرى ؟

ب ـ الخطية tristeliniaire) بما أن الركيزة المادية للدليل اللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه تسلسل الزمن في خط واحد أفقي يسمى مدرج الكلام ، مثلا كلمة ( صدق ) التي تنطق حروفها متسلسلة ص+د+ق وإذا تغير التسلسل  ق+ ص+ د  تغير المعنى.

Modifié le: mercredi 29 janvier 2025, 10:38