المحاضرة الأولى: مـــــدخـــــــل بـيــــن الــدلالـــــة والــمـعـنــــــى:
المحاضرة الأولى: مـــــدخـــــــل بـيــــن الــدلالـــــة والــمـعـنــــــى:
وردت عدة تعاريف لعلم الدلالة هذا العلم الذي ظهر حديثا و إن كانت ارهاصاته الأولى على يد علماء العرب الذين كان لهم السبق في تناول موضوعات و مباحث علم الدلالة.
فكل المصنفات القديمة غلا و طرقت أبواب الدلالة و كل عالم من علماء العرب من اللغويين أو البلاغيين أو الأصوليين أو الفلاسفة و غيرهم تحدثوا عن الدلالة و مباحثها و قضاياها و كل ما يخص هذا العلم الذي يعد مستوى من المستويات أو فرعا من الفروع اللغوية لعلم اللغة.
يعرف أحمد مختار علم الدلالة بقوله " هو ذلك الفرع من علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى "[1] فعلم الدلالة هو العلم الذي يسعى لدراسة المعنى"[2] دراسة علمية ، فيتناول هذا العلم معاني الكلمات سواء الكلمة المفردة أو معنى الكلمة داخل التركيب، وقد ترجم علم الدلالة في الدراسات العربية لمعان كثيرة منها : علم المعنى ،علم السيمانتيك Sémantics ،فكان أن رأى بعض الباحثين أنه أي علم الدلالة يقوم بدراسة المعنى بغض النظر إن كانت الكلمة مفردة أو على مستوى الجملة والتركيب"[3] .
1ـ مصادر الدرس الدلالي :
يسعى علم الدلالة لتحديد مصادره من اللسانيات وقسّم دراساته إلى محاور متنوعة منها:
-محور العلاقات الدلالية: الترادف التضاد علاقة الجزء بالكل.
- محور الحقول الدلالية : الذي يتضمن مجموعة الألفاظ التي يجمعها حقل واحد .
2ـ موضوع علم الدلالة:
يتناول علم الدلالة العلامة أو الرمز الذي يقوم بإيصال معنى معيّن، تكون هذه العلامات جملا وكلمات أي علامات لغوية وقد تكون إشارات باليّد أو الرأس أو رسومات، وهي العلامات غير اللغوية على أساس حملها لمعنى معيّن، هذا المعنى الذي يكون أداة التواصل انطلاقا من الوظيفة الأساسية للغة وهي التواصل والتبليغ، ومثال العلامات اللغوية: دخل الولد حاملاً حقيبة العلم نور والجهل ظلام، أمّا العلامات غير اللغوية نجد: إشارات المرور التي يدل اللون الأحمر منها على التوقف والرمز الخاص بالصيدلي، وعلامة السُّحب التي تدل على نزول المطر وشحوب الوجه الذي يحمل معنى المرض وغيرها من الإشارات والرموز التي تستعمل في المجتمع وتكون حاملة لمعنى معين يتواصل به من قبل الجماعة اللغوية.
3ـ تعريف المعنى:
مصطلح المعنى هو من أكثر المصطلحات التي اختلف في تعريفها، ويرجع ذلك إلى اختلاف اهتمامات الدارسين له وتعدد ميادين بحوثهم، بالإضافة إلى كثرة المصطلحات المستعملة في هذا المجال والمرتبطة به، ومصطلح المعنى في كلام النحويين لم يكن واحدا، ومن ذلك أنهم كانوا يقصدون به المعنى الصرفي، وأحيانا أخرى المعنى الدلالي بصفة عامة، وأحيانا ثالثة كانوا يقصدون به المعنى النحوي، أي وظيفة الكلمة في الجملة كالفاعلية والمفعولية والإضافة والواضح أن جل حديثهم الصريح عن المعنى كان بهذا القصد، ومن هذا قول ابن جني عن الإعراب إنّه " الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمعت: أكرم سعيد أباه وشكر سعيد أبوه ،علمت برفع أحدها ونصب الآخر الفاعل من المفعول، ولو كان الكلام شرحا واحدا لاستبهم أحدهما من صاحبه"[4].
ويتصل بحديث النحاة أيضا عن المعنى أننا نجد تقسيما مهِّما للدلالة عند ابن جني كذلك ، يرى فيه أن الدلالات ثلاث: لفظية كدلالة (قام) بلفظه على مصدره، وصناعية كدلالة (قام) أيضا بصيغته على الزمن الماضي، ومعنوية كدلالة معنى هذا الفعل على ضرورة وجود فاعل له وقد كان من إسهام اللغويين العرب في مجال المعنى: وضع معاجم الألفاظ ومعاجم المعاني، ودراسة اتصال معاني الألفاظ المتحدة الأصول ومحاولة ربط بعضها ببعض فيما عرف باسم الاشتقاق الأصغر والاشتقاق الأكبر، وكذلك بحث المطابقة بين اللفظ ومعناه من حيث مناسبة كل منهما للآخر، وتفسير العلاقة أيضا بين اللفظ والمعنى بأنهاـ وهذا رأي أكثرهم- عرفية اعتباطية.
4ـ الاختلاف حول تعريف المعنى:
إن اختلاف اهتمامات الدارسين للمعنى وتعدد ميادين بحوثهم بالإضافة إلى كثرة المصطلحات المستعملة في مجال المعنى، واعتبار للمعنى وموقعه كمركز للعلوم بحيث لا يكاد يخلو علم من العلوم من دراسة المعنى أو إمكانية التخلي عنه أدت كل هذه الأسباب إلى الاختلاف وعدم الاتفاق حول تحديد معنى المعنى .
الفرق في المصطلح علم الدلالة في الحديث، علم المعنى في القديم.
اللفظ و المعنى في القديم، الدال و المدلول في الحديث.
مصنفات لغوية في القديم، مصنفات مستقلة في الحديث تحمل عنوان علم الدلالة.
[1] - علم الدلالة، أحمد مختار عمر، عالم الكتب، القاهرة، مصر، ط 6 /2006، ص 11.
[2] - ينظر: خليفة بوجادي، محاضرات في علم الدلالة، بيت الحكمة للنشر والتوزيع، سطيف ،الجزائر،ط1/2009،ص26.
[3] - علم الدلالة والنظريات الحديثة، حسام البهنساوي، القاهرة، مصر، ط1، 2009، ص 46.
[4] - الخصائص، ابن جني، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403 هـ ـ 1983، ج1 / ص35.