المحاضرة الأولى: مدخل إلى حركة الأدب في الجزائر قديما
المحاضرة الأولى: مدخل إلى حركة الأدب في الجزائر قديما
(على عهد الدولة الرستمية)
مقدمة
قبل أن نعرض حركة النقد التي شهدها المغرب العربي والتي كانت الجزائر جزءا لا يتجزأ منه كان لزاما علينا أن نعود إلى الأدب الجزائري القديم بشقيه الشعري والنثري لنمكّن الطالب من التعرف عن كثب عن خصائص هذا الأدب ومميّزاته في تلك الحقبة التاريخية المبكّرة و التي تزامنت مع دخول العرب الفاتحين إلى شمال إفريقيا وتأسيس أول دولة مستقلّة عن الخلافة العثمانية سنة( 160ه- 777م) أي القرن الثاني للهجرة، لأننا لم نلمس حركة نقدية بارزة في هذه الفترة بالذات، وتلخّص مجملها في أعمال أدباءنا في المغرب العربي والذين اشتهروا بكتبهم التي كان معظمها جمع لأقوال المشارقة ومن ذلك نذكر: كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني...
نشأة الأدب الجزائري القديم: اتفق العديد من الباحثين وعلى رأسهم عبد المالك مرتاض على أن الإسلام لم يرتكز على شبه الجزيرة العربية وحسب، وإنما امتد ليطأ الشام والعراق، ونظرا لما شهدته الفتوحات الإسلامية تطلّع العرب الفاتحون إلى نشر الرسالة الإلاهية شرقا وغربا ابتداء بمصر ثم فتحوا برقة ( ليبيا) وما حولها، وصولا إلى تونس( القيروان) حيث أسسوا بها قاعدة عسكرية بها كل المرافق الضرورية للحياة الدينية من: مساجد، أسواق، وحمامات...، وكل ذلك بفضل عقبة بن نافع حيث قاد الحملة الأولى لفتح شمال افريقيا بعد مناهضته للفتن الداخلية التي اضرمت بين علي ومعاوية- رضي الله عنهما- ، وتوفي عقبة بن نافع في الجنوب الشرقي من الجزائر وذلك لدى إيابه من المغرب الأقصى في ولايته الثانية عام 64م
واجهت الفتوحات الإسلامية مقاومات شرسة من السكان الأصليين لشمال افريقيا( البربر)، وحتى الذين اعتنقوا الاسلام ارتدّوا لأنّهم كانوا يظنون أن العرب مثل الرومان محتلين، وانّ قدومهم إلى شمال افريقيا كان من أجل نهب خيراتها واستعباد سكانها حيث يقول عبد المالك مرتاض في هذا الصدد:«... وربّما قاوم البربر الأحرار كل تلك المقاومات التي أفضت إلى ارتدادهم مرارا لإعتقادهم بأن العرب كانوا كالرومان مجرّد قوم محتلين، فلما تبيّن لهم عير ذلك اعتنقوا الإسلام إلى الأبد...»[1]
لغة الأدب الجزائري القديم: لايمكن الحديث عن أدب جزائري قديم قبل الولوج إلى لغته والمتمثلة في الللغة العربية، حيث كانت دخيلة على السكان الأصليين للجزائر( البربر)، ولكن سرعان ما تعلّموها باعتبارها لغة القرآن، وقبلها كانت البربرية هي لغة الحديث اليومي بين عامّة الناس، وكانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة الرستمية في مراسلاتها، في التعليم، وكذا المعاملات مع رعاياها.
تأسيس الدولة الرستمية: إن أول دولة جزائرية، على عهد الإسلام كانت ذات أصل فارسي من حيث عرقها، وذات أصل بربري من حيث جغرافيتها، فإنها آثرت أن لا تصطنع لا الفارسية ولا البربرية لعدم وجود عصبية على حدّ تعبير ابن خلدون، حيث تأسست بتيهرت عام 160ه- 777م على يد عبد الرحمان بن رستم، وهو أمير فرّ من القيروان باتجاه تيهرت في المغرب الأوسط بعدها طارده الأغالبة العباسيون، حيث توافد عليه أصحاب الطبقات والسير فأصبحت تيهرت بذلك حاضرة ثقافية تضاهي القيروان وقرطبة وفاس وذلك لشغف أئمتها بالعلم.
انجازات الدولة الرستمية:
- نشر الإسلام وتثبيت أسسه بين المغاربة.
- نشر اللغة العربية بينهم تكلّما وقراءة وكتابة.
- وضع أسس التسامح المذهبي، والإنفتاح على جميع الثقافات
- التأكيد على التواصل الدائم الحي بين المشرق والمغرب العربي.
أشهر شعرائها: أبو عبد الرحمان بكر بن حماد بن سهل( وقيل سهر) بن إسماعيل الزناتي التيهرتي( ولد سنة 200م بتيهرت توفي سنة 296م، هو أديب وعالم فقيه نشأ في أحضان الدولة الرستمية وانتقل عام 217م إلى القيروان...
المصادر والمراجع:
1- عبد المالك مرتاض، الأدب الجزائري القديم( دراسة في الجذور)، دار هومة، الجزائر، 2009.