نظرية القراءة والتأويل (غادامير- هايدجر- ريكور)
نشأت التأويلية في بادئ الأمر مرتبطة بالخطاب الديني ويعود الفضل في استحداثها إلى هوسرل في فهم وتفسير النصوص الدينية، ثم كان الفضل في نقلها إلى الأدب وفهم وتفسير النصوص الأدبية إلى غادامير في كتابه الحقيقة والطريقة 1975 وهو من خلال هذا المؤلف: "يبرهن أنه مهما كانت نوايا المؤلف، فإن معنى العمل الأدبي لا ينضب أبدا إذا أخذنا هذه النوايا بعين الاعتبار. فالعمل الأدبي ليس جامدا بل يمر عبر سياقات تاريخية وثقافية مختلفة. تمكن هذه الحقيقة وجود معان جديدة ومختلفة يتم تصورها في
العمل، والتي لا يمكن أن يكون قد تصورها المؤلف أو الجمهور المعاصر، ليس ثمة إمكانية معرفة أي نص في سياق أدبي أو كما هو تماما إذ يتوقف ما ينقله العمل لنا على طبيعة الأسئلة التي نطرحها على هذا النص، وعلى قدرتنا أيضا على فهم السياق التاريخي الذي تم فيه كتابة العمل وتصوره، فمكننا أن ندخل في العالم الغريب لأعمال الأدب الماضية، ولكننا دائما ندمج هذا العالم الغريب في عالمنا الخاص.
ومن المفاهيم التأويلية التي جاء بها غادامير مفهوم "دائرة التأويل" ومعناه أن فهم وتفسير الأعمال الأدبية لا يتم إلا من خلال التحيز واستكشاف العادات والتقاليد التي تشترك فيها جميع مؤلفات الأدب. كما لا بد في القراءة التأويلية من أخذ الأعمال الكلاسيكية بعين الاعتبار ومراعاة الكاتب والعمل والسياق التاريخي.
حيث إن غادامير في كتابه الحقيقة والمنهج يعتبر أن: "كل إنسان كائن مؤول، تصله خيوط التواصل بالتراث، ليس عبر النص المكتوب فقط. بل عبر الذاكرة أيضا"
والتأويلية حسب غادامير لا تعترف بالصرامة والموضوعية العلميتين في العلوم الإنسانية بقدر ما تتبنى مبادئ التراث القديم الواقع في محيط الذاكرة"