التأويل في التراث العربي؛ قانون التأويل عند الغزالي
أولا معنى التأويل:
قال الجوهري: التأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أولته وتأولته بمعنى"
وقال ابن فارس: "وآل يؤول أي رجع: قال يعقوب: يقال أول الحكم إلى أهله أي أرجعه ورده إليهم"
قال الخليل: "ومن هذا الباب تأويل الكلام، وهو عاقبته وما يؤول إليه، وذلك قوله تعالى: ((هل ينظرون إلى تأويله)) "الأعراف 59"
وقد ساق الإمام ابن تيمية ثلاث معان للتأويل بقوله: "...لفظ التأويل قد صار بسبب تعدد الاصطلاحات له ثلاثة معان:
الأول: أن يراد بالتأويل حقيقة ما يؤول إليه الكلام وإن وافق ظاهره، وهذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل كقوله تعالى: ((يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق)) "الأعراف52"
الثاني: يراد بلفظ التأويل: التفسير، وهو اصطلاح كثير من المفسرين. قال مجاهد. إمام أهل التفسير: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره وبيان معانيه، وهذا مما يعلمه الراسخون.
الثالث: إن يراد بلفظ التأويل صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه ظاهره إلى ما يخالف ذلك. لدليل منفصل يوجب ذلك وهذا التأويل لا يكون إلا مخالفا لما يدل عليه اللفظ ويبينه وتسمية هذا تأويلا لم يكن في عرف السلف بل من استحداث بعض المتأخرين الذين اتكأوا في مفهومهم هذا على قوله تعالى: ((وما يعلم تأويله إلا الله)) "آل عمران 07"
مفهوم التأويل عند الغزالي: إن مفهوم التأويل عند الغزالي يتجلى من خلال قوله في كتابه: "المستصفى في علم الأصول" "التأويل عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب الظن من المعنى الذي يدل عليه الظاهر ويشبه أن يكون كل تأويل صرفا للفظ عن الحقيقة إلى المجاز"
صلاحية التأويل وشروطه عند الغزالي:
أولا صلاحية التأويل ترتبط صلاحية التأويل عند الغزالي بقوة الدليل، فأثناء مقارنتنا لمجموعة من التأويلات نرجح التأويل الصحيح الذي يسنده ويدعمه ويقويه برهان قاطع. أما التأويل الفاسد فهو التأويل الذي ليس له دليل. ويفسد التأويل إذا اجتمعت قرائن تدل على فساده ترجح الظاهر وتجعله أقوى في النفس من التأويل.
ثانيا: شروط التأويل
1-موافقة التأويل لوضع اللغة وعرف الاستعمال.
2-وجود دليل على أن المراد في اللفظ هو المعنى الذي حمل عليه وأول الظاهر إليه. فانعدام الدليل يوجب بطلان التأويل.
3-يمكن أن يكون دليل التأويل قياسا وفي هذه الحالة يشترط أن يكون جليا لا خفيا.
4-أن لا يعود التأويل على ظاهر النص بالبطلان.
مواضيع التأويل: يرى الغزالي أن الموضع الوحيد الذي لا يجب أن نلجأ فيه للتأويل هو إذا جاء النص ظاهرا بينا واضحا بذاته ففي هذه الحالة يغني الظاهر عن التأويل.