مفهوم القيمة
من ضروريات تحديد قيمة الانتاج الأدبي من منظور لوسيان غولدمان هو مدى تمثيلها لرؤية متناسقة للعالم على مستوى الصورة اللفظية أو الصورة الحسية. فعملية تفسير الأعمال الأدبية ودراستها علميا لا يتجاوز ولا ينفصل عن إبراز قيمته الفلسفية أو الجمالية وهذا لا يتم إلا باستخراج الرؤية المعبر عنها والتأويل الموضوعي لها. ومع ذلك فإن الرؤية المتناسقة ليست المعيار الوحيد لتقييم الأعمال إلا أنها ضرورية حيث أن العمل الفني يفقد قيمته الجمالية كلما تجرد من كل واقعية..).
إن مفهوم القيمة في علم الجمال يعني توتر متجاوز ومتغلب عليه. بين الثراء الحسي والوحدة التي تنظم هذا التعدد في مجموع متناسق، ولوسيان غولدمان يؤيد هذا التعريف إذ يرى أنه كلما كان الثراء والتعدد الحسي للنتاج كبيرين وبقدر ما يكون عالم النتاج عالما منظما صارما ويشكل وحدة بنيوية تتحدد قيمة العمل.
إن لكل نتاج قيمه الخاصة التي تنظم ضمنيا مجموع عالم النتاج وفي الفن فإن وجود القيم ليس وجودا مجردا يأخذ في وعي المبدع صورة أخلاقية. التي يعبر عنها لوكاتش بقوله: "أخلاقية الروائي تصبح مشكلة جمالية للنتاج" فمن غير الكافي أن تكون القيم الأخلاقية المعنية قيما أساسية حتى يكون العمل الفني ناجحا من وجهة نظر علم الجمال والقيم الفكرية الحقيقية لا تنفصل عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي بل إنها تتكئ عليه.
النتاج: حالة خاصة ومتميزة للسلوك الإنساني في المعنى الذي يتعين فيه على السلوك الإنساني أن يعبر عن بنية دالة تنتمي لا إلى الفرد بل إلى المجموعة أو إلى الطبقة التي يمثلها هذا السلوك، فالمبدع حينما يكتب إنما هو يترجم لواقع لا كما يراه هو شخصيا وإنما يعكس الوعي الجمعي للطبقة الاجتماعية المعبر عنها. والبنيات الدلالية التي تحكم نشاط الذات وفي المقام الأول المقولات الفكرية والقيم هي منتوج التطور التاريخي للعالم الطبيعي.
الفن: أن طبيعة الفن حسب غولدمان ليست تخيلات داخلية وليست كذلك انعكاس لواقع حياتي بصورة بحتة. إذ لا يمكن تقييم وتقدير قيمة النتاج من خلال المضمون فقط. فالفنان لا ينسخ الواقع، بل يبدع عملا فنيا يشكل عالما موسعا وموحدا ، عالما ذا تناسق ومنطق داخلي يدرس من زوايا معينة، ولهذا يصوغ جملة من القوانين يحدد من خلالها كيفية تحليل الأعمال الأدبية واستبطان قيمها:
1-لا يتعين علينا في فهم النتاج، إيلاء اهتمام خاص للنوايا الشعورية لمؤلفه.
2-تفسير الفن ليس بحثا عن الذات الفردية للمبدع بقدر ما هو اكتشاف للذات الحماعية والوعي الجمعي.
3-ليس للتأثيرات (الانطباعات التي يتركها فينا الفن) أي قيمة تفسيرية بل إنها هي ذاتها تشكل عناصر يلزم تفسيرها.