البنية الدلالية structure singification
تعني عبارة البنية الدلالية الشكل العام لتنظيم مختلف العوالم الدلالية الحقيقية أو الممكنة ذات الطبيعة الاجتماعية والفردية (ثقافات أو أشخاص) وتبدو معرفة ما إذا كانت البنية الدلالية ماثلة ومتضمنة في العالم الدلالي.
البنية الدلالية نوع من التوليف والتنظيم:
البنية الدلالية تعني اعتبار وجود المعنى مشروطا بوجود التعبير يقوم وصف بنية اللغة على المستوى الصوتي والتركيبي بشقيه النحوي والصرفي والمستوى الدلالي، وتعد البنية الدلالية نقطة الوصصل بين هذه البنيات (المستويات) قصد تحقق المعنى، فالتحليل الدلالي يرتكز أساسا على علم الدلالة الذي يقوم على دراسة المعاني وعلم الدلالة يجمع الدراسات الصوتية والنحوية والمعجمية.
البنية الدلالية هي التي تفضي بالدارس إلى الإمساك برؤية العالم . وهي المقولة التي تخترق كيان النص باعتبارها رؤية يصوغها النص بشكل جدلي وهي البنية التي يصادفها الباحث أولا. فتمنحه بطابعها الشمولي فهما أعمق للخلفية الإيديولوجية أو الفكرية للمجتمع أو الفئة الاجتماعية المعبر عنها.
من أهم المفاهيم التي تقوم عليها بنيوية لوسيان غولدمان التكوينية مفهوم البنية الدلالية حيث يعتبر العمل الأدبي بنية دالة لا يمكن أبدا فهمه إلا من خلال الدراسة التوليدية القائمة أساسا على الفهم والتفسير، أي فهم دلالة هذه الأعمال كبنيات دالة أولا ثم ربطها ببنيات أوسع وأشمل بالضرورة هي بنيات خارجية اجتماعية، تمثل رؤية العالم لجماعة بشرية ما ثانيا، ومفهوم البنية الدلالية عند غولدمان "يفترض لا فقط وحدة الأجزاء ضمن كلية العلاقة الداخلية بين العناصر، بل يفترض في الوقت نفسه الانتقال من رؤية سكونية إلى رؤية دينامية، أي وحدة النشأة مع الوظيفة بحيث نكون أمام عملية تشكل للبنيات متكاملة مع تفككها. إن البنية الدلالية تشكل الأداة الرئيسة للبحث في أغلب الوقائع الماضية والحاضرة".
وفي هذا السياق يوصي غولدمان بإلحاح شديد النقد الأدبي، بأن لا يغفل التحليل الداخلي للأثر أو النتاج الأدبي، وإدخاله في علاقة مع البنيات الأساسية للواقع التاريخي والاجتماعي.
مرحلة الفهم: La compréhonsion
تشكل المرحلة الأولى في دراسة العمل الأدبي وهي تتوجه إلى النص وتقصده في ذاته باعتباره مدونة لمجموعة من العناصر الدالة التي ينبغي عليها أن تتواشج وتترابط في منظومة متماسكة وشاملة. فينبغي علينا في هذه المرحلة أن نتحلى بالعلمية في التحليل وأن نركز على البنية الداخلية للنص أي أن نتناول النص حرفيا وأن نبحث داخله في بنية شاملة ذات دلالة.
يتأطر المفهوم الإجرائي للفهم بالإطار الداخلي للنص، وحسب غولدمان فإن فهم قضية تتعلق بالانسجام الداخلي للنص، وهو ما يفترض أن نتعامل حرفيا مع النص كل النص ولا شيء غير النص، وهو البحث داخل النص عن البنية الدلالية الشاملة" أي إن الفهم هو إجراء ينظر إلى النص الأدبي بمعزل عن كل معطى خارجي، ويتوجه أساسا إلى كشف وتوضيح بنائه الداخلي.
مرحلة التفسير: l’explication
نقوم في هذه المرحلة بإدراج بنية النص في بنية أعم: "تكشف عن شروط إنتاجها وتشكلها وتولدها في الواقع الخارجي الذي يتشكل من: بنيات إيديولوجية، واجتماعية وتاريخية وسياسية...إلخ.
التفسير هو عملية ثانية تنظر إلى العمل الأدبي في مستوى أخر خارجي فتربطه ببنية أوسع وأشمل. يعرف غولدمان التفسير بأنه: "إدراج بنية دلالية في بنية أخرى أوسع منها تكون فيها الأولى جزءا من مقولاتها" فإن كان الفهم يختص بداخل النص فإن التفسير يتجع إلى الخارج ليربط النص الأصغر (العمل الأدبي) بالنص الأكبر( المجتمع).
يوضح غولدمان طريقة الوصول إلى البنية الدلالية للعمل المدروس وفهمه إذ لا بد للباحث أولا البحث عن البنية التي تشمل كلية النص أي أن يحيط بمجمل النص وأن لا يضيف إليه أي شيء وأن يفسر تكوينه، فاستخلاص البنية الدلالية في العمل الأدبي عامة والرواية خاصة، لا يكون إلا عبر قراءة جزئيات النص في ضوء مجموع النص ذاته، مع التركيز على ما له من دلالة وظيفية أساسية في العالم. وقد ترك غولدمان مجال البحث عن البنية الدلالية في العمل الروائي رهينا بقدرات الناقد الحدسية.