تعتبر البنيوية التكوينية فرعا من فروع البنيوية، وقد جاءت متجاوزة الانغلاق المفرط الذي وقع فيه المنهج لبنيوي الصوري الذي أقصى التاريخ وأهمل البعد الاجتماعي للنص الأدبي وقتل المؤلف، فجاءت البنيوية التكوينية مع منظرها لوسيان غولدمان لتدرس النص على أنه بنية وظيفية منفتحة على الخارج، فهو منهج يهدف غولدمان من خلاله إلى إعادة الاعتبار للعمل الأدبي والفكري في خصوصيته دون أن يفصله عن علاقته بالمجتمع والتاريخ.

هدف البنيوية التكوينية كمنهج ليس إقصاء العوامل الخارجية المرتبطة بالنص الأدبي بل "الوصول إلى المعنى التاريخي دون إغفال دور الفرد فيه" وهذا ما يجعلها تحقق وحدة التكامل بين شكل النص الأدبي ومضمونه

فالبنية عنده ليست مغلقة وإنما تتميز بالحيوية ومن ثم فإن البنيوية التكوينية هي مقاربة سوسيولوجية وظيفية تهدف إلى دراسة الظواهر الأدبية والفنية والثقافية فهما وتفسيرا، بغية رصد رؤى العالم من خلال عقد تماثل ضمني بين الأدب والمجتمع مع استقراء الأوضاع الجدلية التي تحكمت في توليد البنية النصية الداخلية.

 

 

Rectangle à coins arrondis: البنيوية التكوينيةمرتكزات البنيوية التكوينيةEllipse: المنهج الاجتماعي في نقد الأدب
منهج سياقي
يقوم على التفسير
Ellipse: البنيوية الشكلانية أو الشكلية
منهج نسقي
يقوم على الوصف
:

 

 

 

 

 

 

 

 

تقوم البنيوية التكوينية على مجموعة من المرتكزات أولها وأهمها  رؤية العالم

رؤية العالم: يعد مفهوم رؤية العالم من المرتكزات الأساسية التي تبنى عليها البنيوية التكوينية كما صاغها غولدمان، وهذا المفهوم استعمله كثير من المفكرين السابقين له، فمن الناحية التاريخية نجد أن ديلكي" أول من استعمل مفهوم رؤية العالم، وقد أوضحه في كتابه مدخل لدراسة العلوم الإنسانية حول الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه دراسة المجتمع والتاريخ، وقد أكد أن رؤية العالم هو مفهوم إجرائي بل مكون فعال لما يعانيه الفرد ويعيشه، وبناء على ذلك فهو يبدو من اختصاص علم النفس، فإن كل كائن يرد على ما يتولد عن موقفه في المجتمع من مشاكل بواسطة نموذج يبنيه بشكل تدريجي وحينئذ لا يبدو التحديد المجتمعي إلا عاملا ثانويا يضفي صيغة الوحدة على تنوع النظرات كما هي عند الأفراد.

استخدم جورج لوكاتش مصطلح رؤية العالم في مجال النقد الأدبي وهو ما استثمره لوسيان غولدمان لاحقا حينما أشار إلى أن المفهوم ليس من أصل جدلي بل إن الرؤية للعالم هي بالتحديد هذه المجموعة من التطلعات والإحساسات والأفكار التي توضح أعضاء مجموعة اجتماعية وفي الغالب أعضاء طبقة اجتماعية، تجعلهم في تعارض مع المجموعات الأخرى، إنها بلا شك خطاطة تعميمية للمؤرخ ولكنها تعميمية لتيار حقيقي لدى أعضاء مجموعة يحققون جميعا هذا الوعي بطريقة واعية منسجمة إلى حد ما" ومعنى هذا أن رؤية العالم جماعية لا فردية وهي تكون منظومة فكرية لمجموعة من البشر يعيشون في نفس الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

يؤكد غولدمان أن رؤية العالم هي وجهة نظر متماسكة وموحدة وهذا التماسك والانسجام يجعل رؤية العالم لا تتجاوز حدود الوعي الجمعي.

2- الفهم والتفسير: وهو مبدأ يقوم على التكامل بين داخل النص الإبداعي والواقع الاجتماعي، التاريخي وذلك بإنشاء بنيات دالة تنطلق من النص لتصل إلى الواقع الخارجي، فيتم الفهم بتتبع بنية النص ودراسته دراسة محايثة، بينما يهتم التفسير بوضع هذه البنية ضمن البنية الشاملة للمجتمع.

3- الوعي القائم والوعي الممكن: إن مفهوم الوعي القائم والوعي الممكن نجده مستعصيا على الفهم ويقر لوسيان غولدمان بصعوبة تدقيق معناه بقوله: "موضوعة الوعي هي بالذات من بين الكلمات الأساسية المستعصية على التحديد الدقيق، وترجع هذه الصعوبة للطابع الانعكاسي الموجود في تأكيدنا على الوعي.

4-البنية الدالة: ركز غولدمان على بنية النص دون المضمون الاجتماعي، وهذا لا يعني أنه أقصى هذا الأخير، فمفهوم البنية الدلالية يفترض أنها رؤية دينامية تتابع تشكل البنيات وبهذا يكون العمل الفني موحدا ومتماسكا.

5-التماثل والتناظر: يبرز مفهوم التماثل في لبنيوية التكوينية العلاقة بين العمل الأدبي وبنيته الدالة، فالتماثل يصف العلاقة بين الأعمال الإبداعية والواقع الاجتماعي التاريخي وهو ما ينشأ عن توافق وعي الفرد مع وعي الجماعة في ظل قانون جدلي.

آخر تعديل: الأحد، 3 مارس 2024، 3:36 PM