التأويل والهرمونيطقا Interpretation  and Hermeneutics، ترجع جذور التأويلية إلى التأويلات الرمزية التي خضعت لها أشعار هومر في القرن السادس قبل الميلاد وفي تأويلات الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى، ولهذا كانت العملية الهرمونيطيقية تعنى بتكوين القواعد التي تحكم القراءة المشروعة للنص المقدس وكذلك حواشي وتفسيرات المعاني.

ومنذ القرن التاسع عشر أصبحت الهرمونيطيقا تعني بصفة عامة نظرية التأويل: تكوين الإجراءات والمبادئ المستخدمة في الوصول إلى معاني النصوص المكتوبة بما في ذلك النصوص القانونية والتعبيرية والأدبية والدينية.

ترتبط جذور نظرية التلقي بدراسات فيرجيينيا وولف عن القارئ العادي ومن ثم دراسات فعل القراءة عند كل من: تودوروف وبارت وإيكو وفلسفة هوسرل التي أكدت على الطابع الذاتي في إدراك الأشياء وعولت كثيرا على الذات المدركة أو مفهوم التعالي الذي يجعل الشيء المدرك بين أقواس مفصولا عن كل ما يتعلق به أي فهم الظاهرة خاضع للطاقة الذاتية أو الشعور الفردي الخالص، حيث ينبع من داخل الفرد المؤول ولا يخضع لمعطيات خارجية، وقد عدل إنجاردن تلميذ هوسرل من مفهوم التعالي بتطبيقه على العمل الأدبي، إذ رأى أن الأخير هو نتاج تفاعل بين بنية النص وفعل الفهم.

أما مفهوم القصدية أو الشعور القصدي الآلي إزاء هذا العمل، من ثمة شكل الاهتمام بالذات الفاعلة مركز الدراسات الفينومينولوجية وعد المعنى خاضعا للفهم وناتجا له. ومعناه أن المعنى لا يتكون إلا إذا أراد المتلقي له ذلك

ومن ثم ففهم المؤلف يتم من خلال فهمنا نحن، كما أن التاريخ له دوره الفاعل في آليات الفهم بوصفه يشتمل على الخبرات والإدراكات السابقة التي لا يستقيم الفهم إلا بها، وهذا ما يسميه غادامار بالأفق التاريخي الذي استثمره ياوس فيما بعد مطلقا عليه أفق التوقع.

وقد أطلق على نظرية التلقي عند الأمريكان: نظرية استجابة القارئ، وعند الألمان أطلق عليها: نظرية التلقي أو جماليات التلقي وبذلك نجد أن نظرية التلقي تمثل حقلا تتداخل فيه مقولات من مشارب مختلفة: سيميائية، بنيوية، أسلوبية، فمن بارت استمدت فكرته القائلة إن القراءة تمثل لذة أو متعة تتمثل في العلاقة الضمنية القائمة على الإحساس بلذة الآخر، ومن ريفاتير أخذت فكرة صلة القارئ بالنص التي تكمن في التنبه إلى البنيات الأسلوبية.

 لكن نظرية القراءة لم تدخل الجانب الإجرائي في وقت لاحق حيث نشأت نظرية التلقي بجامعة كونستانس بألمانيا الغربية على يد مجموعة من كبار الأساتذة والدارسين في مجال الأدب والنقد وعلى رأسهم هانز روبرت ياوس وفولفغانغ آيز يضاف إليهم عددا من المساهمين في نشأتها سواء أكانوا أساتذة بالجامعة أو مشاركين في المؤتمرات التي كانت تعقد في الجامعة مرة كل عامين، ثم تنشر أعمالها ضمن سلسلة موسوعية موسومة بـ "البويطيقا والهرمونيطيقا" والتي لعبت دورا لا يستهان به في ظهور هذا التوجه النقدي الجديد.  

أعلام نظرية القراءة:

1-فريديريك شلايرماخر: يعتبر النص وسيط لغوي بين فكر المؤلف وفكر القارئ كما أقر بأن النص يقوم على جانبين جانب موضوعي يشير إلى اللغة وجانب ذاتي يشير إلى فكر المؤلف، فالتأويل من منظوره هو إعادة بناء الخبرة الذهنية لمؤلف النص.

2-جورج غادامير: يقوم مبدؤه أساسا على الفهم الذي يقوم على معارضة فكرة أن تكون النظرة الجمالية بالمطلق عند تحليل النصوص الأدبية من أهم مؤلفاته كتاب الحقيقة والمنهج.

3-بول ريكور: الذي ربط التأويلية بالبلاغة والفلسفة والسردية، والتأويل من منظوره هو اتجاه الفكر الذي يفتتحه النص وبالتالي الفهم والتأويل من أهم الآليات الموظفة في القراءة.

4-أمبيرتو إيكو: اعتمد في كتابه الموسوم بالأثر المفتوح على مفهوم التأويل كما تطرق إلى مفهوم الانفتاح الناتج عن التفاعل بين المتلقي والأثر الفني كما اعتبر أن التأويل هو ترجمة العلامة إلى عبارة أخرى إذ أن كل عبارة يمكن أن تكون موضوع التأويل وأداه تأويل لعبارة أخرى، كما أن التأويل في رأيه هو الكاشف عن اللامقول في النص وبالتالي دعا إلى الاهتمام بالنص في شموليته.

Modifié le: samedi 2 mars 2024, 18:40