المحاضرة الثّالثة: المصدر الميميّ ومصدر المرّة ومصدر الهيئة والمصدر الصّناعيّ

1-   المصدر الميميّ

أ‌-      مفهوم المصدر الميميّ

 المصدر الميمي هو اسم مبدوء بميم زائدة في غير المفاعلة، يدلّ على حدث مجرّد من الزمان والمكان، ويصاغ من الثلاثي على وزن " مَفْعَلٍ "، مثل: رَصَدَ مَرْصَداً، وذَهَبَ مَذْهَباً، والمصدر الميمي من المصادر القياسية.

ب- أوزانه

       من الثلاثي على وزن "مَفْعَل" بفتح الميم والعين مثل: مَعْلَم، ومَأْخَذ، ومَوْجَل، ومَرْمَى، ومَوْقَى ومَوْفَى، أمّا إذا كان مثالاً واويّا محذوف الفاء( الياء) في المضارع فوزنه: " مَفْعِل" بكسر العين، نحو: مَوْعِد ومَوْضِع ومَوْرِد.

أما مما فوق الثلاثي فيصاغ على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وفتح ما قبل الآخر، نحو: استغفرَ- مُسْتَغْفَر، وانطلقَ، مُنْطَلَق.

وقد يبنى المصدر الميمي من الثلاثي على وزن مَفْعِل بكسر العين شذوذاً، نحو: مَرْجِع، ومَيْسِر، ومَحِيض، ومَشِيب، ومَعْجِز، وقد يجوز فيها الفتح أيضاً: كالمَعْجَز والمَهْلَك. 

2-   مَصدرُ المَرَّةِ

إذا كان مصدر الثلاثي على وزن " فَعْلَةٍ " فإنه يكون للمرّة أي اسم مرّة أو مصدر مرّة، نحو: رَحْمَة وخَشْيَة، ودَكَّة، وقلّ منه إِتْيَانَةٌ ولِقَاءَةٌ، وكذلك إذا  كان من غير الثلاثي على وزن "إِفْعالَةٍ "، نحو أَعْطى إِعْطاءَةً.

     وهذا المعنى الذي أشار إليه عبد القاهر الجرجاني في المفتاح ذكره قبله سيبويه في الكتاب بوضوح: " وإذا أردت المرّة الواحدة من الفعل جئت به أبدا على فَعْلَةٍ على الأصل، لأن الأصل " فَعَلَ"... فكان ما جاء على فَعَلَ أصله عندهم (يقصد العرب) الفَعْلُ في المصدر، فإذا جاءوا بالمرّة جاءوا بها على فَعْلَةٍ كما جاءوا بتَمْرَةٍ على تَمْرٍ، وذلك: قَعَدْتُ قَعْدَةً وأَتَيْتُ أَتْيَةً.

        أي أن العرب كانت تستعمل هذا البناء أو المصدر، وهو ما كان على وزن "فعلة: بفتح الفاء وسكون العين أبداً للدلالة على المرّة الواحدة من الفعل أي للدلالة على إيقاع الفعل أو وقوعه مرّة واحدة، وأشار سيبويه إلى أن العرب قالت أيضاَ في أَتى إِتْيانَة، ولقى لِقَاءَة واحدة، حيث جاءت به على المصدر المستعمل في الكلام مثلما قالت: أعطى إعطاءة  واستدرج استدراجة، ويرى أن نحو " إتيانة" قليل وغير مطّرد، ويؤكد أن الاطّراد على " فَعْلَة ".

وأشار ابن مالك إلى اسم المرّة ومعه اسم الهيئة بقوله

وفَعْلَةٌ لمرّة كجَلْسَهْ        وفِعْلَةٌ لهيئة كجِلْسَهْ

ويقصد بقوله " فَعْلَة لمرّة  كجَلْسَة " أن بناء مصدر المرّة من الثلاثي يكون على "فَعْلَة" بفتح الفاء، نحو ضربته ضربة. فإن بني المصدر في الأصل على تاء التأنيث، وصف بما فيه دلالة على الوحدة للدلالة على المرّة، كما في نحو: رحمة واحدة، ونعمة واحدة.

        أما إذا أريد بيان المرّة من غير الثلاثي فإنه يزاد في آخره تاء التأنيث، مثل أطلق إِطْلَاقَةً، ودَحْرَجَ دِحْرَاجَةً. وهو ما قصده ابن مالك بقول: في غيري ذي الثلاث بالتاء المرّة".

وفي الأخير نستنتج أن مصدر المرّة يبنى على وزن فَعْلَة بفتح الفاء وسكون العين من الثلاثي الأصلي بزيادة تاء التأنيث المربوطة في آخره من غير الثلاثي وإن كان مصدرهما الأصلي: أي  مصدر الثلاثي وغير الثلاثي مختوماً بالتاء، فيتوصل إلى مصدر المرّة منهما بالوصف.

3 - مَصدرُ الهيئةِ

       إذا كان مصدر الثلاثي على وزن "فِعْلَة" بكسر الفاء فإنه يكون للنوع أي الهيئة كجَلَسَ جِلْسَةً ومَشى مِشْيَةً وأَكَلَ إِكْلَةً ويسمّى اسمَ الهيئة أو مصدرَ الهيئة.

      وأشار سيبويه إلى هذا المصدر أو الاسم أي اسم الهيئة أو النوع في باب: ما تجئ فيه الفِعلة نريد بها ضرباً من الفعل"، إذ يقول: " وذلك قولك: حَسَنُ الطِّعمة، وقتلته قِتْلَة سوء، وبِئْسَةُ الميتةُ، وإنّما تريد الضرب الذي أصابه من القتل، والضرب الذي هو عليه من الطّعم ومثل هذا الرِّكبة، والجِلْسَةُ، والقِعْدَةُ ".

       ويقصد سيبويه بالضرب هنا النوع أي نوع الفعل الذي وقع عليه أي على من وقع عليه الأكل أو القتل أو الموت وكذلك يقصد به الهيئةَ هيئةَ الفعل أو الحدث في الاسم أو المصدر، والمصدر على وزن فِعْلة بكسر الفاء كما يظهر من خلال الأمثلة التي ساقها سيبويه في قوله، على أن نحترز مما قد يشاكل هذا الاسم في صيغته غير أنه ليس منه إذ لا يراد به هذا المعنى أي معنى النوع أو الهيئة، وهو ما ذكره سيبويه في قوله:" وقد تجيء الفِعْلَةُ لا يراد بها هذا المعنى، وذلك نحو الشِّــدَّة، والشّعْرَة، والذِرْيَة".

ويشير ابن مالك إلى مصدر الهيئة وقبله مصدر المرّة في البيت الآتي

وفَعْلَةٌ لمرَّةٍ كجَلْسَهْ              وفِعْلَةٌ لهيئة كجِلْسَهْ 

ففي الشطر الثاني من هذا البيت يقصد ابن مالك أن اسم الهيئة أو مصدر الهيئة يكون من الثلاثي على وزن "فِعْلَة" بكسر الفاء وتسكين العين، فإذا أريد بيان النوع أو الهيئة من الفعل جَلَسَ مثلاً، قيل: جِلْسَة، ومن قَعَدَ قيل قِعْدَة، وهكذا. وإذا كان المصدر الأصلي منه ملحقاً بالتاء في آخره توصل إلى الهيئة منه بالوصف أو الإضافة، نحو: هفا هَفْوَةً كبيرةً أو هفا هَفْوَةَ  الشّيوخِ.

ويشذّ بناءُ فِعْلَةٍ للهيئة من غير الثّلاثي، مثلما ذكره ابن مالك في قوله

في غير ذي الثّلاث بالتّا المَرَّه               وشذَّ فيه هيئةٌ كالخِمْرَه

" ويشذّ فيه" أي في غير الثلاثي الهيئة، فما كان منه قليل، يحفظ ولا يقاس عليه، لأنه غير مطّرد.

ومن ّأمثلة ذلك: قولهم: هي حسنة الخِمْرَة، من " اختمر" " وهو حَسَنُ العِمَّةِ " من تَعَمَّمَ.

      وفي الأخير نستنتج أن مصدر الهيئة اسم يدل على هيئة الفعل أو نوعه عند وقوعه، ويبنى من الثلاثي على وزن فِعْلَة بكسر فائه، ويشذّ بناؤه من غير الثلاثي، ويتوصل إلى ما كان مصدره من الثلاثي مختوماً بالتاء في الأصل بالوصف أو بالإضافة.

 

4- المصدر الصّناعي

أ‌-      مفهوم المصدر الصّناعيّ

       المصدر الصّناعيّ هو اسم تلحقه ياء النّسب مردفة بتاء التأنيث للدلالة على صفة فيه، ويصاغ من الأسماء الجامدة والأسماء المشتقة، فمن الأسماء الجامدة : إنسانيّة وكميّة، ومن المشتقّة: فاعِلِيّة، وأَسْبَقِيّة، ومَصْدَرِيَّة.

ب‌-  صوغه

يصاغ المصدر الصّناعيّ من الأسماء الآتية

اسم الفاعل: عالِم: عالِمّية.

اسم المفعول: نحو: مَعْذور: مَعْذُوريّة.

أفعل التفضيل: نحو أَرْجَح: أَرْجَحِيّة وأَسْبَق: أَسْبَقِيّة.

المصدر الأصلي، نحو: إسْناد: إسْناديّة.

المصدر الميم، نحو: مَصْدَر: مَصْدَرِيّة

اسم العلم، نحو: عُثْمان: عُثْمانِيّة، ومُحَمَّد: مُحَمَّدِيّة.

الاسم الجامد، نحو: إنسان: إنسانيّة، وحيوان: حَيَوَانِيّة.

 



[1]   ينظر: السيد أحمد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية،4،3،5،3

[2] ينظر: مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، ص149.

[3] ينظر: أحمد قبش، الكامل في النحو والصرف والإعراب، ص324، والسيد أحمد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية، ص304، 305. ومصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية ،ص 148، 149.

[4] ينظر: عبد القاهر الجرجاني، المفتاح، في الصرف، تح: على توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة، الأردن، ط1، 1407 هـ /1987م، ص 65.66.

[5]  سيبويه، الكتاب، ج4، ص45.

[6]  المصدر نفسه، ص ن.

[7]  ابن مالك، متن الألفية، ص37.

[8]  ينظر: محمد محي الدين عبد الحميد، شرح ابن عقيل، ج2، ص132، 133.

[9]  المصدر نفسه، ص ن.

[10]  ابن مالك، متن الألفية، ص37.

[11] ينظر: محمد محي الدين عبد الحميد، شرح ابن عقيل، ج2، ص 133.

[12] ينظر: أحمد قبش، الكامل في النحو والصرف والإعراب، ص 323، ص 324

[13]  ابن مالك، متن الألفية، ص37.

[14] ينظر محمد محي الدين عبد الحميد، شرح ابن عقيل، ج2، ص 133.

[15]  ينظر: مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، ص 152.

[16]  ينظر: أحمد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية، ص 307،308.

آخر تعديل: الأربعاء، 10 يناير 2024، 11:22 PM