المحاضرة7: إرهاصات النقد الأدبي في مرحلة النهضة
مقدمة: يعتبر النقد الأدبي نشاطا إنسانيا متعدّد المجالات سواء فنيا أم أدبيا، ولقد واجه الدارسون صعوبة في تحديد مفهومه نظرا لطبيعته الديناميكية( يخضع للتطوّر) ويعنى بدراسة النصوص الأدبية حيث يقوم بشرحها، تحليلها وتفسيرها.
إن حركة تطوّر النقد مرهونة بتطوّر الأدب باعتبارهما وجهان لعملة واحدة فلا وجود لنقد دون أدب، وعليه فإن الحديث عن حركة نقدية في الجزائر يقتضي الحديث عن وجود إبداع أدبي، وعليه لقد لخّص أبو القاسم سعد الله في كتابه( دراسات في الأدب الجزائري الحديث) أسباب وعوامل تطوّر الحركة الثقافية والإبداعية في الجزائر وهي تتمثل في المؤثرات التالية:
· المؤثر الشرقي: والذي يظهر في اهتمام الجزائر بأفكار واتجاهات المشرق العربي.
· المؤثرالوطني: وجود أحداث كثيرة التي ظهرت في الجزائر متّخذة من السياسة عنوانا ومن الوطنية شعارا( كتابة أشعار)
· المؤثر العربي: من خلال ارتباط الجزائر بفرنسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا,
1- النقد الأدبي في الجزائر:
يقول أبو القاسم سعد الله: « إلى أي حدّ ساهمنا في حركة النقد وتطويرها؟ هذا السؤال طالما ألحّ علي كلما تأملت في انتاجنا الأدبي»[1]، تساءل الناقد عن جهود النقاد الجزائريين في مجال الكتابة النقدية، وذلك من خلال تأمله للإنتاج الأدبي باعتبار أن الأدب يفرض على النقاد وجود حركة نقدية تواكبه وتفسّره، وتشرح مضامينه، وإن وجدت فعلا فماهو التجديد الذي جاء به هؤلاء النقاد، والإضافة في كتاباتهم وعليه خلص غلى جواب مفاده أن الباحث هذا المجال يستوجب عليه دراسة دقيقة لكل ما مرّ بالجزائر من حركة إبداعية من خلال نقلتها النوعية ودخول أجناس أدبية أخرى( كالشعر، والدراسة المسرحية) بمعنى تحرّرهم من قيود النثر( المقالة، القصة).
ولقد شكّك أبو القاسم سعد الله في وجود حركة أدبية ناضجة تواكب حركة الأدب العالمي قائلا:«... ولكي أكون صريحا أحب أن أزيل من ذهن القارئ فكرة قد تخامره، وهي أني أدرك مدى خيالية هذا الموضوع، إذ كيف نتحدّث عن النقد الأدبي في الجزائر، بينما لا نعترف ولا نكاد نصدّق أن عندنا أدبا ناضجا شقّ طريقه مع قافلة الأدب العربي المعاصر، أو الأدب العالمي؟»[2]، يعرض القول رأي الناقد الذي يرى بأن الحديث عن وجود حركة نقدية ناضجة يقتضي وجود أدب ناضج، ولكن هم لا يعترفون بوجود حركة أدبية لها مقومات بارزة، وتستطيع أن تضاهي تطوذر الآداب في الأقطار العربية والغربية.
ويدعّم فكرته بقوله:«... والحق أن الصواب هذه الفكرة ظاهر إلى حد بعيد، سيما إذا أخذت على سطحيتها، فالأدب عندما كفن لا يزال متخلفا من حيث الكم والموضوع والأسلوب فليس هناك بالعربية قصة توفرت لها شروط الإجادة في التقنية والعلاج، أو شعر تطوّر مع عواطف الناس وظروفهم، ولا إنتاج مسرحي واكب المرحلة الراهنة من تاريخنا، وعبّر عن مشاعرنا في الحب والكفاح، وبالتالي ليس هناك أدب متكامل يعيش مع مشاكلنا الذهنية والعاطفية، فكيف بعد هذا نحاول الحديث عن النقد الأدبي»[3]، يعترف الناقد بضعف الحركة الأدبية على جميع الأصعدة من ناحية الإنتاج الكم ( قليل)، والموضوع لا توجد جدة، والأسلوب غير ناضج وهذا شمل الشقين الشعري والنثري( قصة ، مسرحية) وعليه مع ضعف الحركة الأدبية يواكبها مباشرة ضعف في الحركة النقدية.
يرجع النقاد والدارسون ضعف الحركة الأدبية والنقدية في أيام الاستعمار الفرنسي إلى عوامل نذكر منها:
-السيطرة الاستعمارية وسيادة الاتجاه التقليدي.
- قلّة الرصيد التراثي الموروث والنقد لدى الاتجاه التقليدي بسبب العداء والإقصاء الممارس ضد اللغة العربية من قبل الأتراك والفرنسيين.
-الدور الهزيل الذي لعبته الصحافة في تشجيع وتوجيه الأدب والنقد على الرغم من أنها جديرة بلعب هذا الدور.
-ضعف حركة النشر واهتمامها التي اقتصرت على طبع الكتب الدينية وجرائد ومجلات الحركة الإصلاحية.
-الموقف العدائي ضد الإستعمار، وعدم إتقان اللغة الفرنسية، الأمر الذي جعلهم لا يستفيدون من النقد الفرنسي.
- ضعف حركة الترجمة لدى الأدباء والنقاد الجزائريين لإهتمامهم الزائد بأدبهم العربي ونبذ ما ياتي من الغرب.