سنحاول في هذه المحاضرة التطرق إلى مختلف المواقف المقاولاتية والمتمثلة في تأسيس مشروع جديد من البداية أو شراء مشروع قائم بالفعل، وتحير عملية الإنشاء عملية معتمدة وغير متجانسة تختلف من مقاول الأخر حسب الظروف، الإمكانيات والمهارات، فعملية الإنشاء قد تأخذ أحد الأشكال التالية:

أولا: خلق مؤسسة جديدة

يعتبر هذا الخيار الأكثر شيوعا بحيث يتيح للمقاول الحرية في اختيار بحال النشاط، السلع، الخدمات، اختيار موقع المؤسسة، فعملية الإنشاء قد تأخذ الأشكال التالية:

1-    إنشاء مؤسسة (مقاولة) من العدم

 وهي مؤسسة ذات النشاط الجديد، فحسب هذا الاتجاه تشمل المقاولاتية مجموع الأعمال التي يقوم من خلالها المواطن بتنسيق الموارد المختلفة من معلومات، موارد مالية، بشرية، وغيرها وذلك من أجل تجسيد الفرصة على أرض الواقع، وظهور المؤسسة لأول مرة للوجود ترافقها مجموعة من نقاط القوة والضعف، ويمكن اختصارها فيما يلي:

أ‌-     المزايا

·        المقاول لديه الفرصة لإعداد دراسة تفصيلية متكاملة عن المشروع، وتحديد دراسة الجدوى الاقتصادية ونسبة نجاحه قبل البدء بتنفيذه؛

·        يمكن للمقاول اختيار المشروع المتوافق مع إمكانياته المادية والفنية؛

·        يجب على المقاول أن يختار المشروع المتوافق مع خبراته، مؤهلاته ورغباته؛

·        اختيار الموقع الملائم.

ب السلبيات

·         يتطلب إعداد المشروع الكثير من الوقت والجهد؛

·        تكاليف عالية لإجراء دراسة تفصيلية بما فيها مرحلة التأسيس؛

·         يحتاج إلى فترة تكون طويلة لكي يبدأ بتحقيق الإيرادات؛

·        يحتاج إلى تكلفة تأمين الموارد والإمدادات الغنية والمعلوماتية والبشرية المناسبة؛

·         قد لا تتوفر لدى المقاول الخبرة الكافية لمنع وتفادي كل الأخطاء، ومواجهة القيود والأزمات والمخاطر التي قد تهدد للمؤسسة.

 

 

2-     إنشاء مؤسسة (مقاولة) عن طريق المرافقة أو التفريغ

ويقصد بإنشاء مؤسسة (مقاولة) بالتفريغ بتشجيع مجموعة من عمالها في فترة تتميز بالنمو، أو الاستقرار، على إنشاء مؤسساتهم (مقاولاتهم) خاصة وتعتبر هذه العملية سهلة إذا ما قورنت بالسابقة، حيث أن هذا الاختيار يعد أشكال مختلفة من الدعم والمرافقة وذلك بهدف التقليل من احتمال الفشل والمخاطر، ويمكن أن يأخذ هذا الدعم عدة أدوار منها:

·         دور إعلامي: مسؤول المؤسسة (المقاولة) يمكن أن يعلم هؤلاء الموظفين بمختلف الإجراءات وإطلاعهم على مختلف الحلول (اختيار وضع قانوني للمؤسسة( وعلى طريقة تصميم أو مخطط العمل

·        دور تدريبي: حيث أن الإدارة والتسيير والمحاسبة كلها أشياء يحتاج أن يتقنها صاحب المؤسسة قبل انطلاقها في النشاط

·         دعم لوجيستي ومالي: حيث يمكن للمؤسسة (المقاولة) الأصلية منح قروض وأموال لهؤلاء الموظفين من أجل مساعداتهم في انطلاق المؤسسة الجديدة

إن هذه العملية تعتبر سهلة مقارنة بالسابقة، إذ تقوم المؤسسة بإنشاء أجهزة من أجل دعم الوطني على إنشاء مؤسسات خاصة للقيام بأنشطة في مجلات مختلفة تجارية وصناعية، في ظل وجود المرافقة المقدمة لهم من المؤسسات التي كانوا يستغلون بها، وتتمثل هذه المرافقة في تقديم الدعم المالي الضروري للانطلاق في النشاط أ، الدعم الفني الذي يتمثل في مختلف الاستشارات التقنية، كما يمكنهم أيضا استغلال شبكة التوزيع، مما ساعد على تقليل أخطار الفشل التي تواجههم وزيادة فرص نجاحهم، وهذا الشكل من المقاولاتية عن طريق المرافقة ينتشر بشكل متزايد ويلق نجاحا قويا في العديد من البلدان خاصة المتقدمة.

3-    الإنشاء عن طريق الإمتياز

حق الامتياز هو أحد الخيارات المهمة أمام المقاول لإنشاء مؤسسته، وحق الامتياز يعني أن تقوم من خلاله الشركة ( المانحة للامتياز) بمنح أفراد آخرين ( مشتري الامتياز) الحق في إنتاج، بيع، توزيع وتسويق منتجات أو خدمات الشركة الأصلية بما في ذلك قيام الشركة المشترية للامتياز باستخدام اسم الشركة المانحة للامتياز وعلامتها التجارية وسمعتها ، فهو اتفاق تجاري بين مؤسستين مستقلتين قانونيا وماليا، ويستفيد المقاول من دعم من طرف المؤسسة المانحة للامتياز مقابل دفع مبلغ معين، وبهذا فعقود الامتياز تمثل حلا للمقاولين الذين ليس لهم أفكارا خاصة بهم أو الذين ليس لهم الإمكانيات الضرورية للابتكار.

عند رغبة أي مقاول في الحصول على امتياز من أجل إنشاء مؤسسته لابد أن يأخذ في الحسبان مجموعة من المعايير المتعلقة بمانح الامتياز أهمها:  

·        قوة الاسم التجاري والعلامة التجارية؛

·         عمر الشركة المانحة؛

·         مستوى الانتشار في السوق المحلي؛

·        . مستوى الانتشار في السوق الخارجي؛

·         مستوى نجاح الحاصلين على حق الامتياز منها سابقا؛

·        عدد الحاصلين على الامتياز من الشركة المانحة؛

·         رسوم استغلال حق الملكية؛

·         مستوى الإقبال على منتجات وخدمات الشركة المالحة؛

        وعند الحصول على الامتياز لا يعني ذلك أن المقاول سيباشر نشاطه بسهولة بل يجب عليه دراسة جوانب القوة والضعف في مثل هذه المشروعات، وهي على النحو التالي:

أ‌-     المزايا

·        الاستفادة من خبرة مانح الامتياز؛

·        توفير الدعم والتدريب المستمر؛

·        إمكانية الحصول على تمويل تقسيط تكاليف مبالغ التشغيل؛

·         شراء المنتجات والمواد والمعدات والخدمات المستخدمة في المؤسسة بصورة مباشرة من مانح الامتياز بأسعار منخفضة؛

·         الاستفادة من قوة العلامة التجارية في جذب العملاء والترويج العام للمنتج

ب‌-  العيوب

·        التقيد بعمليات وشروط مانح الامتياز؛

·        ضرورة دفع قيمة الامتياز من المبيعات مما يقلل من قيمة الأرباح؛

·        موقف مانح الامتياز أقوى عند التعاقد؛

·         محدودية التصرف بالملكية بسبب شروط مانح الامتياز وضغوطاته؛

·        أداء المستفيدين من الامتياز في مواقع أخرى يؤثر على سمعة المستفيد موضوع الدراسة.

ثانيا: شراء مؤسسة موجودة

يعتبر خيار شراء مؤسسة موجودة من بين المواقف المقاولاتية المختلفة التي تتيح لصاحب هذا الخيار امتلاك مؤسسة موجودة، بحيث يكون الأمر أكثر سهولة بالمقارنة مع الخيار الأول بحيث يتميز هذا الخيار بتوفر المنتجات، قاعدة العملاء، توفر مجموعة الموردين، الموظفين المدربين والمؤهلين بالتالي يسهل وضع خطة أعمال مستقلة للمؤسسة في نفس الوقت يتميز هذا الخيار بعض السلبيات مثل التكلفة المرتفعة لشراء المؤسسة وصعوبة تقييم هذه الأصول

أ‌-        المزايا

 نذكر البعض منها على النحو التالي :

·  سهولة البداية: ويعتبر شراء مؤسسة موجودة أسهل بكثير من إجراءات إنشاء مؤسسة جديدة ويوفر المقاول ضمن هذا الخيار الكثير من الوقت والطاقة؛

·  سهولة قاعدة العملاء: تتميز قاعدة الأعمال القائمة بوجود علاقة سابقة مع العملاء وبالتالي يتطلب الأمر من المقاول إدارة هذه العلاقة للحصول على التدخل النقدي؛

·  فرص التمويل: تتميز الأعمال الموجودة بقدرتها على الافتراض خاصة إذا كانت تحقق نتائج مالية جيدة؛

-       تخفيض المشاكل والمخاطر المتعلقة بالمشروع؛

-       يمكن للمالك الجديد أن يبدأ المشروع بسهولة؛

-       الاستفادة من الخبرات السابقة للمشروع؛

-        الاستفادة من الصورة الذهنية والسمعة الحسنة من المشروع إذا أحسن المقاول اختياره، وكذلك حسن توظيفها واستثمارها.

ب‌.   العيوب

نذكر البعض منها على النحو التالي

·         سعر الشراء المرتفع: ويكون سعر الشراء مرتفع بالمقارنة مع تكلفة إنشاء مؤسسة جديدة، ورغم سهولة تقييم أصول المؤسسة إلا أن بعض القيم المخفية تتميز بصعوبة التقييم لسمعة المؤسسة ورأسمالها الاجتماعي وبالتالي قد تقيم المؤسسة بقيمة أكبر من قيمتها الحقيقة؛

·         الخطر المجهول: بحيث لا يوجد أي ضمانات من طرف العاملين الإدارة، الموردين، العملاء مع الموزعين للمحافظة على علاقة بالمؤسسة؛

·        تقادم المعدات والمنتجات؛

·         احتمال وجود غش في السجلات والدفاتر؛

·        احتمال سوء الموقع المقام عليه المشروع؛

·        أكثر من ذلك فإن شراء المقاول لمؤسسة موجودة يجعله يواجه عدة مشاكل متعلقة بأداء المؤسسة مثل الموقع الذي قد يكون ملاكم في السابق وغير ملائم حاليا للمؤسسة، درجة الرضا المنخفضة لدى الزبائن، بالإضافة إلى الموظفين تم توظيفهم من طرف المالك السابق.

ويجب اتباع خطوات متعددة لتقييم المشروع القائم وشرائه وهي:

ü     دراسة أسباب بيعه، قد يتم عدم الإفصاح من الأسباب والخفايا الكامنة وراء بيع المشروع، والتي تكون غير إيجابية وغير مرضية. وقد لا تتوفر في المشروع الخصائص والمقومات التي يبحث عنها المقاول ويتصورها؛

ü     تقدير القوة الإيرادية للمشروع؛

ü      تقييم الأصول المادية وغير المادية ( المعنوية).

ثالثا: المقاولة الداخلية

 تعني المقاولة الداخلية تنظيم المشاريع داخل المنظمات القائمة، تستطيع المؤسسة مواكبة هذه المستجدات والتكيف معها وبشكل سريع، كما يمكنها أيضا العمل على تطوير وتنويع منتجات بشكل دائم ومستمر عن طريق الإبداع والابتكار، تعتبر المقاولاتية الداخلية مخرجا للمؤسسات يمكنها من تفادي الانعكاسات السلبية لتزايد ميول الأفراد إلى العمل الحر والاستقلالية حيث وحدات هذه الأخيرة في اللجوء إلى المبادرة بإنشاء مشاريع جديدة إلى جانب مشاريعها السابقة والتي لا تتطلب بالضرورة إنشاء مؤسسات جديدة

يجب توفر المجموعة من الشروط نلخصها فيما يلي:

·        تشجيع التجربة والعمل على خلق جو يسمح بوقوع الخطأ والمثل في المؤسسة؛

·         تشجيع العمل الجماعي المنظم؛

·        توفير الموارد الضرورية للمشاريع الجديدة وتسهيل عملية الحصول عليها؛

·         يحتاج المقاول الذي يعمل بشكل عيد أن يكافأ على جهده في تطوير المشروع الجديد، وأفضل المكافآت هي منح المقاول حصة أسهم لقاء جهده وفعاليته في انجاز المشروع، ويجب على الإدارة العليا للمؤسسة مؤازرة المشروع القائم ماديا ومعنويا والعمل على توفير المصادر المالية والبشرية اللازمة وبدون هذا الالتفاف لا يمكن توفير بيئة مناسبة للمقاولة الداخلية.

 والغاية من المقاولاتية الداخلية هي:

-       الحاجة للحفاظ على قدرتها التنافسية وإلى تطوير تكنولوجيا داخلية وضمان تقديم منتجات جديدة وتطويرها؛

-       العمل على عدم خسارة العمال الخلاقين خاصة في تكنولوجيا الحاسب والبرمجيات؛

-       ضمان أشياء جديدة بواسطة العمال الموجودين داخل المؤسسة من خلال إيجاد أنشطة مختلفة يمكن أن تخلق قيمة مضافة.

Last modified: Friday, 15 December 2023, 11:09 PM