المحاضرة السادسة
المحاضرة السادسة
اللغات الإفريقية
يرجح البعض أن انسان العصور الحجرية القديمة كان ينقل أفكاره في غالب أمره بالإشارة والحركة ، ومن المرجّح أن الكلمات التي كان يستعملها الرجال الأوائل كانت في الغالب صيحات انزعاج أو انفعال ، كما يرجح أولى اللغات كانت مجموع الحروف المنطوقة على هيئة حروف النداء والتعجب وأصوات تقلد أصوات الأشياء المسماة بها وهي مرتبطة بها ، ولم يستحدث العقل الإنساني إلا ببطء وسائل للدلالة بطريقة شكلية الحديث ، ومن الواضح أن الناس آنذاك لم يكونوا بحاجة إلى كم كبير من الكلمات لأنهم لم يكونوا يسترسلون في المحادثة أو الوصف ، فإذا كانت غايتهم مثلا قص الأقاصيص عمدوا إلى الرقص والتمثيل أكثر ممّ يقصون ولم تكن لهم طريقة للحساب تتجاوز طريقة الدلالة على الإثنين وطريقة ما للتعبير عن كثير ، والحق أن نمو الكلام كان في البداية عملية بطيئة جدا ، كما أن الصيغ النحوية والتعبير عن الأفكار المعنوية ربما ظهرت في التاريخ الإنساني متأخرة جدا. بالرغم من أن كثافة السكان في إفريقيا أقل منها في العالم إلا أنها تحوي تشعبا لغويا أكبر منه في سائر القارات ، وفي إفريقيا مجموعة من اللغات تمتد من شمال خط الاستواء بقليل إلى نهايتها الجنوبية القصوى ، وهي لغات البانتو يضاف إليها طائفة من اللغات الأخرى تمتد في وسط القارة ، فالأولى شملت معظم إفريقيا الغربية من السنغال حتى النيل الأعلى ، أما اللغات الأفروأسيوية والمدعوة أيضا حامية سامية وتمتد على كل إفريقيا الشمالية والقرن الشرقي الإفريقي: إثيوبيا والصومال وحتى تانزانيا ، وتشمل هذه الأخيرة كل من البربرية والمصرية القديمة والسامية. وهناك من يقسم اللغات إلى مجموعات أو أسرات أخرى منها:- النيجر- كوردواني: تشمل هذه الأسرة فرعين مختلفي القيمة من حيث عدد الناطقين بها ، ومن حيث انتشارها الجغرافي ، فالفرع الأول منها النيجر- كونغو تمتد على جزء كبير من إفريقيا جنوب الصحراء وتشمل تقريبا كل إفريقيا الغربية وعدة جهات من السودان الأوسط والشرقي وبجزئه البانتو ، وظهرت تقسيمات لغوية أخرى للمجموعة النيجرو- كونغولية وأهمها لغة الماندي. والجزء الثاني هو الكوردوفانية ، وهي محصورة في منطقة محددة من جهة الكوردوفان الكائنة بالسودان. 14
الأسرة النيلية الصحراوية يتكلم بها بصفة عامة في شمال النيجر والكونغو وشرقيها وهي سائدة في وادي النيل الأعلى وفي الجهات الشرقية من الصحراء ومن السودان.- اسرة خوي سان أو الخواسان تستعمل معظم لغات الخوي سان في إفريقيا الجنوبية ، إلا أنه هناك مجموعتان صغيرتان من السكان منقطعتين بعيدتين جدا نحو الشمال في تانزانيا وهما الهاتسا والصنداوي وتختلف لغتهما كثيرا فيما بينهما ، كما تختلف إفريقيا الجنوبية. مع لغات- الكوشيتية والتشادية: إنتشرت هذه الأسرة اللغوية شرق التشاد وشرق إفريقيا وهي تتفرع إلى عدد كبير من اللغات.- البانتو يرى الباحثون وجود منطقة مركزية جنوب الغابة الاستوائية بمنطقة مستجمع الأمطار للزامبيزي هي نواة لغة البانتو الأولى وأن انتشار وتجزؤ هذه اللغة من منطقة المصدر نفسه. يعتقد بعض اللغويين لغات البانتو التي تنتشر اليوم على بقعة تشمل نصف القارة الإفريقية تقريبا قد نشأت على الحدود ما بين نيجيريا والكاميرون ، وقد عرفت تفرعات كثيرة أثرت وتأثرت بلغات كثيرة.