المحاضرة الخامسة
المحاضرة الخامسة
أشهر السلالات البشرية الإفريقية
عاش في هذه الفترة في إفريقيا جنوب الصحراء انسان شديد الشبه بالإنسان المعاصر ، بمخ مماثل تماما لحجم مخ الانسان المعاصر ، ولهذا يمكن اعتبار هذا الأخير نوعا من الانسان المعاصر ، عُثر على أولى بقايا هذا الانسان بإفريقيا جنوب الصحراء سنة 1921 بمنطقة الهضبة المنكسرة في زامبيا ، وبعد مرور 20 سنة عثر على جمجمة أخرى لهذا الانسان في منطقة خليج سالد انها بالقرب من كيب تاون بجنوب إفريقيا ، وقد ظهرت بعض الاختلافات بين الانسان العاقل بإفريقيا جنوب الصحراء ونظيره بأوربا وآسيا وشمال إفريقيا ، وقد كان للعوامل المناخية الأثر الكبير لذلك ، فقد كان الانسان العاقل بإفريقيا جنوب الصحراء ذو بشرة داكنة وقليل الشعر الذي يغطي جسمه ، وكان الفاصل بين انسان إفريقيا جنوب الصحراء متمثلا في الصحراء الكبرى ، کون انسان شمال إفريقيا وأوربا وآسيا متشابهون فيما بينهم ومختلفون عن نظيرهم بجنوب الصحراء. جاء تحول الانسان العاقل إلى الانسان المعاصر أو العاقل العاقل الذي يعيش في عالم اليوم نتيجة لتكوين بعض جينات الوراثة الجديدة ، وقد اختفت من إفريقيا كلها السمات الخاصة بثقل الحواجب ونتوء الجبهة. تفرع عن هذا في بداية الأمر وعاش في قارة إفريقيا أكثر من عشرة أجناس متمايزة ، وأن أربعة منها لا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر غير القارة الإفريقية. مهما يكن العصر الذي ظهر فيه السود في إفريقيا وتكاثروا فيه ، فإنه لاشك قد حدثت بينهم إتصالات مع رجال من اللون الأبيض أصلهم من إفريقيا الشرقية.- السلالة الفرعية السودانية: ( سود) المروج الخصبة Noirs de la router تحتل منطقة السهول الواسعة التي تقع جنوب الصحراء والسنغال وحتى مقاطعة كوردوفاي ، وهم ذوو قامة طويلة وجسم ممشوق وجلد شديد السواد ووجود بروز في الكتفين ، أما النموذج الصحيح للسودانيين فهم شعب الأولوف الذين يقطنون ضواحي دكار ، كما نجد في الجهة الشرقية قبائل المالينكي Malinke الهاوتس haoussa وقبائل السار Sara- السلالة الفرعية الغينية قامتهم تميل إلى القصر ولكنهم أكثر ضخامة ، تقطن هذه السلالة خط الغابات الذي يحاذي خليج غينيا حتى الكاميرون.
-. السلالة الفرعية الكونغولية تنتشر على طول الغابة الاستوائية التي تمتد إلى الجنوب حتى شاطئ أحد روافد الكونغو ، وبنية هؤلاء ضعيفة بصورة عامة ، وكذلك فإن بروز الفكين عندهم واضح وأطرافهم قصيرة ، إلا أنها مفتولة العضلات.- السلالة النيلوتية أو النيلية يتميز رجالها بطول قامتهم وأجسادهم ممشوقة ووجوههم مستقيمة وذوو ملامح أوربية أكثر منها إفريقية سوداء ، تقطن هذه السلالة منطقة المستنقعات والمروج التي تمتد من الخرطوم في الشمال وحتى بحيرة فيكتوريا جنوبا.- السلالة الفرعية لإفريقيا الجنوبية وتضم السود الذين يعيشون جنوب الكونغو حتى المحيط الهندي ، ويميل لون بشرتهم إلى قلة السواد ، وكذلك البنية العامة فهي تزيد عن الوسط وبروز الفكين معتدل والملامح العامة رقيقة نوعا ما ، وبما أنهم كانوا ضحايا الغارات والحروب الكثيرة ، فهم يعيشون اليوم حياة الرعاة وغالبا ما يشكلون اليد العاملة في إفريقيا الجنوبية ، وأن جزء من هذه السلالة يشكل جزء من سكان مدعشقر السود. أما المنطقة التي تقع إلى أقصى الشرق من إفريقيا فهي مأهولة بالسلالة الإثيوبية ذات البشرة القريبة للون الأسود الداكن ، أجسادهم فارغة وشعرهم مجعد ووجوههم مستقيمة وهذا ناتج من اختلاط السود بالغزاة البيض الذين أتوا على الغالب من شبه الجزيرة العربية.
وفي الشمال نجد مجموعة أخرى يطلق عليهم اسم النوبيين حتى أعالي منطقة الشلال الثاني حيث تنقطع فجأة سلالة السود ، وفي الجهة الجنوبية حصلت اختلاطات بين الإثيوبيين والنوبيين كونت فيما بعد ما يطلق عليهم نصف حاميين وهم الماساي والناندي والسوك وهم رجال ذوو قامات رفيعة وبشرة فاتحة اللون. وفي الأخير ، ففي كل أنحاء السودان الغربي من حدود السنغال حتى بحيرة التشاد تعيش جماعات إلى جانب المزارعين السود وهم البول peul الذين يتحلون بصفات أقرب للأوربيين منها للزنوج السود ، فلون بشرتهم فاتح وشعرهم مموج البوشمان يمثلون أقدم جماعة بشرية ظهرت في إفريقيا الجنوبية ، كانوا يشغلون المنطقة التي تقع جنوب نهر الزامبيز ، لكن أحفادهم الذين جاؤوا بعدهم قد تراجعوا وأصبحوا اليوم يتنقلون في صحراء كالاهاري فقط ، حيث لا يوجد هناك لا سهل خصب ولا مروج تجلب إليها المزارعين وكانت الطرائد تمثل غذاءهم الأساسي ، وبعد أن أبيدت هذه الطرائد لجأ بعضهم إلى السهول المستنقعية المليئة بالبحيرات المائية في الجنوب الغربي من جنوب إفريقيا ، وأنغولا ، ورغم تأثير من جيرانهم من قبائل الهوتانتوس وبعض السود ، فلا تزال هناك بعض الآثار من مدينة البوشمان الصحيحة ، تلك المدينة التي تتميز برسومها المنقوشة على الملاجئ الصخرية. هذا وأن ملاحقة الطريدة والبحث عن مواضع المياه النادرة يقضيان بوجود حياة دائمة الترحال والتنقل ، وأينما وجدوا يقيمون أكواخهم المصنوعة من لحاء الأشجار والمغطاة بأغصانها ، فلا زراعة لديهم ولاتربية المواشي وأن الكلب هو الحيوان المستأنس الوحيد عندهم ، وأن وسائل الصيد وصناعتها عندهم كانت جد متطورة ، ومن الرسوم الصخرية رسم يمثل صيادا مسلحا بقوس ولابسا جلد النعام ، حيث يتمكن بذلك من الاقتراب إلى الفريسة ، وهذه الحيلة لاتزال موجودة عند بعض الشعوب الإفريقية. والبوشمان قصار القامة لا يزيد طولهم على 150 سم جسدهم نحيف وبشرتهم صفراء إلى بنية وهم لا يختلطون بجيرانهم ، وأهم مظاهر تميزهم الحضاري هي الدرجة العالية من الفن الذي وصلوا إليه في النقش على الصخر. وينقسم البوشمان إلى وحدات سياسية واجتماعية يقودها أمهر واحد بينهم ، وكذلك فحدود المنطقة التي يمكن للقبيلة الواحدة أن تصطاد فيها وأن ترتوي من مائها وتجمع إنتاج نباتاتها ، هذه الحدود تكون معينة بواسطة شجرة مثلا أو حفرة أو بخط من الكثبان الرملية ، ويذكر أن أكثر الاصطدامات التي تقع بين القبائل سببها خرق تلك الحدود.- الهوتانتوس أو الهوتانتوت ، ربما جاءت من اجتماع قبائل البوشمان مع بعض السود ، وهذه القبائل تنتقل من مرعى لآخر في جميع أنحاء الجنوب الغربي من إفريقيا ، ويمكن تقسيم الهوتانتوس بحسب اللغة إلى أربعة مجموعات رئيسية هي الناما والكورانا والغونا والهوتانتوس القدماء الذين اختفت معالمهم اليوم ، وقبائل الهوتانتوس بصفة عامة رعاة يتبعون ماشيتهم من مرعى لآخر ، يقتصر أكلهم على الحليب وجذور النباتات وبعض الحبوب ، أما اللحوم فيأكلونها في الأعياد وحين تقديمها كأضاحي فقط. غالبا ما يرتبط اسمهم دائما باسم البوشمن ويشبهونهم شكلا وثقافة وينتشرون في إفريقيا الجنوبية ويشتغلون بالرعي وتربية الأغنام وهم أطول من قامة البوشمن بقليل ، وأن القبائل الصافية التي بقيت منهم فنراها اليوم في المروج الجنوبية جنوب غرب إفريقيا.- الأقزام أشار في القديم اليونانيون إلى وجود سكان في إفريقيا ذوي قامة قصيرة جدا أطلقوا عليهم اسم الأقزام ، أما هوميروس فقد تحدث في إلياذته عن معارك طاحنة تحمّل وطأتها الأقزام ضد الرهاء les grues ، إلا أن مثل هذه الحكايات كان يُنظر إليها حتى القرن الأخير نظرة الأساطير فقط ، إلى أن جاء شوينفورت فاكّد وجود رجال ذوي بنية ضعيفة جدا في إفريقيا الوسطى ، كما أكّد ذلك شايو وجودهم في إفريقيا الاستوائية بالغابون وأبرز شيء معروف عنهم هو قامتهم التي تقل عن 1.5 متر ولون جلودهم أسمر محمر وبقية أجسادهم مغطاة بالشعر وكذلك رؤوسهم مدورة وأنوفهم عريضة جدا ورأسهم ضخم وسيقانهم قصيرة ، بحيث تجعل اليدين تبدوان أكبر مما هما عليه ، كما أن النبض عندهم بطيء ، ولكل الأقزام مسكن واحد وهو الغابة مبعثرين داخلها في جماعات صغيرة وكلّهم يعيشون على الصيد والقطف ويجهلون الزراعة وتربية الماشية وعمل النسيج والفخار. ويمكن تقسيم قبائل الأقزام إلى ثلاث مجموعات الأقزام الشرقيون أو البامبوتي Bambouti ، أي رجال الغابة وأقزام المنطقة الوسطى وهم جماعة الباكوا Bacwa ويسكنون منطقة الروافد اليسرى لنهر الكونغو و جماعة البابينغا Babinga التي تسكن منطقة البابينغا والسانغا Bainga et Sanga والأقزام الغربيون ، ويسكنون منطقة الغابون وهم جماعة الأكوا Akoa والبابونغو Babongo والبيكوي Bekwi ، وقسم آخر يسكن منطقة الكاميرون وهم الباكا والباجيللي. أما مراكز سكنهم فهي عبارة عن حلقات من الأكواخ المبنية على شكل نصف دائري من مجموعة من الأغصان على شكل قوس ، ثم تغطى جوانبه بالأوراق العريضة ، والباب هو الفتحة الوحيدة في الكوخ ، هذا ويستعمل الأقزام المغارة في بعض الأحيان كملاجئ الأوقات العصيبة. كان أقدم ذكر للأقزام في وثائق مصرية ترجع إلى الدولة القديمة أيام ملك من ملوك الأسرة الخامسة ، وهناك خبر آخر من هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد ، وهو الذي أطلق عليهم باليونانية لفظ pygmaioi ومعناها الرجل الذي لا يزيد طوله مابين كوع الشخص العادي وأصابع قدميه.- الزنوج لسعة انتشار هذا الجنس تم تقسيمه إلى قسمين رئيسيين هما: الزنوج السودانيون والبانتو ، وبصفة عامة يسود الجنس الزنجي جنوب الصحراء الكبرى والقرن الإفريقي ، ويشكل الزنوج 70% من جملة سكان القارة. أ- الزنوج السودانيون ينتشرون في المنطقة الممتدة من بحيرة تشاد شرقا حتى السنغال غربا ومصب نهر النيجر وسواحل غانا في الجنوب ، ويدعون أيضا بالزنوج النقاة أو الحقيقيون والسودانيون ، ويسمون كذلك لأنهم أقل تأثرا بغيرهم ، ويتصف الزنوج السودانيون بالبشرة السوداء وطول القامة ، أنشأت هذه الشعوب ممالك قوية واسعة الأرجاء ،
وينقسم الزنوج السودانيون إلى عدد كبير من القبائل أبرزها قبيلة الولوف المتاخمة لنهر السنغال وقبيلة التوكولور والماندي إلى الشرق. ب البانتو ادت الهجرات الإفريقية على امتداد عدة قرون في وسط وشرق إفريقيا نحو الجنوب الغربي إلى اختلاط ضخم للشعوب الزنجية والتي تعرف بالناطقين بالبانتو ومعنى ذلك أنها مجموعة زنجية لغوية واحدة وتمتد أوطانهم شمالا حتى خليج بياقرا وتستمر باتجاه شرقي مع تعرجات عديدة إلى الشمال ثم الجنوب عبر الكونغو وصولا إلى بحيرات أعالي النيل ويعبر كينيا حتى مصب نهر جوبا ، ويتكلمون لهجات متعددة ويعتمدون في حياتهم على الرعي والزراعة وتربية الحيوانات حسب طبيعة الإقليم الذي يتواجدون فيه. قسم العلماء والباحثون البانتو إلى ثلاث مجموعات قبائل البانتو الجنوبية وتنتشر في موزنبيق وجنوب إفريقيا وبوتسوانا وليزوتو وجنوب غرب إفريقيا.
قبائل البانتو الغربية يتمركزون في الكونغو والكاميرون والغابون وأنغولا. قبائل البانتو الشرقية: يتمركزون في رواندا وأوغندا وبورندي وكينيا وتنزانيا ومالاوي وزامبيا.
النيليون الحاميون إلى الشمال من خط البانتو تعيش أقوام زنجية تأثرت كثيرا عن غيرها من الأجناس ويظهر ذلك في طول القامة والبشرة الفاتحة ، وبقي لدهم الشعر المجعد الذي هو من الصفات الأساسية للجنس الزنجي ، كما تأثرت لغتهم بلغة الحاميين. جرت العادة على تسميتهم بالسلالات الحامية أو كما يسميهم البعض أنصاف الحاميين ، ويتمركزون في مناطق واسعة من أعالي حوض النيل وهضبة شرق إفريقيا وأوغندا وكينيا.