المحاضرة الاولى
المحاضرة الأولى
مدخل إلى دراسة مصادر تاريخ المقاومة:
ليس ثمة شك في أن الدراسة العلمية لتاريخ دولة من الدول ، تقتضي في البداية التعرف على المصادر التي يستقي منها المؤرخ أحداث هذا التاريخ ووقائعه ، وتبين طبيعة هذه المصادر وأهميتها ، فعلي أساس تلك الأهمية ، تكمن قيمة الدراسة ومصداقيتها ، كما أن التعرف على المصادر يمثل خطوة أوليه هامة تتلوها خطوات البحث العلمي المعروفة ، من جمع ومعاييره التي يعرفها المشتغلون بالبحث التاريخي ، ثم تحليل هذه المادة وإعادة تركيب الوقائع وعرضها ...الخ. [1]
تعريف المصادر:
وهي كل ما يمد الباحث بالمعلومات الأولية والمباشرة والتي تعد المنبع الأساسي في أي بحث، فإذا ما أردت أن تقوم ببحث حول شخصية مثلا فإن المصدر الأساسي الذي تستمد منه مادتك الأولية هي آثاره التي تركها مثل مجالس التذكير ومقالاته المنشورة في صحف.
وتساهم المصادر والمراجع بإغناء البحث العلمي بمعلومات كبيرة، كما أنها تقدم إجابات جاهزة للباحث عن مجموعة من الأفكار التي تدور في رأسه حول موضوع معين.
أولا: تعريف المصادر والمراجع:
1- المصدر في الاصطلاح النحوي:
ما يصدر عنه الشيء، ويعرفه علماء اللغة بأنه: صيغة اسمية تدل على الحدث فقط، أو على اللفظ الدال على الحدث مجردا عن الزمان متضمنا أحرف فعله فقط.
المصدر في الاصطلاح العام:
هو الأساس المتبع الذي أخذت منه الفروع، وهو الأصل الأول للمادة، وبتعبير آخر هو ذلك الكتاب الذي نجد فيه المعلومات الصحيحة كاملة، والمصدر كتب شاملة مركزة في مداها ومجالها ومعالجتها للموضوع.
ونظرا لأهمية المصادر ودورها الكبير في البحث العلمي سوف نقوم في رحاب المقال بالتعرف على مصادر البحث العلمي وأنواعها، وكيفية كتابتها.
ما هي أنواع مصادر البحث العلمي؟
للبحث العلمي مجموعة من المصادر ومن أهم هذه الأنواع:
المصادر الأصلية الأولية: تعد المصادر الأصلية الأولية من أهم المصادر التي ترتبط وتتعلق بالبحث العلمي، والمصادر الأصلية هي الأعمال التي تمت كتابتها بخط يد أصحابها كدواوين الشعر، والأبحاث، بالإضافة إلى الأعمال الميدانية والمقابلات، والبحوث العلمية التي تم نشرها في المجلات العلمية المحكمة والفيديوهات والبرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية، والمخطوطات والوثائق الحكومية والإحصائية العلمية والاقتصادية.
كما تعد المصادر التي كتبها الباحثون الذين عاصروا الباحث ونقلوا المعلومات عنه بالمصادر الأصلية وخير مثال على ذلك تفسير الطبري، وصحيح البخاري.
المصادر الفرعية: وهي الأبحاث التي تمت كتابتها في العصر الحديث، والتي اعتمدت في أساسها على المصادر الأصلية الأولية، حيث تقوم المصادر الفرعية بعملية نقل للمعلومة، ومن ثم تقوم بشرحها وتفصيلها ونقدها وتلخيصها، ومن أهم الأمثلة على المقالات الفرعية المقالات التي يتم كتابتها في الصحف والأفلام، بالإضافة إلى المقالات التي يتم نشرها في المجلات العلمية التي تناقش بحثا آخر، والمجلات والصحف اليومية، والكتب التي يعود مؤلفوها إلى المصادر الأصلية .
معلومات المصادر الأولية والثانوية: وهي مجموعة المعلومات التي يتم جمعها من خلال المصادر الأولية والمصادر الثانوية، ومن هذه المصادر القواميس، الموسوعات، الكتب المدرسية، الفهارس، والملخصات، كما تعد شبكة المعلومات الإلكترونية والرسائل العلمية كرسائل الماجستير والدكتوراه والندوات العلمية وكتب التراث من ضمن هذه المصادر والمراجع.
2- تعريف المراجع:
وهي تلك الآراء المختلفة التي كتبها باحثون حول موضوع معين ولا ترتقي إلى مستوى المصادر.
الفرق بين المصدر والمرجع:
رأينا أن المصدر هو الأصل الذي أخذت عنه المادة، والمصدر في اللغات المادة الأولى (الأساس) التي تدون ولا تعتمد إلاّ على المادة المسموعة.
أما المرجع: فهو ما يرجع إليه من كتاب أو غيره، وهو محل الرجوع، وقد اعتمد على المصدر فهو محدث، أي المادة الثانية التي اعتمدت على المادة الأصل.
ولنتبين الفرق نقول: المرجع كتاب يساعد على إكمال المعلومات والتثبت من بعض النقاط (ثانوي)، ويسمى قديما المصدر الثانوي، وإن المعلومات التي نقلت عن العرب، ودونت في كتب تسمى المصادر.
أما المراجع فهي الكتب التي اعتمدت على تلك المصادر. أو نقول: الديوان مثلا هو المصدر، ودراسة في ديوان مرجع. وقد يصبح المرجع مصدرا عند الرجوع إلى المرجع الأول، والمصدر مفقود، وبعض اللغويين يرون أن تقادم الزمن يجعل المرجع مصدرا.
وتعد المخطوطات من المصادر، وبالرغم مما طبع منها في مختلف ميادين المعرفة، لا يزال أمامنا كثير من المخطوطات –وهي كثيرة في مختلف بقاع العالم- تنتظر التحقيق، وقد سهلت التقنيات الحديثة كثيرا من الصعوبات في مجال التحقيق، وعملت بعض المؤسسات على وضع فهارس للمخطوطات ليسهل الوصول إليها، وهذا ما يقوم به المعهد العربي للمخطوطات في الكويت. إذن فالمخطوطات قبل تحقيقها هي المصدر، وبعد التحقيق أو الدراسة في التحقيق تعد مرجعا.
وهناك خلط بين المصدر والمرجع في بعض الأحيان بسبب المادة التي يحملها الكتاب، وبسبب الموضوعات التي يطرقها، إن لم يسند مادته إلى سند، أو نقد المادة الأولى، فهنا يقع الخلاف في نوعية تلك المادة، هل هي مصدر، أم مرجع؟
هناك أنواع معينة من المصادر معترف بها من أجل مختلف مواضيع المعرفة الإنسانية، وأهم هذه المصادر هي:
1. كتب الدراسات والإرشاد
2. البيبليوغرافيا
3. الفهارس والمجموعات والملخصات
4. الموسوعات
5. المراجع
6. معاجم الاصطلاحات الخاصة
7. الحوليات
8. كتب التاريخ
9. كتب التراجم
10. الأطالس ومجموعات الصور واللوحات
11. المنشورات الدورية.
أهمية المصادر والمراجع في البحث العملي:
للمصادر والمراجع أهمية كبيرة في البحث العلمي، وتكمن أهمية المصادر والمراجع في مجموعة من الأمور ومن أهم هذه الأمور:
تكمن أهمية المصادر والمراجع في قيام الباحث بنسب المصادر والمراجع إلى أصحابها، ويعد هذا الأمر بمثابة التكريم للباحثين الأوائل والذين قاموا بكتابة هذا البحث العلمي.
تقدم المصادر والمراجع معلومات كبيرة تساهم في إغناء البحث العلمي بشكل كبير، لذلك يجب على الباحث أن يعود لأكبر عدد ممكن من المصادر والمراجع وذلك لكي يثبت من خلال هذا الأمر.
من خلال المصادر والمراجع يحصل الباحث على كافة المعلومات التي ترتبط وتتعلق بالبحث العلمي الذي يقوم به، وتختلف هذه المعلومات الموجودة في الصحف والمجلات والتي تعبي عن رأي صاحبها، بينما الآراء الموجودة في المصادر والمراجع تعبر عن رأي العلم.
ويعد توثيق المصادر والمراجع من أهم الأمور التي يجب على الباحث أن يقوم بها، ويقوم الباحث بهذا الأمور وفق أسس التوثيق المتبعة، وفي حال لم يقوم الباحث بتوثيق البحث العلمي، فهذا يعني تعرضه لتهمة السرقة الأدبية والانتحال.
ويعد توثيق المصادر والمراجع من الأمور المهمة للباحثين الآخرين، حيث يقوم الباحثون الآخرين بالاستفادة من هذه المصادر التي يقوم الباحث بذكرها، ومن ثم يعودون إليها خلال بحثهم العلمي.
[1] - واضح مداني، أهمية المصادر التاريخية عند المؤرخ، مجلة القرطاس / العدد العاشر، نوفمبر 2018. ص.ص 149-159.
- 27 October 2023, 12:21 AM