الفلسفة الاجتماعية
Aperçu des sections
-
وحدة التعليم: المنهجية
المادة: الفلسفة الاجتماعية
الرصيد:1
المعامل: 1
مقياس الفلسفة الاجتماعية مقياس نصف سنوي (السداسي1فقط)، تتضمن مجموعة محاضرات مدة كل محاضرة01سا و 30د ، ولا تتضمن أعمالا موجهة.
مواقع الكترونية للبحث والاستزادة:
http://download-human-development-pdf-ebooks.com/104-1-library-books
http://www.ta5atub.com/t416-topic
http://www.goodreads.com/shelf/show/philosophy
http://www.amazon.com/Philosophy-Book
-
بطاقة تواصل :
الاستاذ المحاضر لهذا المقياس: د-مناد محمد- أستاذ محاضر –ب-
الجامعة
الجيلالي بونعامة
الكلية
العلوم الاجتماعية والانسانية
القسم
العلوم الاجتماعية
الأستاذ
د-مناد محمد –أستاذ محاضر .ب.
المستوى
السنة03ليسانس
التخصص
/
المقياس المقرر
الفلسفة الاجتماعية.
وحدة التعليم
نوع الدرس
استكشافية
السداسي
الاول
المعامل
01
الرصيد
01
الحجم الساعي
15اسبوع-45ساعة
الخحم الساعي في الاسبوع
1.30سا
المحاضرة
ساعة ونصف
نافذة التواصل
البريد الالكتورني
القاعة31 يوم الاثنين من الساعة10 الى الساعة12.
-
فضاء التواصل مع الأستاذ:
يمكن للطالب التواصل مع الأستاذ عبر كافة وسائل التواصل الممكنة والمتاحة والمقبولة،سواء عبر الايميل او عبر مواقع التوال الاجتماعي كالصفحات الرسمية التي ينشئها الطلبة او الصفحة الرسمية للجامعة والقسم.
الايميل mphm2011@hotmail.fr
-
الاهداف العامة للمقياس:
1-التعرف على الفلسفة العملية التي تهتم باليومي والاجتماعي، وتحاول أن تفسر الوقائع الاجتماعية.
2-التعرف على اهم المشكلات التي تثيرها وتطرحها الفلسفة الاجتماعية.
3-أبرز المواضيع التي تعالجها الفلسفة الاجتماعية.
4-الاطلاع على ابرز الافكار والتفاسير التي يقدمها الفلاسفة المعاصرون حول قضايا الفلسفة الاجتماعية.
-
المعارف المسبقة المطلوبة:
- المواضيع التي تهتم بها الفلسفة بمختف انواعها:سياسية واخلاقية..الخ.
- المفاهيم المتعلقة بتطور الفلسفة المعاصرة وأهم مشكلاتها.
- - المناهج الفلسفية المعاصرة.
-
:على سبيل التمهيد
في كتاب مؤرخ الفلسفة "وول ديورانت"[1] (قصة الحضارة) نجده من أكثر المؤرخين تقديسا للحضارات الشرقية القديمة كالحضارة المصرية والهندية والصينية و أحرصهم على القول بأسبقية المحاولات الفلسفية الشرقية، وهو يؤسس لموقفه باعتبار أن الحضارات الشرقية قد سبقت حضارة اليونان في ثمانية أسس هي الدين والعمل والتنظيم السياسي والاجتماعي والأخلاق والعلم والفلسفة والأدب والفن ويؤكد أن الحضارات القديمة في مصر والصين والهند وبابل وآشور قد كان لها نصيب وافر من كل هذه العناصر فأوروبا في نظره تدين للشرق بقدر كبير من كل عنصر ولكنه لم يستطع أن يخفي أن الوثبة اليونانية بالفكر والعلم والفن والتنظيم وفي تأسيس المجتمع المدني القائم على النزعة الفردية والاستقلال في التفكير وجعل التحاور هو الآلية التي تضمن تصحيح الأفكار وتحسين الأوضاع كل هذه تجعل إسهامات اليونان ليست مجرد إضافة عادية وإنما هي قفزة استثنائية مثلت تحولات كبرى في حياة الفرد والمجتمع مهدت الطريق لما صارت إليه أوروبا وأمريكا في هذا العصر وما حققاه من تطورات مذهلة في كافة المجالات الدنيوية ، فلقد ارتقى العقل اليوناني وتحرر من قيد الأسطورة وأخذ بيد الفلسفة حتى وصل بها إلى مرحلة الوعي والنظام وأصبح يبحث بحثاً عقلياً خالصاً في كل مشكلات الكون والحياة كما حاول إقامة الأخلاق على أساس من التفكير الحر والتعليم المرن ونظر إلى الإنسان باعتباره مواطناً حرا له حقوق مدنية وحرية سياسية.
إن النقاش الدائر حول طبيعه الفلسفه الاجتماعيه في مجال الفلسفه المعاصره عموما وفي الفلسفه السياسيه والاخلاقيه خصوصا نجده نقاشا حديثا العهد كثيره تحاول بيان هويتها ومساهمتها وتعيين حدودها سواء بينها وبين مباحث الفلسفه او بينها وبين العلوم الاجتماعيه والانسانيه لذلك نطرح سؤالا حول مفهوم الفلسفه الاجتماعيه وعلاقتها بالعلوم الانسانيه والاجتماعيه فما هو مفهومها وما علاقتها بالعلوم الانسانيه والاجتماعيه؟.
[1]- (ويليام جيمس ديورانت بالإنجليزية: William James Durant) (من 1885 - إلى 1981) فيلسوف، مؤرخ وكاتب أمريكي من أشهر مؤلفاته كتاب قصة الحضارة والذي شاركته زوجته أريل ديورانت في تأليفه .
-
مفهوم الفلسفه الاجتماعيه:
الفلسفة الاجتماعية: هي دراسة التفاعلات الاجتماعية والسلوك بين شخصين أو أكثر، وعادة ما يتم إجراء مثل هذه الدراسات الفلسفية على البشر ولكن تم استخدامها أيضًا للنظر في الأنظمة الاجتماعية ، حيث تدرس الفلسفة الاجتماعية ديناميكيات المجموعة وتنظيمها وهوية المجموعة ودور المشاعر الفردية داخلها.
عناصر الفلسفة الاجتماعية:
العنصران الرئيسيان للفلسفة الاجتماعية هما :
المجتمع والفرد، بحيث يعتقد كانط أنّ العنصر الأساسي للمجتمع الجيد هي الحرية، وبهذا يقصد الحرية في أن تكون فردًا، لكن الأفراد أيضًا لديهم عقد مع المجتمع الذي يحد بشكل طبيعي من هذه الحرية، ووفقا لكانط فإنّ المجتمع يدور حول التوازن بين الحقوق والمسؤوليات.
كما يمكن القول ان الفلسفه الاجتماعيه في مفهومها تتحدد بالاجتهادات التي قدمتها مدرسه الفرانكفورت او النظريه النقديه(الفلسفه الالمانيه المعاصره) فمن الناحيه التاريخيه يرتبط مفهوم الفلسفه الاجتماعيه بما قدمته الفلسفه الالمانيه الحديثه خاصه عند هيكل في كتابه مبادئ فلسفه القانون عندما ميز بين الدوله والمجتمع وادرك الفرق بين الفلسفه السياسيه والفلسفه الاجتماعيه فاصبح للفلسفه الاجتماعيه موضوع محدد هو المجتمع وتعزز هذا التصور بجهد مارك سواء من جهه النقد الذي قدمه حول الدوله باسم المجتمع او من جهه النظريه التي قدمها.
اذن التراث الفلسفي موضوع لقراءات متعدده عند مؤسس الفلسفه الاجتماعيه سواء المدرسه فرانكفورت او ضمنه تيارات فلسفيه اخرى معاصره ولعل اول نص تاسيسي هو نص ماكس هور كهايمر1895-1973 وعنوانه الوضعيه الحاليه للفلسفه الاجتماعيه ومهمات معهد البحث الاجتماعي فهو يقول ان الفلسفه الاجتماعيه تمثل نوعا من التاويل الفلسفي لمصير البشريه بوصلهم افرادا يعيشون في جماعه لانها لا تهتم الا بالظواهر التي لا يمكن فهمها الا من خلال حياه الاجتماعيه المتمثله في الدوله والقانون والاقتصاد والدين اي الشروط الماديه والروحيه لثقافه الانسانيه معا.
كما انه وقف عند جوانب اساسيه من هذه الفلسفه خاصه ما يتعلق بالصراع داخل المجتمع والعلاقه المتبادله بين الفرد والمجتمع وكون الفرد لا يحقق معناه الا في الوحدات التي تتجاوز الشخص كوحده الطبقه والدوله والامه اذن فالفلسفه الاجتماعيه تتميز بموقفها النقدي من القضايا والمشكلات الاجتماعيه فتركز على الجزئي وتستبعد الكلي اي انها تهتم بالفرد على حساب الجماعه فالفلسفه الاجتماعيه لا تعتبر علما خاصا وانما هي عباره عن فرع يدرس الطرق المختلفه والملموسه التي يتبعها البشر في معاشهم ويستعملونها في كل انواع اجتماعهم ابتداء من العائله الى الدوله والانسانيه مرورا بالتجمعات الاقتصاديه والسياسيه فهي تختلف اذا عن علم الاقتصاد وعلم الاجتماع لانها تهتم بالواقع ومستوياته المختلفه وتتخذ مواقف سياسيه واخلاقيه. وخلص ماكس الى ان العلاقه بين الفلسفه الاجتماعيه والعلوم الاجتماعيه لا تقوم على التنافر وانما على التعاون فالفلسفه الاجتماعيه تمرين عقلي من الوجه من الوجهه العلميه ولا تتطور الفلسفه الاجتماعيه الا بارتباطها بنتائج الباحث العلمي لذا يجب اتباع الطرق العلميه في دراسه المشكلات الفلسفيه.
ثانيا: نص ثيودور ادورنو1903-1969. ولعل اهم نص عنده هو نص انيه الفلسفه الى ضروره التخلي عن الاوهام والوهم الذي يصاحب المشاريع الفلسفيه والمتمثل في ادراك الوجود الكلي عبر قوه الفكر ويشهد تاريخ الفلسفه عموما وازمه الفلسفه المثاليه خصوصا على هذا التلاشي فالفكر لا لا يستطيع ادراك الكلي لذلك يجب اقامه نوع من التواصل بين الف لسفه والع لوم ويعتقد ادورنو انه يجب ان نشير الى مجموعه من العناصر:
منها مفهوم المجتمع الذي كان وراء النقاش والسجال بينه وبين النزعه المنطقيه فذهب الى القول انما نسميه مجتمعا بالمعنى القوي للكلمه هو ما يظهر نوعا من التشابك من دون ان يتجاهل او يترك شيئا من حيث العناصر المكونه له كما لو كانت نسبيه متبادله ولها قوه نفسها على التفكير كما لو كانت واحده ولا يمكن ادراك المجتمع في كليته الا بدراسه تاريخه لذلك ربط ادورنو بين دراسه المجتمع والتاريخ بمعناه الواسع والعميق فالتاريخ عنده ليس مجرد خلفيه للمعرفه الاجتماعيه بل هو عنصر جوهري يدخل في تركيب كل معرفه اجتماعيه لذلك اكد على ضروره ربط علم الاجتماع بعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي وهو ما يرفضه انصارا الوضعيه والمركزيه فالمجتمع ليس جمعا لمواضيع فحسب بل لذوات ايضا علما ان دور العوامل الذاتيه اخذ في التحول وسط السيروره المجتمعيه الكليه وبقدر ما يشمل المجتمع الذوات بقدر ما يصبح هؤلاء جزءا من النظام ولا يستقيم النظام من خلال توجهه القمعي للذوات بل هو المستقيم من خلالهم.
اما النص الثالث فهو نص الفيلسوف اكسيل هونيث والمعنون بالباثوولوجيات الاجتماعيه ماضي وحاضر الفلسفه الاجتماعيه حيث يرى ان مكانه الفلسفه الاجتماعيه في المشهد الفلسفي المعاصر يتصف بالهشاشه لذلك يقول هونيث ان موضوع الفلسفه الاجتماعيه واولويتها هو تحديد هو تحليل عمليات تطور المجتمع التي تظهر كانها تطورات مضطربه وتعبر عن باثلوجيات اجتماعيه، اذا لقد بين هونيث ان هناك علاقه بين الفلسفه الاجتماعيه والفروع المعرفيه الانسانيه القريبه منها لقد سائل التاريخ الفكري الغربي الحديث الذي نظر في هذه الامراض فساءل روسو في نقده للحضاره الغربيه وتجلى ذلك في ظهور علم الاجتماع الذي يجب على الفلسفه الاجتماعيه ان تاخذ نتائج تحليلاته في الاعتبار وتحليل ظاهره الشموليه وتتجلى في تجربه النازيه والستالينيه وفي العوائق التي تحول دون التطور الاجتماعي لاعضاء المجتمع والحد من امكاناتهم في تحقيق حياه خيره وكريمه اذا فما يميز الفلسفه الاجتماعيه هو اعتمادها على معايير اخلاقيه مغايره لمعايير الفلسفه السياسيه وفلسفه الاخلاق بالمعنى التقليدي ولا سيما من جهه العلاقه بين القيم والمجتمع والمعايير والممارسه والنظريه النقديه التي تهدف الى تحقيق الانعتاق.
كما يعتبر كتاب الفيلسوف الفرنسي فرانك فايشباخ والمعنون ببيان من اجل فلسفه اجتماعيه نصا رابعا في التاسيس للفلسفه الاجتماعيه لانه يحاول الاستفاده من الميراث الاشتراكي والاجتماعي منذ الثوره الفرنسيه ومن الجهود النظريه المتمحوره حول المجتمع المدني في انجلترا والفلسفه البراغماتيه الامريكيه والفلسفه تتحدد عنده بما هي ممارسه اجتماعيه هدفها تغيير المجتمع وتحسينه كي يتيح للافراد تحين قدراتهم معتمدين في ذلك على دور تربيه وتعليمفهو يرى ان موضوعها يتعلق بالنشاط العلمي الذي تقوم به الفلسفه. اذا الفلسفه الاجتماعيه تتفق مع فلسفه اللغه لكنها تختلف معها في الهدف لان فايش باخ يرى ان العلاج الذي تقدمه الفلسفه الاجتماعيه ليس معنيا بالقضايا العلميه والميتافيزيقيه وانما هو علاج مضاد لتوجه الفلسفه المعاصره في عمومه ولتوجه الفلسفه السياسيه والاخلاقيه الذي يقلل من كل ما هو اجتماعي ويحقره بدعوى عموميته او خصوصيته على حد سواء لذلك نجد عند فاشباخ ان العلاج الفلسفي يعني خلق شروط تعاون بين الفلسفه والعلوم الاجتماعيه حول العمل على ان نربط العمل نفسه بمسالتين اساسيتين الاولى التحرر في مقابل الهيمنه والثانيه تحقيق الحياه السعيده او الخيره او الكريمه في مقابل الحياه البائسه والنظر في مقوله العمل ليس على انها تعبير عن ظاهره اجتماعيه واقتصاديه فحسب وانما بوصفها كما قال هاربرت مارسيد مقوله وجوديه تحدد كينونه الوجود الانساني بما هو وجود تاريخي وبذلك يدخل العمل ضمن مقوله عامه واساسيه في الفلسفه الاجتماعيه وهي مقوله الممارسه والممارسه الاجتماعيه على وجه التحديد لانه لا وجود لمجتمع من دون العمل.
وبهذا المعنى فان الفلسفه الاجتماعيه تتح دد بغايتها التنويريه والتحريريه من خلال العمل وتولي اهميه قصوى للشروط الواقعيه للعمل وللعلاقات الانسانيه والاجتماعيه القائمه على ان نفهم هذه العلاقات كما بينتها حنا ارندت في كتابها الشرط الانساني الحديث لذا يجب رفع الاحتقار وعدم الاهتمام الذي تليه الفلسفه عموما والفلسفه السياسيه والاخلاقيه خصوصا للمجتمع بدعوى نسبيته وتغيره وتحوله ولا تستطيع الفلسفه الاجتماعيه تحقيق ذلك اي تحقيق دراسه المجتمع الا بالحوار مع العلوم الاجتماعيه والانسانيه مع تاكيد الموقف النقدي والالتزام الفلسفي بالاجتماعي.
وبناء على هذا التحليل التاريخي والمعرفي القائم على جمله من النصوص التاسيسيه فان الفلسفه الاجتماعيه تتميز بجمله من المميزات منها:
الاعتراف باستقلاليه المجتمع والحياه الاجتماعيه والنظر في الاكراهات والقواعد الاجتماعيه مثل ما ينظر اليها علم الاجتماع لكن من دون ان تتماهى معه بسبب طابعها النقدي.
ارتباط الفلسفه الاجتماعيه بالسياق الاجتماعي وتتحدد بوصفها فلسفه عمليه بما انها تهدف على خلاف الفلسفه السياسيه والاخلاقيه الى تحقيق التغيير الاجتماعي سواء بطريقه تربويه او بطرق عمليه ضمن افق يسعى لتاسيس مجتمع اقل مرضا ومعاناه واضطرابا واكثر صحه وتوازنا وعقلانيه.
تسعى الفلسفه الاجتماعيه لتشخيص ما هو قائم وذلك ضمن الافق كانطي او بتعبير اخر ضمن التصور الشانتي المطروح في نص ما هو التنوير اي العمل ضمن افقي التنوير وتحقيق الذاتي والتحرر من الاشكال المختلفه للوصايه.
اهتمام الفلسفه الاجتماعيه بتقييم ما هو ما هو قائم ونقدهولا سيما ما تعتبره بمنزله التطورات الفاشله او الباثولوجيات الاجتماعيه في الحياه الاجتماعيه
اعتبار مدرسه فرانكفورت بمنزله الارضيه التي انبثقت منها الفلسفه الاجتماعيه ولا سيما عند الفلاسفه الذين ذكرناهم الا انها نمت وتطورت في اتجاهات كثيره منها الماركسيه والوجوديه والفراغماتيه والبنيويه وشملت الادب والروايه الاجتماعيه وبعض الاتجاهات الفلسفيه المعاصره كما اهتمت بالنظريه لعلماء الاجتماع وعلماء النفس والمؤرخين اذا الفلسفه الاجتماعيه قد انبثقت من مدرسه فرانكفورت فانها لم تعد محصوره ضمنها بسبب التطورات التي عرفتها المدرسه نفسها.
اذا فموضوع النقاش هو مضمون الفلسفه الاجتماعيه وهو لا يزال قائما ويتصدر اهتمامات الفلاسفه والدارسين للمساله السياسيه والاجتماعيه ومن اهم عناصرها علاقه اجتماعي بالسياسي واشكال الصراعات الاجتماعيه المختلفه وعلاقه المجتمع المدني بالدوله ومساله حقوق الانسان والمواطنه ودور المجال العام واهميته وموضوع العمل وتحولاته ومستقبله في المجتمعات المعاصره وغيرها من الموضوعات التي تناولها المفكرون والفلاسفه.
نظريه الفلسفه الاجتماعيه:
لا نستطيع فهم خصوصيه الفلسفه الاجتماعيه الا بالنظر في تصورها للعلاقه التي تجريها بين القيم والواقع والنظريه والممارسه اذا فالفلسفه الاجتماعيه تستمد بعض مبادئها الفلسفيه من الميراث الهيجلي اي الفلسفه الالمانيه ولذلك ينبغي فهم الواقع الاجتماعي ككل وعليه النقد الاجتماعي كي يكون ملائما يجب ان يحيل الى النظام الاجتماعي في مجمله فالنظره الجزئيه للوقائع تسقط في الاحاديه وتتجاهل العناصر الاخرى. ايضا التحليل النقدي للحياه الاجتماعيه يتطلب دراسه من وجهه التجارب الفرديه والبنى الاجتماعيه ذلك ان النقد الاجتماعي يهتم بدراسه الامراض الاجتماعيه التي لها اثر في حياه الافراد الخاصهضمن منطقي العمليات الاجتماعيه واعاده الانتاج الاجتماعي اذا فالفلسفه الاجتماعيه تجمع بين طرح النفسي والاجتماعي معا. كما ينبغي ان نعتبر الفلسفه الاجتماعيه فلسفه فلسفه محايثه اي انها لا تنظر في الواقع الاجتماعي الذي تدرسه بطريقه تامليه وانما تعتبر نفسها جزءا من هذا الواقع الذي تدرسه وتحاول دراسته دراسه النقديه.
ان الفلسفه الاجتماعيه تنظر الى علاقتها بالممارسه والتطبيق وفقا لمبادئ المعياريه من بينها معايير النقد اي انها يجب ان تكون جزءا من الواقع الاجتماعي ومن هنا نجد النظره النفسيه والاجتماعيه فمن الناحيه النفسيه نجد ان الفلسفه الاجتماعيه معنيه بالمطالب التي يتقدم بها الفاعلون انفسهم مع ضروره الاخذ في الاعتبار ان البنى الاجتماعيه تعيق صياغه التطلعات المعياريه بشكل مباشر وشفاف اما من الناحيه الاجتماعيه فالفلسفه الاجتماعيه تعطي قيمه ابستيتيمولوجيه للحركات الاجتماعيه بوصفها مجالا متميزا وبهذا المعنى فالفلسفه الاجتماعيه تمثل التعبير النظري للتطلعات العمليه.
ويعتبر العمل موضوعا اساسيا في الفلسفه الاجتماعيه ذلك عكس المباحث الفلسفيه الاخرى بسبب طبيعه المجتمع المعاصر الذي يقوم على العمل ويقابلها البطاله التي تعد بمنزله نفس اجتماعي للفرد. لذلك يجب تطبيق وتشخيصه امراض العمل في المجتمع المعاصر وعليه نجد ان علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد يقدمون مجموعه مهمه من الادوات التي تسمح برسم معالمه الاساسيه وتكثيف الجهود للقضاء على الخوف من البطاله وما يسببه من تدني في المنزله الاجتماعيه وما يؤدي اليه من تشوهات صحيه وجسديه وعقليه.
ولعل من اهم امراض العمل في المجتمع المعاصر ازدياد العمل المؤقت مقارنه بالعمل الدائم الذي تطور فيه حق العمل ومنازله لذلك اصبحت طرق التسيير الجديده تقوم على وضع استراتيج تقوم على اعاده النظر في قيمه العمل واخضاعه لنظم التسيير الجديده وتثبت الدراسات الاجتماعيه والنفسيه ان خبراء كثيرين من خارج المؤسسات يفرضون على العاملين الاجراءات التي يعتبرونها منتجه ومربحه من دون الاخذ في الاعتبار واقع العمل نفسه.
اذا فهذه الملامح تفرض على الفلسفه الاجتماعيه النظر في مساله العمل ضمن واقع الراسماليه المعاصره بالاعتماد على ما تقدمه الدراسات الاقتصاديه والاجتماعيه اذا فاللحظه الفلسفيه تثبت قيمتها بالنسبه الى التشخيصات التجريبيه المقدمه ما ان يطرح السؤال حول المكان التي تحتلها تجربه العمل في حياه الافراد وتنظيم العمل في الهياكل الاجتماعيه.
-
نهج الفيلسوف كانط في فلسفة الاجتماعية:
كتب كانط فلسفته الاجتماعية والسياسية من أجل الدفاع عن التنوير بشكل عام وفكرة الحرية بشكل خاص، وجاء عمله ضمن كل من القانون الطبيعي وتقاليد العقد الاجتماعي، واعتبر كانط أنّ كل كائن عقلاني له حق فطري في الحرية وواجب الدخول في حالة مدنية يحكمها عقد اجتماعي من أجل تحقيق هذه الحرية والحفاظ عليها.
يمكن أن تؤخذ “الفلسفة الاجتماعية” على أنّها تعني علاقة الأشخاص بالمؤسسات ومع بعضهم البعض عبر هذه المؤسسات التي ليست جزءًا من الدولة، وتعد الأسرة هي مثال واضح للمؤسسة الإجتماعية التي تتجاوز الفرد ولكن لديها على الأقل بعض العناصر التي لا تسيطر عليها الدولة، ومن الأمثلة الأخرى المؤسسات الإقتصادية مثل الأعمال التجارية والأسواق والمؤسسات الدينية والنوادي الاجتماعية والجمعيات الخاصة التي تم إنشاؤها لتعزيز المصالح أو لمجرد الاستمتاع والمؤسسات التعليمية والجامعية والأنظمة الاجتماعية والتصنيفات مثل العرق والجنس والمشاكل الاجتماعية .
وتجدر الإشارة إلى بعض التفاصيل ولو كأمثلة على نطاق هذا الموضوع فقط، حيث دعا كانط إلى واجب المواطنين في دعم أولئك الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم في المجتمع، بل إنّه أعطى الدولة سلطة الترتيب لهذه المساعدة، وقدم تفسيرًا بيولوجيًا للعرق في العديد من المقالات وأيضًا بالتأكيد في فترة “الحرجة” أكد أنّ الأجناس الأخرى كانت أدنى من الأوروبيين.
منهج القانون الطبيعي:
لم يكن لدى كانط فلسفة اجتماعية شاملة، وقد يميل المرء إلى الادعاء بأنّه تماشياً مع منظري القانون الطبيعي يناقش كانط الحقوق الطبيعية المتعلقة ببعض المؤسسات الاجتماعية.
وقد يقرأ المرء النصف الأول من “مبدأ الحق” كفلسفة اجتماعية لأنّ هذا النصف عن “الحق الخاص” يناقش حقوق الأفراد بالنسبة لبعضهم البعض، على عكس النصف الثاني حول “الحق العام” الذي يناقش حقوق الأفراد المتعلقة بالدولة.
حتى أن كانط يقدم تفسيراً لهذا الاختلاف من خلال الإدعاء بأنّ عكس حالة الطبيعة ليس حالة اجتماعية بل الحالة المدنية، ويمكن أن تشمل حالة الطبيعة المجتمعات التطوعية (يذكر كانط العلاقات المحلية بشكل عام) حيث لا يوجد التزام مسبق على الأفراد لدخولها.
ومع ذلك فإن هذا الادعاء الخاص بـ Kant يخضع لبعض الشك، لأنّه يربط صراحة جميع أشكال الملكية بالإلتزام بدخول الحالة المدنية، وتأتي مناقشته للزواج في شكل علاقات ملكية أقرب إلى العلاقات التعاقدية، وبالتالي ليس من الواضح كيف يمكن أن توجد أي مؤسسات اجتماعية يمكن أن توجد خارج الحالة المدنية، إلى الحد الذي تفترض فيه المؤسسات الاجتماعية علاقات الملكية.
منهج الفلسفة الأخلاقية:
نهج آخر لقضية الفلسفة الإجتماعية في كانط هو النظر إليها من منظور الفلسفة الاجتماعية بشكل صحيح، أي الالتزامات التي يجب على البشر التصرف بموجبها وفقًا للمبادئ الصحيحة بتنمية الصداقات والمشاركة في العلاقات الاجتماعية.
وفي الدين داخل حدود العقل المجرد، يناقش كانط تطوير “الكومنولث الأخلاقي” حيث يقوم البشر بتقوية العزيمة الأخلاقية لبعضهم البعض من خلال مشاركتهم في المجتمع الأخلاقي للكنيسة، كما يرى أنّ المؤسسات التعليمية موضوع كتابه في علم أصول التدريس، بحيث يجب أن تكون مصممة لتوفير تنمية الأخلاق لدى البشر لاولئك الذين يفتقرون إلى النزعة الطبيعية للصالح الأخلاقي، وفي هذه الحالات يتم التعامل مع فلسفة كانط الاجتماعية بإعتبارها ذراعًا لنظريته عن الفضيلة وليس كموضوع قائم بذاته في حد ذاته.
منهج الأنثروبولوجيا:
يأتي النهج الثالث للفلسفة الاجتماعية من خلال انثروبولوجيا كانط من وجهة نظر براغماتية، حيث كان كانط قد تصور الأنثروبولوجيا كتطبيق تجريبي للأخلاق .
ويمكن أن تساعد معرفة الخصائص العامة للإنسان بالإضافة إلى الخصائص الخاصة للأجناس والجنسيات وما إلى ذلك في تحديد واجبات الفرد الدقيقة تجاه أفراد معينين، وعلاوة على ذلك يمكن لهذه المعرفة أن تساعد الوكلاء الأخلاقيين في مهمتهم الخاصة لتحفيز أنفسهم على الأخلاق.
إن وعود الأنثروبولوجيا هذه في تطبيقها العملي لم تتحقق، ومع ذلك في تفاصيل نص كانط يقوم بتقييم نقدي ضئيل للتحيزات أو الممارسات الاجتماعية لتجاهل الصور النمطية الضارة بالتطور الأخلاقي، وتعد آراؤه الشخصية التي تعتبر عنصرية وجنسية عالمياً اليوم وحتى خارجة عن خطى بعض زملائه الأكثر تقدمية والتي تسود مناقشاته المباشرة حول هذه المؤسسات الاجتماعية.
ما هو العقد الإجتماعي؟
- المسؤوليات: تسمى المسؤوليات أو الواجبات بالعقد الاجتماعي، وقد شرح كانط أفكاره حول العقد الاجتماعي في مقالته “النظرية والتطبيق”، ولا يتداخل العقد الاجتماعي مع الأخلاق والآداب، لكنه غير مرتبط تمامًا بتلك المعايير.
- السلطة: هي أيضًا جانب من جوانب العقد الاجتماعي في الفلسفة الاجتماعية، تمامًا كما أنّ لدى الشرائح الكبيرة من المجتمع التزامات تجاه بعضها البعض وتجاه المجتمع ككل، وأيضاً فإنّ من هم في السلطة مقيدون أيضًا بالحقوق والمسؤوليات، ويساعد هذا في تحديد ما يمكن لشخص في السلطة فعله وما لا يمكنه فعله وما هي التزاماته تجاه الآخرين وما هي الامتيازات التي يحصلون عليها في المقابل.
أنواع السلطة الشرعية في الفلسفة الإجتماعية:
طور الفيلسوف ماكس ويبر نظرية مفادها أنّ هناك ثلاثة أنواع من السلطة الشرعية في الفلسفة الاجتماعية:
1. الأول هو القائد الذي يكتسب منصبه بوسائل عقلانية وقانونية مثل الانتخابات.
2. الثاني هو القائد الذي يكتسب منصبه من خلال التقاليد مثل الملكيات الوراثية.
3. الثالث هو من يصل القائد النهائي إلى موقع السلطة من خلال الكاريزما وحدها.
قد يواجه أتباع النوع الأول من السلطة مشاكل مع النوعين الثاني والثالث لأنّهم لا يتمتعون بتفويض ديمقراطي، ولكن يمكن إعطاء سلطة من الكاريزما لشخصيات عامة متنوعة مثل القادة الدينيين ومضيفي البرامج الحوارية.
فلاسفة الفلسفة الإجتماعية:
يمكن اعتبار أي مناقشة وأي نظرية حول القضايا الاجتماعية عنصرًا في الفلسفة الاجتماعية هناك العديد من التخصصات المتداخلة مع فلسفة المجتمع، مثلاً تتداخل الفلسفة الاجتماعية مع التخصصات الفلسفية الأخرى مثل الأخلاق وفلسفة اللغة والفلسفة السياسية ونظرية المعرفة الاجتماعية، كما أنّها تجمع وتندمج مع التخصصات غير الفلسفية مثل الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس، وهنا قائمة ببعض الفلاسفة اللذين اهتموا بالفلسفة الاجتماعية:
سقراط.أفلاطون.كونفوشيوس.توماس هوبز.جان جاك روسو.جون لوك.جيريمي بنثام.جون ستيوارت ميل.جورج فيلهلم هيجل.هنري جورج.كارل ماركس.فريدريك انجلز.بيير جوزيف برودون.ميخائيل باكونين.بيتر كروبوتكين.مارشال ماكلوهان.إميل دوركهايم.ماكس ويبر.سيغموند فرويد.كارل يونغ.جون زرزان.ثيودور أدورنو.
كارل رايمون بوبر.جورج لوكاش.أنتوني بانيكوك.سيمون دي بوفوار.ميشال فوكو.نعوم تشومسكي.
كورنيليوس كاستورياديس.جاي ديبورد.إيفان إيليتش.تيري إيجلتون.شيلا روبوثام.برتراند راسل.
تريستان تسارا.سوزان سونتاج.هربرت ماركوز.إريك فروم.
-
كثيرا ما تعاب الفلسفة فى تساؤلاتها وطرائقها ،وحتى غاياتها ،خاصة إذا ما قورنت بالعلم فالكثير يرى فيها كثرة كلام و تأملات تسرف فى بلوغ المطلق و الإبتعاد عن الواقع.هذا ما أفقد الفلسفة بعض مجالاتها لصالح العلم لكن هذا لا ينفى قيمة الفلسفة بل "إن من إسهامات الفلسفة فى خدمة العلم هو تطوير أساليب مناهج البحث فيه"[1] وهذا ما تجسد من خلال العلوم الإنسانية التى تستعصى الدراسة التجريبية فالإنسان يتضمن جوانب تستعصى قياسها كميا ،كالأحوال النفسية والجوانب الأخلاقية ، فالتساؤلات التى أثارتها الفلسفة فى جوانب العلم المختلفة مهدت لظهور مناهج علمية جديدة خاصة فى علم النفس وعلم الإجتماع.
ورغم هذه الإسهامات فهي لم تعزز ثقة الناس بالفلسفة والفلاسفة ،فالعلم والتطبيقات التكنولوجية غزت حياة الناس وغيرتها ،مما أدى الى إنعزال الفلسفة عن العالم الواقعي، وهو ما يعكس عيوب المذاهب الفلسفية التى أفنت عمرها فى البحث في اللامتغير والحقيقة المطلقة، ومن هنا وجب على الفلسفة " أن تنزل من برجها العاجي لتبحث فى هذه الحياة التى نعيشها وفى مشكلاتها"[2] فعلى الفلسفة إذن ان تعكس وجهة نظر الفيلسوف المستخلصة من ثقافة ونظم المجتمع ومختلف مؤسساته وأحداثه وتطوراته، لأن الفيلسوف مرآة عاكسة لما هو سائد فى عصره.
فالعالم ليس مجرد ظواهر طبيعية متغيرة بل هو ايضا عالم يتضمن قيما عليا كالحق والخير والجمال، وهى قيم ثابتة والتقابل بين العالمين يفرض على الفلسفة"أن تتغير ماهيتها وأن تتغير وظيفتها لكى تعيش هذا العالم"[3] وهو ما سيجعلها أكثر انتاجا وحيوية وتأثيرا ،فإتصالها بالحياة الإجتماعية والإنسانية يجعل منها نشاطا علميا تعالج تجارب وخبرات الإنسانية بالتحليل والنقد لتقف على عمق المشكلات التى تشكل حياة الناس عندها تكون الفلسفة"نشاط حر غير نفعي ،إنها حرة فبعد زوال قلق الحاجة تعزز الروح بذاته ،ترفعه وتثبته" [4]وبالتالي يمكن القول أن للفلسفة أهدافا نذكر منها :
فهم الكون وظواهره وتقديم تفاسير حول أصله وتطور ه كما "تسعى إلى معرفة طبيعة الأشياء ودراسة مشكلة السلوك الإنسانى ومعالجة القيم "[5] لتصل بالانسان إلى السعادة ، وتؤسس لمعارف واضحة ويقينية وقيم ثابتة ومعايير سليمة.
توضيح الأمور العالقة عند الإنسان ،و إزالة الغموض واللبس عن مدركاته ومعارفه كما انها تتجاوز بالإنسان مرحلة الشك والظن لتصل به إلى اليقين .
لهذا "فالفلسفة هى التى جعلت الناس يفسرون ظواهر الكون، ويميزون بين الخطإ والصواب وبين الخير والشر وبين النفع والضر ، ومنحتهم قيما ومقاييس يسيرون عليها فى حياتهم وبذلك تطوروا وا رتفعو ا من مستوى الحيوانية إلى مستوى الإنسانية"[6].
كل هذا ما جعل الفلسفة متعددة الوظائف، خاصة ما تعلق بالحياة الإجتماعية والثقافية ،حتى ان بعض الفلاسفة كسقراط وأفلاطون وغيرهما إتخذوها أداة للدفاع عن أفكارهم السياسية والقيم السائدة، لأجل المحافظة على الوضع القائم أنذاك فاعتبرت الفلسفة فى كثير من الأحيان قوة ثورية ،في محاولاتها استخدام المعارف العلمية لفهم كامل وعميق للعالم ،وهذا ما عكسته الماركسية او البراجماتية فامتدت الفلسفة إلى مختلف التجارب والخبرات الإنسانية، بالتحليل و التفسير، مما أدى الى امتزاج الفلسفة بالتربية ،وظهور فلسفة خاصة تعرف بالفلسفة التربوية جمعت بين التنظير والتطبيق.
هيجل، تر (خليل احمد خليل)، محاضرات فى تاريخ الفلسفة. المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 1986ص43-[4]
[6] - شبل بدران ،فاروق محفوظ ،لاسس الفلسفية للتربية ،مرجع سابق ص147
منذ العصور الأولى لبداية التفكير الإنساني ظهرت الفلسفة وصاحبها نظر وتأمل في مختلق القضايا الاجتماعية، لكن تجسدت على وجه الخصوص مع ظهور الحضارات العظيمة في الشرق والغرب، مثل حضارات واد الرافدين والشرق الأدنى، وحضارات آسيا كالهند والصين، وحضارات البحر الأبيض المتوسط المصرية واليونانية والرومانية خصوصا حيث ارتبطت بالفكر الاجتماعي الذي يعتبر قاسما مشتركا بينها وبين علم الاجتماع. واستمرت في التطور مع الحضارة اإلاسلامية وفي العصر الحديث حيث يذهب كثير من الفلاسفة إلى القول بأنها شهدت ظهورها الحقيقي مع فلسفة التنوير مع جون لوك، جون جاك رسو وغيرهم وتطورت في الفلسفة المعاصرة مع كثير من الفلاسفة والفلسفات.
أ: التفكير الاجتماعي في الحضارات القديمة:
1ـــــ الحضارة المصرية: عرف المصريون القدامى المدينة بوصفها وحدة سياسية قبل اليونان, وكانت مدنهم تتمتع باستقلال ذاتي وهي عبارة عن مراكز اجتماعية وتجارية, كما كان التصاقهم باألرض كبيرا نتيجة الطبيعة الزراعية التي قامت على نهر النيل.
تأثر النظام الاجتماعي عند المصريين القدماء بما يلي:
.1 الطبيعة الريفية الزراعية. .2 نظام الأسر الحاكمة. .3 نظرية الإله الحاكم. .4 نظرية الطبقات وقد احتلت قدرا كبيرا من تفكيرهم, وقد كان لها ارتباط سياسي كبير إذ كانت تشير إلى وجود طبقتين تمثل الأولى الطبقة المقدسة وتشمل الفرعون وكهنته, وطبقة العامة وتشمل الجند والزراع والتجار.
وقد أخذت الطقوس الدينية قسطا واسعا من حياة المصريين القدماء, كما كان لها أشد الأثر في حياتهم العامة وسلوكهم الاجتماعي. وعلى العموم يمكن القول أن الطابع العام للتفكير في هذه الحضارة كان دينيا.
2 ـــــ الحضارة الهندية: ارتكزت الفلسفة الاجتماعية على أساس الإيمان بالعالم الآخر وإهمال الحياة الدنيا بشكل تام )تصوف ديني(, وعلى عدم المساواة بين الأفراد, كما تعتبر نظرية وحدة الوجود أساسا للفلسفة الهندية أجمع.
3ـــــ الحضارة الصينية: تعتبر الفلسفة الصينية فلسفة إنسانية بحتة تستند إلى العقل للوصول إلى سعادة الإنسان وتخاطب الأفراد مباشرة وال تكترث بالدين كثيرا. ومن ابرز رواد الفلسفة الصينية الكونفوشيوسية المتمثلة بكونفوشيوس وتلميذه ماشيوس . وتستمد الكونفشيوسية مادتها من الخالق. وكان يعزو كونفوشيوس ما يعتري المجتمع من فوضى واضطراب إلى ضعف البواعث األاخلاقية وانتشار التيارات الفلسفية والشكية التي أثارها مفكرون سابقون ,
ب: التفكير الاجتماعي عند اليونان : يعتبر اليونانيون أول من قام بالأبحاث الاجتماعية المنظمة في التاريخ، وأشهر فلاسفتهم أفلاطون وأرسطو.
1ـــــ أفلاطون: وأهم كتبه في السياسة كانا الجمهورية والقوانين ؛ فالجمهورية الذي تدور آراؤه حول أسس المدينة الفاضلة والتربية الاجتماعية في المدينة والحكومة المشرفة على المدينة، وقد عدل من آرائه في كتابه القانون حيث يخفف من اتجاهه إلى الشيوعية, ويشيد بفضل الأسرة كما يدعو إلى تعزيز الروابط العائلية. وكان منهجه عقلي تأملي.
2ـــــ أرسطو: يعتبر أرسطو أدق من كتب في الفلسفة الاجتماعية من بين ما كتب من الفلسفة القديمة, ومن أشهر آثاره كتاب السياسة الذي يعتبر المرجع في الوقوف على نظرياته وآرائه. وقد اتبع أرسطو أسلوبا مغايرا ألأسلوب أفلاطون حيث اعتمد الواقع أساسا لدراسته وتحليله للوصول إلى نتائج منطقية وليس التصور التخيلي.
ت: التفكير الاجتماعي عند الرومان: سيطرت فيه الفلسفة الرواقية، والنظرة األاخلاقية الدينية. فالقانون عندهم كما عند الرواقيون وهو القول المسطور أو الوحي المنزل, وأول قاعدة في القانون الروماني هي القاعدة التي تقتضي بان يعيش الإنسان على مقتضى ما هو فاضل.
وقد اعتبر البعض دخول الرواقية وامتزاجها مع التشريع الروماني انتصار للروح اليونانية الإنسانية على تزمت القوانين اللاتينية, وتفوق لأساليب اللين على أساليب العنف والعنت.
ث: في القرون الوسطى:
في الفلسفة المسيحية : تدور الفلسفة المسيحية حول فكرة واحدة هي المساواة بين الأفراد فليس هناك أغنياء وفقراء, سادة وعبيد, أحرار وأرقاء, فاهلل خلق الناس ليكونوا متساويين. وقد حمل هذا الآباء لشن حملة ضد الملكية الخاصة ونظام الرق لما فيهما من مخالفة للقوانين الإلهية التي تدعو إلى المساواة. • وتتبلور هذه الأفكار بوضوح عند فلاسفة المسيحية ويمثلها في القرون الأولى أوغسطين, وفي القرون الوسطى سان توماس وفي عصر اإلاصلاح الديني يمثلها حنا كلفن.
في الفلسفة الاسلامية: يمكننا الحديث عن فلسفة اجتماعية عند المسلمين، وإن كانت انقسمت إلى قسمين: قسم اعتبر امتداد للفلسفة األافلاطونية واألاسكندرانية مع أفلوطين خاصة. حيث يعتبر الفارابي وابن سينا أهم ممثليها. وقسم ثاني مع ابن خلدون وفلسفته الواقعية، حيث خط لنفسه طريقا
جديدا، كان بداية لفلسفة اجتماعية جديدة، أهم ما يميزها الواقعية على عكس التصورات المثالية والعقلية واللاهوتية التي سبقته. وقد وضع أفكاره هذه في المقدمة.
ج: في العصر الحديث: نشأت الفلسفة الاجتماعية –حسب فرانك فيشباخ - بفرنسا على يد جان جاك روسو، سان سيمون و أوغست كونت. وقد استعادها الهيجيليون الشباب، وقد اختفت من فرنسا، لكنها استمرت في ألمانيا وانقسمت إلى عدة مدارس. وقد أدخلت مفاهيم العصر لها... وأهم خصائصها تجريدها من الطابع الديني. وتبنيها الطرح الوضعي.
ح: في العصر الراهن: يمثلها جملة من الفلسفات والفلاسفة من أهمها الماركسية مع ماركس وأنجلز، والوضعية مع دوركايم. وقد حولت الماركسية قضايا الاجتماع من طابعها المثالي إلى الطابع المادي، مثلما حولت المنهج الجدلي الهيغلي من طابعه المثالي إلى الطابع المادي، و كان نتيجة تطبيق قوانين الجدل )الدياليكتيك( في مجالات الاجتماع الإنساني والدة ما يسمى المادية التاريخية وهي التي تعبر عن جوهر الفلسفة الاجتماعية الماركسية، حيث أنه حسب النظرة الماركسية فإن ما يسمى بالبناء الفوقي هو انعكاس للبناء التحتي، وبالتبسيط تعتبر الماركسية أن البناء الفكري واألاخلاقي للمجتمع هو انعكاس طبيعة العالقات الاقتصادية السائدة في المجتمع وتعبر بشكل أو بآخر عن الطبقة السائدة.
أما بالنسبة للوضعية الاجتماعية مع دوركايم، فقد ماثلت بين الظاهرة الاجتماعية والظاهرة الفيزيائية، واعتبرتها قابلة للدراسة مثلها باعتماد التفسير الوضعي، أي تفسير ظاهرة بظاهرة. كما اعتمدت منهجا علميا دقيقا قوامه الملاحظة والتجربة، والقانون، ولكن بتكييفها مع طبيعة الموضوع الاجتماعي. كما جعلت القيمة األاخلاقية موضوعا علميا، باعتبار أن مصدرها المجتمع، فحسب دوركايم: "ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس هي المجتمع".
-
الفلسفة والمجتمع:
أوسع المؤرخين اطلاعا على فكر الحضارات القديمة لم يجد في الفكر الشرقي أسساً واضحة لفكر فلسفي متماسك ،وإنما هي وصايا وتعاليم تميل إلى الزهد وتقديس التراث وعدم الخروج والتمرد على الحكماء والآباء، فهي تعاليم أخلاقية محضة تسعى خاصة عند بوذا لإقناع الناس بإماتة الرغبات والترفع عن الغريزة ونكران الملذات والاستخفاف حتى بالحاجات الضرورية وتغرس فيهم عدم الاكتراث بالحياة والاستسلام للواقع فهذه الدنيا في نظر فلسفة الصين والهند وبالذات الرؤية البوذية ليست مكاناً للسعادة ،وإنما هي شقاء متصل لذلك فإن اللجوء إلى الزهد والعزوف عن شهوات الدنيا والتخلي عن أطايب الحياة هو السبيل المتاح في نظرها لبلوغ السعادة .
أما الفكر الفلسفي في اليونان فإنه يرفع شأن الحياة الإنسانية ويجعلها مركزا للوجود ويدعو إلى العناية بها وعدم التخلي عن أي شيء يرفع شأن الإنسان. لهذا الفلسفة بمعناها العقلاني هي إنجاز يوناني محض.
'إن الفلسفة كما يكشف عنها التاريخ الأصلي للكلمة هي حب الحكمة وقد ينشأ هذا الحب من رؤية تنبؤية شاملة أو قد يبرز من خلال تحليل نقدي منهجي فهي نوع من البصيرة أو الاستبصار للقضايا الأساسية التي تتطلب منا أولا أن نوضح تماما ما نسأل عنه"[1]، فهي فكر ونظر ترتبط بالإنسان كونه أرقى الكائنات وأوسعها قدرة على فهم الوجود،دفعه شغفه باستكشاف المجهول وحب الفضول إلى التأمل،ويعتبر القرن السادس قبل الميلاد بداية التفلسف مع الحضارة اليونانية، ففي المعجم الفلسفي لجميل صليبا :" لفظ الفلسفة مشتق من اليونانية وأصله "فيلا صوفيا" ومعناه محبة الحكمة.ويطلق هذا العلم بحقائق الأشياء والعمل بما هو أصلح"[2].
ويعرفها" لالاند" في معجمه الفلسفي: "الفلسفة معرفة عقلانية ،علم بالمعنى الأعم للكلمة.""وهي كل مجموعة دراسات أو اعتبارات تمثل درجة رفيعة من العمومية وتنزع إلى رد كل نظام معرفي أوكل المعرفة البشرية إلى عدد صغير من المبادئ الموجهة.وهي جملة الدراسات المتعلقة بالروح من حيث أنه يتميز من أغراضه ويتعارض مع الطبيعة.وهي دراسة نقدية فكرية لما تنظر فيه العلوم.وهي دراسة الفكر من حيث تميزه بميزة الأحكام القيمية"
إن الفلسفة لا تفهم إلا في قلب التغيير الذي يحصل في المجتمع، بل هي صانعة للتغيير نفسه، أسست لمناهج علمية وقعدت لشروط الفهم القيمي والاخلاقي للكائن البشري، ولم تكن وصفتها نظرية خالصة كما يدعي خصومها، وإنما الإحساس بنشوة التفلسف لا يتأتى إلا بملامسة تفاصيل الحياة اليومية للإنسان، حيث تتغذى التجربة الفلسفية على ممكنات الصراع الواقع الاجتماعي ، وتتجاوز ذلك إلى طرح أسئلة مرتبطة بأشكال التعاطي مع منطق المجتمع وتحولاته الكبرى؛ تحولات تخلق تحد على مستوى المعايير والرموز، وتصنع لغطا فيما يخص الخطاب المنتج للمعاني الحقيقية القادرة على مواجهة عمق الأزمة التي تقلق الإنسان وتولد لديه الشعور بالجمود والعطالة.
تتدخل الفلسفة في الواقع الاجتماعي وفق ثالث لحظات: أولها الفهم، وثانيها النقد، وثالثها المساهمة في التصحيح بوضع تصورات للحل.
أوال: فهم الواقع حيث تطرح مشكلات الواقع على مستوى كبير من التعقيد لا يستطيع إدراكه إلا الفيلسوف، حيث يعتبر أي تبسيط للمشكلات إلى زيادة في التعقيد والخلط. حيث قد تختلط العوامل األاخلاقية والسياسية والاجتماعية في مشكلة ما، فلن يستطيع إلا الفيلسوف تحليل هذا المشكل ومعرفة أسبابه الحقيقية التي قد تكون مجتمعة بين مختلف العوامل. وهو ما يعجز عنه العالم بحكم التخصص الذي يحمله والذي يمنعه من النظر إلى المشكل في كليته.
ثانيا: نقد هذا الواقع، انطلاقا من مناهجها التأملية والتحليلية، والمقارنة فإنها تدرك مكامن الخلل، وأسباب الوقوع فيه. كما أن استنادها على خلفية نظرية معرفية تمدها بالقدرة على إجراء مقارنات بين ما هو واقع وما يجب أن يكون، كما أن منهج التحليل يمدها بالقدرة على فهم المشكلات في جزئياتها وفي دقتها وبساطتها.
ثالثا: النظر في مختلف االاحتمالات الممكنة، إذ أي مشكل يطرح جملة من الممكنات، وانطلاقا منها يضع الفيلسوف تصوره لتجاوز المشكلات، والواقع التاريخي يذكر لنا بأنه في كل الأزمات التي حدثت، تبرز تصورات عظيمة لتجاوز النكسات أو المشكلات، وقد يظهر أكثر من تصور، لاكثر من فيلسوف. وهو ما حدث مثال في بريطانيا، فلتجاوز مشكلات الصراع بين القصر والنبلاء والشعب، ظهرت جملة من التصورات لفض النزاع. حيث انتصر أحدها للملك، وآخر للشعب وهكذا، كان ذلك مع هوبز ولوك.
ويورد لنا المفكر عماد الدين إبراهيم كيف تدخلت الفلسفة في بعض الفترات من تاريخ الإنسانية في تجاوز المشكلات والأزمات الاجتماعية والفكرية والسياسية، وحتى الدينية.
ففي العصر اليوناني لعب سقراط دورًا هامًا في تغيير المجتمع وأفكاره ومعتقداته، وحرك المياه الراكدة في المجتمع الأثيني وأحدث ثورة فكرية وتنويرية من خلال أرائه الفلسفية.
كذلك " أفلاطون " في محاورته الشهيرة " الجمهورية " كانت أرائه الفلسفية بمثابة قوة الدفع في تغيير كثير من الآراء السياسية والاجتماعية، أما إذا رجعنا إلى العصر الوسيط اإلاسلامي نجد الفيلسوف ” الكندي ” من خالل رسائله إلى المعتصم وكيف كان لها التأثير البالغ في توجيه نظر المعتصم لما يصلح أحوال البلاد والعباد.
كذلك في العصر الوسيط الأوروبي نجد " ميكيافيلي " في كتابه الشهير " الأمير " الذي لعب دوراً هاماً في تغيير الأفكار السياسية والحياة الاجتماعية في إيطاليا في ذلك الوقت.
أما في العصر الحديث فإننا نرى أراء وأفكار " فولتير، روسو، مونتسيكيو " كانت بمثابة الإرهاصات الأولى للثورة الفرنسية بمبادئها في الحرية، الإخاء والمساواة، كما أن أفكار " كانط، هيجل " في ألمانيا كانت السبب الأساسي الذي أوحى إلى " بسمارك " بتوحيد ألمانيا، أيضا أفكار " وليام جيمس، جون ديوي" في أمريكا صبغت المجتمع الأمريكي بالصبغة العملية النفعية " البرجماتية"
من هنا نرى أن للفلسفة دورا هاما في تغيير حياة الشعوب. فالفيلسوف لا يسكن برج عاجي، بل يختلط بالمجتمع ويعيش هموم ومشاكل عصره.
-
الفلسفة والدولة :
إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ويلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار؛ فان ذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول" لذلك فإن الدولة تبقى مؤسسة دائمة التعرض للتبدل والتغيير . وعليه يعتبر مفهوم الدولة من أبرز المفاهيم التي شغلت حيزًا واسعًا من النقاش الفلسفي على مدى العصور، منذ الوقت الذي فكَّر فيه الإنسان في الطريقة المثلى لتجاوز حالة الحيوانية التي ابتدأ بها وجوده في الأرض، وفي قول لأرسطو "إن السياسة هي فن تدبير الشأن"، يجعلنا نبحث عن خطوط الوصل بين الفلسفة والسياسية والآلية التي من خلالها يتم تدبير ذلك الشأن، وقد تباينت مواقف الفلاسفة في هذا الموضوع، ولكن يمكن القول بأن الدولة في الفلسفة تستمد مشروعيتها عن طريق الالتزام بمبادئ العقود المبرمة بين أفراد المجتمع، والتي تهدف إلى تحقيق المصالح العامة المتمثلة بحماية حقوق الأفراد ككائناتٍ عاقلة، أو تلك المتمثلة في تحقيق السلام والأمن الاجتماعي.
و الدولة هي تنظيم سياسي للمجتمع، وشكل من أشكال المؤسسات الإنسانية التي تتميز عن الفئات والمؤسسات الأخرى من خلال الغرض الخاص بها، وأساليبها المطبقة من خلال النظام والقوة، وأقاليمها أي المناطق الخاضعة لها وحدودها الجغرافية، وسيادتها، وقد يختلف مفهوم الدولة باختلاف المنظور الذي ننظر من خلاله، لذا في هذا المقال سنلقي الضوء على مفهوم الدولة في الفلسفة.
بعض نظريات الفلاسفة حول الدولة:
افلاطون:
تعتبر جمهورية (أفلاطون) أساسا متينة، ومصدرا مهمة، لكل المدن الفاضلة التي كتب عنها الفلاسفة من بعده، ونلاحظ أن أفلاطون على الرغم من أنه كان يسعى إلى تكوين شعب سعيد ينعم بالحرية والرفاهية.
ومع أن كتابه عرف بجمهورية أفلاطون الفاضلة؛ إلا أنه كاد يخصص لتربية رئيس المدينة، أفلاطون كان يهدف إلى تربية الملك الفيلسوف؛ لأن التجمعات البشرية في رأيه تسعد إذا حكم الملك الفيلسوف، وإذا كان من الصعب إيجاد الملك الفيلسوف فلا بد بأن يتفلسف الملوك.
حيث يتوجب أن يتزود حكام المدينة بالحكمة، كي يدير الحاكم شؤون الدولة على الوجه الأكمل، وهكذا نجد أن الفلاسفة بعد أفلاطون - أعطوا لرأس الدولة الأهمية القصوى، حيث اعتبر (أرسطو) الإنسان مدنية بالطبع، بينما قال الفارابي إن الإنسان دعت الحاجة إلى الاجتماع، وليس بالطبع والفطرة، والهدف من ذلك هو إسعاد الفرد والمجتمع.
وأيضا أعطى صفات أخلاقية يجب على الحاكم أن يتمتع بها؛ أما (مكيافيللي) فقد أعطى الحق للأمير بالتصرف المطلق، فيما أوجب (هوبز) على الناس أن يتنازلوا عن حرياتهم للملك، وكان ل (جان جاك روسو) رأي آخر عندما قال بأن المجتمع تنازل عن حرياته لرئيس الدولة وفق عقد اجتماعي .
موقف أرسطو
يعتبر أرسطو أن الإنسان كائن مدني-سياسي- بطبعه، بصفته كائناً لا يقدر على العيش بعيداً عن جماعته الاجتماعية؛ ومن المفروض عليه الانخراط في مؤسسات العائلة والدولة، وبما أنه كان لزاماً في المنظور الأرسطي بأن يتقدم الكل على الجزء، فإن فكرة الدولة سبقت وجود الإنسان داخل الأسرة؛ فالدولة هي التي تؤمن الاكتفاء الذاتي والعيش الرغيد، ومن ثم فغايتها تحصيل الخير والسعادة لجميع الأفراد، وتأمين حياة يسودها الخير والعدل والمساواة، فقال: "إن الدولة من الأمور الطبيعية، والإنسان من طبعه حيوان مدني".
موقف ابن خلدون
يصرح ابن خلدون بأن السياسة اعتدال، ويؤكد بأن الممارسة السياسية في الدولة ليست تسلطاً أو استبداداً من طرف الحاكم تجاه محكوميه، بل هي رفق وتوسط واعتدال، على أثره تنبني العلاقة بين السلطان والرعية على الصلح والعدالة اللذين يخدمان مصلحة الطرفين، فمصلحة الرعايا في الحاكم في استقطابه إليهم، وفي لينه وحكمته، لا في استبداده واحتكاره، وتسلطه الذي يفسد حياة الناس وأحلامهم، فتمحي محبتهم للسلطان، وتصبح علاقتهم به مبنية على الخداع والمكر والكذب عوضاً عن الصدق واللطافة والمحبة، ويقول ابن خلدون في مقدمته: "إن الملك إذا كان قاهراً باطشاً بالعقوبات، منقباً عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم، شملهم الخوف والذل، ولاذوا منه بالكذب والمكر والخديعة... وإذا كان رفيقاً بهم متجاوزاً عن سيئاتهم استناموا إليه ولاذوا به، وأشربوا محبته".
موقف فريدريك هيجل
ترى فلسفة هيجل أن الدولة هي غاية في ذاتها، لأنها تجسد الروح المطلق، والإرادة العامة العقلية والحرة والكلية، فهي التي تحرر الفرد من الانزواء حول ذاته وحول مصلحته الفردية، وهي التي تضمن الارتقاء من الفردي نحو العام والكوني، وأنها حقيقة روح العالم، فقال هيجل "إن الدولة هي التحقق الفعلي للفكرة الأخلاقية الموضوعية".
خاتمة:
وهكذا نجد أن الفلاسفة هم الذين استوعبوا الازدهار الثقافي المحيط بهم، وتلقوا معطيات الحضارة الإنسانية، ثم فكروا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مما يرون أمامهم من تخلف وتفكك، وانحطاط واستبداد؛ ليقدموا ما تجود به أنفسهم من اقتراحات تحت اسم المدينة الفاضلة.
-
-
-
-