Résumé de section

  • نظرية الانعكاس

          في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، ظهر أدب جديد أصطلح عليه بالأدب الطبيعي الواقعي، له اتجاه  يخالف اتجاهات الأدب الكلاسيكي والأدب الرومانسي. و بظهور هذا الأدب ظهرت نظرية جديدة تسمى نظرية الانعكاس،اهتمت بدراسة العلاقة بين الأدب و المجتمع من خلال رصد التأثيرات المتبادلة بينهما.

    1- نظرية الإنعكاس ومقولاتها الكبرى:

        يرى أصحاب هذه النظرية أن نشأة الأدب انعكاس للواقع الاجتماعي،فكما نتجت الكلاسيكية عن العصر الإقطاعي، والرومانسية عن البرجوازية، فإن نظرية الانعكاس ارتبطت بالواقعية الاشتراكية. ويؤكد أصحاب هذه النظرية ضرورة ارتباط الأدب بالواقع الذي أنتج فيه، وأن وظيفة الأدب تهدف إلى شحذ قوة ادراك المتلقي و فهم العالم و ادراك الواقع الاجتماعي، ومشاركة الأديب في تجربته بشكل يؤدي إلى تغيير البنية التحتية أو تعديلها

       وقد سبق ظهور هذه النظرية عدة محاولات حاول أصحابها الربط بين الأدب و البيئة و الحياة الاجتماعية منها:

    1- محاولة الفيلسوف الفرنسي هيبوليت تين H.Taine (1829-1893) فيرى أن الأعمال الأدبية وثائق    و آثار و سجلات تاريخية تتأثر بالعوامل التالية:

    أ- الجنس:أو ما يسمى بالعرق أو النوع،فأدب كل أمة يختلف عن أدب أمة أخرى، و يرجع ذلك إلى تباين الظروف المعيشية و الوطن،حيث يكتسب الجنس خصائصه المميزة من البيئة و العادات و التقاليد المتوارثة،فضلا عن الدوافع و الرغبات الدفينة و الملامح الجسدية.

    ب- البيئة: و يقصد بها المناخ و النظم الاجتماعية، فهذه الأوضاع تتحكم بالأدب و الحياة العقلية           و المزاج الإنساني.

    ج- العصر: و هو الزمن ، فالأفكار و المفاهيم المسيطرة على روح العصر تؤثر في العمل الأدبي.

       لم ترق هذه المحاولة إلى نظرية في نظر سانت بيف،لأنها لم تتحدث عن أثر العلاقات الاجتماعية       و المجتمع في الإنتاج الأدبي.

    2- محاولة الأديب الروسي ليو تولستوي (1828-1910)

    ركز دراسته على العلاقة بين الأدب و القراء،و ذهب إلى أن وظيفة الفن هي أن ينقل إحساس الفنان إلى المتلقي،فمهمة الفن مهمة توصيلية،و هو إيصال انفعال الفنان إلى المتلقي و بالتحديد إلى كل الناس البسطاء،و إن لم يستطع أن يفعل ذلك فلا يعد فناً،و ينفي أن يكون للفن علاقة بالواقع الاجتماعي.

        تستند نظرية الانعكاس إلى الفلسفة الواقعية المادية،التي ترى بأن الوجود الاجتماعي أسبق في الظهور من وجود الوعي، و أن أشكال الوجود الاجتماعي هي التي تحدد أشكال الوعي.

        و قد بلور كارل ماركس فكرة الفلسفة الواقعية في العلاقة بين البنية التحتية ( علاقة الإنتاج و قوى الإنتاج) و البنية الفوقية ( الثقافة و الفلسفة و القوانين و الفكر و الفن ). حيث أوضح أن هذه العلاقة متبادلة و متفاعلة مما يجعلها علاقة جدلية قائمة على التأثير و التأثر، بمعنى أن أي تغير في البناء الاقتصادي و الاجتماعي يؤدي إلى تغير في شكل الوعي أو مجمل البناء الفوقي،الذي يعود فيؤثر في البناء التحتي من خلال تثبيته أو تعديله أو تغييره.فالواقع المادي في تفاعل مستمر مع الأفكار و التغيرات التي تحدث في المجتمع نتيجة التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

        كما يؤكد كارل ماركس على أن الأدب و الفن هما سلاح الطبقية، ففي المجتمع المقسم إلى طبقات، يعكس الأدب الفن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة معنويات طبقة معينة و أرائها السياسية و ذوقها الجمالي.

        ويرى جورج لوكاش G.Luckacs  أن للفن و الأدب بعدا طبقيا اجتماعيا،فهناك ثقافة سائدة هي ثقافة الطبقة المسيطرة و ثقافة أخرى هي ثقافة الطبقات المقهورة، وهنا يصبح الانعكاس أنواعا، انعكاس طبيعي (مزيف) وانعكاس واقعي (صادق)، وهذا يعني أن الانعكاس ليس بسيطا وإنما هو عملية متداخلة مركبة.مما يؤكد أن الأعمال الأدبية لها صلة بالواقع، لكن ليست كلها واقعية.

        قد اعتبر رونيه ويليك نظرية الانعكاس أنها تعني "دراسة مبادئ الأدب وتصنيفاته ومستوياته، والثانية اعتبرها مدخل استاتيكي، للدراسة الأدبية، أما التاريخ الأدبي فيرى ويليك أنه يدرس الأدب في حركته"، فيرى أن الأدب نظام اجتماعي، وإذا كان الأدب يمثل الحياة، فإن الحياة ذاتها حقيقة اجتماعية، والكاتب المسرحي حينما يصور لنا كائنا إنسانيا كاملا فهو لا يعيد تصوير الإنسان فقط بل يعيد تصوير المجتمع الذي ينتمي إليه هذا الإنسان،و هذا المجتمع ليس إلا ذرة من الكون ، ومن ثمة فالفن الذي خلق هذا الإنسان يعكس لنا الكون كله.

        وفسر بول فاليري Paul Valery العلاقة بين الفنان والآخرين، حيث يرى بأن الفنان أثناء عملية الخلق الفني يضع نصب عينيه الذين سيتوجه إليهم بعمله ومدى تأثيره فيهم.

    2- مبادئ نظرية الانعكاس:

    وتقوم نظرية الانعكاس أساسا على المبادئ التالية:

    1- تقوم نظرية الانعكاس  على الفلسفة الواقعية المادية.

    2- الأديب: مبتكر/فنان / مؤلف، لا يبدأ من الصفر،و هو مبدع نسبيا.

    3- الأدب:عمل /إنتاج/ صورة للمجتمع و علاقاته،متطور و متغير،له علاقة مع الزمان و المكان،و أبعاده فردية و اجتماعية.

    4- المتلقي : جمهور غير متجانس،فاعل و منفعل