السيميولوجيا المصطلح و المفهوم
Section outline
-
السيميائيات المصطلح والمفهوم
من المعروف أن علم السيميائيات علم حديث النّشأة، إذ لم يظهر إلا بعد أن أرسى "فردينان دي سوسير" أصول اللسانيات الحديثة، في بحر القرن العشرين مع الإشارة إلى أنه قد كانت هناك أفكار سيميائية متناثرة في التراثين الغربي والعربي على، سواء، ولأنه علم استمد أصوله من مجموعة من العلوم المعرفية، فإن مهمة تحديده وإعطاء مفهوم عام له من الأمور الصعبة ، لهذا السبب تعددت الآراء في تعريفه، وفي تحديد مصطلح دقيق له، سواء في اللغات الغربية أو في اللّغة العربية.
لقد عرف هذا العلم فوضى مصطلحية كبيرة جدا، وأخذ زوايا نظر متعددة، حتى وإن أخذ مكانته كمنهج نقدي، له وجاهته في معالجة الأدبية، خاصة بعد أن تأكد فشل المشروع البنيوي، الذي انغلق على نفسه غير سامح لها بالتجول في فضاءات النص الخارجية. لهذا سنحاول الإلمام بمختلف التسميات الشهيرة للمصطلح بعد أن نتتبع جذره اللغوي، وبعدها نعرج للحديث عن الفوضى المصطلحية التي حدثت في البلاد العربية إثر محاولة نقل هذا العلم، وأخيرا نتناول المفاهيم العامة للسيميائيات لدى جملة من النقاد والباحثين.
1 -الجذر اللغوي للمصطلح، وتعريفه المعجمي:
تؤكد معظم الدراسات اللغوية أن الأصل اللغوي لمصطلح "Sémiotique" يعود إلى العصر اليوناني، فهو آت - كما يؤكد "برنار توسان" - من الأصل اليوناني «Séméion»، الذي يعني(علامة) و Logos"" الذي يعني «خطاب » (...) وبامتداد أكبر كلمة "Logos" تعني العلم، فالسيميولوجيا هي علم العلامات [1].
هذا الرأي يؤكد عليه أيضا بحاثونا العرب، خصوصا بعد اطلاعهم على الأبحاث الغربية فهذا صاحب كتاب «السيميائية الشعرية فيصل الأحمر يقول: يتكون مصطلح سيميائية حسب صيغته الأجنبية Semiotique أو Semiotics من الجذرين (Semio) و (Tique)، إذ أن الجذر الأول الوارد في اللاتينية على صورتين (Semio) و (Sema) يعني إشارة أو علامة، أو ما تسمى بالفرنسية (Signe) وبالإنجليزية (Signe) (...) في حين ان الجذر الثانى - كما هو معروف - علم (فيصل الأحمر (10) ، ويواصل الكاتب شرحه المعجمي للمصطلح فيقول الكلمتين (Semio) و (Tique) يصير معنى المصطلح (علم الإشارات) أو (علم العلامات) (...) وهو العلم الذي اقترحه «دو «سوسیر کمشروع مستقبلي لتعميم العلم الذي جاء به (اللسانيات)، فيكون العلم العام للاشارات"[2].
هذا بالنسبة للمصطلح ، أما إذا انتقلنا إلى تعريف المعجميين له، فنجد التعاريف كثيرة جدا، لذلك سنختار فقط روبير»، فقد أورد في تعريف السيميائيات ما يلي نظرية عامة للأدلة وسيرها داخل الفكر (...) [ كما أنها نظرية للأدلة والمعنى وسيرها في المجتمع (...) [و] في علم النفس تظهر الوظيفة السيميائية القدرة على استعمال الأدلة والرموز»[3] .. ونلاحظ أن هذا التعريف المعجمي يقترب كثيرا من التعريف الاصطلاحي للسيميائيات، إن لم نقل يطابقه.
2 - فوضى نقل المصطلح إلى العربية
عرف مصطلح السيميائية أثناء محاولة نقله إلى العربية فوضى كبيرة ناتجة عن عدم فهم ووعي جيد للمصطلح، وقد يكون ذلك بسبب محاولة تطويعه ليتماشى وسلاسة اللغة العربية، كما قد يرجع ذلك إلى تعصب كثير من الباحثين للتراث، فيحاولون إيجاد مقابل له في تراثنا العربي، ومهما تكن الأسباب والدوافع فقد تعددت الدوال لهذا المصطلح الغربي الفضفاض، لهذا سنركز فقط على أهم التسميات لا غير ، لأنها كثيرة جدا ، فهذا عادل فاخوري - كما يذكر ذلك عزت محمود جاد - يحصر لنا ما يقرب عن الستة أصوات دالة للمصطلح في : السيمياء، والسيمية والسيميائية، والسميوطيقا، ،والسميولوجيا، والرموزية"[4]، كما يذكر أن معجب «الزهراني قد أكد على وجود أكثر من ثمانية أصوات دالة لـ Semiotics ويورد ترجمة غريبة لأحدهم بالأعراضية، اعتمادا على مرجعية دلالية كانت سائدة في اللغة الطبية للقرنين السادس عشر والسابع عشر[5].
4 - المفهوم العام للسيميائيات:
إن السيميائيات علم واسع وشامل وجامع في طياته لكثير من العلوم، ولذلك فالمجال السيميولوجي لا يزال الناس فيه بين أخذ ورد، بسبب أنه لم يحدد بعد" ، حقا فإنه من الصعب جدا وضع مفهوم محدد للسيميائيات، هذه الأخيرة التي يعلم الكل أنها تعني علم العلامات لكن المشكلة متعلقة بهذه العلامات، التي هي أصل الوجود، والتي تمس جل جوانبه.
رغم هذا سنحاول وضع بعض التعاريف التي اقتربت من السيميائيات ولو جزئيا، ولعل أهم محاولة لتعريف هذا العلم كانت مع فرديناند دي سوسير، فهو من بشر بهذا العلم الجديد الذي ستكون مهمته دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية، يقول: إن اللغة نسق من العلامات التي تعبر عن الأفكار، وإنها لتقارن بهذا أبجدية الصم والبكم، ومع الشعائر الرمزية، ومع صيغ اللباقة ومع العلامات العسكرية (...) وإننا لنستطيع أن نتصور علما يدرس حياة العلامات في قلب الحياة الاجتماعية، وإنه العلاماتية (...) وإنه سيعلمنا مما تتكون العلامات وأي القوانين تحكمها [6] فـ دو «سوسیر رغم دراساته اللغوية الخالصة، إلا أنه استطاع التفطن إلى السيميولوجيا التي اعتبرها محتوية للسانيات، من زاوية أن اللغة نظام إشاري يمتاز بالأفضلية والاتساع أكثر من الأنظمة الأخرى، لذا كانت دراساته حولها، ولم يمنعه هذا من إعطاء تعريف شامل للسيميولوجيا رابطا إياها بالمجتمع.
أما الأمريكي شارل سندرس بورس فقد ربط هذا العلم بالمنطق، حيث يقول: ليس المنطق بمفهومه العام إلا اسما آخر. للسيميوطيقا، والسيميوطيقا نظرية شبه ضرورية أو نظرية شكلية للعلامات (رشيد بن مالك 26). وقد اهتم «بورس كثيرا بدراسة الدليل اللغوي من وجهة فلسفية خالصة.
ونجد «جوليان غريماس يعرف السيميائيات بقوله أنها: علم جديد مستقل تماما عن الأسلاف البعيدين، وهو من العلوم الأمهات ذات الجذور الضاربة في القدم فهي - أي السيميائية - علم جديد وهي مرتبطة أساسا بـ «سوسير»، وكذلك بـ «بورس» الذي نظر إليها مبكرا، ونشأ هذا العلم في فرنسا اعتمادا على أعمال (جاكبسون) Jakobson و «هيالمسليف Helmsler) وكذلك في روسيا (...) وهذا في الستينات»[7] ف "غريماس ينفي وجود أية محاولة في علم السيمياء قبل دو سوسير» و «بورس»، كما يرى أن لأفكار «جاكبسون دورا كبيرا في بلورة هذا العلم الحديث.
والسيميائيات عند كل الغربيين هي العلم الذي يدرس العلامات وبهذا عرفها كل من تودوروف» و «غريماس و جوليا (كريستيفا جون دوبوا و جوزيف راي دوبوف»[8] أما موضوعها فتحدده جوليا كريستيفا» بقولها: إن دراسة الأنظمة علم أخذ ـوية وغير الشفوية ومن ضمنها اللغات بما هي انمة علم اخذ يتكون وهو «السيميوطيقا)[9]
موضوع السيميائية : فالموضوع الأساسي الذي تدور حوله السيميائيات هو أما مهمتها فتلخصها الباحثة نفسها في قولها دور السيميائية هو بناء نظرية عامة عن أنظمة الإبلاغ .
هدف السيميائية : ترى الباحثة العربية سيزاقاسم أن هدف السيميوطيقا أو طموحها هو تفاعل الحقول المعرفية المختلفة، والتفاعل لا يتم إلا بالوصول إلى مستوى مشترك يمكن من خلاله أن ندرك مقومات هذه الحقول المعرفية وهذا المستوى المشترك هو العامل السيميوطيقي[10] .
[1] فيصل الأحمر معجم السيميائيات منشورات الاختلاف ط1 2010ص11
[2] المرجع نفسه ص12
[3] رشيد بن مالك قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص دار الحكمة ط2000ص175
[4] ينظر فيصل الأحمر معجم السيميائيات ص14 ، عزت محمود جاد نظرية المصطلح النقدي ص 326
[5] المرجع نفسه ص ن
[6] منذر عیاشی العلاماتية و علم النص مركز الانماء الحضاري حلب سوريا ط 2009ص (17)
[7] فيصل الأحمر معجم السيميائيات ص 14
[8] عصام خلف كامل الاتجاه السيميولوجي ونقد الشعر دار فرحة للنشر و التوزيع السودن ط/2003ص18
[9] المرجع نفسه ص 26
[10] سيزا قاسم مدخل إلى السيميوطيقا دار التنوير للطباعة والنشر ط 2014ص 13